ما حكم شهادة المرأة على عقد الزواج ؟ اشترط جمهور الفقهاء لصحة عقد الزواج شهادة رجلين عدلين، ولا تصح عندهم شهادة النساء في النكاح، سواء شهد أربعة نسوة أو رجل وامرأتان، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل»، وعلى هذا فلا يجوز للمرأة الشهادة على عقد النكاح، وهذا ما أقره جمهور الفقهاء، مشترطين لصحة عقد الزواج شهادة رجلين عدلين، ولا تصح عندهم شهادة النساء في النكاح.


 

شهادة المرأة في عقد الزواج

قال ابن قدامة في "المغني" (7/8): «ولا ينعقد النكاح بشهادة رجل وامرأتين، وهذا قول النخعي، والأوزاعي، والشافعي، لقول الزهري: «مضت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تجوز شهادة النساء في الحدود، ولا في النكاح، ولا في الطلاق».

هل يجوز شهادة المرأة في عقدالزواج

قالت الدكتورة فتحية الحنفي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، إن اشتراط الشهادة في النكاح أمر مختلف فيه، فذهب جمهور العلماء إلى أن صحة النكاح تكون بشهادة رجلين عدلين عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل».

وأضافت «الحنفي» في تصريح لـ«صدى البلد»: «أما الإمام مالك فقال لا يتوقف صحة النكاح على الشهادة، ولكن اشترط الإعلان، فإعلان النكاح عنده شرط لصحته وليس الشهادة، وهذا ما اختاره -ابن تيمية-.

وتابعت العالمة الأزهرية: «أما من قال بأن الشهادة شرط لصحة النكاح فقد اختلفوا في حكم شهادة المرأة في النكاح ، فقد ذهب الإمام الشافعي وأحمد وظاهر المذهب عند أبي حنيفة وقال به الإمام مالك أن عقد النكاح إذا تم بشهادة أربع نسوة أو امراتين فالعقد غير صحيح، وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا نكاح الا بولي وشاهدي عدل»، وقد سئل عن شهادة المرأة في القصاص فقال: «لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في القصاص ولا في الطلاق ولا في النكاح».

وواصلت: كما أن عقد النكاح ليس بمال ولا يقصد منه المال، ويحضره الرجال في غالب الأحوال فلم يثبت بشهادتهن، كما أنهن ليس ممن يوجب العقد أو يقبله، والشهادة ليس فيها إيجاب ولا قبول، قال الفقيه الزهري: «مضت السُنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في النكاح ولا في الطلاق».

وأكملت: وذهب بعض الحنفية ورواية للإمام أحمد بن حنبل إلى أن عقد النكاح إذا تم بشهادة النسوة لا يجوز، فإن كان معهن رجل فهو أهون ، وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه أجاز شهادة النساء مع الرجل في النكاح، وعن الشعبي أنه كان يجيز شهادة النساء مع الرجل في النكاح والطلاق.

وأفادت: وبناء على ما ذُكر فإن صحة النكاح لا تكون إلا بولي وشاهدي عدل، عملاً بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل»، موضحة: أما إذا كانت هناك ضرورة ولم يوجد إلا رجل وامراتان فيجوز العقد بشهادتهم، عملاً بالقاعدة الفقهية الضرورات تبيح المحظورات، أما إذا لم يوجد إلا النساء فقط فلا يصح العقد.

ما هو عقد الزواج الشرعي؟.. الإفتاء: تتآلف قلوب الأزواج بـ3 أموردار الإفتاء: المودة والرحمة أساس تماسك الأسرة واستقرار الزواجهل يجوز لى الزواج من أخت أخي من الرضاعة؟.. الإفتاء تجيبحكم إجبار الفتاة على الزواج من شخص معين.. أمين الإفتاء: البنت صاحبة القرار

حكم تعيين المرأة في وظيفة مأذون

ورد سؤال لدار الإفتاء المصرية مضمونه: «ما حكم تعيين المرأة في وظيفة مأذون، وذلك من الناحية الشرعية؟».

