الغماري .. قائد تحوّلات اليمن وبوصلة فلسطين
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
الغماري، الذي كان رأس الحربة في معارك التحرر والسيادة، لم يكن قائدًا عسكريًا في المنصب فقط، بل كان مشروعًا وطنيًا تجسّد في شخص رجل عرف كيف يصوغ الردع، ويعيد تشكيل العقيدة القتالية للقوات المسلحة اليمنية من الداخل.
لقد جاءت لحظة الاستشهاد بعد سنوات من البذل والتخطيط والمواجهة، ليتحول اسمه إلى عنوان لمسار شاق رسم خارطة تحوّلات استراتيجية جعلت من اليمن لاعبًا صعبًا في معادلات البحر الأحمر والممرات الدولية.
ومع الغماري، لم تكن القضية الفلسطينية قضية تضامن، بل كانت محور قرار عسكري وسياسي قائم. ما يجعل وداعه في ميادين النزال عهدًا جديدًا يخطه أحرار الأمة الإسلامية بمواصلة الطريق الذي رسمه.
وفي سياق ذلك يقول الخبير العسكري العميد عابد الثور:" إن استشهاد الغماري يمثل فقدانًا لقائدٍ كان يتخذ أصعب القرارات من قلب الميدان".
ويضيف: " الغماري يقود تحولًا نوعيًا في بنية القوات المسلحة، محوّلًا إياها من مؤسسة دفاعية تقليدية إلى قوة ردع فاعلة تفرض معادلات جديدة على ساحات الاشتباك"، لافتا إلى أن قرارات الغماري تُصنَع في ظروف ضاغطة وصعبة، وأن حضوره المباشر في الخطوط الأمامية يجعله قائدًا ميدانيًا يستفيد منه الضباط والجنود في التخطيط والتنفيذ.
ويؤكد أن تأثير الغماري تجاوز حدود اليمن، فصارت قدرات القوات المسلحة تحت إشرافه تُثير اهتمامًا عسكريًا وإقليميًا، بل واعترافًا ضمن أوساط عسكرية دولية.
إن شهادات العسكريين الذين واكبوا الغماري تكشف حجم التغيير الذي أحدثه، لا فقط في غرف العمليات، بل في فلسفة العمل العسكري ذاته.
فقد تمكن من إعادة تعريف مفهوم الجبهة، فحوّلها من خطوط تماس إلى مناطق تأثير ومن خلال حضوره المباشر، دمج القائد بالقرار، فصار القرار نابعًا من المعركة نفسها، لا من خلف المكاتب.
ووفقاً لهذا يقول رئيس الدائرة السياسية لحزب العدالة الوطنية الدكتور فرحان هاشم: " تمركز القائد الغماري في الجبهة ليس مجرد تفصيل شخصي، بل نموذج قيادة ميدانية مغايرة شكّلت مدرسة ستتواصل بعد استشهاده".
ويضيف:" الغماري لم يكتفِ بقيادة معارك وطنية، بل جعل من دعم فلسطين جزءًا مركزياً من الاستراتيجية العسكرية، ويؤكد أن الغماري يقود تطوير منظومات قادرة على الوصول إلى العمق الصهيوني وضرب رموز الهيمنة الأمريكية في البحر والبر.
ويشير إلى أن صواريخ ومسيرات اليمن باتت تُقلق العدو وتفرض وقائع جديدة على الخريطة الأمنية الإقليمية، مشددا على أن الحشود الشعبية كانت استفتاءً يعكس وفاقًا بين قرار المؤسسة الوطنية ووجدان الشارع تجاه خيار الدعم والمواجهة.
