جنين- "لم أتألم على تكسير منزلي وتخريب محتوياته بقدر ألمي على سرقة حصالة أطفالي، التي قضوا عامين في تجميعها"، بهذه الكلمات اختصرت لميس ريان ما حدث معها بعد دهم جنود الاحتلال الإسرائيلي منزلها الشهر الماضي وسرقته.

لميس فلسطينية تسكن قرية عارورة شمال غرب مدينة رام الله، أم لـ3 أطفال، قضت مع زوجها 46 عاما، منهم قرابة 12 عاما في بناء منزلها وتجهيزه وتأثيثه، وتقول إنها اعتادت طوال السنوات الماضية على اقتحام جنود الاحتلال لبيتها ومنازل أقاربها للتفتيش وأحيانا لاعتقال زوجها، لكن حملة الدهم كانت مختلفة تماما عن المرات السابقة.

وتوضح أن كل المؤشرات "كانت تقول إن اقتحامهم كان بهدف السرقة؛ دخلت قوات الجيش المنزل، وأول جملة قالها لي الضابط المسؤول عن الفرقة: اجمعي كل الأموال في المنزل والمصاغ الذهبي وضعيه هنا حتى لا تقولي إنه سُرق فيما بعد".

Voir cette publication sur Instagram

Une publication partagée par الجزيرة (@aljazeera)

للسرقة فقط

قضى جنود الاحتلال 3 ساعات في المنزل بعد احتجاز زوج لميس خارجه، واستجوابها أكثر من مرة، ومحاولة الضغط عليها عن طريق تهديدها باعتقال أطفالها، وتركزت الأسئلة على دخل الأسرة وكمية النقود الموجودة في البيت.

في الطابق العلوي فتش الجنود غرف النوم، وفي غرف أطفالها الثلاثة وجدوا 3 حصالات اعتادوا تجميع مصروفهم فيها والنقود التي يحصلون عليها في الأعياد والمناسبات، فتحوها بأداة حادة وسرقوا كل ما بداخلها وأعادوها فارغة للميس.

تقول لميس إن "طفلتي إيلان (8 سنوات) تجمع المال لتشتري غرفة نوم كاملة، سرق الجندي منها 1100 شيكل، وإخوتها كانوا يدخرون أكثر من هذا المبلغ، سرقوها كلها. حزنت ابنتي كثيرا، وحتى اليوم تقول إن ما حدث ليس عاديا وإنها تريد استعادة مالها المسروق لكن لا أمل في ذلك طبعا".

احتجز جنود الاحتلال طفلي لميس تيم (11 عاما) وإياس (10 سنوات) وحققوا معهما عن وجود أموال لوالدهم في المنزل، وسألوهما "بابا معه مليون شيكل، أين يخفيه؟".

إعلان

وبعد تفتيش المنزل وتكسير محتوياته وخلع الأبواب والخزائن، وإحداث خراب كبير فيه، جمع الجنود المال الذي طُلب من لميس تجميعه ووضعه على طاولة الطعام، والذي تقدره بقرابة 8 آلاف شيكل (نحو 2500 دولار)، وقبل مغادرتهم أخضعوها للتفتيش مرة أخرى ووجدت مجندة 700 شيكل في يدها فأخذتها منها وهو "مصروف المنزل لباقي الشهر".

Voir cette publication sur Instagram

Une publication partagée par شبكة قدس | Quds network (@qudsn)

مبالغ كبيرة

لم يكن بيت لميس الوحيد الذي تعرض للسرقة في ذلك اليوم، فقد سرق جنود الاحتلال منزلا آخر في البلدة لشاب تزوج قبل شهرين، وفقد في تلك الليلة كل هدية العرس التي قُدمت لزوجته وتسمى في اللهجة الفلسطينية "النقوط"، إضافة إلى مصاغها الذهبي ويقدر بـ100 ألف شيكل.

كما سرقوا من منزل تيسير العاروري من البلدة نفسها مبلغا ماليا، وعلّق جندي قبل مغادرته البيت، قائلا "شكرا لأنكم جمعتم لنا المال ولم تتعبونا في البحث عنه"، إذ اعتادوا الطلب من أصحاب المنازل التي يقتحمونها تجميع المال في مكان واحد بعد طرح جملة "ضعوا كل شيء هنا حتى لا تقولوا إنه سُرق منكم شيء بعد مغادرتنا".

