يواصل الاحتلال الإسرائيلي تدمير قطاع غزة بدعم أمريكي كامل دون النظر إلى الخسائر في الأرواح أو البنية التحتية وسط صمت دولي.

ونشرت مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية تقريرا بينت فيه أن الدعم الأمريكي لـ"إسرائيل" في غزّة يزيد من خطر الإرهاب ويورّط الولايات المتحدة في صراعات بالشرق الأوسط، مما يجعل استمرار الرئيس ترامب في دعمها أمراً غير مبرر أخلاقيًا.



وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه مع تدمير غزّة ومقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء، وامتداد المجاعة في هذه البقعة الصغيرة التي يزيد عدد سكانها عن مليوني نسمة، أصبحت الاتهامات بأن "إسرائيل" ترتكب إبادة جماعية في غزّة قضيةً شائعة، بما في ذلك من قبل منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية وعلماء الهولوكوست البارزين في "إسرائيل".

مع ذلك، تواصل الحكومة الإسرائيلية خططها لطرد سكان غزّة قسرًا تحت ذريعة "الهجرة الطوعية".

وأضاف المجلة أنه من المؤسف أن الرئيس دونالد ترامب يواصل دعم الأعمال الإسرائيلية دبلوماسيًا وماليًا، ففي سنة 2024 فقط، منحت واشنطن "إسرائيل" 8.7 مليار دولار إضافية كمساعدات عسكرية، إلى جانب نحو 4 مليارات دولار تقدمها الولايات المتحدة سنويًا.

كما سرّعت إدارة ترامب تلك التسليمات في آذار/ مارس 2025. وفي الأسبوع الماضي، رفض مجلس الشيوخ مشروع قانون لوقف شحنات الأسلحة إلى "إسرائيل"، مع معارضة جماعية من زملاء ترامب الجمهوريين.


وأوضحت المجلة أن التغاضي عن جرائم الحرب الإسرائيلية في غزّة أمر غير مبرر أخلاقياً ويضر بالمصالح الوطنية الأمريكية. ففي بعض الحالات، قد تتعارض الاعتبارات الأخلاقية مع الضرورات الاستراتيجية، وتضطر الدول للتغاضي عن مخاوفها الأخلاقية حفاظاً على الأمن القومي، لكن في هذه الحالة، تشير كل المؤشرات إلى اتجاه واحد: الإبادة الجماعية الموشكة في غزّة تشكل فضيحة أخلاقية وتضر أيضاً بالمصالح الأمريكية، مما يجعل دعم الولايات المتحدة لذلك غير منطقي ويجب على ترامب التوقف فورًا عن هذا الدعم.

وتابعت أن الوضع في غزّة لا يمكن إنكاره بالنظر إلى الخسائر الضخمة في الأرواح المدنية، حيث أكدت وزارة الصحة استشهاد أكثر من 60 ألف شخص، مع احتمال أن يكون الرقم الحقيقي أعلى بكثير.

ويكاد سكان غزّة الآن يقعون في مجاعة جماعية، مع ارتفاع وفيات الجوع، خصوصًا بين الأطفال، بشكل متزايد.

وأفادت المجلة بأن جزءاً من هذه الأرقام يُعزى إلى الاستخدام الإسرائيلي المتهور للجوع كسلاح ضد اتفاقيات جنيف. ومعظم الغذاء المحدود الذي سمحت إسرائيل بدخوله منذ إنهاء الحصار الغذائي الذي استمر شهرين في مايو/ أيار 2025، تم توزيعه بواسطة مقاولين أمريكيين مسلحين، وتحت مراقبة جنود الجيش الإسرائيلي. وقد تحولت هذه المواقع إلى "مصائد موت"، حيث تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من ألف شخص لقوا حتفهم أثناء انتظار حصصهم الغذائية. والأسوأ من ذلك، أن المواقع وُضعت عمداً في مناطق حرب نشطة، ومصممة لجذب الفلسطينيين بعيداً عن شمال غزّة نحو الحدود المصرية، لتعمل كـ "غطاء" للتهجير القسري.


وأكدت المجلة أن التهجير الجماعي للفلسطينيين يُعد الهدف وفقاً للخطط الإسرائيلية المعلنة. ففي آيار/ مايو، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على أهداف حرب قصوى تشمل صراحة السيطرة على غزّة وطرد سكانها الفلسطينيين البالغ عددهم مليوني نسمة، وإعادة توطين المنطقة بشكل دائم.

ومنذ ذلك الحين، تداولت مقترحات مقلقة بشأن التهجير القسري لسكان غزّة بين المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين، تتضمن بدائل مثل حصر السكان في "مدينة إنسانية" صغيرة في رفح، أو نقلهم إلى عدة "مناطق عبور إنسانية" في جنوب غزّة أو خارج القطاع، أو حتى إرسالهم إلى دول ثالثة مثل إثيوبيا وإندونيسيا وليبيا.

وأضافت المجلة أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تدّعي جهلها بما يجري في غزّة، لأن "إسرائيل" أعلنت نواياها لعدة أشهر، على عكس فظائع أخرى حدثت بسرعة ودون تحذير. وقد منح ترامب نفسه غطاءً سياسياً للتطهير العرقي من خلال اقتراح أن تتولى الولايات المتحدة "السيطرة" على غزّة وإنشاء "منطقة حرية".

ومع أن مثل هذه التصريحات قد تبدو خيالية، إلا أنها تحمل عواقب حقيقية. فقد دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى طرد سكان غزّة تحت ستار "خطة ترامب".

