فرنسا وبريطانيا تطلقان تحالفًا نوويًا غير مسبوق: أوروبا تعيد رسم أمنها بعيدًا عن واشنطن
تاريخ النشر: 11th, July 2025 GMT
أعلنت كل من فرنسا والمملكة المتحدة عن توقيع اتفاق شامل لتعزيز تعاونهما في مجال الردع النووي والتنسيق العسكري، في خطوة تعبّر عن قلق أوروبي متزايد من تقلب العلاقة مع الولايات المتحدة، خاصة في ظل سياسات الرئيس دونالد ترامب التي تتجه نحو الانكفاء القومي تحت شعار "أمريكا أولاً".
الاتفاق، الذي يأتي في توقيت لافت يعكس تحولات عميقة في موازين القوى العالمية، وُقع خلال زيارة دولة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بريطانيا، تضمن تنسيق الموارد النووية بين البلدين، مع تأكيد احتفاظ كل طرف بسيادته الكاملة على قرارات استخدام السلاح النووي.
إغلاق مطار مارسيليا والقطارات بسبب حرائق الغابات في فرنسا
ماذا يحدث في فرنسا؟.. البلد الأوروبي يسجل أعلى معدل فقر منذ 30 سنة
ويعكس التقارب أيضًا النقاش الدائر داخل أوروبا بشأن ضرورة تحقيق “استقلال استراتيجي” عن الولايات المتحدة، في وقت تتراجع فيه المظلة الأمنية الأمريكية التقليدية، وتتعاظم التهديدات على الجبهة الشرقية للقارة.
ويُعد التعاون النووي الفرنسي-البريطاني أول نواة لبناء قدرة ردعية أوروبية مستقلة، لا ترتبط كليًا بالناتو أو بالإرادة السياسية في واشنطن.
كما أعلنت باريس ولندن عن تسريع تطوير صواريخ "سكالب/ستورم شادو"، إلى جانب أنظمة ملاحة متقدمة لحماية البنى التحتية الحيوية من التهديدات الإلكترونية والتشويش، استنادًا إلى دروس مستخلصة من الصراع الأوكراني.
وتم الاتفاق على تشكيل قوة عسكرية مشتركة تضم نحو 40 ألف جندي، ضمن مبادرة "تحالف الراغبين" الأوروبية لدعم أوكرانيا وضمان وقف إطلاق النار عند التوصل إليه.
وفي موازاة هذا التنسيق العسكري، ناقش الجانبان قضايا الهجرة غير النظامية، وسط انتقادات بريطانية لباريس بعدم كفاية الجهود في كبح تدفق المهاجرين عبر المانش، رغم تلقيها تمويلاً بريطانياً تجاوز 750 مليون يورو منذ عام 2018.
ويضع التحرك الفرنسي-البريطاني أوروبا أمام مرحلة جديدة من إعادة التموضع، عنوانها: الأمن القاري بيد الأوروبيين أنفسهم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فرنسا المملكة المتحدة اتفاق شامل الردع النووي الولايات المتحدة
إقرأ أيضاً:
إيكونوميست: هل يمكن لأحد إيقاف زحف اليمين الشعبوي في أوروبا؟
أكد مقال نشرته مجلة إيكونوميست البريطانية أن قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا يواجهون خطر صعود أقصى اليمين الشعبوي، في ظل تراجع نفوذ أوروبا وغرقها في مشاكل اقتصادية، ودخولها في خلافات عميقة مع الحليف الأميركي الذي يدعم اليمين.
وأضافت الصحيفة أن قادة الدول الأوروبية الثلاثة ما فتئوا يحذرون من كوارث إذا تقوّى أقصى اليمين.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خلافات الائتلاف وصعود اليمين تهدد مستقبل ميرتس في قيادة ألمانياlist 2 of 2برلمان النمسا يحظر حجاب الفتيات ومنظمات حقوقية تنددend of listفقد قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس إن حكومته هي "الفرصة الأخيرة" للبلد لتفادي ذلك السيناريو، وتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "خطر اندلاع حرب أهلية" إذا ما انتصر أقصى اليمين.
