أمام مؤتمر بيروت للحوار من أجل الاستدامة.. دعوة قطرية إلى التمسك بالقيم المشتركة بين الأديان
تاريخ النشر: 28th, October 2025 GMT
شارك مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان «عن بُعد» في مؤتمر بيروت الدولي للحوار بين الثقافات والأديان من أجل الاستدامة. جاءت مشاركة المركز في هذا المؤتمر بدعوة من جامعة الروح القدس (الكسليك «USEK «) وفي إطار اهتماماته بكل ما يخص نشر ثقافة الحوار، وتعزيز دور دولة قطر في دعم الجهود الرامية لإرساء ثقافة وبناء السلام، وترسيخ مفهوم الوعي بالأمن الفكري والروحي.
وركز سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة المركز في كلمته الرئيسية للمؤتمر بعنوان «الحوار الديني ودوره في بناء السلام وتحقيق الاستدامة- نظرة استشرافية» على أهمية الحوار الديني في بناء السلام وتحقيق الاستدامة، ودوره المحوري في كسر الحواجز النفسية المقيضة لإرادة واختيارات الآخرين، وإقامة أسس متينة من التواصل والتحاور تبني من خلالها جسور الثقة.
ولفت سعادته في سياق ذي صلة إلى الدور الرئيسي والمسؤولية الكبيرة للقيادات والمؤسسات الدينية، كونها هي الجهة المنوط بها تعزيز ثقافة الحوار والدعوة للتعايش، خاصة في المجتمعات متعددة الثقافات والأديان.
ونوه بأن كل ذلك لا يتأتى إلا من خلال تفعيل القيم الدينية والأخلاقية التي توافقت عليها شرائع الأديان، لتحقيق التعايش وحسن تعامل الناس بعضهم مع بعض في أمن وأمان وعدل وإنصاف، تتأسس معه ثقافة إنسانية أعمق وأشمل، تقوم على تقبل الاختلاف والتنوع وتؤمن بالحوار والتعاون بين البشر.
وحول أهمية الحوار الديني في بناء السلام قال سعادته: «الحوار الديني هو من أكثر ما نحتاج إليه كأساس لبناء السلام، وخاصة في مثل الظروف الصعبة والمؤسفة التي مر ويمر بها عالمنا، والتي لا تخفى على أحد، وأخطرها بالطبع الصراعات والحروب والتي كان أكثرها بروزا الحرب على غزة، وما تبعها من آثار إنسانية كارثية».
وفي مشاركة تفاعلية حوارية أخرى مع الأب فريد المجبر رئيس الجلسة الافتتاحية وعميد كلية الآداب والعلوم بجامعة الروح القدس «الكسليك»، نبه سعادة رئيس مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان في رده على أسئلة حول الآليات العملية لتفعيل الحوار الديني كأساس لبناء السلام وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، إلى ضرورة الاعتراف بالتنوع الديني كثروة وليس كتهديد، مبينا أن التنوع يثري الحوار الديني ويعمق الفهم بالآخر، مشيرا بهذا الخصوص إلى أن المركز قد عقد في سنة 2009 ندوة في بيروت بالتعاون مع الكنيسة السيريانية كان عنوانها «التنوع الديني والعرقي والمذهبي في العالم العربي... هل هو عامل قوة أو عامل تفتت؟».
وذكر أن من بين أهم الآليات لتفعيل الحوار الديني هو التركيز على المشتركات الإنسانية بدلا من طرح الاختلافات، من خلال التركيز على القيم المشتركة، فضلا عن تطوير آليات دائمة للحوار الديني الفردي والمؤسسي، حتى لا يكون مجرد فعاليات مؤقتة، وكذا قياس الأثر لفعاليات الحوار الديني لضمان الاستمرارية، وتحسينها ووضع رؤى مستقبلية.
وفيما يخص دور حوار الأديان في تحقيق الاستدامة، قال النعيمي: «تزداد أهميته من الناحية الاجتماعية والاقتصادية المؤثرة في حياة الناس، بما في ذلك دور حوار الأديان في المساهمة لتحقيق الاستدامة البيئية، بما يؤصل له الدين من تشريع يعنى بحماية البيئة والمخلوقات والاعتدال والاستخدام المسؤول للموارد وحتى القيم الدينية التي تؤكد أن الكون هو تجلٍ وهبة إلهية ينبغي الحفاظ عليه وحمايته من كل ما يغير طبيعته ويفسده».
وأكد أن الاستدامة الاجتماعية وتحقيق الترابط والتضامن بين المجتمعات والمساهمة في تنميتها واستدامة ازدهارها، وكذلك الاستدامة الاقتصادية من مواجهة الفقر وتحقيق التكافل والعدالة ودعم برامج التعليم والصحة وغير ذلك، هو مطلب تتفق بل تدعو له جميع الأديان، «فالدين لعله القوة الدافعة الروحية والفكرية الأكبر لتوجيه الناس للالتزام بهذا كله».
ودعا إلى التمسك بالقيم الدينية والأخلاقية المشتركة بين الأديان، خاصة في عالم اليوم، مضيفا «أن القيم الدينية والأخلاقية المشتركة بين الأديان، كالعدالة والرحمة والسلام، توفر أساسا متينا لا غنى عنه لمواجهة تحديات العالم المعاصر المعقدة، والتي لا تتوقف فقط عند الصراعات والحروب السياسية، بل هي تحديات شاملة في كافة المناحي التي ترتبط بمصير الإنسان وحياته سواء من فقر وظلم وتدهور بيئي، وغير ذلك من تحديات قد يصعب حصرها».
