حكم الصلاة والسلام على والدي النبي الكريمين
تاريخ النشر: 7th, September 2025 GMT
النبي.. قالت دار الإفتاء المصرية إن الأمر الإلهي بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتضمن الاعتناءَ بإظهار شرفه، والإشادةَ باصطفاء أصله وطهارة نسله، وإحسان الصلاة عليه، وكمالُ الإحسانِ.
والدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم:والصلاة على والدي النبي صلى الله عليه وسلم تبعًا مستحبة شرعًا؛ لأن فيها امتثالًا للأمر بإحسانها؛ تمدحًا بشرف الأصل النبوي، وإشادةً بعظمة الاختيار الإلهي لهما.
حقيقة موت والدي النبي صلى الله عليه وسلم على الجاهلية:
وأوضحت الإفتاء أن ما عليه جماهير الأمة وعلماؤها اتفاقًا أن والدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤمنان ناجيان، بل هما خلاصة أهل الإيمان، مؤكدة أن للشريعة مزيد اعتناء بالإشادة باصطفاء أصول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخيريتهم، وأهليتهم لحمل النور النبوي، بأدلة متواترةٍ تؤكد بإمانهما وقد اختارهما الله لأبوة سيد الأكوان، فهما من الساجدين الذين قال الله في حقهم: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ [الشعراء: 219].
بيان الرد علِى من يزعم أن والدي النبي الكريمين ماتا على الجاهلية:
وأوضحت الإفتاء أن والدي النبي صلى الله عليه وسلم كانا مِن المصطفَيْنَ الأخيار، الذين افتخَرَ بالانتساب إليهم المختار، صلى الله عليه وآله وسلم:
فأخرج الإمام مسلم في "صحيحه" عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ»، ورواه الخطيبُ في "الموضح"، والدِّمياطيُّ في "معجمه" فقال: «وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي هَاشِمٍ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ».
وأخرج ابن سعد في "طبقاته" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُ الْعَرَبِ مُضَرُ، وَخَيْرُ مُضَرَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ، وَخَيْرُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ بَنُو هَاشِمٍ، وَخَيْرُ بَنِي هَاشِمٍ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَاللهِ مَا افْتَرَقَ فِرْقَتَانِ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ آدَمَ إِلَّا كُنْتُ فِي خَيْرِهِمَا».
وأخرج الحاكم في "المعرفة" -وعنه البيهقي في "الدلائل"- والسِّلَفيُّ في "الطيوريات" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خطب رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارٍ، وَمَا افْتَرَقَ النَّاسُ فِرْقَتَيْنِ إِلَّا جَعَلَنِي اللهُ فِي الْخَيْرِ مِنْهُمَا، حَتَّى خَرَجْتُ مِنْ نِكَاحٍ وَلَمْ أَخْرُجْ مِنْ سِفَاحٍ، مِنْ لَدُنْ آدَمَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي وَأُمِّي، فَأَنَا خَيْرُكُمْ نَسَبًا وَخَيْرُكُمْ أَبًا»، وجزم به الحاكم في "المعرفة" واحتج به.
والدي النبي صلى الله عليه وسلم
وروى أبو زرعة الدمشقي، عن عمرو بن قيس السَّكُوني -تابعي جليل؛ أدرك سبعين صحابيًّا- أنه بلغه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اخْتَارَ اللهُ مِنَ النَّاسِ الْعَرَبَ، وَاخْتَارَ مِنَ الْعَرَبِ كِنَانَةَ، وَاخْتَارَ مِنَ كِنَانَةَ النَّضْرَ، وَاخْتَارَ مِنَ النَّضْرِ عَبْدَ مَنَافٍ، وَاخْتَارَ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ هَاشِمًا، وَاخْتَارَ مِنْ هَاشِمٍ عَبْدَ المُطَّلِبِ، وَاخْتَارَ مِنْ عَبْدِ المُطَّلِبِ عَبْدَ اللهِ، وَاخْتَارَ مِنْ عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدًا». وذكره الواقدي في "فتوح الشام" من قول خالد بن الوليد رضي الله عنه.
وأخرج الحاكم في "المستدرك" عن ربيعة بن الحارث رضي الله عنه قال: "بلغ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّ قومًا نالوا منه؛ فقالوا: إنما مثلُ محمد كمثل نخلة نبتت في كُنَاس! فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ خَلْقَهُ فَجَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِ الْفِرْقَتَيْنِ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ قَبَائِلَ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ قَبِيلًا، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيُوتًا، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ بَيْتًا»، ثم قال: «أَنَا خَيْرُكُمْ قَبِيلًا وَخَيْرُكُمْ بَيْتًا». ورواه الإمام أحمد وغيره عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث.
