الضفة تُذبح من الوريد إلى الوريد.. والكبار نائمون!
تاريخ النشر: 25th, July 2025 GMT
يا ضفّةَ النخيل والزيتون، يا روحَ فلسطين، يا خاصرةَ التاريخ التي ضاق بها الصبر.. .اليوم نبكيك علنًا. نبكيك كأم فقدت طفلها ولم تجد من يعزّيها، كقلب انتُزع من صدر أمّة بات فيها الإحساسُ ترفًا.
في ظهيرة الأربعاء المشؤوم، انعقدت جلسة الكنيست الإسرائيلي، لا لإقرار ميزانية أو سن قانون اجتماعي، بل لإعلان دفن الضفة الغربية تحت ركام السيادة الصهيونية.
71 عضواً صوّتوا بنعم، و15 فقط، معظمهم من الأحزاب العربية، حاولوا أن يقولوا لا.. .لكن من يصغي في عالم أصمّ؟ أما الآخرون، ممن امتنعوا عن التصويت، فلم يفعلوا ذلك بدافع الشرف، بل بدافع حسابات التأجيل والتوقيت، كمن يختار ساعة الذبح بهدوء كي لا تُفسد كاميرات العالم مشهد السيطرة التوراتية الكاملة.. .
الضفة لم تُضَم اليوم، بل تُوّج قرار ضمّها بعد سنواتٍ طويلة من الزحف الاستيطاني والتقسيم الجغرافي والتهويد المتدرج. عقودٌ تغيّر فيها المشهد الميداني، وتعقّدت الخيارات، وتراكمت التحديات على كاهل الفلسطيني المتمسك بالبقاء رغم كل الظروف.، ،
الكنيست ما كان ليجرؤ على هذا القرار لولا ختم الرضا الأمريكي، الذي يأتي في كل مرة كمهر لتطبيع جديد، أو صفقة تبادل، أو تأييد ديني يضفي شرعية زائفة على عقيدة سياسية تزعم: هذه الأرض لنا وحدنا، لا مكان للفلسطيني، لا مكان للعربي، لا مكان حتى للذكرى.، ،
إنه قرارٌ يُعيد كتابة النكبة بأحرف سوداء، على جبين أمة تشتت مواقفها، وتفرّق مشروعها، وتراخت مؤسساتها، بينما تتواصل عمليات التهويد والتجريف في صمت دولي وعجز إقليمي.
وداعًا يا ضفّتنا، يا زهرةً جُرّفت، ويا بيتًا أُحرق، ويا زيتونةً اقتُلعت من جذورها. لن يكتب التاريخ عن هذا اليوم فقط كجلسة برلمانية، بل كجلسة وداع مؤلمة، اختار فيها العدو زمن الذبح، واختار فيها العرب لحظة الصمت.
إنها نكبة جديدة، أشد قسوة من سابقتها، لأننا نراها تحدث أمامنا، ولا نملك إلا الحزن. نكبة تُقاس لا فقط بمساحات الأرض، بل بوزن الخسارات الرمزية، وغياب الفعل، وانهيار الحلم الجماعي.، ،
الضفة الآن ليست محتلة فقط، بل إسرائيلية بالقانون.، ،
وغدًا، سيتحوّل هذا القرار إلى خرائط، ثم إلى حدود، ثم إلى مناهج، ثم إلى واقع جديد مفروض على الجميع.
أما نحن، فسنكتفي بدمعة وبقايا أغنية، وحديث مكسور عن عروبة ضائعة في زمن المتاهة.
كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية..
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الضفة الغربية غزة الكنيست الإسرائيلي قرار ضم الضفة
إقرأ أيضاً:
25 قتيلاً بينهم منتظرو مساعدات.. لا “مكان آمن” في غزة
البلاد (غزة)
في تصعيد عسكري متواصل، شنت القوات الإسرائيلية فجر السبت غارات جوية وبرية مكثفة على عدة مناطق في قطاع غزة، أسفرت عن مقتل 25 فلسطينياً، بينهم 13 مدنياً كانوا في انتظار مساعدات غذائية، بحسب مصادر طبية ومسعفين محليين.
وأكدت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” أن القصف استهدف أحياء سكنية ومناطق تجمع للمدنيين، مشيرة إلى أن الضحايا سقطوا في أماكن متفرقة من مدينة غزة، خان يونس، ومخيم البريج. وذكرت مصادر طبية أن القصف طال منازل ومناطق لتوزيع المساعدات في حي تل الهوى ومنطقة الشاكوش شمالي القطاع، حيث كان العشرات ينتظرون شاحنات مساعدات، على رأسها الدقيق.
