6 كتب لفهم أبرز محطات إنشاء إسرائيل على حساب الفلسطينيين
تاريخ النشر: 3rd, November 2025 GMT
ارتبط تاريخ فلسطين السياسي ومصير الفلسطينيين منذ بدايات القرن الـ20 بمصالح الدول الكبرى، خصوصا فترة الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1917، والذي نتج عن انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، وما تلاها من عقود الضيم بالنسبة للفلسطينيين من خلال قيام ما سميت دولة إسرائيل (1948).
ويقدم هذا التقرير عرضا موجزا لكتب عدة بالعربية يطلع القارئ من خلالها على أبعاد ذلك الصراع من منظور تاريخي.
يسلط المؤلف الضوء في كتابه "بيت المقدس في إستراتيجية النبي" على دور النبي العربي محمد -صلى الله عليه وسلم- في صياغة الفتح الإسلامي الأول لبيت المقدس.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بين المال والسياسة.. رؤساء أميركيون سابقون "يتذكرون"list 2 of 2هل يخدم العلاج النفسي الأنظمة القمعية بدلًا من معالجة أسباب الاكتئاب؟end of listوبحسب الكاتب، يعد الفتح الإسلامي لبيت المقدس في القرن السابع الميلادي نقطة تحول كبرى في تاريخ العالم في القرون الوسطى، ذلك لأن بيت المقدس كان يرزح تحت حكم واحدة من أقوى إمبراطوريات ذلك الزمان، ألا وهي الإمبراطورية البيزنطية.
ويبين المؤلف عبد الله معروف عمر أن بعض الباحثين يشيرون إلى أن الفضل يعود إلى الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وينسبه آخرون إلى أبي بكر الصديق خليفة المسلمين الأول رضي الله عنه.
لكنه قلما يشار إلى دور النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وخطته لفتح بيت المقدس، ويؤكد أن تأثيره لا يخفى في الأحداث والوقائع التي أدت إلى فتح تلك البلاد المقدسة.
ويشير عمر إلى أن حضور المسلمين في بيت المقدس كان في وقت مبكر من تاريخ الإسلام، خاصة فتح بيت المقدس وبسط النفوذ على المنطقة في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب.
ويعود المؤلف ليؤكد على أن هناك عنصرا أساسيا غائبا، ألا وهو دور النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو خاتم النبيين وزعيم المسلمين في أول دولة أقامها هو لهم، وأثره في الأحداث والوقائع التي وقعت في بيت المقدس، والتي تكللت بفتح هذه البقعة من الأرض على يد المسلمين.
إعلانويشير الكتاب إلى أن العلاقة بين نبي الإسلام وبيت المقدس لم تقتصر على رحلة الإسراء والمعراج والمعجزة التي انتقل خلالها النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة ليلا إلى بيت المقدس، وعُرج به من هناك إلى السماء، حيث يتناول المؤلف في كتابه فرضية أن النبي هو من خطط بداءة وأصالة للفتح الإسلامي لبيت المقدس، وبناء على ذلك فإن جميع الحملات العسكرية الإسلامية التي سبقت فتح تلك المدينة إنما كانت تطبيقا لهذه الخطة.
ويتحدث الكاتب عن سيطرة الرومان على منطقة بيت المقدس، وتأسس حكم الرومان في مدينة القدس قبل الميلاد.
وأضاف أن بيت المقدس كان في وقت مبكر من حياة النبي قبل بعثته تحت حكم البيزنطيين، وكانوا يعدون تابعين للكنيسة الشرقية.
ويستشهد المؤلف برأي عبد الحليم عويس الذي قال عن بيت المقدس "المسلمون منذ 14 قرنا ينظرون إلى بيت المقدس نظرة تقديس، على أنه مركز لتراث ديني كبير تجب حمايته، وهم يربطون ربطا كاملا وثيقا بين المسجد الحرام في مكة والمسجد الأقصى في القدس".
