أطلقت وكالات الأمم المتحدة تحذيرات شديدة اللهجة بشأن الأوضاع الكارثية في قطاع غزة، حيث يعاني السكان من ظروف إنسانية شديدة القسوة في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية التي ألحقت دمارا بالقطاع المنهك، في وقت يحاول فيه المدنيين النجاة وسط الانهيار الكامل للبنية التحتية والنقص الحاد في المساعدات الأساسية اللازمة للحياة.

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن إعلان الأمم المتحدة عن تفشي المجاعة في قطاع غزة يسلط الضوء على حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيين، في ظل حصار خانق وظروف معيشية مأساوية. 

وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن مثل هذه الأزمة لا تأتي بمعزل عن سياسات ممنهجة، بل تمثل جزءا من استراتيجية إسرائيلية متكاملة تهدف إلى تهجير السكان وفرض واقع ديموغرافي جديد باستخدام أدوات مثل التجويع المتعمد وتعطيل الحياة اليومية بشكل منهجي.

وأشار فهمي، إلى أن التقرير الأممي الأخير جاء ليحذر من تداعيات كارثية وشيكة، خاصة مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية بشن عملية برية واسعة النطاق ضد مدينة غزة، ما ينذر بكارثة إنسانية أكبر.

وتابع: "ورغم الجهود المستمرة التي تبذلها مصر لإيصال المساعدات إلى سكان القطاع، إلا أن هذه المساعدات تبقى غير كافية لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية.. وزادت الأمور تعقيدا بسبب وجود ميليشيات داخل غزة، يعتقد أنها مدعومة من قبل إسرائيل، تقوم بإعاقة توزيع المساعدات، مما يضاعف من معاناة السكان ويعيق الجهود الإغاثية الدولية".

واختتم: "هذه الأفعال ليست مجرد انتهاكات عشوائية، بل هي جزء من خطة ممنهجة تقودها أجهزة الأمن الإسرائيلية تهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه الأصليين، ويشمل ذلك منع المساعدات، واستهداف مراكز توزيعها، وفرض سياسات تجويع جماعي تصنف دوليا ضمن جرائم الإبادة الجماعية، وذلك بهدف إخضاع سكان القطاع ودفعهم نحو الهجرة القسرية وتغيير الواقع السكاني القائم". 

وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن الهجوم المتواصل على مدينة غزة تسبب في تفاقم الأضرار التي لحقت بالمدنيين والمرافق المدنية.

وأشارت التقارير الأممية إلى أن الخيام التي كانت تؤوي آلاف النازحين تضررت، ما أدى إلى إجبار هؤلاء السكان، الذين نزحوا مرارا، على النزوح من جديد في ظل تصاعد حدة المجاعة. 

وأوضح المكتب أن سكان شمال غزة باتوا مرهقين إلى أقصى الحدود، وغير قادرين على تحمل تكاليف الانتقال إلى الجنوب، ليس فقط بسبب اكتظاظ مناطق النزوح، وإنما أيضا لأن تكلفة النقل قد تصل إلى ألف دولار، وهو مبلغ يفوق قدرة معظم العائلات.

وأشار "أوتشا" أيضا إلى القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على تحركات العاملين في المجال الإنساني، حيث تشترط التنسيق المسبق لأي تحرك في عدد من مناطق القطاع. 

وعلى الرغم من محاولات الأمم المتحدة تنسيق 29 عملية تنقل للعاملين الإنسانيين، إلا أن القوات الإسرائيلية رفضت 19 منها بشكل كامل، مما أعاق تقديم المساعدات في وقت حرج.

وفي ظل هذا الوضع الإنساني المتردي، دعا مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى توسيع نطاق الوصول الإنساني المستدام والآمن إلى جميع مناطق القطاع، بما في ذلك شمال غزة ومدينة غزة، لضمان إدخال كميات كافية من الغذاء والدواء والوصول إلى المحتاجين دون عوائق.

و في الضفة الغربية، رسم "أوتشا" صورة قاتمة للأوضاع هناك أيضا، مشيرا إلى تصاعد في العنف والانتهاكات. 

فمنذ يناير الماضي، أصيب أكثر من 2780 فلسطينيا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي أو المستوطنين، وهي زيادة بنسبة 39% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

كما وثق المكتب هدم أكثر من 1150 مبنى في مناطق مختلفة من الضفة الغربية منذ بداية العام، بحجة عدم الحصول على تصاريح بناء من السلطات الإسرائيلية، والتي يعد الحصول عليها أمرًا شبه مستحيل بالنسبة للفلسطينيين.

من جهتها، وصفت تيس إنجرام، المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، الأوضاع في قطاع غزة بأنها "مأساة لا يمكن تصورها". 

وأكدت أن الأطفال يعانون بشكل غير مسبوق من سوء التغذية والمجاعة، ما يؤدي إلى إضعاف أجسادهم وحرمانهم من المأوى والرعاية بسبب النزوح المتكرر.

وأوضحت إنجرام أنها شاهدت آثار المجاعة في كل مكان بغزة، حيث الأطفال يكافحون للبقاء على قيد الحياة وسط تفشي المرض وسوء التغذية، بينما تعجز الأمهات عن إرضاع أطفالهن، في حين يفقد بعض الرضع قدراتهم الجسدية الأساسية، مثل البصر والمشي، بل وحتى الشعر.

