بوابة الوفد:
2025-10-24@20:29:47 GMT

أبناؤنا فى الغرف المظلمة

تاريخ النشر: 24th, October 2025 GMT

عالم موازٍ وخطر خفى لاصطياد الأطفال والمراهقين
«روبلوكس» وأفلام الكرتون والدرك ويب.. بوابة للجرائم والانحراف
شكاوى الأمهات.. أطفالنا فى خطر

 

لم تعد الألعاب الإلكترونية أو أفلام الكرتون مجرد أدوات للتسلية أو ملء أوقات الفراغ، بل تحولت إلى قنابل تربوية موقوتة تهدد وعى الأطفال والمراهقين، وتغزو عقولهم بمشاهد العنف والدماء وتزرع فى نفوسهم قيماً غريبة عن المجتمع.


ففى الوقت الذى يفترض أن تكون فيه الرسوم المتحركة رمزاً للبراءة، تسللت إليها مشاهد تتضمن إيحاءات إباحية أو دعوات لتقبل الشذوذ والمثلية تحت غطاء «الاختلاف» بينما تمتلئ بعض الألعاب الإلكترونية بمهام عنيفة، وقتل، ودماء، وتواصل مفتوح مع الغرباء دون رقابة.
هكذا وجد أطفالنا أنفسهم داخل عالم موازٍ لا تحكمه قيم الأسرة ولا ضوابط المجتمع، بل لآليات رقمية ذكية تسعى لجذبهم بالبريق والألوان والموسيقى، وتعيد تشكيل سلوكهم ووجدانهم دون وعى من الأهل.
وفى ظل انشغال الأسر وضغوط المعيشة، بات الموبايل هو المربى البديل، والإنترنت هو الصديق الأقرب، لتتراجع لغة الحوار داخل البيوت أمام سطوة الشاشة.
وما كانت جريمة الإسماعيلية الأخيرة التى ارتكبها طفل فى الثالثة عشرة من عمره بدم بارد إلا جرس إنذار عنيف يكشف ما يمكن أن تصل إليه الأجيال الجديدة حين يغيب الوعى والرقابة، ويترك الطفل فريسة لعالم افتراضى يعيد برمجة عقله ومشاعره وسلوكه.
اختراق المجتمع
المجتمع الذى كان يعتمد قديماً على قيم الترابط الأسرى والأنشطة المشتركة بين الأجيال، بدأ يشهد تفككاً تدريجياً مع انشغال الوالدين بالعمل وضغوط المعيشة، وغياب الوقت المخصص للحوار مع الأبناء.
صار من الأسهل ترك الأطفال أمام الشاشات لتجنب إزعاجهم، دون إدراك أن هذا الانفصال التربوى يفتح الباب لعالم بديل تملؤه الألعاب والرسوم والمحتويات الرقمية التى تخلط بين الترفيه والمخاطر، وبين المرح والإدمان.
هوس جماعى
تحولت الظاهرة إلى ما يشبه الهوس الجماعى الذى يجتاح البيوت والمدارس، حيث يتحدث الأطفال بلغة الألعاب، ويقيسون مكانتهم بين أقرانهم بعدد الساعات التى يقضونها فى اللعب أو بعدد المهام التى أنجزوها داخل العوالم الافتراضية.
وفى غياب الوعى والرقابة، ينغمس الطفل فى هذا الفضاء الجاذب حتى يفقد اهتمامه بالحياة الواقعية، ويضعف تحصيله الدراسى، وتنعزل شخصيته عن الأسرة والمجتمع.
إدمان حقيقى
أصبح التعلق بالألعاب الإلكترونية نوعاً من الإدمان السلوكى يغير أنماط التفكير والسلوك ويؤثر على التركيز والانفعالات والنوم، الطفل المدمن يفقد تدريجياً قدرته على التواصل الواقعى، ويعيش فى عزلة نفسية، ويتحول الحوار إلى صراخ أو عنف عند منعه من اللعب.
من المسئول؟ الأسرة التى تخلت عن الرقابة؟ أم المجتمع الذى سمح بتغلل المحتوى العنيف والمشوه على شاشات الأطفال؟
تحذير رسمى من الأزهر الشريف
الأزهر الشريف حذر فى أكثر من بيان من مخاطر بعض الألعاب الإلكترونية، وعلى رأسها لعبة «روبلوكس» مؤكداً أنها قد تسهم فى نشر العنف والإدمان والعزلة الاجتماعية، وأيضاً من مخاطر الدرك ويب داعياً الأسر إلى متابعة أبنائهم وعدم تركهم فريسة لمنصات تهدد القيم والسلوك.