يسعى الكاتب الفلسطيني عماد أحمد العالم في كتابه "حقائق في تاريخ فلسطين السياسي" إلى تبيان مراحل التاريخ الفلسطيني، حيث يقول إن القضية الفلسطينية نشأت منذ أكثر من 100 عام، وتحديدا منذ نشوء الحركة الصهيونية على يد ثيودور هرتزل عام 1897، ولا تزال الشغل الشاغل لكل فلسطيني وعربي ومسلم.
ويضيف العالم أنه رغم كل التحديات والمتغيرات السياسية في العالم العربي من حروب وتغيرات خارطية وتقسيمات إقليمية بقيت قضية فلسطين تمثل مفصلا أساسيا لكل قضايا المنطقة العربية وتفرعاتها.
ويشرع المؤلف في إلقاء نظرة بانورامية تاريخية على جذور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وداعميه، حيث يستذكر مأساة الشعب الفلسطيني المستمرة، ويؤكد أن الشعب الفلسطيني كان هدفا لأخطر مؤامرة في التاريخ الحديث ولأقوى هجوم تحالفت فيه الصهيونية العالمية مع الاستعمار الغربي منذ منتصف القرن الـ19 حتى منتصف القرن الـ20.
ورشحت عن ذلك اتفاقات وتقسيمات ومعاهدات بشأن منطقتنا العربية، منها معاهدة سايكس بيكو 1916 ووعد بلفور الشهير 1917، وحتى وقوع النكبة (1948) وإعلان تأسيس دولة إسرائيل على أرض فلسطين.
ويقول المؤلف إن الموقف العلني للمنظمة الصهيونية أثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945) كان دعم الحلفاء وبريطانيا في حربها ضد الألمان، ويؤكد أن جزءا من يهود الخارج والداخل الفلسطيني تعاونوا مع الألمان لدعم هجرة اليهود منها إلى فلسطين بالترغيب والتهديد، واستعملت النازية فيه وسيلة لتحقيق ذلك.
وأضاف الكاتب أنه اتضح لاحقا أن الثورة البلشفية أسهمت إلى حد كبير في تجنيد اليهود الروس لخدمة القضية الصهيونية في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وسهلت هجراتهم المتواصلة إلى فلسطين.
وعن موقف الإمبراطورية العثمانية من مؤامرات الصهيونية لاستعمار فلسطين، يقول المؤلف إن السلطان العثماني عبد الحميد الثاني (1842-1918) وفي موقف تاريخي يسجل له رفض بالمطلق عرض قدمه ثيودور هرتزل (1860-1904) يتمثل بإغراءات مالية للسلطان من خلال قرض مالي للسلطنة بمبلغ 20 مليون جنيه إسترليني.
إعلانرفض السلطان هذا العرض على الرغم من الوضع المالي السيئ للسلطنة العثمانية التي كانت تعاني منه وقتها، وقال "انصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جديدة بهذا الموضوع، فإني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أراضي فلسطين فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة".
كتب ونستون تشرشل عام 1920 قبل أن يصبح وزيرا للمستعمرات "إن أنشئت في زمن حياتنا على ضفاف نهر الأردن وبحماية التاج البريطاني دولة يهودية قد تضم 3 أو4 ملايين يهودي فسيكون ذلك حدثا في هذه المرحلة من تاريخ العالم، وسيكون هذا الحدث كيفما نظرنا إليه نافعا، وسيكون على نحو خاص منسجما مع أصح مصالح الإمبراطورية البريطانية".
هذا الموقف عكس يومها التحول البريطاني نحو دعم الصهيونية قبل إعلان وعد بلفور.
ويشرح المؤرخ الأميركي ديفيد هنري فرومكين في كتاب "سلام ما بعده سلام.. ولادة الشرق الأوسط 1914-1922" أن القرارات المصيرية في الشرق الأوسط في بدايات القرن الـ20 اتخذها الأوروبيون والأميركيون فقط، وأن بريطانيا دخلت المنطقة كوصية على الدول العربية دون إيمان حقيقي به.
ويرى فرومكين إن إعادة تشكيل الشرق الأوسط كانت نتاج سياسة القوى الكبرى، وأن روسيا لعبت دورا رئيسيا دفع بريطانيا إلى تأييد إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين خشية المد البلشفي في ذلك الوقت.
