المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل... خطر إستراتيجي يهدد رصيدها العلمي لعقد من الزمن
تاريخ النشر: 28th, October 2025 GMT
تواجه إسرائيل واحدة من أخطر الأزمات التي عرفتها مؤسساتها الأكاديمية منذ قيامها، إذ تشهد الجامعات الإسرائيلية تصاعدًا غير مسبوق في حملات المقاطعة الأكاديمية على مستوى العالم، في ظل ما وصفه أكاديميون إسرائيليون بأنه «انهيار تدريجي في مكانة البحث العلمي الإسرائيلي على الساحة الدولية».
ووفق تقرير نشرته صحيفة هآرتس العبرية، تضاعف عدد حالات المقاطعة الأكاديمية ثلاث مرات خلال العامين الأخيرين، لتصل إلى نحو ألف حالة مقاطعة شملت جامعات، ومراكز بحثية، وجمعيات مهنية، وباحثين أفراد.
رصيد إستراتيجي على حافة الانهيار
يصف أكاديميون بارزون البحث العلمي في إسرائيل بأنه «رصيد إستراتيجي للدولة»، غير أن هذا الرصيد، وفق ما نقلته الصحيفة، بات مهددًا بالانهيار نتيجة المقاطعة الدولية المتزايدة، في ظل غياب أي تحرك فعلي من الحكومة الإسرائيلية.
وقال أحد الأكاديميين، ممن وصفهم التقرير بأنهم من «رفيعي المستوى»، إن هناك جهات في العالم «تسعى إلى محو البحث العلمي الإسرائيلي من الخريطة»، بينما تلتزم الحكومة الصمت. وأضاف: «نشهد انخفاضًا في حجم المنح البحثية من الخارج، نتيجةً لتزايد عدد الباحثين الأجانب الذين يستبعدون الإسرائيليين من المشاريع البحثية».
بحث عن بدائل في جامعات أقل مستوى
وفي ظل هذا التراجع، بدأت الجامعات الإسرائيلية بالبحث عن شراكات بديلة مع جامعات أقل مرتبة أكاديميًا في أوروبا الشرقية وآسيا، تحسبًا لانقطاع التعاون مع المؤسسات الأوروبية الكبرى. ويخشى رؤساء الجامعات أن يضطر العديد من الباحثين الإسرائيليين إلى مغادرة البلاد لمواصلة مسارهم المهني في الخارج، تجنبًا للضرر الذي قد يلحق بمستقبلهم العلمي.
رئيس جامعة تل أبيب، البروفيسور أرييل بورات، حذّر من أن «الوضع الأكاديمي الحالي هو الأخطر خلال العامين الماضيين»، معربًا عن أمله بأن يتحسن الوضع «بعد نهاية الحرب»، لكنه أقرّ بأن «العداء تجاه إسرائيل لم يختفِ».
تدهور متسارع في أوروبا وفتور في الولايات المتحدة
من جانبها، قالت نائبة رئيس جامعة تل أبيب للشؤون الدولية، البروفيسورة ملات شامير، إن «الوضع في أوروبا يزداد سوءًا بوتيرة متسارعة»، مضيفة أن «المقاطعة الأكاديمية في أوروبا أصبحت أكثر عمقًا حتى من الولايات المتحدة، حيث لا يزال العديد من أعضاء هيئة التدريس الأمريكيين يرفضون التعاون مع باحثين إسرائيليين».
وأوضحت أن «الضحايا الرئيسيين لهذه المقاطعة هم الباحثون الشبّان، ما يعني أن الضرر سيكون طويل الأمد».
عقد من الزمن لاستعادة العلاقات
رئيس جامعة «بن غوريون» في بئر السبع ورئيس لجنة رؤساء الجامعات الإسرائيلية، البروفيسور دانيال حايموفيتش، أكد أن «نظراءنا في الخارج يقدّرون أن إسرائيل ستحتاج إلى عقد كامل لاستعادة علاقاتها الأكاديمية مع الجامعات الأوروبية».
ووفق تقرير هآرتس، أعلنت نحو 40 جامعة حول العالم، خلال العامين الماضيين، عن وقف كلي أو جزئي لتعاونها الأكاديمي مع المؤسسات الإسرائيلية، سواء بقرارات رسمية من إداراتها أو بضغط من أعضاء هيئات التدريس.