وأصبحت هذه الجملة معروفة لدى سكان القرى والبلدات الفلسطينية أنها تمهيد لسرقة ينويها جيش الاحتلال من اقتحام منازلهم.

آثار التخريب في أحد المنازل بعد اقتحامه من جنود الاحتلال (الجزيرة)

وفي بلدة برطعة شمال غرب مدينة جنين، سرق جنود الاحتلال الأسبوع الماضي مبالغ مالية من عدد من المنازل بعد دهمها وتحطيم محتوياتها وتخريب مركبات المواطنين. وبحسب البلدية، فإن ذلك يأتي ضمن سياسة الاحتلال للتضييق على سكان البلدة وترهيبهم خاصة أنها تقع خلف جدار الفصل العنصري.

وكان لبلدات جنين وقراها النصيب الأكبر من سرقة المنازل خاصة بعد بدء العملية العسكرية الإسرائيلية "السور الحديدي" في مخيم جنين حيث سُجل في بلدات جبع وميثلون وعنزا ويعبد ومدينة جنين حالات سرقة لأموال ومصوغات ذهبية، كان آخرها سرقة نحو 7 آلاف دينار ومجوهرات تقدر بـ10 آلاف دينار من منزل المواطن (م. ع) في خلة الصوحة بجنين.

ووثق صاحب محل معروف للحلويات سرقة مصاغ ذهبي يقدر بـ75 ألف شيكل من منزله الذي حوله جيش الاحتلال إلى ثكنة عسكرية، في محيط المخيم لمدة شهرين.

سياسة متعمدة

وبحسب محللين، فإن ما يقوم به جيش الاحتلال هو سياسة متعمدة سواء من تخريب ممتلكات المواطنين وتكسير محتويات منازلهم أو سرقتها، وأشاروا إلى أن هذه الظاهرة ازدادت في الأشهر الأخيرة بشكل أكبر وبطريقة يمكن اعتبارها ممنهجة إلى حد ما.

من جانبه، يتحدث سليمان بشارات المحلل السياسي للجزيرة نت عن 3 دوافع يرتكز عليها الاحتلال في سياسة سرقة المنازل وهي:

الأول: دافع نفسي يسعى من خلاله جيش الاحتلال لرد جزء من الاعتبار لجنوده بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، خاصة مع إعطاء فرصة للجندي بفعل ما يريد من دون عقاب أو حتى استجواب من قيادته العليا. وبهذا يعيد الجيش لجنوده هيبته أمام الفلسطيني. الثاني: إيصال رسالة للفلسطينيين بأنه لا أمل لهم في حياة مستقرة وطبيعية في الضفة الغربية، ويتجلى ذلك في حوادث السرقة التي حدثت في منازل يعلم جيش الاحتلال أنها لمواطن متزوج حديثا مثلا، وأيضا في استنزاف عائلات الشهداء والأسرى صاحبة التاريخ النضالي والسياسي. الثالث: هو جزء من رفع ثمن صمود الفلسطيني في بلدته وقريته ومنزله، وثمن مواجهة الاحتلال ومصادرة الأرض، وجعل هذا الثمن أكثر كلفة، فبسرقة حصالات الأطفال مثلا يدرك الجندي أنها لا يمكن أن تُستخدم لأعمال المقاومة، لكن هو يريد أن يجعل كل فرد في الأسرة يدفع الثمن لتمسّكه برفض الاحتلال. إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات جنود الاحتلال جیش الاحتلال

إقرأ أيضاً:

داخلية غزة تتهم إسرائيل برعاية لصوص المساعدات ..سياسة هندسة التجويع

اتهمت "وزارة الداخلية والأمن الوطني بقطاع غزة، دولة الاحتلال الإسرائيلي، برعاية مجموعات من اللصوص وتشكيل غطاء لهم لنهب شاحنات المساعدات الإنسانية المحدودة التي تصل إلى القطاع وبيعها في الأسواق بأسعار باهظة، ضمن سياسة "هندسة التجويع".

وأدانت الوزارة، في بيان ، "إصرار الاحتلال الإسرائيلي على استمرار مظاهر الفوضى في دخول كميات من المساعدات الإنسانية على محدوديتها، وارتكابه المجازر بحق لجان التأمين العشائرية والشعبية المدنية".