وأشارت إلى أن الأوضاع بلغت من السوء حدا جعل الأطفال ينتكسون مجددا بعد أسابيع قليلة من تلقي علاج لسوء التغذية، وذلك بسبب استمرار النقص في الغذاء والمياه النظيفة والمواد الطبية الأساسية.

وشددت المتحدثة باسم "اليونيسف" على أن هذا الوضع الكارثي لن يتوقف ما لم يسمح بإدخال كميات كافية وفورية من الغذاء والعلاج إلى القطاع، محذرة من أن "هذا الكابوس المتكرر سيتفاقم، وسيموت المزيد من الأطفال جوعا، وهو مصير يمكن تجنبه بالكامل إذا توفرت الإرادة السياسية والإنسانية اللازمة".

البث الإسرائيلية عن مصدر أمني: سنقصف غزة اليوم بشكل لم يحدث من قبلالهلال الأحمر يدفع نحو 99 ألف سلة غذائية عبر قافلة «زاد العزة» الـ 32 إلى أهالي غزة

جدير بالذكر، أن معاناة الأطفال في قطاع غزة لا يمكن اعتبارها أمرا عابرا أو نتيجة ظروف طارئة، بل هي حصيلة مباشرة لسياسات وخيارات ممنهجة حولت مدينة غزة، بل والقطاع بأكمله، إلى بيئة معادية للحياة، يستهدف فيها الإنسان في أبسط حقوقه.

وتهاجم فيها مقومات البقاء من كل جانب بشكل يومي، فما يعيشه الأطفال من جوع وخوف وحرمان ليس مجرد عرض جانبي للنزاع، بل هو انعكاس حاد لواقع مفروض بقوة السلاح والحصار، يفرض فيه الألم والمعاناة على جيل كامل بلا ذنب سوى أنه ولد في هذا المكان.

الهلال الأحمر: قافلة "زاد العزة" الـ32 تحمل 1700 طن مساعدات إغاثية إلى غزةالتحرير الفلسطينية تشيد بالموقف المصري القوي الرافض للتهجير من غزة طباعة شارك غزة قطاع غزة الاحتلال فلسطين احتلال قطاع غزة مجاعة غزة التجويع بغزة الأمم المتحدة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة قطاع غزة الاحتلال فلسطين احتلال قطاع غزة مجاعة غزة التجويع بغزة الأمم المتحدة الأمم المتحدة فی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

ليبيا تطالب بوقف فوري للهجمات الإسرائيلية على غزة

أكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في ليبيا تجديد موقف الدولة الداعم للشعب الفلسطيني في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، الذي يوافق 29 نوفمبر من كل عام.

وقالت الوزارة إن ليبيا تتمسك بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وتحرير أرضهم، واسترداد حقوقهم غير القابلة للتصرف، إضافة إلى إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين.

وأوضحت الخارجية الليبية أن المناسبة تأتي هذا العام في ظل ما يشهده الفلسطينيون من جرائم وانتهاكات ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، شملت مجازر دامية واستخدام مختلف أنواع الأسلحة، وما رافقها من عمليات تهجير وتدمير واسع لمقومات الحياة.

ودعت ليبيا إلى وقف فوري لكل الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، مشددة على ضرورة رفع الحصار المفروض على السكان، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل آمن إلى القطاع.

وأكدت الوزارة أن المجتمع الدولي ومجلس الأمن يتحملان كامل المسؤولية في حماية الشعب الفلسطيني الأعزل، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم وعمليات الإبادة الجماعية التي يتعرض لها المدنيون.

ويوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني أقرّته الأمم المتحدة عام 1977، في إشارة إلى استمرار عجز المجتمع الدولي عن تنفيذ القرارات المتعلقة بحقوق الفلسطينيين، وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير.

وتعود أهمية المناسبة هذا العام إلى تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، وما خلّفته من أزمات إنسانية واسعة، وسط دعوات دولية متزايدة لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات.

آخر تحديث: 30 نوفمبر 2025 - 21:11

مقالات مشابهة

  • ليبيا تطالب بوقف فوري للهجمات الإسرائيلية على غزة
  • باكستان تدرس السماح بدخول مساعدات إنسانية لـالشعب الأفغاني
  • عاجل.. قافلة «زاد العزة» الـ83 تدخل إلى الفلسطينيين في قطاع غزة
  • قافلة زاد العزة الـ83 تدخل إلى قطاع غزة
  • مؤرخ فرنسي يرصد "أدلة دامغة" لدعم الاحتلال سارقي مساعدات غزة
  • «يونيسف»: 9 آلاف طفل يعانون سوء تغذية حاداً في غزة
  • رئيس شركة الصرف الصحي بالإسكندرية يعقد اجتماعًا موسعًا بقطاع المعالجة
  • "حماس": أغلب الشاحنات التي تدخل غزة تجارية ولا تحمل مساعدات
  • مسؤول أممي: استمرار الهجمات على موظفينا ومرافقنا في غزة
  • مسؤول أممي: حياة سكان قطاع غزة مهددة بسبب العدد الكبير من الذخائر غير المنفجرة