شكاوى الأمهات.. أطفالنا فى خطر
بين الخوف والحيرة، تتحدث أمهات عن كابوس التكنولوجيا الذى تسلل إلى بيوتهن دون استئذان، حتى صار التحكم فيه أقرب للمستحيل.
تقول أم لطفلين:
«ابنى عنده 11 سنة، بيقضى اليوم كله قدام التابلت بسبب لعبة روبلوكس، وبقى عصبى جداً، ولما منعتها عنه انهار وبكى بشكل هستيرى، واضطريت أوديه لطبيب نفسى».
تقول نسرين، أم لطفلين فى المرحلة الابتدائية:
كنت بسيب ولادى قدام الكرتون علشان أخلص شغلى فى البيت، لكن بدأت ألاحظ أن أبنى بيعيد جمل غريبة، وبيتكلم عن شخصيات بيشوفها بتتصرف تصرفات مش طبيعية، لما تابعت الكرتون لقيت فيه مشاهد فيها إيحاءات عن المثلية وشخصيات بتتصرف بطريقة غريبة جداً، صدمت! ما كنتش متخيلة إن الكرتون اللى كنا بنعتبره آمن بقى بالشكل ده.
أما رحاب، أم لطفل عمره 10 سنوات، تقول ابنى كان بيلعب لعبة أونلاين فيها شات، وواحد كلمه وبدأ يسأله عن حاجات شخصية جداً، اكتشفت إن الولد ده كان داخل من لينك غريب، وقال له يدخل على موقع تانى علشان يكسب هدية، لما دورت عرفت إن ده لينك تابع لمواقع من الدارك ويب اتجننت، وحذفت كل الألعاب من الموبايل.
وتحكى إيمان أم لطفلة فى الإعدادى، البنات بقوا مهووسين بألعاب زى روبلوكس وتيك توك، كل يوم تحدى جديد، وحركات وتصرفات غريبة، بنتى بدأت تتكلم بطريقة عنيفة، وكل ما أقولها كفاية ترد بعصبية، لما تابعت اللعبة لقيت فيها ناس بتكلمها فى الخاص وبيطلبوا منها تعمل حاجات مريبة، حسيت إنى فقدت السيطرة.
بينما تضيف سارة، أم لثلاثة أطفال، المشكلة مش فى اللعبة بس، المشكلة إن الأطفال بيبقوا مدمنين ابنى لو شلت الموبايل منه ممكن يفضل يصرخ بالساعات، وبقى بيشوف فيديوهات على يوتيوب شكلها كرتون لطيف، لكنها مليانة عنف وقتل وسخرية إحنا مش عارفين نحمى أولادنا.
وعلى الجانب الآخر يرى أحمد، ولى أمر، أن اللعبة قد تكون مفيدة إذا وضعت تحت رقابة:
ابنى اتعلم حاجات بسيطة فى البرمجة من خلالها، لكن المشكلة فى المحتوى المفتوح والعنف اللى فيها نحتاج لتدخل رسمى ورقابة حقيقية، لأننا مش دايماً نقدر نراقب أولادنا.
بين الترفيه البرىء والتهديد الخفى
يؤكد الدكتور محمد محسن رمضان، مستشار الأمن السيبرانى ومكافحة الجرائم الإلكترونية، أن الألعاب الإلكترونية لم تعد مجرد وسيلة للتسلية، بل أصبحت منظومات رقمية ضخمة تجمع بين الترفيه والتواصل والاقتصاد، وتشكل جزءاً من حياة ملايين الأطفال والمراهقين حول العالم، وتعد لعبة «روبلوكس» نموذجاً لذلك، إذ تجذب أكثر من 200 مليون مستخدم نشط شهرياً، غالبيتهم بين 8 و16 عاماً، ورغم شعبيتها الكبيرة، أثارت اللعبة جدلاً واسعاً بسبب ما تحمله من مخاطر على النشء، وهو ما دفع بعض الدول الخليجية، مثل الإمارات والسعودية وقطر، إلى حظرها أو تقييدها لحماية الأطفال من المحتوى غير المناسب والاستغلال الإلكترونى.