وأوضحت المجلة أن المساعدات الأمريكية التي تستخدم في هجوم "إسرائيل" على غزّة لا تثير البُعد الأخلاقي فحسب، بل تشكل خطرين كبيرين على الأمن القومي الأمريكي. أول هذه المخاطر هو تجدد الإرهاب، حيث زاد دمار غزّة من تهديد الإرهاب للأمريكيين داخل الولايات المتحدة وخارجها، مع تأثيرات محتملة تمتد لـ "أجيال"، وذلك وفقاً لآفريل هاينز، المديرة السابقة لأجهزة الاستخبارات الوطنية.

وقد ارتبطت عدة هجمات داخلية بالصراع، ومن المتوقع أن يزداد التهديد مع تدهور الوضع. ومن شأن "السيطرة الكاملة" للولايات المتحدة على غزّة، كما اقترح ترامب، أن "تسرّع تجنيد الإرهابيين وتصعيد العنف العالمي المعادي لأمريكا"، وفقاً لأحد الخبراء.

أما الخطر الثاني، والأكبر، يتمثل في أن الهجوم الإسرائيلي على غزّة قد يورط الولايات المتحدة أكثر في حروب غير ضرورية في الشرق الأوسط. وفي الواقع، لقد تورطت واشنطن بالفعل في ثلاثة صراعات نيابة عن إسرائيل مع تصاعد العنف في غزّة، إذ دفعت حملة إسرائيل الحوثيين إلى استهداف شحنات البحر الأحمر انتقاماً، ما دفع الولايات المتحدة إلى خوض حرب جوية مكلفة بلغت 7 مليارات دولار، عرّضت حياة العسكريين الأمريكيين للخطر وأسفرت عن إصابات متعددة.

كما أدت الأحداث في غزّة إلى مواجهة خطيرة ومتبادلة مع إيران في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، عندما دافعت القوات الأمريكية عن إسرائيل من ضربات جوية إيرانية، والتي جاءت رداً على قتل قادة حزب الله وحماس على يد إسرائيل أثناء محاولتها وقف هجمات صاروخية لحزب الله، التي بدأت مباشرة بعد غزو إسرائيل لغزّة.


وذكرت المجلة أن "إسرائيل" نجحت في جرّ الولايات المتحدة إلى هجوم وقائي ضد إيران، ما أعاق المحادثات مع طهران حول برنامجها النووي. وعلى الرغم من أن هذا الصراع لا يرتبط مباشرة بغزّة، إلا أن الحرب تسلط الضوء على مخاطر العلاقات الوثيقة مع إسرائيل العدوانية تجاه جيرانها.

وتوضح غزّة حالة تتقاطع فيها الاعتبارات الأخلاقية والاستراتيجية؛ فالولايات المتحدة لا تملك أي سبب استراتيجي لمساعدة إسرائيل في ارتكاب جرائم حرب، والجمهور الأمريكي يدرك ذلك، مما يفسر تراجع الدعم لإجراءات "إسرائيل" في القطاع.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة الدعم الأمريكي ترامب امريكا غزة الاحتلال الدعم الأمريكي ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة المجلة أن على غز ة فی غز ة

إقرأ أيضاً:

لافروف: نتوقع رفع الولايات المتحدة بعض العقوبات عن روسيا بعد لقاء بوتين وترمب

كشف وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، عن توقعه برفع الولايات المتحدة بعض العقوبات عن روسيا بعد لقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، وفقا لـ واشنطن بوست.

ومنذ قليل، أعلن الكرملين بدء اجتماع ترمب وبوتين، بمشاركة وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف ومساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، ووزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، والمبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، وفقا لوسائل إعلام عالمية.

وجلس كل من ترمب وبوتين أمام خلفية زرقاء مكتوب عليها السعي إلى السلام ولم يدليا بأي تصريحات.

ووفقا لـ واشنطن بوست أعرب دبلوماسي أوروبي رفيع عن قلق أوروبا البالغ بسبب هذه الليلة.

اقرأ أيضاًترامب وبوتين يصلان إلى «ألاسكا» لعقد لقاء قمة

ترامب يستقبل بوتين في ولاية ألاسكا

قبل قمة ألاسكا.. ترامب: «إذا لم يمض الاجتماع مع بوتين على ما يرام سأنسحب»

مقالات مشابهة

  • لافروف: نتوقع أن ترفع الولايات المتحدة بعض العقوبات عن روسيا بعد قمة بوتين وترامب
  • صحيفة أمريكية: مصر لن تستطيع انتقاد إسرائيل لعقدين قادمين لهذا السبب
  • لافروف: نتوقع رفع الولايات المتحدة بعض العقوبات عن روسيا بعد لقاء بوتين وترمب
  • صحيفة روسية: 4 أسئلة عن قمة ألاسكا المرتقبة
  • الولايات المتحدة: استقرار الضفة الغربية يتماشى مع هدف ترامب لتحقيق السلام بالمنطقة
  • محكمة استئناف أمريكية تلغي حكمًا بإجبار إدارة ترامب على استئناف المساعدات الخارجية
  • المكسيك تسلم 26 من كبار عناصر العصابات إلى الولايات المتحدة
  • ترامب يُصدر أمراً تنفيذياً لتعزيز أمن سلسلة الإمداد الدوائي في الولايات المتحدة
  • أكثر من 200 منظمة أمريكية تشارك في مسيرة من أجل غزة