وشدد سعادة الدكتور النعيمي في ختام كلمته على حرص مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان الدائم على التفاعل الإيجابي والمشاركة والمساهمة العلمية في كافة الندوات والمؤتمرات العربية والدولية التي تعكس الجهود الرامية لدولة قطر في تشجيع الحوار وتعزيز ثقافة التعايش ما بين الثقافات والأديان، باعتبار ذلك فرصة للالتقاء ومد جسور التعاون بين الجامعات والمركز والقادة الدينيين ورؤساء مراكز الحوار، والخبراء والمختصين والباحثين في حوار الأديان في أغلب أقطار العالم.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: أخبار مقالات الكتاب فيديوهات قطر حوار الأديان الأكثر مشاهدة حوار الأدیان فی الحوار الدینی القیم الدینیة
إقرأ أيضاً:
الرئيس الإيطالي: نقدر جهود شيخ الأزهر في نشر قيم السلام العالمي والأخوة الإنسانية
التقى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، اليوم الإثنين، بالعاصمة الإيطالية روما، الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، وذلك على هامش مشاركة فضيلته في اللقاء العالمي من أجل السلام «إيجاد الجرأة على تحقيق السلام».
شيخ الأزهر يلتقي الرئيس الإيطاليوقال شيخ الأزهر إن الأزهر الشريف يقدر موقف الشعب الإيطالي في دعم الحق الفلسطيني وخروجه في مظاهرات حاشدة للتعبير عن رفضه لما يتعرض له الأبرياء في غزة من قتل وتهجير وجرائم إبادة جماعية استمرت عامين كاملين.
وأضاف : «الأمل معقود على هؤلاء الشباب والمنصفين، وأقرانهم من مختلف دول العالم، للانتصار لكرامة الإنسان أيًّا كان لونه أو معتقده أو عِرقه».
شيخ الأزهر يدعو الرئيس الإيطالي لإعلان روما الاعتراف بدولة فلسطينوأعرب شيخ الأزهر عن تمنياته في أن تنضم إيطاليا بمواقفها المنصفة إلى قائمة الدول التي اعترفت مؤخرًا بدولة فلسطين، كخطوة في طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وأكد الدكتور أحمد الطيب أن الأزهر الشريف معنيٌّ بنشر السلام الذي هو جوهر رسالة الإسلام، وبيان الصورة السمحة عن هذا الدين الحنيف، ولذا فقد بادرنا بالانفتاح على المؤسسات الدينية والثقافية حول العالم، وتُوِّجت هذه الجهود بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية مع أخي الراحل قداسة البابا فرنسيس، ونحمد الله أنها لا زالت تؤتي ثمارها حتى اليوم، ونرى مردودها الكبير في مجالات تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات.
وأعرب الدكتور أحمد الطيب عن الثقة بقدرة الحوار والتعارف على مجابهة العنصرية والتطرف والكراهية».
الرئيس الإيطالي: نقدر جهود شيخ الأزهر في نشر قيم السلام العالمي والأخوة الإنسانيةمن جانبه، أكد الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا تقديره لمواقف شيخ الأزهر في نشر قيم السلام والأخوة الإنسانية، وإعجابه بعلاقة الصداقة التي جمعت فضيلته بقداسة البابا فرنسيس الراحل، مشيدًا بوثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها الرمزان الدينيان الكبيران في فبراير 2019 بأبوظبي.
وصرح بأنه «أثبت الواقع المعاصر الحاجة الماسّة إلى هذه الوثيقة التي تجاوزت حدود المكان، وأصبحت علامة بارزة في مجال السلام العالمي والحوار بين الأديان».
الرئيس الإيطالي لشيخ الأزهر: كلمتكم بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر السلام حملت رسائل مهمةوأعرب الرئيس الإيطالي عن تقديره للكلمة التي ألقاها شيخ الأزهر في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العالمي من أجل السلام الذي تعقده جمعية سانت إيجيديو، مشيرًا إلى أن الكلمة اشتملت على توصيات مهمة، خاصة فيما يتعلق بأهمية أن يؤمن الجميع بأن تحقيق السلام غاية نبيلة، وهي أهم من تحقيق طرفٍ الانتصارَ على الطرف الآخر.
وأكد الرئيس الإيطالي أن البشرية في حاجة إلى تضامن جهود البابا لاون الرابع عشر، بابا الكنيسة الكاثوليكية، مع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، لاستمرار تعزيز الحوار بين الأديان وتقديم القدوة للشباب للتعايش الإيجابي وقبول الآخر.
وشدد الرئيس الإيطالي دعم بلاده لاتفاق السلام في الشرق الأوسط الذي احتضنته مدينة شرم الشيخ، وتقديره للجهود المصرية المكثفة بقيادة الرئيس السيسي في التوصل إلى حلول بشأن وقف العدوان على غزة، وتشجيعه للجميع على الاستمرار والالتزام بما ورد من بنود لتسهيل الانتقال إلى المرحلة الثانية، مؤكدًا أن الحوار لا بد وأن يكون الأساس الذي تُبنى عليه العلاقات في السياسة كما هو الحال في الحوار بين الأديان.
وخلال اللقاء، أشار شيخ الأزهر إلى ثمرات الحوار بين الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين والكنيسة الكاثوليكية، خاصة فيما يتعلق بالمبادرات التي تستهدف تمكين المرأة وتأهيل الشباب للمشاركة في صناعة السلام.
وأكد أن هذه العلاقة رسخت قبول الآخر وعززت التعايش الإيجابي في كثير من المجتمعات، مشيرًا إلى تطلعه لاستمرار هذه الجهود مع قداسة البابا لاون الرابع عشر بما يخدم نشر السلام العالمي.