الجزيرة:
2025-10-19@01:41:46 GMT

رهان نتنياهو الجديد وعقاب الشارع

تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT

رهان نتنياهو الجديد وعقاب الشارع

بعد حرب استمرت عامين ولم تتوقف إلا بتدخل فظ من جانب الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعلى قاعدة إنقاذ إسرائيل من نفسها في مواجهة العالم بأسره، يجد الإسرائيليون أنفسهم أمام تزايد احتمالات اللجوء إلى انتخابات مبكرة مطلع العام المقبل.

والسبب في ذلك ليس الحرب فقط وتبعاتها الاجتماعية والسياسية، وإنما أيضا أزمة ثقة عميقة ليس فقط بين الجمهور والحكومة، وإنما أيضا بين الجيش والحكومة، وداخل الائتلاف الحكومي، وفي الحلبة السياسية عموما.

وتشير تحركات ومواقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، المطلوب للجنائية الدولية، إلى أنه يتحرك وفق برنامج واضح نحو انتخابات مبكرة، وأنه بدأ فعليا حملته الانتخابية. وكان بين نتائج هذا التوجه اضطرار القبول باتفاقية شرم الشيخ التي قضت بانتهاء الحرب، ووضع أسس التفاوض على حلول دائمة.

والواقع أن نجاح مفاوضات شرم الشيخ وفق خطة ترامب، على أهميتها، لم تكن العامل الوحيد وراء التوجه نحو انتخابات مبكرة. فالواقع السياسي الذي خلقته الحرب وطولها، والآثار السياسية والاجتماعية والاقتصادية لها ومكانة إسرائيل في العالم عموما، ولدى اليهود في الشتات خصوصا، كانت عاملا فاعلا.

وقد أقر رئيس الحكومة ووزير الدفاع السابق، إيهود باراك بأن تهور حكومة نتنياهو، عرض وجود إسرائيل ذاته للشك في العالم من ناحية، وزعزع ثقة الكثير، حتى اليهود، بها.

كما أن إقرار الميزانية العامة يضع جدولا زمنيا يصعب تجاهله، خصوصا في ظروف انعدام التوافق العام على مجرى الأمور. وواضح أن الانتخابات هذه المرة تختلف عن سابقاتها، ليس فقط بسبب الحرب، وإنما كذلك بسبب الصراع على طبيعة الدولة بين اليمين والوسط، وصورة إسرائيل في العالم.

وكما يحدث في الكثير من البلدان، لا يعني وقوف إسرائيل أمام مفترق طرق حاسم، اضطرارها لحسم الصراعات الداخلية في انتخابات واحدة.

إعلان

فقد يتطلب الأمر اجتياز عدة انتخابات ومرور وقت كافٍ قبل أن تتضح الصورة، وتحسم الخلافات حول هوية الحكم وصورة الدولة. وتكفي الإشارة إلى حقيقة أن الحكومة الأخيرة تشكلت بعد أن فشلت الانتخابات عدة مرات في حسم الأمور، وبعد أن كان الشلل قد أصاب العديد من محافل الحلبة السياسية.

وما إن تشكل ائتلاف اليمين الحالي، حتى شرع قادته بتنفيذ ما أُسمي بـ"الانقلاب الدستوري"؛ لحسم قواعد الحكم لمصلحتهم، وهو ما أثار كبرى التظاهرات والتي استمرت حتى بعد انفجار حرب 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وثمة من يرون أن الانتخابات المبكرة ستكون تاريخية في كل الأحوال، على الأقل، بسبب أنها تجري قبل انتهاء ثلاث سنوات على الانتخابات الأخيرة في يناير/كانون الثاني 2023، والتي جرت بعد انتخابات سابقة لها في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

وبديهي أن حملة انتخابية في ظل حرب أو هدنة بعد حرب مستمرة منذ أكثر من عامين، لن تكون سهلة، خصوصا أن مظاهر الانشقاق، والتفلت من القواعد الديمقراطية والتزام القانون، واضحة. يشهد على ذلك مثلا ميل وزراء مثل بن غفير لانتهاك القانون في مسائل كثيرة، وبينها الصلاة في الحرم القدسي التي يحظرها القانون الإسرائيلي وأغلب حاخامات الدين اليهودي.