وقالت أيضا، إن:"إسرائيل ترعى مجموعات اللصوص والبلطجية وتشكل غطاء لممارساتهم في اعتراض شاحنات المساعدات والسطو عليها ونهبها، ومن ثم بيعها في الأسواق بأسعار باهظة، بما يحول دون توزيع المساعدات بشكل عادل على مستحقيها".

"إسرائيل" تقتل عناصر تأمين المساعدات وتسهل سرقتها
وأوضحت وزارة الداخلية بغزة، أن:" التمادي الإسرائيلي في استهداف عناصر تأمين المساعدات وقتلهم بشكل ممنهج يأتي ضمن سياسة هندسة التجويع التي تمارسها تل أبيب بحق فلسطينيي القطاع".

وأكدت على أن استهداف عناصر تأمين المساعدات "يحرم عشرات آلاف الأسر الفلسطينية مما يسد جوعهم وجوع أطفالهم".


وطالبت الوزارة، المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للسماح بوصول المساعدات إلى مستحقيها من خلال تمكين المؤسسات الأممية وعلى رأسها الأونروا، من القيام بواجبها لخبرتها في هذا المجال.

المساعدات لا تغطي سوى 14 في المائة من حاجة غزة
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة ، سمحت إسرائيل على مدار 15 يوما بدخول ألف و334 شاحنة مساعدات فقط من أصل الكمية المفترضة والبالغة 9 آلاف، بواقع 14 في المائة فقط من الاحتياجات الفعلية للقطاع ، وفق بيان لها صدر الاثنين 11 آب / أغسطس.

يذكر أن آخر تلك الاستهدافات ، كان اليوم الأربعاء 13 آب/ أغسطس ، حيث شن جيش ااحتلال 3 غارات متفرقة على عناصر تأمين المساعدات، أسفرت في مجملها عن استشهاد 11 عنصرا، وفق مصدر في الإسعاف والطوارئ.

وتتواصل المجاعة بمؤشراتها الكارثية، التي تتسبب في حالات وفاة جراء سوء التغذية، رغم سماح دولة الاحتلال قبل أكثر من أسبوعين بدخول شاحنات محدودة من البضائع والمساعدات الإنسانية، التي تتعرض في معظمها للسرقة من عصابات تؤكد حكومة غزة إنها تحظى بحماية إسرائيلية.


ومنذ الـ 2 من آذار / مارس الماضي، تغلق دولة الاحتلال جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة دخول أي مساعدات إنسانية، وهو ما أدخل القطاع في حالة مجاعة، رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده، والسماح بدخول كميات محدودة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المجوعين الفلسطينيين.

ثلث سكان غزة لم يأكلوا منذ عدة أيام
ومؤخرا، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن "ثلث سكان غزة لم يأكلوا منذ عدة أيام"، واصفا الوضع الإنساني بأنه "غير مسبوق في مستويات الجوع واليأس"، فيما أكدت الأمم المتحدة أن غزة بحاجة إلى مئات شاحنات المساعدات يوميا لإنهاء المجاعة التي تعانيها جراء الحصار والإبادة الجماعية , أما منظمة أطباء بلا حدود فقد حذرت من تفاقم غير مسبوق في معدلات سوء التغذية الحاد بين الفلسطينيين في قطاع غزة.

ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ترتكب دولة الاحتلال بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و722 شهيدا و154 ألفا و525 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 235 شخصا، بينهم 106 أطفال.

مقالات مشابهة

  • السلطة الفلسطينية تدين مخطط الاحتلال لمصادقة استيطانية جديدة في الضفة الغربية
  • منها 3300 بالقدس.. عطاءات لبناء 4030 وحدة استيطانية جديدة في الضفة
  • الخارجية الفلسطينية تدين اعتزام الاحتلال بناء وحدات استيطانية جديدة في القدس
  • محافظة القدس: هناك مشروعات استيطانية جديدة تهدد بتهجير الخان الأحمر والتجمعات البدوية
  • داخلية غزة تتهم إسرائيل برعاية لصوص المساعدات ..سياسة هندسة التجويع
  • تصعيد في الأفق| خطة إسرائيلية جديدة وخبير يكشف الجهود الدولية لوقف التصعيد
  • المكتب الإعلامي يفنّد مزاعم الاحتلال بعدم وجود سياسة تجويع
  • الاحتلال يُحول بؤرتين استيطانيتين إلى أحياء جديدة في نابلس
  • أسير من جنين يدخل عامه الـ22 في سجون الاحتلال