وأخرج ابن أبي عاصم في "السنة" والطبراني في "الأوسط" والبيهقي في "الدلائل" عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «قَالَ لِي جِبْرِيلُ عليه السلام: قَلَّبْتُ الْأَرْضَ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، فَلَمْ أَجِدْ رَجُلًا أَفْضَلَ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَلَمْ أَجِدْ بَنِي أَبٍ أَفْضَلَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ». قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "أماليه": [لوائح الصحة ظاهرة على صفحات هذا المتن، ومن المعلوم أنّ الخيريةَ والاصطفاءَ والاختيارَ من الله والأفضليةَ عنده: لا تكون مع الشرك] اهـ من "مسالك الحنفا" للسيوطي -في "الحاوي للفتاوي" (2/ 256، ط. دار الفكر)-.
النبي محمد صلى الله عليه وسلم
وأضافت ان آباؤه وأمهاته صلى الله عليه وآله وسلم موصوفون بالسجود والاصطفاء والخيرية، وأحد هذه الأوصاف كافٍ في الدلالة على الإيمان ونفي خلافه، فكيف باجتماعها! وقد سلَّم الله على المصطفَيْنَ فقال: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل: 59].
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نهى عن الافتخار بالآباء غير المؤمنين؛ فقال: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا إِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللهِ مِنَ الجُعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الخِرَاءَ بِأَنْفِهِ، إِنَّ اللهَ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ -أي: تكبُّرَها وتجبُّرَها- وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ، إِنَّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، النَّاسُ كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ» رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم، وافتخاره صلى الله عليه وآله وسلم بشرف أصوله، وخيرية آبائه، يستلزم إيمانهم؛ إذ حاشاه صلى الله عليه وآله وسلم أن يفتخر بما نهى عنه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: النبي النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم النبي محمد والدي النبي رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم النبی صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه ب ن ی ه اش م ک ن ان ة
إقرأ أيضاً:
حكم ارتداء الساعة ذات العقارب الذهبية للرجال.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما حكم لبس الساعة ذات العقارب الذهبية للرجال؟
وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: يجوز شرعًا للرجال لبس الساعة ذات العقارب الذهبية؛ لأن عقارب الذهب في الساعة يسيرة وتابعة لا مستقلة مُفرَدة، وقد رُوِيَ عن معاوية بنِ أبي سُفيان رضي الله عنهما: "أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وآله وسلم نَهَى عن لُبْسِ الذَّهَبِ إلا مُقطَّعًا" رواه أحمد.
حكم لبس الذهب اليسير للرجال
ورد النهي في الشرع عن لبس الذهب للرجال؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهِا» رواه الإمام أحمد في "المسند"، والترمذي في "جامعه" وصححه، والنسائي في "المجتبى".
غير أنه جاء في السنة الشريفة الترخيصُ في لبس الذهب اليسير للرجال إذا كان تابعًا لغيره؛ كفص ذهب في خاتم فضة، فروى الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود في "السنن"، والنسائي في "المجتبى"، عن معاوية بنِ أبي سُفيان رضي الله عنهما: أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وآله وسلم نَهَى عن لُبْسِ الذَّهَبِ إلا مُقطَّعًا، وإسناده حسن؛ كما قال الشيخ برهان الدين بن مفلح الحنبلي [ت884ه] في "المبدع في شرح المقنع" (2/ 366، ط. دار الكتب العلمية).
قال الإمام شمس الدين بن مفلح الحنبلي [ت763هـ] في "الآداب الشرعية" (3/ 507، ط. عالم الكتب) نقلًا عن القاضي أبي بكر الخلال: [وتفسيره: الشيء اليسير منه، فعلى هذا لا يُباح إلا أن يكون تابعًا لغيره، فأما أن يلبسه مفردًا فلا؛ لأنه لا يكون مقطعًا] اهـ.
والحكمة في الترخيص في يسير الذهب إذا كان تابعًا لغيره: أنه مقاوم للبِلَى ولا يصدأ كغيره من المعادن.
وقد روى ابن بشران في "أماليه" (ص: 242، ط. دار الوطن) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وآله وسلم: «﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا﴾ [الكهف: 82] قَالَ: لَوْحٌ مِنْ ذَهَبٍ؛ لأَنَّ الذَّهَبَ لَا يَنْقُصُ وَلَا يَصْدَأُ...» إلخ الحديث.
قال الحافظ الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص: 67، ط. مؤسسة الكتب الثقافية): [الخالص من الذهب لا يحمل الخبث، ولا يقبل الصدأ، ولا تنقصه النار، ولا يغيره مرور الأوقات] اهـ.