قالت دار الإفتاء، في فتوى سابق لها، إنه يجوز تعيين المرأة في وظيفة مأذون، ومعلوم أن المأذون إنما قد أُذِنَ له من الحاكم وولي الأمر أو القاضي فهو يقوم مقامه، وبذلك لا يقتصر عمل المأذون على التوثيق فقط، بل يمتد في بعض الأحيان إلى بعض أعمال الولاية.

وأضافت دار الإفتاء، في إجابتها عن سؤال: «ما حكم تعيين المرأة في وظيفة مأذون، وذلك من الناحية الشرعية؟»، أنه ما دامت المرأة لها الولاية على نفسها وعلى غيرها، ويجوز أن يأذن لها القاضي بإنشاء عقد النكاح إذا احتاج إليها كولي، فمن باب أَوْلَى أن يأذن لها في توثيقه؛ لأن التوثيق يرجع إلى العدالة والمعرفة، وهما يتوفران في المرأة.

شروط الزواج الصحيح

قال الدكتور محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن الزواج الصحيح هو ما توافرت فيه الشروط الشرعية.وأضاف «وسام» في إجابته عن سؤال: «ماحكم الزواج بدون إشهار؟»، أنهيشترط لصحة النكاح خمسة شروط: الأول: تعيين الزوجين، فلا يصح للولي أن يقول: زوجتك بنتي وله بنات غيرها، بل لابد من تمييز كل من الزوج والزوجة باسمه كفاطمة، أو صفته التي لا يشاركه فيها غيره من إخوانه، كقوله: الكبرى أو الصغرى، قال ابن قدامة في المغني: "فإن كان له ابنتان أو أكثر، فقال: زوجتك ابنتي لم يصح حتى يضم إلى ذلك ما تتميز به، من اسم أو صفة، فيقول: زوجتك ابنتي الكبرى أو الوسطى أوالصغرى فإن سماها مع ذلك كان تأكيدًا".


وتابع:الثاني: رضا الزوجين. الثالث:وجود الولي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي» (رواه أحمد وأبو داود) وللحديث: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل. فنكاحها باطل. فنكاحها باطل» (رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطي).


وأكمل: الرابع: الشهادة عليه، لحديث عمران بن حصين مرفوعًا: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل» (رواه ابن حبان والبيهقي وصححه الذهبي)، الخامس: خلو الزوجين من موانع النكاح، بأن لا يكون بالزوجين أو بأحدهما ما يمنع من التزويج، من نسب أو سبب كرضاع ومصاهرة، وجعل بعض العلماء المهر من شروط الزواج.

حكم الزواج بدون ولي أو شهود؟

أفادت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، بأن الزواج الخالى من الولى والشهود باطل لقوله صلى الله عليه وسلم «لا نكاح إلا بولى وشاهدى عدل» وهذا لا خلاف فيه.

وأضافت لجنة الفتوى في إجابتها عن سؤال: «حكم الزواج بدون ولي أو شهود؟» أنه إذا حدث وطء فى هذا الزواج فقد وقع في الحرام وارتكاب الإثم العظيم وعلى صاحبه الافتراق فورًا والندم على ما كان والعزم على عدم العودة.


ولفتت إلى ضرورة أن يعقد بطريق شرعي صحيح موثق فى وثيقة رسمية تحفظ الحقوق وتمنع التجاحد.

شروط الزواج وأركانه

نوه الشيخ عبدالله العجمي أمين الفتوى بدار الإفتاء، بأن الزواج له ضوابط وأركان وشدد الشرع على ضوابطه التي من أهمها الولي والإشهار والمهر لأنه ميثاق غليظ.


وذكر خلال فيديو عبر الصفحة الرسمية للدار، أن الزواج دون وجود شهود يشهدون على العقد؛ لا يجوز، لافتًا إلى أن أركان الزواج التي لا يتم إلا بها أربعة أركان ومن العلماء من زادها ركنًا.