مقاطعة خفية وتراجع التمويل البحثي
وأشار التقرير إلى أن المقاطعة لا تقتصر على المواقف العلنية، بل تشمل ما وصفه بـ»المقاطعة الخفية»، حيث يواجه الباحثون الإسرائيليون رفضًا غير معلن للتعاون، أو تأجيلًا في النشر، أو استبعادًا من المؤتمرات الدولية، دون الإفصاح عن الأسباب الحقيقية.
وقال رئيس «أكاديمية إسرائيل للعلوم والإنسانيات»، البروفيسور دافيد هاريل، إن «الكثير من حالات المقاطعة تحدث في الخفاء، وقد لا نعرف أبدًا حجم الضرر الحقيقي، إلا أن أثرها سيمتد على ميزانيات البحث العلمي في إسرائيل لسنوات طويلة».
تداعيات إستراتيجية تتجاوز الجامعات
يرى مراقبون أن المقاطعة الأكاديمية تمثل وجهًا جديدًا من أشكال العزلة الدولية لإسرائيل، إذ تتقاطع مع المقاطعة الاقتصادية والثقافية المتنامية، وتشير إلى تحوّل ملموس في مواقف النخب الأكاديمية الغربية التي كانت تُعد من أكثر الدوائر دعمًا لإسرائيل في العقود الماضية.
ويحذر خبراء من أن استمرار هذه المقاطعة قد يُضعف من قدرة إسرائيل على الابتكار العلمي، ويحدّ من مساهمتها في الأبحاث الأوروبية المشتركة، خاصة في مجالات التكنولوجيا والأمن السيبراني والطب الحيوي، التي كانت تشكل مصدر فخر وقوة ناعمة للدولة العبرية.
خاتمة
المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل لم تعد مجرد ظاهرة احتجاجية، بل تحوّلت إلى أزمة إستراتيجية تهدد بنية البحث العلمي في الدولة العبرية من الداخل. وفي غياب رؤية حكومية شاملة لمعالجة الأسباب السياسية والأخلاقية التي تقف وراء هذا العزل الأكاديمي، يبدو أن إسرائيل مقبلة على مرحلة من التراجع العلمي والعزلة الأكاديمية قد تمتد آثارها لعقد أو أكثر.
الدستور الأردنية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الجامعات غزة الاحتلال الجامعات المقاطعة الاكاديمية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاطعة الأکادیمیة البحث العلمی فی أوروبا
إقرأ أيضاً:
لجنة البحث العلمي والأمن السيبراني بالقومي للمرأة تناقش خطة عملها المقبلة
عقدت لجنة البحث العلمي والتكنولوجيا والأمن السيبراني بالمجلس القومي للمرأة اجتماعها الدوري برئاسة الدكتورة ماريان عازر، عضوة المجلس ومقررة اللجنة، وبمشاركة عضوات وأعضاء اللجنة، وذلك بمقر المجلس وعبر تقنية الفيديو كونفرانس.
وأكدت الدكتورة ماريان عازر أن اللجنة تسعى من خلال اجتماعاتها وأنشطتها إلى تمكين المرأة علميًا ورقميًا، وبناء قدراتها في مواجهة التحديات التكنولوجية الحديثة، مشيرةً إلى أن الأمن السيبراني أصبح عنصرًا أساسيًا في حماية المرأة والأسرة والمجتمع، واستعرضت جهود اللجنة خلال الفترة الماضية، إلى جانب مناقشة خطة العمل والأنشطة المقترحة حتى نهاية ديسمبر القادم وذلك في إطار حرص اللجنة على تعزيز دورها في دعم تمكين المرأة في مجالات البحث العلمي والتكنولوجيا وحماية الفضاء الرقمي.
كما ناقش الاجتماع تنفيذ عدد من الفعاليات خلال الفترة المقبلة، من بينها تنظيم ورشة عمل بالتعاون مع المركز القومي للبحوث بعنوان "الملكية الفكرية... من الإبداع إلى الابتكار إلى النجاح التجاري المحمي قانونًا"، إلى جانب تنظيم ورشة عمل حول "توظيف البحث العلمي في مجال ريادة الأعمال".
وتناول الاجتماع أيضًا استعدادات اللجنة للمشاركة ضمن فعاليات حملة "الـ16 يوم من الأنشطة لمناهضة العنف ضد المرأة"، والتي ستقام خلال الفترة من 25 نوفمبر إلى 10 ديسمبر 2025، تحت شعار "العنف ضد المرأة والأمن السيبراني".
كما ناقش الاجتماع مقترح إقامة ندوة ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب 2026 تهدف الى رفع وعي الفتيات والنساء المصريات بمخاطر العنف السيبراني وسبل الحماية الرقمية.