وبعد إبرام اتفاق شرم الشيخ دخل نتنياهو مرحلة حساسة سياسيا ودبلوماسيا، على خلفية أن إبرام الصفقة سوف يحدد الجدول الزمني السياسي للأشهر المقبلة، الذي سيغير أيضا خريطة القوى حول طاولة الحكومة.

ورغم صمت كل من حزبَي سموتريتش وبن غفير على الصفقة حتى الآن؛ رغبة منهما في عدم إفساد الحفل الذي ترعاه أميركا وتحتفي به أغلبية الإسرائيليين، فإن هذا الصمت لن يدوم.

ومن الجائز أن زيارة ترامب، وخطابه في الكنيست كانا يهدفان أساسا إلى الحيلولة دون انزلاق الحلبة السياسية الإسرائيلية نحو التفكك سريعا. فترامب معني بالإبقاء على زخم الاتفاق أطول فترة ممكنة، وهذا يتطلب عدم وقوع إسرائيل في دوامة صراعات داخلية.

ومعروف أن حزب "عوتسما يهوديت"بقيادة بن غفير وضع خطا أحمر واضحا: إذا بقيت حماس بعد انتهاء الحرب، فسوف ينسحب من الحكومة. وفيما تتجنب الصهيونية الدينية بزعامة سموتريتش إطلاق التهديدات العلنية، من الواضح أنه سيكون من الصعب دعم أي اتفاق يتخطى تبادل الأسرى، أي المرحلة الأولى من اتفاق شرم الشيخ وبشرط عدم الانسحاب أو تقديم تنازلات جوهرية.

ويعتقد خبراء في الشأن الداخلي الإسرائيلي أن نتنياهو يقف في هذه الأيام في قلب معادلة معقدة: فخطوة دبلوماسية هامة ضد حماس قد تمنحه دعما دوليا، لكنها قد تفكك التحالفات السياسية التي تُبقي حكومة نتنياهو متماسكة. لا يقتصر اختبار نتنياهو على مدى نجاح الصفقة، بل يشمل أيضا مدى قدرته على الحفاظ على سيطرته على الساحة السياسية في اليوم التالي.

وكان أحد أقرب المستشارين إلى نتنياهو ورئيس ديوانه السابق، ناتان إيشيل، قد قال إنه بحلول موعد الانتخابات، سيكون الجميع قد نسي كارثة 7 أكتوبر/تشرين الأول". وهذا وفق موقع "زمان إسرائيل" لم يكن اندفاعا، ولا قولا نابعا من عقل إيشيل المحموم- وإنما هذه إستراتيجية نتنياهو منذ عامين أطال فيهما الحرب عمدا.

إعلان

وكان هذا سبب محاولاته مرارا إبعاد لفظ 7 أكتوبر/تشرين الأول عن الواجهة، وإطلاق مسميات أخرى من دون نجاح كبير، مثل "حرب النهضة" أو "حرب الجبهات السبع"، وأنه في الفترة المتبقية حتى الانتخابات، سيبذل قصارى جهده – بما في ذلك كل شيء – ليُخبركم أنه أنقذ إسرائيل في العامين الماضيين، وأنه هو من نجح، رغم كل شيء، في تحقيق الانتصار وحده: فشل الجيش الإسرائيلي، وسقطت الاستخبارات العسكرية، وانهار جهاز الأمن العام (الشاباك)، وتضررت المحكمة العليا، وأصبح المستشار القانوني لرئيس الوزراء عبدا – لكنه، هو فقط، من نجح. ستُجرى الانتخابات بعد بضعة أشهر، ولن يتخلى عن محاولة تجهيل الكارثة المروعة التي حدثت قبل عامين.

ويبدو أن ائتلاف نتنياهو الحكومي شعر بالصدمة من خطوات وتصريحات ترامب المتسارعة، فآثر التزام الصمت ليس فقط بسبب مطالبة نتنياهو الواضحة لوزرائه بذلك، وإنما أيضا بسبب متطلبات اللحظة. ولكن جميع أعضاء الائتلاف يعرفون ما وراء الأكمة.