وأوضح أن أركان الزواج هي: ولي المرأة والشهود والإشهار والثالث الإيجاب والقبول ورابعًا انتفاء الموانع، مشيرًا إلى أن انتفاء الموانع يعني ألا تكون المرأة في فترة عدة أو أن يكون بين الزوجين رضاعة أو أي أسباب للتحريم.

وختم أن العلماء الذين زادوا أركان الزواج إلى خمسة؛ عدوا المهر ركنًا خامسًا، مؤكدًا أن غياب شاهدين على الأقل على الزواج، يغيب به الإشهار الذي لابد منه؛ لأن الزواج ميثاق غليظ.

طباعة شارك ما حكم شهادة المرأة على عقد الزواج حكم شهادة المرأة على عقد الزواج شهادة المرأة في عقد الزواج شروط الزواج شهادة المرأة في عقد الزواج عند المالكية شهادة المرأة في عقد الزواج عند الحنفية هل يجوز أن تشهد المرأة على عقد الزواج شهادة المرأة على عقد البيع شهادة المرأة في الإسلام متى تقبل شهادة المرأة وحدها شهادة المرأة في المحكمة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: شروط الزواج صلى الله علیه وسلم عقد الزواج شهادة شهادة النساء فی شروط الزواج عقد النکاح فی النکاح أن الزواج ما حکم ولا فی إلى أن

إقرأ أيضاً:

خطبة الجمعة اليوم| البيئة هي الرحم الثاني والأم الكبرى.. اعرف نصها

أعلنت وزارة الأوقاف المصرية، موضوع خطبة الجمعة اليوم، 24 من أكتوبر 2035م، الموافق 2 من جمادى الأولى 1447ه، والتي  ستأتى تحت عنوان: البيئة هي الرحم الثاني والأم الكبرى” ، وذلك ضمن مبادرة وزارة الأوقاف "صحح مفاهيمك" .  

وقالت الأوقاف: إن  اختيار هذا الموضوع يأتي في إطار حرص الوزارة على ترسيخ الوعي البيئي، والتأكيد على مسؤولية الإنسان تجاه البيئة التي يعيش فيها، بوصفها من نعم الله التي تستوجب الحفظ والرعاية، فهي تمثل الرحم الثاني الذي يحتضن الإنسان ويمنحه مقومات الحياة، مما يجعل الحفاظ عليها واجبًا دينيًا وأخلاقيًا.

آداب شرعية ينبغي التحلي بها أثناء خطبة الجمعة.. الإفتاء توضححكم تصفح الموبايل فى المسجد أثناء خطبة الجمعة؟ أمين الفتوى يجيبهل يجب إغلاق المحلات التجارية وقت صلاة الجمعة؟.. الإفتاء توضححكم صلاة الجمعة خلف التلفاز.. الإفتاء تجيب

كما تتضمن الخطبة الثانية ضمن فعاليات مبادرة “صحح مفاهيمك”، والتي تركز هذا الأسبوع على خطوة العنف ضد الأطفال، ونشر ثقافة الرحمة والتعامل الإنساني السليم مع الأبناء.

وتؤكد وزارة الأوقاف أن المبادرة تأتي ضمن خطة متكاملة لترسيخ القيم الدينية الصحيحة، ومواجهة أي سلوكيات تتنافى مع تعاليم الإسلام السمحة، لافتة إلى أن خطب الجمعة أصبحت وسيلة توعية شاملة تجمع بين البعد الديني والاجتماعي والإنساني في آنٍ واحد.

وتواصل الوزارة من خلال منابرها الدعوية نشر الفكر الوسطي المعتدل، وتحقيق التكامل بين الرسالة الدينية والتثقيف المجتمعي، بما يسهم في بناء وعي رشيد لدى المواطنين.