ومع حلول عام 1922 دخلت المنطقة دوامة من الصراعات المستمرة، أبرزها الحروب العربية الإسرائيلية المستمرة حتى الوقت الراهن.
ويؤكد الكتاب على أن مستقبل الإمبراطورية البريطانية يعتمد على جعل فلسطين "دولة عازلة يسكنها عرق شديد الوطنية".
ومن هنا تبنى لويد جورج (1863-1945) الفكر الصهيوني، إذ كان قد عمل عام 1903 محاميا لهرتزل مؤسس الحركة الصهيونية بشأن نقاش عن مكان إقامة الدولة اليهودية.
ويشير المؤلف إلى أن فكرة العودة إلى صهيون ظلت دينية حتى حوّلها فكر أوروبا في القرن الـ19 إلى مشروع سياسي، وكان هرتزل قد سعى إلى إقناع وزير المستعمرات البريطاني جوزيف تشامبرلين أحد رموز الإمبراطورية بدعم المشروع.
ويوضح المؤرخ الأميركي أن سياسة بريطانيا تجاه فلسطين صيغت بأيدي الساسة والعسكريين معا، ومن أبرز الأحداث إنشاء الفيلق اليهودي بقيادة الكولونيل جون هنري باترسون عام 1917 -وهو ضابط في الجيش البريطاني- بمبادرة من فلاديمير جابوتنسكي (1880-1940)، وهو صحفي يهودي روسي حاد الطبع.
ويوضح المؤلف أن جابوتنسكي كان مأخوذا بفكرة أن الكتيبة العسكرية اليهودية إذا ساعدت في تحرير فلسطين تقطع شوطا كبيرا نحو تحويل الحلم الصهيوني إلى واقع.
وقد دعم لويد جورج هذا المشروع قائلا "إن اليهود قد يساعدوننا أكثر من العرب"، ويؤكد الكتاب على أن إنجلترا "بتأثرها العميق بالكتاب المقدس رأت في عودة اليهود إلى وطنهم القديم أمرا طبيعيا".
ويشرح المؤلف بمقابل تأييد بعض الساسة البريطانيين المشروع الصهيوني برز منهم أيضا معارضون لذلك المشروع، حيث انبرى اللورد جورج كورزون (1899-1905) لتقديم مرافعة ضد الصهيونية في مجلس الوزراء قائلا "إن فلسطين أرض قاحلة لا يمكنها إعالة ملايين اليهود الذين يراودهم أمل الاستيطان في فلسطين"، في حين رأى المتحدث العربي جورج أنطونيوس أن فلسطين لا تتسع "لأمة ثانية إلا بإبادة الأمة التي تملكها".
وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول 1917 وبعد جدل داخل الحكومة البريطانية أجيز إصدار صيغة مخففة من الوعد الذي أعلنه وزير الخارجية جيمس آرثر بلفور (1848-1930) في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 1917 "تنظر حكومة جلالة الملك بعطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين".
إعلانوعلى الرغم من استياء وايزمان من تلطيف النص فإن الوعد اعتمد بعد موافقة إدارة الرئيس الأميركي وودرو ويلسون.
ويبين المؤلف إلى أن وعد بلفور ساهم في زيادة نشاط الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة الأميركية التي كانت ضعيفة قبل الحرب، وبدعم من شخصيات مثل المحامي لويس برانديس ازداد نفوذ الصهيونية، فارتفع عدد أعضائها في أميركا عام 1919 إلى أكثر من 175 ألف عضو، مما شجع موجات الهجرة اليهودية إلى فلسطين.
ويصف المؤرخ اللبناني فواز طرابلسي بلفور في كتاب "سايكس بيكو- بلفور" (منشورات الريس) بأنه "داعية تفوق عنصري أبيض وداعم حماسي للاستعمار البريطاني".
ومهما يكن فسيترك آرثر بلفور بصمته على التاريخ من خلال رسالة من 67 كلمة ستصبح إحدى أهم الوثائق الدبلوماسية في تاريخ بريطانيا بل العالم.