بينما وصف رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر حزب الإصلاح بزعامة نايجل فاراج بأنه تحد "لجوهر هويتنا الوطنية".
غير أن إيكونوميست قالت إن خطاب أقصى اليمين الشعبوي يستحق الإدانة في كثير من ملامحه، لكنها شددت على أن الحديث عنه "بلغة كارثية" محكوم عليه بالفشل، مبرزة أن القادة يحتاجون لنهج مختلف لتحقيق الهدف المطلوب.
إخفاقاتوذكرت أن الخطاب التشاؤمي قد يبدو أنه محاولة من القادة الثلاثة لصرف الانتباه عن إخفاقاتهم الذاتية.
وتابعت أن حكومة ستارمر مثلا تنفق كثيرا على الرعاية الاجتماعية، وستفرض ضرائب قياسية في ظل غياب نمو سريع، وذلك بعد 14 عاما من الركود تحت حكم المحافظين.
أما في فرنسا، فقد ألغي قانون ماكرون لرفع سن التقاعد، بينما يدفع رئيس وزرائه الخامس -خلال 3 سنوات- باتجاه المصادقة على الموازنة بشق الأنفس داخل الجمعية الوطنية. وفي ألمانيا، لم يتحقق شيء تقريبا من خطة ميرتس لـ"خريف الإصلاحات".
وذكرت أن تحذيرات القادة الثلاثة غير مقنعة، فبعض حكومات أقصى اليمين ليست خطرة، فجورجيا ميلوني تقود إيطاليا كما يفعل أي سياسي تقليدي، ومستشارو حزب الإصلاح المحليون في بريطانيا يتصرفون حتى الآن "بشكل طبيعي".
في الوقت الذي تتراجع فيه رغبة الولايات المتحدة في قيادة الدفاع الجماعي عن أوروبا، يتبنى أقصى اليمين الأوروبي اعتقاد دونالد ترامب بأن القارة ستكون أكثر أمنا إذا كانت أقل توحدا.
وأوضحت أن عددا كبيرا من الأوروبيين لا يصدقون ما يقال لهم، لذلك باتوا يقتربون من أقصى اليمين الذين كانت تتجنبهم سابقا.
إعلانففي فرنسا يلتقي زعيم حزب التجمع الوطني جوردان بارديلا مع رجال الأعمال الفرنسيين، وحزب الإصلاح ببريطانيا يستقبل سياسيين محافظين منشقين هو في حاجة إليهم، وفقط برلين ترفض التعامل مع حزب البديل من أجل ألمانيا، حتى إن نوابه -ثاني أكبر كتلة في البرلمان- ممنوعون من تولي مناصب نواب رئيس البوندستاغ.
وتابعت أن المشروع الشعبوي الأكثر إقناعا هو الاقتصاد، فأحزاب أقصى اليمين عندما يخاطبون الشركات يركزون على تقليل القيود التنظيمية، محليا وأوروبيا، ويقولون إنهم يريدون حكومة لا تفرض الكثير من الضرائب، بينما تشتكي الشركات من أن الدولة تعاقب روح المبادرة والمخاطرة، وتنفق الكثير على الرعاية الاجتماعية.
وعلى الرغم من أن التكامل الاقتصادي الأوروبي هو المصدر الأبرز للنمو -توضح إيكونوميست- إلا أن أقصى اليمين يتجه نحو صدام مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما سيقود إلى تآكل السوق الموحدة وتدمير النمو.
وتوضح الصحيفة أن على الأوروبيين أن يقلقوا من رؤية أقصى اليمين لأوروبا، ففي الوقت الذي تتراجع فيه رغبة الولايات المتحدة في قيادة الدفاع الجماعي عن أوروبا، يتبنى أقصى اليمين اعتقاد دونالد ترامب بأن القارة ستكون أكثر أمنا إذا كانت أقل توحدا.
وأكدت إيكونوميست أن الانتخابات الرئاسية ستجرى بعد 18 شهرا في فرنسا، وفي مارس/آذار 2029 بألمانيا، وأغسطس/آب 2029 ببريطانيا، وإذا استمر السياسيون التقليديون في شيطنة اليمين الشعبوي فسيريحهم ذلك نفسيا، لكنه لن يخدم بلدانهم.