وبحسب صحيفة "معاريف"، طلب نتنياهو من أحد وزرائه من الليكود التحقق من الجوانب المؤسسية والقانونية المطلوبة لفتح عملية انتخابية سريعة، ومعرفة كيف يمكن تشغيل آليات المركز ولجنة الانتخابات الداخلية في وقت قصير للغاية.

ومن بين أمور أخرى، إمكانية دمج الانتخابات التمهيدية لحزب الليكود مع انتخابات مؤتمر الحزب، الذي من المقرر أن يعقد في 24 نوفمبر/تشرين الثاني. وهذه الخطوة – إذا تم تنفيذها – قد تمنح نتنياهو تجديدا لقيادة داخلية، وتبث وحدة داخلية، وتحييد أي محاولة لاستئناف قيادته من الحزب.

ويقدر مسؤولون في الليكود أن "هذا تمرين على الأرض لطرح الانتخابات العامة، على خلفية صفقة التبادل والصفقة برمتها للرئيس الأميركي دونالد ترامب، كخطوة أولى نحو السلام في الشرق الأوسط".

ووفقا لهم، يريد نتنياهو تحديد وضعه حتى قبل أن يدخل النظام في دوامة سياسية، للاستفادة من النمو الطبيعي في دعم الليكود بعد اتفاق يعيد جميع المخطوفين إلى الوطن.

وبحسب مسؤول كبير في الليكود: "يريد نتنياهو الاستفادة من الزخم الشعبي حول صفقة التبادل، مع شعور الجمهور بالإيجابية تجاهه، وفي الوقت نفسه عندما يهتز الائتلاف من الداخل.

ويستند نتنياهو في محاولاته تسريع إجراء الانتخابات المبكرة إلى حقيقة أن استطلاعات الرأي بدأت في تغيير الوجهة تجاهه بعد الاتفاق. إذ أظهر آخر استطلاع رأي نشرته معاريف أن اتفاقية شرم الشيخ أحسنت إلى نتنياهو وأساءت إلى معارضي الصفقة.

وحسب مدير الاستطلاعات، الدكتور مناحيم لازار، فإن "أولئك الذين يعتبرون في الوعي العام معارضين للصفقة – عوتسما يهوديت بقيادة إيتمار بن غفير – قد تراجعوا بشكل ملحوظ. أما الصهيونية الدينية بقيادة بتسلئيل سموتريتش، الذي يعارض الصفقة أيضا، فقد فشلت في تجاوز نسبة الحسم مرة أخرى".

وبحسب الاستطلاع "لقد ارتفع الليكود بمقعدين، لكن يبدو أن ارتفاعه يرجع بشكل أساسي إلى خسارة اليمينيين – القوة اليهودية". ويعتبر الدكتور لازار أن السؤال الكبير هو: ماذا سيحدث بعد إتمام الصفقة؟

"يمكن أن تسير في أي اتجاه. فمن ناحية، قد يتعزز حزب الليكود، في ضوء الاتفاقيات الدولية التي قد تكون مع دول إسلامية أخرى. ولكن من ناحية أخرى، فإن الثمن الباهظ للصفقة، الذي يتضمن إطلاق سراح العديد من السجناء الملطخة أيديهم بالدماء، واستمرار وجود حماس كعامل مهم في قطاع غزة – قد يضعف الليكود في الواقع".

وبكلمات أخرى لدى نتنياهو اليوم ما يراهن عليه بعد أن كانت الخسارة الشاملة عنوان حياته. وكان تقرير في التلفزيون الإسرائيلي، قد أشار إلى منطق نتنياهو بهذه العبارات: " في البداية، في الأسابيع القليلة الأولى بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، عندما كانت الحملة العسكرية لا تزال في مهدها، قال نتنياهو لمستشاريه ما يلي: في المستقبل القريب سوف نتعرض للهجوم من جميع الاتجاهات ومن كل قرار نتخذه. كل من اليمين واليسار. ولهذا السبب أعطيك الاتجاه التالي: النتيجة النهائية فقط. جميع الهجمات في الطريق غير مهمة على الإطلاق. وأخيرا، سوف ننظر إلى شيء آخر ووحيد – إذا حققنا النتيجة التي وعدنا بها أو فشلنا. سوف يستغرق الأمر كم من الوقت، سيكون هناك المطبات التي ستكون". ونتنياهو أعلن عن نفسه منتصرا وهو يريد من الشارع أن يجزيه لا أن يحاسبه ويعاقبه.