يقدم بشير سعيد أبو القرايا في كتابه "النموذج الانتفاضي الفلسطيني.. دراسة في الحركة الوطنية والظاهرة الإسلامية" دراسة شاملة حول واقع النضال الفلسطيني ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
ويرصد الكاتب الظاهرة الانتفاضية في المجتمع الفلسطيني، والتي يعتبرها واحدة من أهم الظواهر السياسية والاجتماعية التي شهدتها الأمة الإسلامية خلال الـ132 عاما الماضية وما زالت قائمة تزداد فعالية وتواصلا بصورة تؤكد نماءها وارتقاءها الحضاري وسعيها الدؤوب لتحقيق كامل أهدافها التي انطلقت من أجلها.
ويستعرض المؤلف أبرز الانتفاضات الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث يبدأ بـ"انتفاضة أطفال الحجارة" (1987)، وهي "الانتفاضة الكبرى" التي دامت 7 سنوات (1987-1991).
وشكلت الحدث الأوسع نطاقا وتأثيرا في أواخر القرن الـ20 الميلادي و"انتفاضة الأقصى" التي انطلقت عام 2000، وظلت مستمرة حتى عام 2005، وتعد الحدث الأبرز دوليا آنذاك والأعظم عربيا وإسلاميا مع مطلع الألفية الثالثة من القرن الـ21، وقد سميت "انتفاضة الاستقلال" إشارة إلى استمراريتها حتى إنجاز التحرير الكامل لأرض فلسطين.
ويؤكد المؤلف أن ذلك لا يعني أن الظاهرة الانتفاضية لم تكن موجودة في فلسطين من قبل، بل إن الفلسطينيين عرفوها مع بدايات العقد الثامن من القرن الـ19 عندما استشعروا ظهور علامات تغير الصفة القومية لأرض فلسطين، مع تزايد الهجرات السرية لليهود إلى فلسطين القادمين من روسيا القيصرية، وزيادة استيلائهم على الأراضي.
ويتابع المؤلف رصد أسماء الانتفاضات التي حدثت آنذاك، حيث يبدأ بـ"انتفاضة يافا والقدس"(1921)، ثم "انتفاضة الخضيرة وملبس" بعد تأسيس أول مستوطنة صهيونية "بتاح تكفا" مكان القريتين عقب طرد الفلاحين الفلسطينيين منهما.
وذكر الكاتب من أشهر الثورات "انتفاضة النبي موسى (1920)، و"انتفاضة ثورة البراق" (1929)، و"انتفاضة ثورة القسام" (1929-1936)، وتأتي عملية "طوفان الأقصى" 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، والتي أحدثت هزة عميقة لجيش الاحتلال الإسرائيلي واهتماما بالقضية الفلسطينية على مستوى العالم بعد دخولها في طور النسيان لسنوات.
يعد هذا الكتاب "ابن الجنرال.. رحلة إسرائيلي في فلسطين" لوحة مؤثرة لإنسان يؤمن بإنسانيته ويدافع عنها مهما كلفه ذلك.
نشأ الكاتب ميكو بيليد صهيونيا يحب وطنه، ويهيم بصورة الجندي الإسرائيلي، ويتمنى أن يصبح عضوا في الوحدات الخاصة ويعتمر القبعة الحمراء رمز القوة والإقدام في إسرائيل.
لكنه يكتشف فجأة أنه لا يريد أن يصبح جنرالا، لذا يلقي القبعة ومن ورائها طموحه العسكري، ويشرع في حياة جديدة، حيث كل جزء من سيرة ميكو يؤكد عظمة الإنسان عندما يؤمن بعقله ويترك القوالب الثقافية الجامدة وراء ظهره، ويجعل الحق غاية نهائية يعيش من أجلها.
تبدأ معركة ميكو مع نفسه عندما يكون في دورية داخل أراضي الضفة الغربية، ويشعر أنه ورفاقه من الجنود "الشجعان" يُهلكون حرث فلاح فلسطيني بسيط في الضفة الغربية دون سبب، وعندما يراجع ميكو الضابط، مشيرا إلى أن هذا أمر غير لائق ينهره الضابط ويأمره بالعودة لمكانه في الدورية.
