لا تتوقف الأزمات السياسية المحيطة بدولة الاحتلال، وآخرها تلك القادمة من أصدقائها حول العالم، وهذه المرة من هولندا، عقب استقالة وزير خارجيتها وأعضاء حزبه من الحكومة، على خلفية رفضها فرض عقوبات إضافية على الاحتلال، مما أثار قلق تل أبيب.

عنات هوشبيرغ- ماروم، خبيرة الجغرافيا السياسية والأزمات الدولية، أكدت أن "الاستقالة المفاجئة لوزير الخارجية الهولندي كاسبار فالديكامب، عقب رفضه قرار حكومته فرض عقوبات جديدة على الاحتلال، تمثل نقطة تحول في العلاقات بين لاهاي وتل أبيب، وتثير موجة من ردود الفعل السلبية على الساحة الدولية، بعد محاولة فالديكامب، السفير السابق في تل أبيب، قيادة خط سياسي متشدد ضدها، بما فيها إعلان كبار الوزراء الإسرائيليين أشخاصا غير مرغوب فيهم، واقتراح حظر الواردات من المستوطنات ردا على العدوان ضد غزة".




وأضافت في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "استقالته أدت لاستقالة أعضاء حزبه اليميني الوسطي، "الميثاق الاجتماعي الجديد"، وتقليص عدد مقاعد الحكومة إلى 32 مقعدا من أصل 150، ما يعادل 20 بالمئة فقط من مقاعد البرلمان، بما يهدد الاستقرار السياسي، ويعمق الانقسام، وأزمة الائتلاف، وقد يؤدي لاحقا إلى شلل الحكومة".

وأشارت أن "استقالة فالديكامب تعكس تحولا جذريا في السياسة الخارجية للاهاي، ونهجها المتوازن، ودعمها التقليدي للاحتلال، ورغم احتمال أن تختار الحكومة الجديدة التي ستشكل تخفيف لهجتها الانتقادية وموقفها المناهض له، فمن الواضح أن هذا الحدث يمثل تغييرا جوهريا في "قواعد اللعبة"، حيث يظهر المنظور الواسع أن استقالته، والتحركات السابقة التي بدأها، بالتنسيق مع قادة من فرنسا وبلجيكا ودول أوروبية أخرى للترويج لسياسة معادية للاحتلال، تؤدي لتفاقم التدهور الشديد الذي وصلت إليه علاقاته بالاتحاد الأوروبي".

وحذرت أن "هذه الخطوة تكشف عن حجم معاداة الاحتلال في الخطاب السياسي والعام الهولندي، حيث يؤيد 54 بالمئة من الجمهور الموقف النقدي تجاهه، وأشار استطلاع للرأي نشره معهد إبسوس، للتغيير الدراماتيكي الذي يحدث في الرأي العام الدولي، مما يعني تسويق المشاعر المؤيدة للفلسطينيين والمعادية للاحتلال، بما تم تعزيزها بشكل كبير".

وأكدت أنه "منذ اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر، شهدت أوروبا قفزة حادة بأكثر من 400 بالمئة في حجم الحوادث المعادية للإسرائيليين، مما يؤدي لتكثيف الاستقطاب الداخلي فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأصبح تصعيد الحرب قضية "ملحة"، تثير انقساما بين الكتل السياسية في هولندا وأوروبا عموما".

وأضافت أن "استقالة فالديكامب وزملائه في الوقت الراهن، مع تجدد القتال وتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، تزيد من حدة تصاعد موجة الإدانات للاحتلال، واتهامات علنية بارتكاب "جرائم حرب"، مما يجعلنا أمام اختبار حقيقي لاستمرار العلاقات الثنائية مع أحد أقرب أصدقائه، وأكثرهم تاريخا في أوروبا، في الوقت الذي يزداد عدد الدول التي تدينه في العالم، وتعلن في الوقت نفسه أنها ستعترف بدولة فلسطينية في إطار جمعية الأمم المتحدة الشهر المقبل في نيويورك".

