الرواية غير الرسمية لما يحدث في غزة
تاريخ النشر: 26th, October 2025 GMT
في الأحداث والحروب الكبرى تتجه الأنظار نحو تصريحات السياسيين لمعرفة مؤشرات ما يجري، بعدها يلتقط الصحفيون خيوط الرأي العام لينقلوا نبضه للناس. ولكن حين تصبح الأحداث أكبر من السياسيين وحين يصبح الصحفيون ضحايا وشهداء، فإن جوانب كثيرة تبقى غامضة في فهم ما يجري، وتصبح الرواية غير مكتملة. وهذا بالضبط ما يحدث في غزة حاليا، فمن يملك مفاتيح هذه الرواية غير الرسمية؟
للإجابة عن هذه السؤال نجد في ثنايا الأخبار ما يدلنا على أن الاحتلال لا يزال يريد التعتيم على ما يجري في غزة، وإلا فلِمَ تستمر إسرائيل في منع الصحفيين الأجانب من الدخول إلى غزة حتى الآن رغم الإعلان عن وقف إطلاق النار؟
خبرنا كاميرات الصحفيين الغزيين بأن ثمة دمارا هائلا ومعاناة إنسانية كبيرة، ومن المؤكد أن تحت هذا الدمار هناك عدد لا نهائي من القصص المأساوية؛ يكافح الصحفيون في غزة في نقل جزء منها لنا عبر وسائل الإعلام والمنصات المختلفة، تحت هذا الدمار هناك عدد لا نهائي من القصص المأساوية؛ يكافح الصحفيون في غزة في نقل جزء منها لنا عبر وسائل الإعلام والمنصات المختلفة، لكن المهمة أصعب وأعقد لكن المهمة أصعب وأعقد وتحتاج لجيش من الصحفيين لتوثيق ونقل ما جري ويجري.
قرأت قبل قليل خبرا عن أن القطاع مليء بالألغام التي زرعها الاحتلال، هذا بخلاف القنابل التي لم تنفجر. ذكرني هذا بالألغام التي تركها الاستعمار البريطاني في منطقة العلمين شمال مصر إبان وجوده أثناء الحرب العالمية الثانية؛ نحو 22 مليون لغم تغطي ما يقرب من 22 في المئة من مساحة البلاد، أي ربع مساحة مصر تقريبا، خارج نطاق الاستخدام سبب هذه الألغام، وهو الملف الذي طوته السنون والأيام ولم يطوه الواقع والتأثير السلبي على صحة السكان وإعاقة إمكانية استخدام الأرض في السكن والاقتصاد.
حضرت ندوة منذ سنوات في مجلس العموم البريطاني تناقش هذه القضية، ودعت الدول المشاركة في الحرب العالمية الأولى لتضطلع بمسؤوليتها عن هذه الألغام، ومنها تسليم مصر خرائط هذه الألغام. قدمت بريطانيا بعض هذه الخرائط، لكن تقول مصر إنها خرائط بدائية والألغام لا تزال موجودة في مناطق لم تكن مراكز للقوات البريطانية.
ملف الألغام في قطاع غزة هو واحد من الملفات الشائكة التي قد يطويها النسيان مع الزمن. والفارق بين الألغام المزروعة في مصر وفي غزة أن ألغام مصر كانت وما زالت في مناطق بعيدة عن وادي النيل؛ حيث التكدس السكاني رغم تأثيراتها السلبية. دخول طواقم متخصصة وصحفيين من مؤسسات مختلفة سيكشف مزيدا من الأرقام الصادمة التي خلفتها حرب الإبادة على مدار عامينأما في غزة فإن مساحة الرقعة الجغرافية لا تسمح للسكان بتجنب هذه الألغام، ومن ثم تصبح المطالبة بالحصول على خرائطها من إسرائيل مطلبا إنسانيا ملحا.
الأمر الآخر هو تقدير حجم الأضرار والخسائر البشرية وفي الممتلكات والبنية التحتية. فمعظم الأرقام والإحصاءات المنشورة مبنية إما على استخدام خرائط غوغل والمصادر المفتوحة أو على جهود الأجهزة المحلية في غزة، وهي المنهكة أصلا جراء الاستهداف الإسرائيلي ومحاولات توفير بعض مقومات الحياة للسكان في فترات الهدوء النسبي بعد وقف إطلاق النار.