نص خطبة الجمعة اليوم

نص الخطبة اليوم بعنوان "البيئةُ هيَ الرحمُ الثانِي والأمُّ الكُبرَى" 

الحمدُ للهِ الذي خلقَ فسوّى، والذي قدّرَ فهدَى، والذي أخرجَ المرْعَى فجعلهُ غثاءً أحْوَى، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، أبدعَ الكونَ بنظامٍ دقيقٍ، وجعلَ لكلِّ شيءٍ قدرًا ومِقدارًا، وأشهدُ أن سيدَنا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، أرسلَهُ رحمةً للعالمينَ، فكانَ خيرَ مَنْ مشى على الأرضِ، وأكثرَهم رِفقًا بمخلوقاتِها، صلّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وصحبِهِ وسلّمَ تسليمًا كثيرًا، وبعدُ،

فالبيئةُ هيَ كتابُ اللهِ المنظورُ الذي زادَهُ اللهُ زينةً وجمالًا، وصُنْعُ اللهِ الذي تتجلّى فيهِ قدرةُ الخالقِ عظمةً وبهاءً، فالحفاظُ عليها ليسَ مجرّدَ شعاراتٍ تُرفعُ، أو فعالياتٍ تُعقدُ، بل هو جزءٌ أصيلٌ من عقيدتِنا، وعبادةٌ نتقرّبُ بها إلى ربِّنا، فالجمالُ النبويُّ في التعاملِ مع البيئةِ ليسَ مجموعةً منَ النصوصِ الواردةِ عنهُ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ، بل دعوةٌ للتفكّرِ في خلقِهِ، والحِفَاظ على صنعتِهِ، لترى في قطرةِ المطرِ حياةً، وفي ورقةِ الشجرِ آيةً، وفي صوتِ الطائرِ تسبيحةً، لتتحوّلَ مساحتُكَ الخاصّةُ إلى واحةٍ خضراءَ، فكنْ رسالةَ الجمالِ النبويِّ للعالمِ؛ لتعمرَ الأرضَ بالحبِّ، وتزيّنَها بالرحمةِ، وتملأَها بالجمالِ، ولتَتَعلّقَ بجمالِ الكونِ من حولِكَ: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ﴾.

أيُّها النبيلُ، أمَا تأمّلتَ يومًا في تلكَ العلاقةِ الفريدةِ التي نسجَها الجنابُ المعظَّمُ في التعاملِ مع الأكوانِ؟ ألم يُرسِّخْ حضرتُهُ لمَبْدأ الاستدامةِ الزراعيةِ في مواجهةِ مشكلةِ الاحتباسِ الحراريِّ من خلالِ هذا الحديثِ: «ما مِن مسلمٍ يغرسُ غرسًا، أو يزرعُ زرعًا، فيأكلَ منهُ إنسانٌ، أو طيرٌ، أو بهيمةٌ، إلا كانَ لهُ بهِ صدقةٌ» ليبقى الأجرُ والثوابُ الأبديُّ، فتتحوّلَ الزراعةُ من مجرّدِ نشاطٍ اقتصاديٍّ إلى عبادةٍ متواصلةٍ، فكلُّ ثمرةٍ طيّبةٍ، وكلُّ ظلٍّ ممتدٍّ، وكلُّ نفَسٍ نقيٍّ يخرجُ من الغرسِ، هو رصيدٌ منَ الحسناتِ لا ينقطعُ، وأثرٌ لا ينتهي، فمهمّةُ الإصلاحِ البيئيِّ، وتعميرُ الكونِ لا تعرفُ الكلمةَ الأخيرةَ، فقِمّةُ الإيجابيةِ البيئيةِ والتعلّقِ بجمالِ الأرضِ، تتجسّدُ في هذا البيانِ المحمّديِّ: «إنْ قامتِ الساعةُ وفي يدِ أحدِكم فسيلةٌ، فإن استطاعَ ألا تقومَ حتى يغرسَها، فليغرسْها».