من يقرأ سيرة الغماري يكتشف بوضوح أن فلسطين لم تكن عنده مجرد وجهة شعاراتية وإنما جزءًا من جدول المهام العملياتي والعقيدة العسكرية خطط الردع التي ساهم في صياغتها، سواء ضد العدوان السعودي الأمريكي أو ضد الاحتلال الإسرائيلي، تنطلق من مبدأ التكامل مع محور المقاومة. لقد نقل الغماري اليمن من خانة المؤازرة إلى مربع التأثير، وجعل من كل ضربة تُطلق من صنعاء ترجمة عملية لوحدة المصير مع فلسطين.
وتجلّى ذلك في ردود الفعل الصهيونية التي اعتبرت الغماري "جزءًا من التهديد المباشر"، وليس داعمًا من الخارج.
وحول هذه الجزئية يوضح الخبير في شؤون العدو الإسرائيلي عادل شديد أن إعلان الاستشهاد شكّل حدثًا إعلاميًا وأمنيًا في آنٍ واحد لدى ما يسمى بتل أبيب.
وفي حديثه يؤكد شديد أن اللافت هو عدم تمكن الاستخبارات العبرية من تأكيد مصير الغماري على الفور، ما يعكس متانة وتعقيد منظومة أنصار الله الاستخبارية والعملياتية.
ويشير شديد إلى أن التأخر في تأكيد الاستشهاد وغياب يقين حول التوقيت والمكان أظهر فشلًا استخباراتيًا من منظار العدو، وبيّن أن قدرات الردع اليمنية صارت تشكل تحديًا استخباراتيًا وتقنيًا لدى خصوم المنطقة.
الدم اليمني يلتقي بالدم الفلسطيني: وحدة المصير والهوية
إن الغماري لم يكن فقط صانعًا لقرار الردع، بل جزءًا من بنية أمنية محصنة أفشلت اختراقات متكررة، حيث استطاع أن يعمل في الظل بقدر ما واجه في العلن، محققًا معادلة نادرة: قائد بارز في الساحة لكنه محاط بغلاف أمني معقد.
فشل العدو في تحديد لحظة ومكان استشهاده دليل دامغ على أن أنصار الله لم تُطور فقط من أدواتها القتالية، بل أيضًا من هندسة العمل الاستخباراتي، وهو ما يمثل خطرًا حقيقيًا على عقيدة السيطرة الأمنية الصهيونية في المنطقة.
وبحسب النائب التونسي السابق زهير مخلوف فأن الحشود المليونية في مختلف الساحات اليمنية ليست وداعًا لقائد فحسب، بل تجديدًا لميثاق تاريخي بين اليمن وفلسطين".
ويقول:" إن دماء الغماري امتزجت بالدم الفلسطيني وبدماء محور المقاومة، ما يجعل من استشهاده حدثًا يُقرأ في سياق الوحدة الحميمة بين القضيّتين".
ويشدّد مخلوف على أن اليمن قدم قادته وطرّز ساحة المقاومة بما يستدعي اعترافًا بصنعاء كرافد حقيقي في دعم القضية، وأن خطاب الوفاء الشعبي يؤكّد استمرارية النهج مهما تكالبت الضغوط.
ما عبّرت عنه الساحات اليمنية في جمعة الأمس لم يكن مجرد مشاركة شعبية واسعة، بل كان تعبيرًا عن شعور جمعي بأن الغماري لم يُقتل وحده، بل امتزجت روحه مع جراحات غزة والضفة. وقد أعاد مخلوف تأكيد أن هذا الاشتباك الروحي والسياسي والعسكري بين اليمن وفلسطين، يعيد تشكيل خريطة الشرق الأوسط وفق منطق المقاومة الشعبية، لا وفق مقاييس أنظمة التطبيع.
إن استشهاد الفريق الركن محمد عبد الكريم الغماري لا يُقرأ فقط كحدث عسكري، بل كرواية استراتيجية عن صعود اليمن في معادلة الردع الإقليمي.
لقد شكّل هذا القائد نموذجًا متكاملًا للجندي المخطط والميداني في آن، كما أنه ساهم في إعادة تعريف العلاقة بين القيادة السياسية والعسكرية، وبين القرار الوطني والقضية الفلسطينية.