ومن المؤكد أن دخول طواقم متخصصة وصحفيين من مؤسسات مختلفة سيكشف مزيدا من الأرقام الصادمة التي خلفتها حرب الإبادة على مدار عامين. كما ستكشف الرواية غير الرسمية قدرة المجتمع الفلسطيني تحت هذه الحرب على تحقيق التكافل ودور المبادرات المدنية في الإغاثة والإيواء. فشُحّ الموارد وتفشي المجاعة يشكل حافزا للصراع الأهلي في كثير من المجتمعات المبنية على الأنا والثقافة الفردانية؛ بخلاف المجتمع العربي المسلم في غزة. وهي تفاصيل قد تبدو عادية وسط المجتمع الغزاوي، لكنها ليست عادية وتحتاج لتوثيق.
x.com/HanyBeshr
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء غزة الاحتلال الصحفيين الدمار الألغام احتلال غزة دمار ألغام صحفيين قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الروایة غیر هذه الألغام فی غزة
إقرأ أيضاً:
خبير دولي: إزالة الألغام بغزة قد تستغرق 30 سنة
قال خبير إزالة المتفجرات بمنظمة "هيومانيتي آند إنكلوجن" نك أور إن إزالة الألغام والمواد المتفجرة من قطاع غزة ستستغرق من 20 إلى 30 عاما على الأقل.
ووفقا لخبير إزالة المتفجرات -في تصريحات للجزيرة- فإن الحجم الكبير للدمار بغزة يصعِّب استخراج الذخائر، كما أن هناك حاجة إلى الحصول على المعدات المطلوبة لإزالة بقايا المواد المتفجرة لكن لا يمكنهم إدخالها.
وأشار إلى أن مستوى التلوث في قطاع غزة مرتفع جدا بسبب الألغام، وأن هناك حاجة لتوفير تدابير السلامة ولكن أيضا لا يمكنهم فعل ذلك.
وعبر الخبير عن اعتقاده أن إزالة الألغام في غزة تحتاج من 20 إلى 30 سنة، ما لم يحدث تدخل هندسي دولي واسع وسريع. أما محاولة البحث عن المواد التي لم تنفجر بعد فقد تستغرق وقتا طويلا لإنجازها، واصفا قطاع غزة بأنه "حقل ألغام مفتوح".
ويُعد أور، الذي زار غزة مرات عدة خلال الحرب، أحد أفراد فريق مكون من 7 أشخاص تابع لمنظمة "هيومانيتي آند إنكلوجن" ومن المقرر أن يبدأ الأسبوع المقبل تحديد مواقع مخلفات الحرب داخل البنية التحتية الأساسية، مثل المستشفيات والمخابز.
وتشير تقديرات مكتب الاتصال الحكومي في قطاع غزة إلى أن أكثر من 20 ألف قطعة ذخيرة غير منفجرة، بمعدلٍ يقارب 58 قطعة في كل كيلومتر مربع، وهو معدل قياسي مقارنة بمناطق قتال أخرى وفق الأمم المتحدة.
وبحسب بيانات أممية فإن ما يقارب 40% من الأحياء السكنية شمال غزة تعدّ من أكثر المناطق تلوثا بالذخائر غير المنفجرة، حيث يتركز -وفقا للتقديرات- 3 آلاف طن ذخائر في بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا والمناطق الحدودية. ولإزالتها، تحتاج فرق الإغاثة إلى 10 سنوات على الأقل.
ووسط القطاع، تفيد بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن مخيم النصيرات والمغازي والبريج ودير البلح، تعد مناطق غير آمنة بسبب وجود ما يقارب 1500 طن ذخائر أصابت 25 شخصا منذ بداية العام الجاري.
إعلانأما خان يونس، فتعتبر من أكثر المناطق تلوثا بالذخائر غير المنفجرة، وتحتوي على نحو ألفي طن منها، وتشير التقديرات إلى أن إزالتها من هذه المنطقة وحدها قد تستغرق أكثر من 12 عاما بسبب كثافة الدمار.
وبالانتقال جنوبا، تركت قوات الاحتلال ما يقارب 800 طن من الذخائر غير المنفجرة في رفح.
وقد أظهرت قاعدة بيانات تابعة للأمم المتحدة أن أكثر من 53 شخصا قُتلوا كما أصيب المئات جراء مخلفات حرب الإبادة التي استمرت عامين في غزة، في حين تعتقد منظمات إغاثة أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير.
وخلصت البيانات الأممية إلى أن إجمالي كمية الذخائر غیر المنفجرة في كامل القطاع المنكوب قد یتجاوز 7 آلاف طن موزعة بشكل غیر متساو بین المحافظات، وأن الخطر الأكبر ما بعد الحرب هو ما تبقى تحت الركام.