إعلان

ويعرض نتنياهو اليوم نفسه ليس فقط "السيد أمن" ولا "السيد اقتصاد" وإنما أيضا "الأب القادر" الذي بوسعه أن ينفتح على خصومه ويحقق وحدة الشعب من خلال قانون جديد للتجنيد وخطوات لإنعاش الاقتصاد واستعادة الثقة الداخلية والخارجية بالدولة العبرية.

ولذلك فإنه يقول إنه القادر على تمرير الميزانية العامة قبل نهاية مارس/آذار المقبل، وإذا لم يتمكن فإنه قبلها سيحل الكنيست ويجري انتخابات مبكرة. والاعتقاد السائد هو أن نتنياهو سيحاول تأجيل حل الكنيست حتى اللحظة الأخيرة، مع ميل لحله بنفسه بدل الاضطرار إلى ذلك.

ومعروف أنه في 19 أكتوبر/تشرين الأول، ستُفتتح الدورة الشتوية للكنيست، ويستعد الائتلاف، مُدركا احتمال الانتخابات المبكرة، لـ"تنظيف الطاولة" بأسرع وقت ممكن، وتسريع سنّ قوانين تخدم أحزاب هذا الائتلاف على أمل خوض الانتخابات في ظروف أفضل.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات أکتوبر تشرین الأول انتخابات مبکرة إسرائیل فی وإنما أیضا شرم الشیخ لیس فقط

إقرأ أيضاً:

التعرف على هوية جثة الرهينة العاشر الذي عاد إلى إسرائيل من غزة

(CNN)-- تم التعرف على جثمان الرهينة العاشر العائد إلى إسرائيل من غزة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، وفقًا لما أعلنه كيبوتس الرهينة، السبت.

وقال متحدث باسم الكيبوتس في بيان: "يعلن كيبوتس نير عوز عودة إلياهو (تشرشل) مارغليت، لدفنه"، مشيرا إلى أن مارغليت قُتل في الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول قبل عامين، ونُقل جثمانه لاحقًا إلى غزة.

وأضاف: "سنذكره دائمًا كرجل طيب القلب، امتلأ عالمه بالعائلة والكيبوتس والطبيعة والحيوانات".

وسلّم الصليب الأحمر جثمان مارغليت، الجمعة، إلى الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) في غزة، فيما أكدت حماس أيضًا تسليم الجثمان إلى الصليب الأحمر. وصرح المتحدث باسم الحركة، حازم قاسم، في بيان أن حماس "ستواصل العمل لإتمام عملية التبادل كاملةً".

ويوجد الآن 18 رهينة متوفين في غزة، في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة الإحباط في إسرائيل بسبب تأخر إعادة جثث الرهائن المتبقين، وهو شرطٌ مُحدد في اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي.

مقالات مشابهة

  • رغم الإدانة الدولية.. نتنياهو يعلن ترشحه لرئاسة الحكومة الإسرائيلية في انتخابات 2026
  • نتنياهو يعلن نيته الترشح مجددا لرئاسة الوزراء في الانتخابات المقبلة
  • نتنياهو: سأترشح في الانتخابات المقبلة وسأفوز
  • وزارة التربية تعلن موعد انتخابات المجالس البرلمانية الطلابية
  • مجلس المفوضية: انطلاق انتخابات 16 بلدية وندعو لمشاركة فعالة
  • المفوضية تستأنف «المرحلة الثالثة» للانتخابات البلدية في الجنوب
  • التعرف على هوية جثة الرهينة العاشر الذي عاد إلى إسرائيل من غزة
  • مناهضة الاحتلال: نتنياهو يحاول تضليل الشارع الإسرائيلي بنشوة نصر وهمية
  • رمزي عودة: نتنياهو يحاول تضليل الشارع الإسرائيلي بنشوة نصر وهمية