وأشارت إلى أن "تصاعد التوترات الثنائية بين لاهاي وتل أبيب تظهر أن نظرة معمقة لخطوة الاستقالة لها تداعياتٍ بالغة الأهمية وبعيدة المدى على علاقاتهما، ستؤثر بدورها على السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، ويمثل هذا تفاقما للتوترات السياسية والدبلوماسية والأمنية معها، على خلفية اتهام الاحتلال بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وإدراج الحرب في غزة لأول مرة على قائمة التهديدات الأمنية لهولندا".

ورصدت "حالة الضغط المتزايد في البرلمان ضد الاحتلال، ودعوات وقف التجارة والصادرات العسكرية معه، خاصة مكونات طائرات إف-35 المقاتلة، مما يهدد استمرار تعاونهما الاقتصادي، وقد بلغ حجمه 4.23 مليار دولار".

وأكدت أن "محاولة هولندا للحد من وصول دولة الاحتلال لاتفاقيات التجارة الأوروبية الشاملة، والمبادرات البحثية مثل برنامج هورايزون التابع للاتحاد الأوروبي، والمعارض الأمنية الأوروبية، تؤدي بالفعل لاستبعاد الشركات الإسرائيلية من فعاليات صناعة الدفاع الكبرى".

وأكدت أن "هذه الخطوات، تتوافق مع سياسة الاتحاد الأوروبي بشأن حقوق الإنسان والتعاون الدولي، مما قد يعزز مكانة لاهاي في الاتحاد، لكن انتقاداتها المتزايدة للاحتلال، بما فيها تشديد القيود التجارية في القطاعات العسكرية وذات الاستخدام المزدوج، ستقلل من التعاون التجاري والأمني والبحثي بينهما".

رفض حرب غزة

وأوضحت أنه "من منظور جيوسياسي واستراتيجي واسع، فإن الخطوة الدراماتيكية لوزير الخارجية الهولندي ليست مجرد احتجاج شخصي، أو رد فعل سياسي محلي، بل خطوة أساسية توضح الاستقطاب السياسي المتعمق في هولندا، والانقسام بين أعضاء الاتحاد الأوروبي".

وقارنت بالقول إنه "بينما تتخذ إسبانيا وأيرلندا إجراءات صارمة ضد الاحتلال، كالمقاطعة والاعتراف العلني بدولة فلسطينية، تواصل دول أخرى، بما فيها المجر التشيك، التعبير عن دعمها له، وهذه الفجوات تجعل من الصعب التنسيق استراتيجيا، وصياغة سياسة خارجية موحدة، لا سيما فيما يتعلق بالحرب في غزة، والقضية الفلسطينية عموما".



وختمت بالقول إن "الاستقالة قد تشكل، مهما بدت رمزية واستفزازية، سابقة لدول أخرى تختار اتخاذ خطوات دبلوماسية أو اقتصادية أو قانونية ضد الاحتلال، مما يسرع عملية نزع الشرعية عنه في الساحة الدولية، وقد تبشر بمرحلة جديدة في طريقة تغيير أوروبا لنهجها تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، من التركيز على نتائج الصراعات العسكرية إلى التعامل مع الروايات والمشاعر والرأي العام والضغوط السياسية الداخلية".

وأشارت أن "هذا وضع جديد يضعنا في مواجهة تحدٍ سياسي أوسع بكثير من حرب غزة، يتمثل في التكيف مع قواعد اللعبة الأوروبية المتغيرة، مع بناء صورة مستقرة والحفاظ على علاقات استراتيجية، وفي مقدمتها هولندا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال هولندا غزة غزة الاحتلال هولندا صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة

إقرأ أيضاً:

عمليات نسف إسرائيلية بالقطاع وتحذيرات أممية من كارثة إنسانية مع اقتراب الشتاء

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات جوية ترافقت مع عمليات نسف وقصف مدفعي وإطلاق نار مكثف مستهدفا مناطق عدة خلف ما بات يعرف بالخط الأصفر في قطاع غزة.