إعلانوبعد ذلك يرتحل ميكو في الزمان والمكان، وتتطور نظرته النقدية الضدية لكل سلوك تسلكه إسرائيل تجاه الفلسطينيين، فيتخلى تدريجيا عن حلمه الصهيوني حتى يصل إلى مرحلة وصفها –في الكتاب- بقوله "لم تعد لدي أي رابطة عاطفية مع الصهيونية"، وذلك بعد تجارب عدة مريرة أوصلته إلى تلك النهاية المحتومة.
ومن هذه التجارب تجربة سمعها مبكرا من أمه زيكا التي أشربته معاني السمو صغيرا برفضها سلوك إسرائيل ضد الفلسطينيين، وشعورها بالعار إزاء ما يرتكبونه من جرائم، فقد أخبرته أن الجيش الإسرائيلي عرض عليها بيتا عام 1948 في القدس نظرا إلى كونها زوجة ضابط كبير ولكنها رفضت متسائلة "هل آخذ بيت عائلة ربما تعيش الآن في مخيم لاجئين؟ بيت أم أخرى؟ هل لك أن تتخيل كم يفتقدون بيتهم؟".
لقد كان شعورها بالعار إزاء ما يفعله الجنود وتعبيرها عن ذلك مرارا منارة في طريق ميكو نحو الاعتبار لذاته المتمردة.
أما والد ميكو فهو الجنرال ماتي بيليد الذي كان واحدا من ضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي في حرب عام 1948، والذي اضطلع بدور رئيس في دفع الحكومة الإسرائيلية نحو الحرب ضد مصر عام 1967 عندما كان عضوا في هيئة أركان الجيش، كما يعزى إليه بناء الجيش الإسرائيلي.
لكن هذا الرجل -الذي وُلد في فلسطين وعرف أهلها- حاول أن يفهم ذلك الشعب الذي سلبته إسرائيل أرضه، فيقرر أن يدرس الأدب العربي ويقع في حبه وحب أهله، وبالتالي يتحول ماتي بيليد من جنرال مهيب الجناح إلى محاضر في الأدب العربي بجامعة تل أبيب.
في تلك الأثناء، تبلورت لديه رؤية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فكان من أوائل الذين فتحوا خطوط اتصال مع الفلسطينيين، ودافع عن حقوقهم حتى انتفض عنه الإسرائيليون وأصبح متهما بأنه "حبيب العرب".
في كتاب "سرديّة الجرح الفلسطيني.. تحليل للسياسة الحيوية الإسرائيلية" الصادر عن شركة "رياض الريّس للكتب والنشر" في بيروت، يحاور الصحفي والباحث ميشال نوفل الدكتور غسان أبو ستة، الطبيب المتخصص في التجميل والترميم، وأستاذ "طب النزاعات" في الجامعة الأميركية في بيروت. ويتألف الكتاب من تمهيد و5 فصول وخاتمة.
يقول المؤلفان إن أصول نظرية السياسة الحيوية التي تُعنى بإدخال مفهوم الجسد البشري في السياسة، تعود إلى محاضرة للفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو (1926-1984)، اعتمدت السلطة الحيوية الإسرائيلية منذ نشأتها، على نظرية الفيلسوف الفرنسي، والتي تُعَدّ ميدان اختبار لآخر ما بقي من أشكال الاستعمار الاستيطاني الغربي، على ممارسة سياسة التطهير العرقي الذي يصل إلى حد الإبادة الجسدية، تجاه الفلسطينيين، بذريعة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض". وتمكنت من تفريغ الأراضي التي احتلتها عام 1948، من حيويتها البشرية وطاقتها السكانية، وتحويل السكان العرب الأصليين فيها إلى كتلة هامشية.
ويشير المؤلف إلى أن إسرائيل عملت على اقتلاع الجسم الفلسطيني وإلغائه سياسيا، وكان ذلك يمثل صلب المشروع الصهيوني والاستعمار الاستيطاني في فلسطين.
ويعيد ميشال نوفل التذكير بفقرة من خطاب ديفيد بن غوريون (1886-1973)، أمام اللجنة المركزية لـ "حزب مباي" عام 1947: "لا يمكن أن يكون هناك دولة يهودية مستقرة وقوية ما دامت الأغلبية اليهودية فيها لا تتعدى 60%"، لتأكيد أن السياسة الحيوية للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي في فلسطين، ترتكز على اقتلاع الجسم الفلسطيني، من أجل الحفاظ على التفوق الديمغرافي اليهودي.
