لبنان وسوريا… جروح متشابكة وأمل واحد.. وجع ومصير مشترك.. !!
تاريخ النشر: 18th, August 2025 GMT
الوضع في سوريا ولبنان ليس مجرد ملفات سياسية أو أزمات اقتصادية متراكمة، إنه وجع إنساني يتقاطع في تفاصيله، حتى وإن اختلفت الجغرافيا.
ما يحدث في دمشق أو بيروت، في حلب أو طرابلس، في السويداء أو البقاع، هو في جوهره انعكاس لأمة مثقلة بجراحها، تحاول أن تبحث عن لحظة هدوء أو بارقة أمل.
في سوريا، تتوزع الآراء بين من يرى أن الاستقرار ـ مهما كان هشًّا ـ أفضل من الفوضى، وبين من يشعر بالخذلان والتهميش والاغتراب داخل وطنه.
ومع ذلك، يبقى القاسم المشترك بين الشعبين هو الألم. السوري الذي فقد بيته أو أمانه لا يختلف كثيرًا عن اللبناني الذي ضاع جنى عمره في المصارف أو انفجر حيّه في لحظة مأساوية. كلاهما يحيا على ذاكرة الخسارة، وكلاهما يسأل: إلى أين نمضي؟
لكن وسط هذا الركام، تظل هناك حقيقة واحدة: لا مخرج إلا بالحوار والتلاقي. ليس حوار الغلبة أو الاستعلاء، بل حوار يبحث عن صيغة تحفظ كرامة الجميع، وتعيد المهجّرين إلى بيوتهم، وتفتح أمام الشباب نافذة أمل كي لا يتركوا أوطانهم.
لبنان وسوريا لا ينفصلان عن بقية الأمة، فالألم متشابه وإن اختلفت أسبابه: من فلسطين إلى العراق، ومن اليمن إلى السودان. إنها جروح متفرقة ولكنها تصب في نهر واحد.
إننا بحاجة إلى لحظة وعي جماعي، ندرك فيها أن الحل لن يولد من إقصاء طرف أو شيطنة آخر، بل من بناء أرضية مشتركة تعترف بالاختلاف لكنها تتمسك بوحدة المصير. فالوطن، أي وطن، لا يُبنى بالإنكار ولا بالصوت الواحد، بل بالتعدد والاعتراف المتبادل.
قد يكون الطريق طويلًا، لكن البداية تبدأ بخطوة واحدة: أن نصغي لبعضنا بصدق، وأن نؤمن أن ما يوحدنا أكبر مما يفرقنا.
جذور مشتركةليس صدفة أن يتقاطع الوجع في سوريا ولبنان بهذه الصورة، فالتاريخ يروي روابط لا تنفصم. فمنذ عهد الانتداب الفرنسي كان مصير البلدين متداخلاً، ثم جاءت الحرب الأهلية اللبنانية لتؤكد أن حدود الجغرافيا لا تمنع تدفق الدم والقلق بين ضفتي الحدود.عاش السوريون في لبنان لاجئين وعمالًا، كما عاش اللبنانيون في سوريا تجارًا وطلابًا وباحثين عن الأمان.
وعندما دخلت القوات السورية إلى لبنان عام 1976، اختلفت التقييمات بين من رآها حماية للبنان ومن رآها وصاية ثقيلة، لكن النتيجة النهائية كانت مزيدًا من التداخل السياسي والأمني والاجتماعي. حتى بعد خروجها عام 2005، بقيت الجروح مفتوحة، وبقيت الروابط قائمة بين العائلات والأسواق والذاكرة المشتركة.
اليوم، ومع نزيف سوريا المستمر، أصبح لبنان مأوى لملايين النازحين، فتضاعفت أزماته وارتبكت معادلته الداخلية. لكن رغم ذلك، يبقى واضحًا أن الشعبين محكومان بمعادلة قدرية: إذا نزف طرف، تألم الآخر. وإذا تنفس أحدهما الصعداء، انعكس ذلك على الثاني.
أفق الأملإن سوريا ولبنان ـ برغم تعقيدات السياسة وتشابك المصالح ـ يظلان في جوهرهما روحًا واحدة تعيش في جسدين مختلفين. قد تُنهكهما الأزمات، وقد يفرّق بينهما الواقع المرير، لكن لا مفر من أن يستعيدا وعيهما بأن المصير واحد.فالتاريخ علّمنا أن الانكسار يتسع إن تُرك كل بلد يواجه عزلته وحيدًا، وأن الأمل لا يولد إلا حين تتشابك الأيدي لا حين تتنافر.
إن الأوطان لا تُشفى إلا بالتفاهم، ولا تُبنى إلا على قاعدة الاعتراف المتبادل بالحقوق والآلام معًا. وربما يكون الطريق صعبًا، لكنه الطريق الوحيد إلى المستقبل.. .!
(كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية)
اقرأ أيضاًمنتظرين من 15 سنة.. أصالة تكشف موعد زيارتها لسوريا
بعد ضرب القصر الجمهوري ومساندة الدروز.. بلطجة إسرائيلية وتقسيم إجباري لسوريا
مجلس الأمن يبحث الأوضاع في سوريا.. دعوات دولية للحوار ومحاسبة المسؤولين عن العنف
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: سوريا لبنان السوري أزمات اقتصادية السوريون اللبناني ملفات سياسية فی سوریا
إقرأ أيضاً:
الأردن وسوريا تتفقان على تسريع خطوات التعاون الاقتصادي المشترك
صراحة نيوز – بحث وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني، يعرب القضاة، في دمشق، عددًا من ملفات تعزيز التعاون الاقتصادي بين الأردن وسوريا، ومتابعة تنفيذ ما تم التوافق عليه خلال الأشهر الماضية، خصوصًا نتائج اجتماعات اللجنة الاقتصادية التجارية المشتركة التي انعقدت في عمان الشهر الماضي.
وأكد القضاة، خلال لقائه وزير الاقتصاد والصناعة السوري محمد الشعار ومسؤولين سوريين، على أهمية العمل المشترك لتسريع الإجراءات اللازمة لزيادة حجم التجارة البينية وتحفيز الاستثمارات في مختلف المجالات.
وأشار القضاة إلى أن الأردن يضع كافة إمكاناته المتاحة في خدمة الأشقاء السوريين لدعم إعادة بناء مؤسساتهم، وتوفير الخبرات اللازمة خاصة في المجال الاقتصادي، معتبرًا عمليات إعادة الإعمار في سوريا فرصة للتعاون المشترك ومشاريع مستقبلية.
وأضاف أن المملكة سعت منذ البداية إلى تسهيل دخول احتياجات السوق السوري من السلع، وتيسير تصدير المنتجات السورية عبر الأراضي الأردنية، إلى جانب جهود دعم القطاعات المختلفة.
وأكد الجانبان أهمية تنفيذ مخرجات اللجنة الاقتصادية والتجارية، والتي توصلت إلى توافقات لتعزيز التعاون في مجالات النقل، الزراعة، الجمارك، المواصفات والمقاييس، الغذاء والدواء، المدن الصناعية، والمناطق الحرة، بالإضافة إلى ملفات فنية أخرى.
كما شددا على ضرورة تسريع خطوات التكامل الاقتصادي بما يحقق أهداف المجلس التنسيقي الأعلى بين البلدين، وضمان ديمومة انعقاد اجتماعات اللجنة المشتركة.