بدم الغماري، تتكرّس قناعة جديدة في الوعي الشعبي والرسمي بأن اليمن لم يعد طرفًا خارجيًا في قضايا الأمة، بل لاعبًا مركزيًا في ساحة التحرر العربي والإسلامي. وبينما تنعى القيادة هذا القائد الكبير، فإنّ التحدي القادم يتمثل في استمرار الخط الذي رسمه، وتحصين مشروعه من الداخل، وتحويل استشهاده إلى لحظة دفع للأمام، لا توقف للزخم.
ويبقى الغماري روحًا مقاتلة ووعيًا استراتيجيًا، ورمزًا لمعادلة: أن يكون القادة في المقدمة، وأن تكون فلسطين هي البوصلة، وأن تكون اليمن حاضر الأمة ووجدانها.
المسيرة
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: قائد ا
إقرأ أيضاً:
خوفًا من استغلال الحزب للعواصف والضباب.. تمرين عسكري إسرائيلي على حدود لبنان
أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيُجري الأحد تمريناً عسكرياً في مزارع شبعا وجبل الشيخ قرب الحدود مع لبنان، يتخلله نشاط مكثف للقوات والآليات وسماع أصوات انفجارات، مؤكداً للإسرائيليين أن هذه الأصوات لن تكون نتيجة حدث أمني. ونقلت صحيفة "معاريف" عن مصدر عسكري أن الهدف هو رفع الجهوزية واليقظة لدى القوات في المنطقة، في إطار الاستعداد لاحتمال استهدافها من قبل حزب الله، خصوصاً بعد اغتيال القائد العسكري في الحزب هيثم علي الطبطبائي في 23 تشرين الثاني الماضي في غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت.وبحسب الصحيفة، يأخذ الجيش الإسرائيلي في الحسبان أن العواصف والضباب قد يتيحان ظروفاً مناسبة لمحاولة عناصر حزب الله تنفيذ هجوم في المناطق الجبلية، لذلك يُجرى التمرين تحديداً في جبل الشيخ ومزارع شبعا. مواضيع ذات صلة كاتس يأمر الجيش الإسرائيلي بإعلان المنطقة المُتاخمة للحدود مع مصر منطقة عسكرية Lebanon 24 كاتس يأمر الجيش الإسرائيلي بإعلان المنطقة المُتاخمة للحدود مع مصر منطقة عسكرية 07/12/2025 10:22:33 07/12/2025 10:22:33 Lebanon 24 Lebanon 24 باسيل من بكركي: الخوف من تسوية أو مؤامرة تعيدنا الى ما قبل إقرار قانون انتخاب المنتشرين Lebanon 24 باسيل من بكركي: الخوف من تسوية أو مؤامرة تعيدنا الى ما قبل إقرار قانون انتخاب المنتشرين 07/12/2025 10:22:33 07/12/2025 10:22:33 Lebanon 24 Lebanon 24 الجيش الإسرائيلي: بدأنا سلسلة غارات على أهداف عسكرية لحزب الله في جنوب لبنان Lebanon 24 الجيش الإسرائيلي: بدأنا سلسلة غارات على أهداف عسكرية لحزب الله في جنوب لبنان 07/12/2025 10:22:33 07/12/2025 10:22:33 Lebanon 24 Lebanon 24 طقس لبنان: ارتفاع في درجات الحرارة وضباب على المرتفعات Lebanon 24 طقس لبنان: ارتفاع في درجات الحرارة وضباب على المرتفعات 07/12/2025 10:22:33 07/12/2025 10:22:33 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان عربي-دولي القائد العسكري علي الطبطبائي حدود لبنان الإسرائيلي جبل الشيخ حزب الله هيثم علي إسرائيل قد يعجبك أيضاً مرض "الحمى القلاعية" يضرب مزارع المواشي في لبنان.. وبيان يكشف Lebanon 24 مرض "الحمى القلاعية" يضرب مزارع المواشي في لبنان.. وبيان يكشف 03:05 | 2025-12-07 07/12/2025 03:05:34 Lebanon 24 Lebanon 24 البحر الأسود تحت الضغط: تداعيات على الأمن الغذائي العالمي فماذا عن لبنان؟ Lebanon 24 البحر الأسود تحت الضغط: تداعيات على الأمن الغذائي العالمي فماذا عن لبنان؟ 