وقال مراسل الجزيرة إن جيش الاحتلال شن غارات جوية داخل مناطق انتشاره وراء الخط الأصفر في مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة.

كما أشار إلى أن جيش الاحتلال نسف عددا من المباني في مدينة رفح، بالإضافة إلى قصف الدبابات والمروحيات الإسرائيلية عددا من المواقع شرقي مدينة خان يونس.

ومنذ الإعلان عن دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يواصل جيش الاحتلال عمليات النسف والتدمير لما تبقى من مبان خلف "الخط الأصفر".

كما تعيش العائلات التي عادت إلى منازلها المدمرة حالة من عدم الاستقرار والخوف بفعل استمرار القصف المدفعي وإطلاق النار من الآليات العسكرية الإسرائيلية في المناطق الشرقية للقطاع.

وفي تطور ميداني آخر، أفاد مراسل الجزيرة بأن فريقا مشتركا من الصليب الأحمر وكتائب القسام يستعد لاستئناف عمليات البحث عن جثة أسير إسرائيلي في حي الزيتون بمدينة غزة.

كارثة إنسانية على أبواب الشتاء

إنسانيا، حذر صندوق الأمم المتحدة للسكان من تفاقم الوضع الإنساني في القطاع، مشيرا إلى أن 1.7 مليون شخص يواجهون فصل الشتاء وسط نقص حاد في الغذاء والمياه والرعاية الصحية.

وأعرب الصندوق عن قلق بالغ إزاء أوضاع النساء والفتيات، موضحا أن القطاع يضم نحو 50 ألف امرأة حامل محرومات من خدمات الولادة الآمنة نتيجة الهجمات على المستشفيات والانهيار شبه الكامل للنظام الصحي.

ومع دخول فصل الشتاء، يعيش مئات آلاف النازحين الفلسطينيين ظروفا مأساوية، حيث تنعدم مقومات الحياة الأساسية داخل الخيام، وسط استمرار جيش الاحتلال منع إدخال المنازل المتنقلة والمستلزمات الضرورية لتجهيز أماكن الإيواء.

شهداء الإبادة

وفي تقريرها اليومي، قالت وزارة الصحة في قطاع غزة، أمس الأحد، إن المستشفيات استقبلت خلال الساعات الـ24 الماضية 6 شهداء، و17 إصابة.

إعلان

وذكرت الوزارة أن عدد الشهداء منذ بدء إسرائيل حرب الإبادة على القطاع في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ارتفع إلى 70 ألفا و360 شهيدا، في حين بلغ عدد الجرحى 171 ألفا و47.

ومنذ بدء وقف النار الأخير في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2025، تم تسجيل 373 شهيدا و970 إصابة، بالإضافة لانتشال 624 جثة من تحت الركام.

مقالات مشابهة

  • قوات احتلال إسرائيلية تتوغل في درعا وتعتقل شابا
  • إصابة سوريين برصاص قوات احتلال إسرائيلية توغلت بالقنيطرة (شاهد)
  • إصابة سوريين برصاص قوات احتلال إسرائيلية توغلت بالقنيطرة
  • أصدقاء صهيون يرتب زيارات لقساوسة مؤيدين للاحتلال في القدس المحتلة
  • أصدقاء صهيون يرتب زيارات لقساوسة مؤيديين للاحتلال في القدس المحتلة
  • مواجهات بالضفة وسط اقتحامات إسرائيلية وتصعيد استيطاني مستمر
  • الصحة تبحث مع الاستثمار الأوروبي تسريع تنفيذ مصنع فاكسيرا لإنتاج اللقاحات وتحقيق الاكتفاء الذاتي
  • عمليات نسف إسرائيلية بالقطاع وتحذيرات أممية من كارثة إنسانية مع اقتراب الشتاء
  • حفل قرعة كأس العالم بين السياسة والرياضة
  • قراءة إسرائيلية في تأثير زيارة نتنياهو إلى واشنطن ومستقبل الترتيبات في غزة