يقول الدكتور رمضان إن خطورة هذه الألعاب تتجلى فى عدة محاور أساسية، أبرزها المحتوى المفتوح الذى يسمح بإنشاء عوالم افتراضية خاصة قد تحتوى على مشاهد عنف أو إيحاءات غير مناسبة، إلى جانب إمكانية التواصل المباشر مع الغرباء، ما يفتح الباب أمام استدراج الأطفال نفسياً أو مالياً، كما أن استخدام العملة الرقمية داخل اللعبة يجعل الأطفال عرضة للنصب أو للإنفاق المفرط دون وعى، إضافة إلى التأثير النفسى الذى يسببه الإدمان والانغماس فى العالم الافتراضى، مؤدياً إلى العزلة والاكتئاب وضعف التحصيل الدراسى.
يشدد الدكتور على أن المواجهة لا تكون بالحجب فقط، بل عبر استراتيجية وطنية شاملة تتضمن مراقبة وتقييم المحتوى الرقمى باستمرار، وسن تشريعات تلزم الشركات المطورة للألعاب بتوفير أدوات لحماية الأطفال، إلى جانب تعاون دولى لتقييد المحتوى العنيف، مع ضرورة الوعى المجتمعى والأسرى المستمر، لأن «لا تقنية تعوض غياب الوعى الأسرى».
فى عالم أصبحت فيه الشاشات الرفيق الأقرب للأطفال، يتسلل الخطر من أماكن نظنها آمنة، فقد تحولت بعض الألعاب إلى أدوات لبرمجة السلوك وتطبيع العنف، تغذى داخل الطفل سلوكاً عدوانياً ينعكس على الواقع، حادثة الإسماعيلية الأخيرة التى هزت المجتمع المصرى مثال صارخ على ذلك، فقد اعترف الطفل القاتل بأنه استوحى طريقة قتل زميله من لعبة إلكترونية تحاكى العنف والدماء، حتى اختلط عليه الواقع بالخيال، وأثبتت التحقيقات أنه نفذ الجريمة بنفس تفاصيل المشهد الرقمى الذى شاهده داخل اللعبة، فى مشهد مأساوى يعكس غياب الرقابة الأسرية ويكشف كيف يمكن أن تتحول اللعبة إلى سلاح نفسى قاتل.
لم تعد الألعاب مجرد «بيكسلات ملونة» بل أنظمة ذكية قائمة على التحفيز السلوك تعيد تشكيل إدراك الطفل من خلال المكافآت على القتل أو تنفيذ المهام العنيفة، ما يربط فى ذهنه بين العنف والنجاح، ومع غياب التوجيه الأسرى، تتحول هذه المحاكاة الافتراضية إلى سلوك حقيقى يتجسد فى الواقع.
وأوضح «محسن» أن بعض الألعاب ومقاطع الفيديو تتضمن تحديات خطيرة مثل «الحوت الأزرق» و«مومو تشالنج»، التى دفعت أطفالاً إلى إيذاء أنفسهم أو الانتحار، كما توجد غرف محادثة سرية تضم بالغين مجهولى الهوية يتلاعبون بعقول الأطفال، إضافة إلى خوارزميات توصية تقودهم تدريجياً إلى محتوى مظلم يروج للعنف أو الإيذاء، وقد شهدت مصر حوادث مشابهة، مثل محاولة طفل الإسكندرية عام 2022 قتل زميله متأثراً بلعبة قتالية، والواقعة الأخيرة بالإسماعيلية عام 2025 التى نفذ فيها طفل جريمة مستوحاة بالكامل من لعبة على الإنترنت، هذه ليست مصادفات، بل دلائل على خلل تربوى وتقنى واجتماعى يهدد الأمن الأسرى والمجتمعى.
وحذر خبير الأمن السيبرانى من أن بعض الجناة يستدرجون الأطفال إلى الدارك ويب من خلال التنكر كأصدقاء أو مراهقين، وبناء علاقة ثقة معهم، ثم يستخدمون الإغراء بالألعاب أو الجوائز الوهمية لإقناعهم بالدخول إلى مواقع خطيرة، وفى مراحل لاحقة، قد يتم ابتزاز الأطفال وتهديدهم بعد الحصول على صور أو معلومات شخصية، أو عبر إرسال روابط تحتوى على برامج خبيثة تمنح المجرمين إمكانية الوصول إلى أجهزتهم.
