14 غشت، 2025

بغداد/المسلة: كالمعتاد يتحول الراتب في العراق إلى حدثٍ يستحق تغطية رسمية، إذ يستمر إعلان وزارة المالية عن “تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين” شهرياً، رغم أن الأمر يفترض أن يكون إجراء روتينياً لا يستحق التغريد أو التصريح. وفي الوقت نفسه، لم يتسلم آلاف المتقاعدين رواتبهم في اشهر كثيرة الا بعد تأخير، مما يغذي حالة القلق والانتظار في المحافظات العراقية، وسط غياب رسالة “الصرف” المعتادة التي تسبق إطلاق الدفعة الرسمية.

وأشار مصدر مطلع في هيئة التقاعد الوطنية، الى أن التأخير ليس نتيجة فشل الهيئة، بل يعود إلى “إجراءات مركزية داخل وزارة المالية”، ربما ترتبط بصعوبات التمويل أو الجدولة الإلكترونية؛ وتابع بأن “فريقاً فنياً يعمل حالياً على تدقيق بعض البيانات المتعلقة بالدفعة، وأن الإطلاق سيتم فور اكتمال الإجراء”.

لكن مثل هذا التصريح لا يبشر الا بسيادة الروتين على الادارة المالية في العراق، وغياب الشفافية، وطرق الادارة الحديثة.

وأعرب المتقاعد العسكري كاظم جبار (72 عاماً) خلال جولة ميدانية في بغداد عن غضبه، قائلاً: “كل شهر ننتظر هذا اليوم حتى نسد التزاماتنا، وتأخير يوم واحد يخلينا نضطر نداين، أو نعتذر من الصيدلي أو البقال”. وعبّر عن استيائه من تكرار هذا المشهد قائلاً: “ما يصير كل مرة نقعد ننتظر رسالة ما تجي”.

وأوضحت الحاجة أم تحسين، زوجة متقاعد مدني، أن راتب زوجها يُعتمد عليه في تغطية مصاريف الأدوية والإيجار، مؤكدة أن الأموال المتوفرة فقط هي تلك المتأخرة من وزارة المالية: “إحنا ما عدنا بديل غير هاي المبالغ، لا تجارة ولا شغل ولا دعم”.

ويتساءل المتقاعد هادي العجيلي، عن سبب عدم توضيح الجهات الرسمية للتأخير، داعيًا هيئة التقاعد ووزارة المالية إلى تفعيل قناة تواصل شفافة بدل ترك المتقاعدين في دوامة الانتظار أمام أجهزة الصراف والهاتف المحمول.

وأكد خبراء أن راتب التقاعد يشكل دعامة أساسية للأمن الاجتماعي في العراق، إذ يعتمد عليه أكثر من ٣ ملايين مواطن—متقاعدين وذوي الشهداء والمصابين—مما يجعل أي تأخير يحمل آثاراً حقيقية على الاستقرار المعيشي لهذه الفئات.

وأشارت التقارير الصادرة خلال الأشهر الماضية إلى أن أزمة الرواتب لا تقتصر على المتقاعدين فحسب، بل تشمل أيضاً الموظفين المدنيين في إقليم كردستان، حيث دخل بعضهم شهرين دون راتب بسبب خلافات مالية بين بغداد وأربيل .

ويمكن القول إن الأزمة المتكررة في الرواتب، وتحول إعلان الصرف إلى “إنجاز”، يعكس خللاً مؤسسياً في بنية الإدارة المالية والتواصل الحكومي. فإذا كان صرف رواتب المتقاعدين والمدنيين لن يكون موضع إعلان يُتداول على مواقع التواصل، فكيف يمكن بناء الثقة بين الدولة والمجتمع؟

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

من بغداد إلى بيروت.. لاريجاني و خرائط جديدة لمحور الممانعة

12 أغسطس، 2025

بغداد/المسلة: وسط تشابك الملفات الإقليمية وتعقّد المشهد الأمني في غرب آسيا، جاءت زيارة أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، إلى بغداد لتضع نفسها في قلب معادلة التوازنات بين طهران وبغداد. وتبدو الزيارة، بما حملته من مشاورات مكثفة مع القادة العراقيين، أقرب إلى رسالة سياسية متعددة الطبقات، تتجاوز العناوين المعلنة عن التعاون الأمني إلى اختبار قدرة الطرفين على إدارة ملفات الحدود والوجود الإيراني في العراق، في ظل تصاعد الضغوط الدولية والإقليمية.

وتتبدى أهمية التوقيت في أن لاريجاني استهل جولته من العاصمة العراقية، قبل انتقاله إلى بيروت، بما يعكس أولويات إيران في إعادة تثبيت حضورها في دول محور الممانعة.

وتأتي هذه الخطوة على وقع تناقض التصريحات بين الجانبين حول توقيع اتفاقية أمنية، ما يشي بوجود تفاوت في الرغبة بالإعلان عن طبيعة التفاهمات، وربما بوجود مساحة من المواربة الدبلوماسية لاحتواء الحساسيات الداخلية والخارجية.

وتحمل إشارات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الرافضة للعدوان الإسرائيلي على إيران، دعماً معنوياً لطهران في معركتها السياسية الراهنة، فيما تبدو دعوته إلى الحوار الأميركي – الإيراني محاولة لوضع بغداد في موقع الوسيط الحذر، القادر على التحدث مع كل الأطراف دون الانحياز المعلن.

وتأتي زيارة الأربعين، التي تجذب عشرات الآلاف من الإيرانيين إلى العراق، كغطاء شعبي واجتماعي يسهّل اللقاءات ويضفي على الزيارة بعداً غير رسمي يخفف من وطأة الرسائل السياسية المباشرة.

وتوحي تصريحات لاريجاني ووزارة الخارجية الإيرانية بأن الهدف الأعمق هو ترسيخ شبكة مشاورات إقليمية لاحتواء أزمات المنطقة وصياغة خطاب جديد حول “السلام والاستقرار” في غرب آسيا، وهي مفردات تكشف عن محاولة طهران إعادة تأطير دورها من لاعب صراعي إلى ضامن للاستقرار، دون أن تتنازل عن أدوات نفوذها التقليدية.

ويرى مراقبون أن هذه التحركات جزء من إعادة ترتيب أوراق النفوذ الإيراني في ساحات العراق ولبنان، ورسالة إلى خصومها بأن حضورها السياسي لا يزال صلباً وقادراً على التكيف مع المستجدات.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • العراق في فرن القيظ… وملفات الفساد تزداد سخونة
  • اللافي يترأس اجتماعاً لمناقشة ملف «التقاعد العسكري» وتطوير الأداء المؤسسي
  • وفاة 7 اشخاص من عائلة واحدة بحريق التهم منزلهم في بغداد
  • انخفاض معظم أسواق الخليج مع تقييم المستثمرين لإعلانات النتائج المالية
  • على خط النار والمفاوضات.. أبعاد التحرك الإيراني نحو العراق ولبنان
  • «تداول» تعلن تعليق سهم الشركة السعودية للتنمية الصناعية لعدم إعلان النتائج المالية
  • من بغداد إلى بيروت.. لاريجاني و خرائط جديدة لمحور الممانعة
  • قبل إعلان النتيجة اليوم| ضوابط الإعلان عن فائزيي انتخابات الشيوخ وهذه شروط الإعادة
  • إعلانٌ مهم من وزير المالية.. ماذا قال؟