03:00 | 2025-12-07 07/12/2025 03:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 فتح دعوى تطويب يوسف بك كرم: بين قداسة السيرة وإشراقة الإعجوبة Lebanon 24 فتح دعوى تطويب يوسف بك كرم: بين قداسة السيرة وإشراقة الإعجوبة 02:30 | 2025-12-07 07/12/2025 02:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 هذا ما يقوم به رئيس الجمهورية لإعادة الدولة إلى الدولة Lebanon 24 هذا ما يقوم به رئيس الجمهورية لإعادة الدولة إلى الدولة 02:00 | 2025-12-07 07/12/2025 02:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 مراقبة طريق ضهر البيدر قبل القرار النهائي Lebanon 24 مراقبة طريق ضهر البيدر قبل القرار النهائي 01:45 | 2025-12-07 07/12/2025 01:45:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة بعد انتشار فيديوهات سخر فيها من جنوده.. هذه هوية من صوّر بشار الأسد ولونا الشبل؟ Lebanon 24 بعد انتشار فيديوهات سخر فيها من جنوده.. هذه هوية من صوّر بشار الأسد ولونا الشبل؟ 11:35 | 2025-12-06 06/12/2025 11:35:54 Lebanon 24 Lebanon 24 خطاب قاسم يكرّس ثبات "الحزب" على موقفه من السلاح والتفاوض Lebanon 24 خطاب قاسم يكرّس ثبات "الحزب" على موقفه من السلاح والتفاوض 12:00 | 2025-12-06 06/12/2025 12:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 3 رسائل تلقاها "حزب الله".. تقريرٌ تركي يكشفها Lebanon 24 3 رسائل تلقاها "حزب الله".. تقريرٌ تركي يكشفها 14:00 | 2025-12-06 06/12/2025 02:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 معركة خصوم "حزب الله" لتحشيد القوى صعبة Lebanon 24 معركة خصوم "حزب الله" لتحشيد القوى صعبة 10:00 | 2025-12-06 06/12/2025 10:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 سابقة في تاريخ الاعلام اللبناني Lebanon 24 سابقة في تاريخ الاعلام اللبناني 11:20 | 2025-12-06 06/12/2025 11:20:46 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 03:05 | 2025-12-07 مرض "الحمى القلاعية" يضرب مزارع المواشي في لبنان.. وبيان يكشف 03:00 | 2025-12-07 البحر الأسود تحت الضغط: تداعيات على الأمن الغذائي العالمي فماذا عن لبنان؟ 02:30 | 2025-12-07 فتح دعوى تطويب يوسف بك كرم: بين قداسة السيرة وإشراقة الإعجوبة 02:00 | 2025-12-07 هذا ما يقوم به رئيس الجمهورية لإعادة الدولة إلى الدولة 01:45 | 2025-12-07 مراقبة طريق ضهر البيدر قبل القرار النهائي 01:43 | 2025-12-07 لمنع اندلاع حرب في لبنان.. ترامب يدخل على خطّ الوساطة فيديو محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! Lebanon 24 محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! 05:09 | 2025-12-06 07/12/2025 10:22:33 Lebanon 24 Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) 04:00 | 2025-12-06 07/12/2025 10:22:33 Lebanon 24 Lebanon 24 بث مباشر.. البابا لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء Lebanon 24 بث مباشر.. البابا لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء 09:14 | 2025-12-01 07/12/2025 10:22:33 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24