تزامناً مع الغارات، أعلنت إسرائيل توسيع عملياتها العسكرية في شرق مدينة غزة، فيما كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن خطة أمنية جديدة تهدف إلى”تعميق تقسيم قطاع غزة” وزيادة الحصار عليه، في محاولة لـ”إضعاف حركة حماس وإنهاكها”، بحسب ما نقلته قناة “كان” عن مصادر سياسية. تأتي هذه التطورات في ظل تعثر مفاوضات تبادل الأسرى، ما يزيد من حدة الضغوط العسكرية على القطاع.
وبينما تتصاعد الغارات، تتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل خطير، فقد أعلن برنامج الأغذية العالمي أن ثلث سكان غزة لا يأكلون لأيام كاملة، وأن سوء التغذية في تزايد حاد، مع حاجة أكثر من 90 ألف امرأة وطفل للعلاج العاجل. وأضاف البرنامج أن 470 ألف فلسطيني مهددون بالمجاعة الكارثية خلال الأشهر المقبلة.
وأشار بيان البرنامج إلى أن السكان يموتون بسبب نقص المساعدات الإنسانية؛ إذ أصبحت المعونات الغذائية السبيل الوحيد للنجاة بعد ارتفاع أسعار الطعام لمستويات قياسية. ودعت منظمات دولية، بينها الأمم المتحدة و”الأونروا”، إلى رفع القيود الإسرائيلية فورًا والسماح بوصول المساعدات.
من جهتها، أكدت وكالة “الأونروا” أن سكان غزة “يعانون من النزوح المستمر ولا مكانًا آمنًا لهم”، مشيرة إلى أن القطاع يشهد دمارًا غير مسبوق منذ أكثر من 650 يومًا من القتل والمعاناة.
وفي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أعلنت مصادر طبية عن دخول ست شاحنات محمّلة بمستلزمات طبية فقط إلى القطاع بدعم من “اليونيسف”، لكنها لا تحتوي على أي مواد غذائية، ما يزيد من حدة الأزمة الإنسانية.
وفي تقرير حاد اللهجة، اتهمت المجموعة الدولية لإدارة الأزمات إسرائيل باستخدام سياسة التجويع كأداة حرب، معتبرة أن النظام الجديد لتوزيع المساعدات الذي تفرضه إسرائيل، من خلال ما يُعرف بـ”مؤسسة غزة الإنسانية”، يمنع وصول الغذاء إلى الفئات الأكثر ضعفاً، ويخلق”فوضى قاتلة”.
وأوضحت المجموعة أن 16% من أطفال غزة يعانون من سوء تغذية حاد، وأن المستشفيات تسجل عشرات الوفيات يومياً بسبب الجوع. ودعت إلى رفع فوري للحصار ووقف شامل لإطلاق النار، مؤكدة أن “منع المجاعة لا يحتمل التأجيل”.
ووسط هذه التطورات، تصاعدت التحركات الدولية، فقد دعت فرنسا وألمانيا وبريطانيا في بيان مشترك إلى”إنهاء الكارثة الإنسانية في غزة فوراً”، مطالبة إسرائيل برفع القيود المفروضة على تسليم المساعدات واحترام القانون الإنساني الدولي.
وفي نيويورك، تستعد الأمم المتحدة لعقد مؤتمر وزاري الأسبوع المقبل لإحياء حل الدولتين، في خطوة تهدف إلى إعادة الزخم الدولي للمطالبة بإنهاء الاحتلال ووقف الحرب. ومن المقرر أن يشارك فيه أكثر من 100 دولة، وسط غياب كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
ويأمل دبلوماسيون في أن يشكل المؤتمر”فرصة نادرة لتحويل الإجماع الدولي إلى خطوات ملموسة”، مع تحذيرات من أن حل الدولتين بات أضعف من أي وقت مضى في ظل استمرار الحرب، وتوسّع الاستيطان في الضفة الغربية.
وفي ظل تصعيد عسكري دموي ومأساة إنسانية متفاقمة، يقف قطاع غزة على شفا مجاعة، بينما تلوّح الدول الغربية بإجراءات دبلوماسية متأخرة، وتتواصل دعوات رفع الحصار وسط تحذيرات من أن كل ساعة تمر تعني مزيداً من الضحايا الأبرياء.