أيُّها الأكارمُ، إليكم تلكَ القاعدةَ المحمديّةَ: «إماطةُ الأذى عنِ الطريقِ صدقةٌ» التي حوّلتْ عمليةَ تنظيفِ البيئةِ المحيطةِ من مجرّدِ أعمالٍ دنيويةٍ إلى مرتبةٍ عباديّةٍ، في لفتةٍ عميقةٍ، لنظافةِ المظهرِ، ورُقيِّ الجوهرِ، ونشرِ ثقافةِ الجمالِ، ونهيٍ صريحٍ عن كلِّ مشاهدِ القُبحِ والتلوّثِ، ممّا يعكسُ نظرةً حضاريةً تتجاوزُ النظافةَ الشخصيةَ إلى النظافةِ البيئيةِ، ثمّ امتدّتِ الرحمةُ المحمديّةُ لتشملَ الحيوانَ والطيرَ، فنهى عنِ اتخاذِ الكائناتِ الحيّةِ غرضًا للرميِ، وحثَّ على سقيِ كلِّ كبدٍ رطبةٍ، وجعلَ فيها أجرًا، ووفّرَ لها الحمايةَ المُستدامةَ في صورةِ حِمى يُمنعُ فيهِ صيدُ الحيوانِ، وقطعُ الأشجارِ، وقلعُ النباتِ.

أيُّها النبلاءُ، إنَّ إجراءاتِ الجنابِ النبويِّ بمثابةِ ميثاقٍ إنسانيٍّ خالدٍ، يجمعُ بينَ الفضيلةِ الروحيّةِ والمصلحةِ الدنيويّةِ، فهو يضعُ الإنسانَ في موضعِهِ الصحيحِ كخليفةٍ مكلَّفٍ بالعمارةِ والإصلاحِ، لا بالتخريبِ والفسادِ، وفي الإرثِ النبويِّ الحلولُ المبتكرةُ لأزماتِنا البيئيةِ المعاصرةِ؛ حلولٌ لا تقومُ على القوانينِ الرادعةِ فحسبُ، بل على وازعِ الضميرِ الذي يرى في صَوْنِ الأرضِ صونًا للعقيدةِ، وفي رعايةِ الطبيعةِ رعايةً للأمانةِ، وفي كلِّ شجرةٍ مغروسةٍ أملًا مزدهرًا يُضيءُ دروبَ الأجيالِ، قالَ سبحانهُ: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾.

أيُّها الكرامُ، إنَّ مسؤوليتَنا تجاهَ بيئتِنا هي مسؤوليةٌ فرديّةٌ وجماعيّةٌ، تبدأُ من كلِّ واحدٍ منّا، في بيتِهِ، وفي عملِهِ، وفي طريقِهِ، فلا تحقرنَّ منَ المعروفِ شيئًا، فإماطةُ الأذى صدقةٌ، وغرسُ شجرةٍ صدقةٌ، علينا أن نكونَ قدوةً حسنةً لغيرِنا، وأن نُربّيَ جيلًا يعي أهميّةَ هذه الأمانةِ، جيلًا يحبُّ الجمالَ ويحافظُ عليهِ، جيلًا يُدركُ أنَّ كلَّ ما في هذا الكونِ يُسبّحُ بحمدِ اللهِ، فلا يليقُ بنا أن نكونَ نحنُ سببًا في إفسادِ هذا التسبيحِ، فلنتحدْ جميعًا، أفرادًا وجماعاتٍ، من أجلِ حمايةِ كوكبِنا، ومن أجلِ مستقبلٍ أفضلَ لأبنائِنا، لنجعلْ من الحفاظِ على البيئةِ ثقافةَ حياةٍ، وسلوكًا يوميًّا، وعبادةً نرجو بها وجهَ اللهِ، قالَ تعالى: ﴿وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾.

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على سيّدِنا رسولِ اللهِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أن سيّدَنا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ.

سادتي الكرامُ، إنَّ ظاهرةَ العنفِ ضدَّ الأطفالِ هي زلزالٌ أخلاقيٌّ يضربُ أساسَ المجتمعِ، وإعلانُ قسوةٍ مُذلّةٍ على كائنٍ أعزلَ، لا يملكُ إلّا البراءةَ درعًا، والثقةَ سلاحًا، وعندما يتحوّلُ البيتُ أو المدرسةُ إلى مكانٍ يُمارَسُ فيهِ الإيذاءُ تحتَ سلطةٍ زائفةٍ، يتحوّلُ الطفلُ إلى ظلٍّ يخافُ النورَ، ويهابُ الخطوةَ، وتصبحُ الضحكةُ المكتومةُ صرخةً لا يسمعُها أحدٌ، فالعنفُ سواءٌ كانَ صفعةً عابرةً تتركُ ألمًا كامنًا في الذاكرةِ، أو كلمةً جارحةً تُعلّقُ الطفلَ بين قوسينِ منَ الشعورِ بالدونيّةِ والخوفِ منَ العقابِ، ما هوَ إلّا إفلاسٌ تربويٌّ وخيانةٌ للأمانةِ، هل نسينا توجيهاتِ النبوّةِ حينَ قالَ الحبيبُ المصطفى صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ، واصفًا قمّةَ الإحساسِ والرّحمةِ: «مَن لا يَرحَمْ لا يُرحَمْ». 