وأكد أن الكثير من الآباء يتركون أبناءهم أمام الشاشات دون متابعة حقيقية، غير مدركين أن الذكاء الاصطناعى داخل الألعاب قادر على تحليل شخصية الطفل والتأثير فى سلوكه. لذا، يؤكد أن أخطر ما نتركه لأطفالنا دون رقابة، ولحماية الأبناء، يجب على الأسرة مراقبة المحتوى الذى يشاهده الأطفال، وعدم الاكتفاء باسم اللعبة، واستخدام أدوات الرقابة الأبوية لحجب المقاطع العنيفة، ومشاركة الأبناء اللعب أحياناً لفهم عالمهم الافتراضى، وتدريبهم على الوعى الرقمى والتفرقة بين الواقع والخيال، وتحديد أوقات اللعب، وعدم جعل الأجهزة وسيلة تهدئة مؤقتة، مع متابعة المؤثرين وصناع المحتوى الذين يتابعهم الأطفال.
واختتم «محسن» حديثه قائلا، ما حدث فى الإسماعيلية ليس جريمة طفل ضد طفل، بل جريمة منصات رقمية ضد البراءة. فالألعاب الحديثة تحولت إلى «مدارس سلوك» خطيرة، تزرع العنف فى عقول الصغار، بينما تغيب الأسرة عن دورها فى الحماية والتوجيه.
التأثير النفسى والسلوكى
تقول الدكتورة وسام منير، مدرس كلية التربية الخاصة بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا واستشارى نفسى وتربوى:
ألعاب مثل روبلوكس أو الكرتون الذى يتضمن عنفاً أو شذوذاً قد يتحول إلى فخ سلوكى، يبدأ الطفل بالعزلة، تقلب المزاج، العصبية عند المنع، وإهمال الدراسة.
وأضافت أن السهر أمام الشاشات يسبب ضعف التركيز والذاكرة وتراجع التحصيل الدراسى، إلى جانب اضطرابات النوم وآلام العين والظهر.
وأوضحت أن الحل ليس فى المنع بل فى التنظيم والقدوة، عبر تحديد أوقات استخدام الأجهزة، وتقديم بدائل آمنة، ومشاركة الأهل فى النشاط الرقمى لأبنائهم.
تحذير تربوى.. أفلام الكرتون عنف وسلوكيات شاذة
أشارت داليا الحزاوى، مؤسسة ائتلاف أولياء أمور مصر، إلى أن جريمة الإسماعيلية التى ارتكبها طفل فى الثالثة عشرة من عمره ليست حادثة عابرة، بل نتيجة تراكم أخطاء تربوية وفقدان الرقابة الأسرية على المحتوى.
وقالت، تصوير المجرم كبطل فى بعض الأعمال الفنية يجعل الأطفال يتقمصون هذا الدور، كما أن كثيراً من أفلام الكرتون الحديثة تتضمن عنفاً وسلوكيات شاذة تقدم بألوان جذابة لإغراء الصغار.
وأضافت أن الحل لا يكون فى المنع فقط، بل فى الرقابة المستمرة والتواصل الدائم، وتفعيل دور الأخصائيين الاجتماعيين داخل المدارس، وتنظيم ندوات توعوية للأهالى حول مخاطر الإنترنت وحروب الجيل الرابع والخامس.
وأكد الخبير التربوى مصطفى كامل أن أخطر ما فى هذه المرحلة هو أن الطفل يتلقى مفاهيمه الأخلاقية من الشاشات لا من الأسرة، فحين يقدم العنف أو المثلية فى الكرتون كأمر طبيعى، تتشوه منظومة القيم ويختلط الصواب بالخطأ فى وعيه.
خطة إنقاذ
تفعيل الرقابة الأبوية الرقمية على الأجهزة والتطبيقات.
تحديد أوقات استخدام الهاتف والإنترنت بما لا يتجاوز ساعتين يومياً.
إطلاق برامج توعوية فى المدارس لتدريب الأطفال على الأمان الرقمى.
تعاون وزارات التعليم والاتصالات والإعلام لمراجعة المحتوى الموجه للأطفال.
إنتاج محتوى محلى آمن وجذاب ينافس المنصات الأجنبية دون أن يهدد القيم أو الهوية.
مسئولية جماعية
فى النهاية، تبقى حماية الأطفال مسئولية جماعية تتطلب يقظة الأسرة، وتعاون الدولة، ودور المؤسسات الدينية والإعلامية والتربوية، حتى لا يتحول الترفيه الرقمى إلى قاتل خفى يلتهم براءة الطفولة ومستقبل الأجيال القادمة. 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الألعاب الإلكترونية أفلام الكرتون الألعاب الإلکترونیة بعض الألعاب