ليعود نوفل فيربطها بالحاضر القريب من خلال تصريح لرئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، في ديسمبر/كانون الأول 2003: "إذا صار العرب يشكّلون 40% من السكان، فإن هذا سيكون نهاية الدولة اليهودية، وحتى في حال وصلت نسبتهم إلى 20% فالعلاقة بهؤلاء إشكالية، وللدولة الحق في اللجوء إلى إجراءات متطرفة".
ويؤكّد المؤلف إلى أنّ حرب التطهير العرقي على أرض فلسطين أدّت إلى إنقاص عدد الفلسطينيين إلى ما دون 20% من إجمالي عدد السكان في الدولة اليهودية، وحافظت إسرائيل على هذه النسبة بفضل موجات هجرة يهودية منظمة وواسعة.
ويقول الكاتب إن الفلسطينيين الناجين من الإبادة الجماعية في غزة "يدركون أن الاتجاه السائد في إسرائيل، من الوسط إلى أقصى اليمين الصهيوني، ينظر إليهم باعتبارهم مشكلة وجودية يتعيّن التخلص منها".
ينقلنا الكتاب بصورة طبيعية إلى الفصل الثاني المتعلق بحرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة، ويعرض الفصل الثاني وقائع تبين أنه خلال الحرب على غزة تعمدت إسرائيل ضرب القطاع بمليون ونصف مليون كيلوغرام من المتفجرات.
ويرى المؤلف أن قطاع غزة أشبه بمخيم كبير للاجئين، وإن حرب النكبة (1948) لا تزال مستمرة، ذلك بأن المشروع الصهيوني يمارس الإبادة الجسدية سعيا إلى تحقيق الإبادة السياسية، أي إلغاء الجسم السياسي الفلسطيني. ووفقا للمؤلف فإن هذا يفسر نزوع إسرائيل إلى ممارسة الحد الأقصى من الإجرام بحق الجسد الفلسطيني في القطاع.
ويشير الكتاب إلى أن المخطط الإسرائيلي توصل إلى الاستنتاج أن استعصاء الحل يجب ألا يمنعه من استهواء توجيه الضربات إلى غزة العاصية، والإيغال في الدم الفلسطيني.
ويستشهد المؤلف برأي المؤرخ الإسرائيلي بني موريس الذي تحدث عن مراحل عدّة للنكبة الفلسطينية، والخلاصة أن بعد "مرحلة التطهير العرقي الأولى، تأتي الحرب ونتائجها بتطهير عرقي غير مخطط له، ثم مرحلة ثالثة تبرز حالة يمكن تلخيصها بعبارة: "غلطتنا الكبرى أننا تركنا أحدا منهم". وهذا يعني بالنسبة إلى أصحاب المشروع الصهيوني أنه "يجب استكمال ما بدأناه في 1948".
ويشرح إيلان بابه أن الخطة "دالت" هي "النسخة الرابعة والنهائية عن خطط أقل جذرية وتفصيلا تتعلق بطريقة التعامل مع المجموعات الكبيرة من الفلسطينيين القاطنة في الأرض التي كانت الحركة الصهيونية تشتهيها لنفسها".
ويؤكد إيلان بابه أن تنفيذ "الخطة استغرق 6 أشهر بسبب المقاومة الفلسطينية المحلية، وأفضت إلى تهجير نصف سكان فلسطين الأصليين، أي ما يقارب 800 ألف نسمة وتدمير 531 قرية وإخلاء 11 حيا من السكان".