أيُّها الآباءُ وأيّتُها الأمهاتُ، أنتمُ الغيثُ الأوّلُ الذي يسقي الحنانَ والأمانَ، فكيفَ يجوزُ للغيثِ أن يتحوّلَ إلى سوْطٍ يجلدُ الروحَ؟ أو صوتِ رعدٍ يزلزلُ الثقةَ؟ ألمْ يصِلْ إليكمُ الحنانُ النبويُّ الذي كانَ يغمرُ أطفالَ المدينةِ؟ ألمْ تدرِكوا أنَّ الطفولةَ تتوقّفُ عنها الأحكامُ الشرعيّةُ؟ إنَّ الطفولةَ هي النسقُ الروحيُّ الذي يتشكّلُ في بيئةِ العطفِ والأمانِ، لكنها مُهدَّدةٌ اليومَ بالعنفِ الإلكترونيِّ الذي يقتحمُ عُشَّ البراءةِ، حاملًا معهُ مشاهدَ عنفٍ إلكترونيّةً تُزيِّنُ القتلَ وتُطبِّعُ العدوانَ، ممّا يُؤدِّي إلى تبلُّدِ الإحساسِ لدى الطّفلِ، ودفعِهِ لمُحاكاةِ السلوكِ العدوانيِّ في واقعِهِ، تابعوا أطفالَكم، وامنعوا عنهم مشاهدَ العنفِ، واستجيبوا لهذا النداءِ الإلهيِّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾.

رسالةٌ إلى المجتمعِ المدرسيِّ، أنتمُ الإطارُ الكبيرُ الذي يضمُّ الأطفالَ بالرحمةِ والعطفِ، فالمدرسةُ يجبُ أن تكونَ امتدادًا لدفءِ البيتِ لا مسرحًا لتمزيقِ الكرامةِ، فكلُّ نظرةِ سخريةٍ، وكلُّ إهمالٍ، وكلُّ إشارةِ استعلاءٍ تجاهَ طفلٍ لا يجدُ من يُدافعُ عنهُ، هي رصاصةٌ في صدرِ المستقبلِ، تعالوا جميعًا لندعَ الطفولةَ تزهِر في سلامٍ، تتنَفّس هواءَ الودِّ، وتستنشِق عبيرَ الحياةِ في أمنٍ وأمانٍ.

طباعة شارك صحح مفاهيمك الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم العنف ضد الأطفال نص خطبة الجمعة اليوم

مقالات مشابهة

  • خطبة الجمعة اليوم| البيئة هي الرحم الثاني والأم الكبرى.. اعرف نصها
  • هل يجوز تخطي الرقاب أثناء خطبة الجمعة لجمع التبرعات؟
  • هل يجوز أن يخص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته؟.. الأزهر يجيب
  • هل يجوز اقتراض المال بفائدة من صديق؟.. أمين الفتوى يجيب
  • هل يجوز اقتراض المال بفائدة من صديقي؟ دار الإفتاء تحسم الجدل
  • الفرق بين الحمد والشكر .. اعرف آراء العلماء
  • هل يجوز أن يخص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته؟.. الأزهر يوضح
  • احذري هذا الشرط في عقد الزواج.. العلماء: باطل شرعًا!
  • هل يجوز أن يخص الأب أحد أولاده بالهبة دون إخوته؟.. الأزهر يجيب