إقرأ أيضاً:

فاجعة الإسماعيلية.. استشاري نفسي يكشف سبب ارتكاب بعض الأطفال جرائم عنيفة (فيديو)

كشف محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، إن الجهات المختصة من خبراء في الجريمة وعلم النفس والقانون بدأت في فتح "الصندوق الأسود" لحوادث العنف الشنيع التي يرتكبها الأطفال، سعيًا لفهم ما حدث لهم، ولماذا انفجروا بتلك الصورة، مؤكدًا أن الفهم الدقيق لهذه الحالات هو السبيل لوضع تدابير وقائية تمنع تكرارها.

وأوضح الدكتور المهدي، خلال حلقة من برنامج "راحة نفسية" المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء، أن تحليل عدد كبير من الحالات كشف عن ارتباط وثيق بين ارتكاب الأطفال لجرائم بشعة وتعرضهم في وقت سابق للاستهزاء أو الإيذاء أو السيطرة المفرطة أو العدوان اللفظي والجسدي، بل وحتى الاعتداء الجنسي. وأضاف أن مصطلح "التنمر" (bullying) بات متداولًا على نطاق واسع في أعقاب هذه الحوادث، ما يجعل التوعية به أمرًا بالغ الأهمية، خاصة في المدارس والمنازل.

وأشار إلى أن الطفل الضحية غالبًا ما يكون ضعيفًا أو مختلفًا — من حيث اللون أو البنية أو الانتماء الاجتماعي أو الديني — ما يجعله عرضة للسخرية والعزلة والاستهزاء بشكل متكرر، الأمر الذي يدخل الطفل في دوامة من الغضب المكبوت والطاقة العدوانية التي قد تنفجر لاحقًا في صورة سلوك عنيف.

ونوَّه الدكتور المهدي إلى أن التنمر لا يقتصر على المدرسة فقط، بل قد يبدأ من داخل البيت، من خلال السخرية، إطلاق الألقاب السيئة، النكات الجارحة، أو التهميش، مؤكدًا أن كل هذه الممارسات تترك أثرًا عدوانيًا في نفس الطفل. كما أوضح أن استخدام العنف الجسدي أو الضرب المتكرر لا يُنتج أطفالًا أكثر تهذيبًا، بل يُرسخ مفهوم العنف كوسيلة للتواصل والتفاعل.

وعرض أستاذ الطب النفسي قائمة من العلامات المبكرة التي يجب أن ينتبه لها الأهل كدلائل على احتمال ميل الطفل نحو العنف، منها: العناد المفرط، فرط الحركة، انتهاك حقوق الآخرين، السرقة، السلوك الاستفزازي، العنف تجاه الحيوانات، حمل أدوات حادة أو أسلحة صغيرة، إيذاء الآخرين عمدًا، عدم احترام قواعد اللعب، الهروب المتكرر من المدرسة، أو البقاء خارج المنزل لساعات طويلة دون مبرر.