ويقول المؤلّف تستوقفنا مسألة مهمّة في حملة الإبادة المستمرة في قطاع غزّة، إذ تُعتبر غزّة بمثابة القابلة التاريخية للعمل الفدائي، كما أنّ شظف الحياة في غزّة يخلق مقاتلين أكثر شدّة ومجتمعاً أكثر قدرة على استيعاب الآلام. وأضاف ميشال نوفل إلى أنّ ما نشهده هذه الأيام في قطاع غزة "يُعَدّ بالمقياس البشري ملحمة من الشجاعة ستخلق أسطورة بعد قرون
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: شفافية غوث حريات دراسات اجتماعي الاحتلال الإسرائیلی صلى الله علیه وسلم الحرکة الصهیونیة المشروع الصهیونی الشرق الأوسط القرن الـ20 القرن الـ19 أرض فلسطین بیت المقدس إلى فلسطین فی فلسطین فی تاریخ فی کتابه من خلال التی ت على أن
إقرأ أيضاً:
95 من العاملين في القطاع الصحي الفلسطيني مازالوا محتجزين لدى إسرائيل.. من هم؟
#سواليف
مع تزايد الدعوات الدولية المطالِبة بالإفراج عن العاملين في #القطاع_الصحي الفلسطيني #المحتجزين في #سجون_الاحتلال الإسرائيلي، كشفت #منظمات_حقوقية استمرار اعتقال 95 طبيبا وممرضا ومسعفا.
وقالت المنظمات أنه جرى توقيف معظمهم من داخل #المستشفيات أو #سيارات_الإسعاف أثناء تأديتهم مهامهم الإنسانية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تحظر المساس بالفِرق الطبية أثناء النزاعات المسلحة.
احتجاجات دولية ودعوات للإفراجشهدت العاصمة البريطانية لندن، الأسبوع الماضي، وقفة تضامنية أمام مستشفى سانت توماس، نظمها أطباء ومهنيون من مختلف التخصصات الصحية، للمطالبة بـ”الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع العاملين الصحيين الفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل“، بحسب بيان المنظمين.
مقالات ذات صلة تعرف إلى أسعار الذهب والليرات الرشادي والإنجليزي اليوم الأحد 2025/11/02وجاءت الوقفة في أعقاب قرار محكمة إسرائيلية تمديد اعتقال مدير مستشفى كمال عدوان شمال غزة الدكتور حسام أبو صفية مدة ستة أشهر إضافية بموجب ما يُعرف بـ”قانون المقاتلين غير الشرعيين”، وهو قانون مثير للجدل يسمح للسلطات الإسرائيلية باحتجاز الأشخاص دون توجيه تهم رسمية أو إخضاعهم لمحاكمة.
الدكتور حسام أبو صفية (الجزيرة مباشر) أبو صفية.. رمز الصمود الطبيبرز اسم الدكتور حسام أبو صفية بوصفه أحد أبرز رموز القطاع الصحي في غزة، بعدما قاد مستشفى كمال عدوان خلال ذروة القصف الإسرائيلي على شمالي القطاع.
ورغم استشهاد ابنه في غارة إسرائيلية، ودمار أجزاء من المستشفى الذي يديره، فقد واصل أبو صفية عمله في إنقاذ الجرحى والمرضى حتى لحظة اعتقاله نهاية ديسمبر/كانون الأول 2024.
وتؤكد منظمة العفو الدولية أن الدكتور أبو صفية مُحتجَز دون توجيه تهم رسمية أو محاكمة، مشيرة إلى تعرُّضه للتعذيب وسوء المعاملة وفقدان الوزن الحاد وحرمانه من الرعاية الطبية ومن مقابلة محاميه، وهو ما يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي.
الأعداد والتوزيع الجغرافي للمعتقلينووفقا لتقرير صادر عن منظمة “مراقبة العاملين في القطاعالصحي” البريطانية، فإن من بين المعتقلين الـ95، هناك 80 من قطاع غزة و15 من الضفة الغربية المحتلة. وفي غزة وحدها، توزعت الفئات المهنية للمحتجزين على النحو الآتي:
31 ممرضا وممرضة 17 طبيبا 15 موظفا إداريا وداعما للمستشفيات 14 مسعفا صيدليان اثنان فني طبي واحدكما يشغل 25 من المحتجزين مناصب قيادية في مؤسساتهم الصحية، في حين يعمل 50 شخصا في وظائف متوسطة المستوى، و5 ضمن الطواقم المبتدئة.