وأكد أن بعض الحالات تُعد اضطرابات نفسية تتطلب تقييمًا وعلاجًا متخصصًا، مثل اضطرابات السلوك، واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، واضطرابات الانضباط. وقد تشمل الخطة العلاجية: التدخل الدوائي، والعلاج النفسي الفردي والجماعي، والعلاج الأسري. وشدد على ضرورة إحالة الأطفال الذين تظهر عليهم أنماط سلوك عدواني متكرر إلى أطباء نفسيين لإجراء تقييم شامل ووضع خطة علاجية مناسبة.

وفيما يتعلق بالإجراءات التربوية والوقائية، حدّد الدكتور المهدي مجموعة من المبادئ الأساسية، منها: التوقف الفوري عن العقاب البدني واللفظي لما له من آثار مدمّرة على النمو الأخلاقي للطفل، وتوفير بيئة أسرية يسودها الهدوء والتفاهم، بحيث تكون العلاقة بين الوالدين نموذجًا يحتذى به، كما شدد على ضرورة عدم تعريض الطفل لمشاهد عنف داخل المنزل، مثل ضرب الزوجة أو إهانتها.

واقترح المهدي استبدال العقاب الجسدي بأساليب تربوية بديلة، مثل الحرمان المؤقت من المصروف أو تأجيل حصول الطفل على مكافأة مرغوبة، مع تعزيز السلوك الإيجابي بالمكافآت عند الالتزام والانضباط.

واختتم الدكتور محمد المهدي بدعوة المجتمع إلى رفع مستوى الوعي بمخاطر التنمر والإيذاء داخل المدارس والمنازل، والانتباه للبوادر المبكرة للعنف، وتفعيل الموارد العلاجية والتربوية بدلاً من التزام الصمت أو تقديم التبريرات. فالتدخل المبكر، وصون كرامة الطفل، قد يكونان الحد الفاصل بين مستقبل آمن ومأساة لا رجعة فيها.
 

وكشفت تحقيقات النيابة العامة بالإسماعيلية أن الطفل القاتل خطط لجريمته مسبقًا، بعدما اشترى قفازات طبية وأكياسًا بلاستيكية وحبلًا قبل الحادث بيوم واحد، ثم استدرج الطفل محمد إلى منزله، حيث باغته من الخلف، ولف الحبل حول رقبته بإحكام ووضع كيسًا أسود على رأسه حتى يتمكن منه، بينما كان الطفل يصرخ ويستغيث دون أن يسمعه أحد من الجيران.

وقررت نيابة الإسماعيلية إحالة الأدوات المستخدمة في "جريمة المنشار" إلى الطب الشرعي لمضاهاة آثار الدماء واستكمال ملف القضية بالإسماعيلية.

ووسعت النيابة العامة دائرة الاتهام بعد احتجاز والد الجاني واستدعت  شهود العيان وبائعي الأدوات المستخدمة في الجريمة.

وأكدت التحقيقات أن تنفيذ جريمة مقتل الطفل ونشره بالمنشار الكهربائي استغرق نحو 7 ساعات متواصلة، واكدت التحقيقات أن المتهم بعد الانتهاء من تقطيع الجثمان تخلص من الأشلاء بإلقائها في مناطق متفرقة، من بينها بحيرة الصيادين، مما أدى إلى تعفن أجزاء كبيرة من الجثمان وصعوبة التعرف عليها في البداية.

وأكدت التحريات أن المتهم قام بتقطيع جثمان الضحية إلى أشلاء باستخدام منشار كهربائي، ثم طهى جزءًا من الجثمان وتناوله.

وعلمت الوفد أن جهات التحقيق سحبت عينة تحليل مخدرات من المتهم، لبيان ما إذا كان تحت تأثير مواد مخدرة وقت ارتكاب الجريمة، إلا أن نتيجة التحاليل لم ترد حتى الآن.