أما من حيث التوزيع الجغرافي داخل قطاع غزة، فتشير الإحصاءات إلى أن شمالي القطاع يتصدر القائمة بـ36 محتجزا، تليه خان يونس بـ24، ومدينة غزة بـ18، ثم رفح بـ3 محتجزين.
انعدام تام للبنية التحتية الطبية في مستشفيات غزة (الأوروبية) ضحايا ومفقودون خلال فترة الحربمنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى أكتوبر 2025، وثقت المنظمة اعتقال 431 من العاملين الفلسطينيين في القطاع الصحي، أُفرج عن معظمهم لاحقا ضمن صفقات تبادل أو بقرارات قضائية، في حين لا يزال 95 شخصا رهن الاعتقال حتى الآن.
كما أكدت المنظمة أن خمسة من العاملين الصحيين لقوا حتفهم أثناء احتجازهم لدى الاحتلال، وهم:
الطبيب إياد الرنتيسي الطبيب عدنان البرش المسعف حمدان حسن عنابة الطبيب زياد الدلو الموظف في مستشفى الشفاء مصعب هنيةولا يزال خمسة آخرون في عداد المفقودين، ولم تتمكن عائلاتهم أو المنظمات الحقوقية من تحديد أماكن احتجازهم أو مصيرهم، وهم:
الطبيب محمد خالد الدريدساوي الطبيب حمودة سالم شعث الطبيب طلال أكرم الشوا ابنته الصيدلانية سلوى طلال أكرم الشوا مختص العلاج الطبيعي إيهاب خليل بدرةوفي تقرير آخر صدر عن المنظمة في فبراير/شباط 2025، وثق مقتل 1200 شخص على الأقل من العاملين في المجال الصحي في غزة بأيدي قوات الاحتلال منذ بدء الحرب، مشيرا إلى أن هذا العدد “ربما لا يعكس الحقيقة الكاملة”، نظرا لصعوبة الوصول إلى كثير من المناطق المنكوبة قبل وقف إطلاق النار الأخير.
انهيار شامل للبنية الصحية في غزةتؤكد بيانات وزارة الصحة الفلسطينية أن 94% من مستشفيات قطاع غزة تضررت أو دُمرت كليا جرّاء القصف الإسرائيلي، وهو ما أدى إلى انهيار شبه كامل للنظام الصحي. وزاد هذا الانهيار تعقيدا بفعل فقدان الطواقم الطبية بين قتلى ومعتقلين ومفقودين.
وقالت الطبيبة ريبيكا إنغليس، المسؤولة في منظمة مراقبة العاملين في القطاع الصحي، إن “احتجاز نحو 100 من الطواقم الطبية الفلسطينية يُعَد انتهاكا واضحا للقانون الدولي الإنساني”، مؤكدة وجود “أدلة متزايدة على تعرُّض المحتجزين الفلسطينيين للتعذيب وسوء المعاملة داخل السجون الإسرائيلية”.
واحدة من أفراد الطواقم الطبية مصابة في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز) ضرب لمبدأ الحياد الطبيتحذر منظمات حقوقية دولية من أن استمرار احتجاز الأطباء والممرضين الفلسطينيين يشكل ضربة خطيرة لمبدأ الحياد الطبي، وهو مبدأ أساسي في القانون الدولي يحظر استهداف أو اعتقال العاملين الصحيين أثناء النزاعات المسلحة.
ويرى مراقبون أن فقدان هذا العدد الكبير من الأطباء والمسعفين والإداريين يمثل نزيفا خطرا في القدرات البشرية داخل منظومة الرعاية الصحية الفلسطينية، التي تعاني أصلا انهيارا حادّا في البنية التحتية ونقص المعدات والإمدادات الطبية.
وتشدد المنظمات الحقوقية على أن استمرار احتجاز العاملين في القطاع الصحي الفلسطيني يشكل انتهاكا فاضحا للقانون الدولي الإنساني، مطالبة بـ:
الإفراج الفوري غير المشروط عن جميع المعتقلين من الطواقم الطبية. السماح للّجنة الدولية للصليب الأحمر بالوصول إليهم وتفقُّد أوضاعهم الصحية والإنسانية. فتح تحقيق دولي مستقل في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة التي وردت في تقارير حقوقية موثوقة.