وأكدت المصادر ان الطفل القاتل لوحظ أثناء استجوابه بثباته الانفعالي واستمتاعه بسرد واقعة القتل، وأعاد فريق النيابة العامة الاستماع لشهادة عدد من الجيران وأقارب الجاني.

وكانت النيابة العامة قررت مساء الأحد التحفظ على والد الجاني للتحقيق معه وذلك عقب اجراءات جديدة من النيابة  باعادة الجاني يوسف ايمن تمثيل جريمة القتل التي اقدم عليها  في الواقعة المعروفة إعلاميا بواقعة "الصاروخ الكهربائي"، والتي وقعت قبل أيام بمحافظة الإسماعيلية، وسط انتشار حالة من الحزن الشديد بين الأهالي.

وترجع أحداث الواقعة إلى الأحد الماضي عندما تغيب  محمد 12 عاما عن العودة لمنزله بعد انتهاء اليوم الدراسي ولم تتمكن أسرته من العثور عليه لدى أصدقائه أو أيا من أفراد العائلة، ما دفعهم للتقدم ببلاغ للشرطة والتى شكلت فريق بحث لكشف غموض اختفاء الصبى وتبين وقوع جريمة مروعة، إذ أكد فحص كاميرات المراقبة القريبة من المدرسة أن القتيل كان بصحبة زميله في الصف ذاته ويدعى يوسف أ 13 عاما، وعند سؤاله أكد أنه ترك زميله بالقرب من أحد المطاعم، إلا أن الكاميرات كشفت كذب أقواله حيث ظهر برفقة القتيل حتى دخل معه إلى منزله ثم اختفى.

وأكدت تحريات فريق البحث أن المتهم خرج من المنزل عدة مرات حاملا أكياس سوداء و بمداهمة المنزل عثر فريق البحث على مفرش ملطخ بالدماء وكاب خاص بالقتيل، وبمواجهته اعترف المتهم بارتكابه الجريمة عقب مشادة نشبت مع القتيل أثناء تواجدهما بالمنزل، فتعدى عليه مستخدما آلة حادة "كتر" وبالضرب بـشاكوش على رأسه حتى فارق الحياة، واستخدم منشار كهربائى خاص بوالده الذى يعمل نجارا لتقطيع الجثة إلى 6 أجزاء وضعها فى أكياس سوداء وألقى منها 4 أكياس بالقرب من مول شهير وكيسين فى مبنى مهجور بالمنطقة، مؤكدا انه استوحى طريقة تنفيذ الجريمة من إحدى المسلسلات الأجنبية.

وتوجه فريق النيابة العامة مصطحبا المتهم إلى الموقع الذى ألقى فيه الأكياس التى تضم أشلاء الطالب القتيل  فى المنطقة المحيطة بإحدى المراكز التجارية الشهيرة وإحدى الأماكن المهجورة، عقب تمثيله الجريمة داخل المنزل محل الواقعة بمنطقة المحطة الجديدة، وسط تواجد أمني كثيف وفريق من النيابة العامة الذى اصطحب القاتل لتمثيل الواقعة وملابساتها بمسرح الجريمة. بمسرح الجريمة.

مقالات مشابهة

  • عفاف شعيب: الفن رسالة عظيمة.. والإنتاج سبب غياب الأعمال الدينية
  • أحمد المنشاوى فى حوار لـ«الوفد»: أخوض الانتخابات البرلمانية لخدمة الناس لا للمناصب
  • اليوم.. الزمالك يواجه ديكيداها الصومالي فى لقاء "تحصيل حاصل"
  • فاجعة الإسماعيلية.. استشاري نفسي يكشف سبب ارتكاب بعض الأطفال جرائم عنيفة (فيديو)
  • «أم كلثوم: دايبين فى صوت الست».. حين تتحول الأسطورة إلى إنسانة من لحم ودم
  • ‫هكذا تتعامل مع تشنجات الحمى لدى الأطفال
  • ننشر توصيات قمة الاستثمار العربى الأفريقى
  • الفيتامينات للأطفال.. هل هي ضرورية أم موضة؟
  • أستاذ طب نفسي: العنف الأسري والألعاب الإلكترونية وراء تصاعد سلوكيات العنف بين الأطفال