أعادت تحركات الاحتلال الإسرائيلي للمصادقة على مشروع قانون يقضي بفرض عقوبة الإعدام على الأسرى الفلسطينيين، الضوء على حوادث تاريخية جرى فيها تنفيذ فعلي لجريمة الإعدام على يد قوات الاحتلال، التي لا تنتظر قوانين لتبرير جرائمها بحق الفلسطينيين.

ويعتزم الكنيست الإسرائيلي التصويت على قانون إعادم الأسرى يوم الأربعاء المقبل، رغم ما واجهه القانون من إدانات حقوقية واسعة باعتباره انتهاكا للالتزامات الدولية و"توحشا غير مسبوق".



يأتي هذا في وقت أكد فيه منسق شؤون الأسرى والمفقودين في مكتب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي غال هيرش، أن نتنياهو أعلن دعمه لمشروع القانون، بعد مزاعم بأن نتنياهو طالب بتأجيل المناقشة، فضلا عن مساع بذلها هيرش، لإلغاء المداولات.

وبالعودة إلى الحوادث التاريخية التي قتل فيها الاحتلال أسرى فلسطينيين، سواء من خلال إعدامهم بشكل مباشر داخل المعتقلات، أو استهدافهم بعد وقت قصير من اعتقالهم والتنكيل بهم.

فمنذ احتلال الأراضي الفلسطينية تعمد الاحتلال اغتيال عدد من الأسرى، وتنفيذ الإعدام الميداني بحق الفلسطينيين، دون الاستناد إلى أي قانون، فيما سارع إلى تقديم مبررارت وذرائع كاذبة، وتستعرض "عربي21" ثلاث من الحالات التي جرى فيها إعدام الأسرى من بين جرائم كثيرة على مدار السنوات الماضية.

إعدام الأسير سميح أبو حسب الله
ارتكبت قوات الاحتلال جريمة إعدام الأسير سميح سعيد عبد الرحمن أبو حسب الله عام 1970، الذي جرى اعتقاله من بين رفاقه الأسرى في سجن غزة وأعدموه بعيدا عن السجن بدعوى محاولته الهرب، وينحدر من مدينة يافا واستقرت عائلته في مخيم النصيرات وسط القطاع.

اعتقلته قوات الاحتلال منتصف آب/ أغسطس عام 1970 بتهمة الانتماء للجبهة الشعبية، والمشاركة في العمليات الفدائية، وزجت به في زنازين سجن غزة المركزي (السرايا)، ومارست معه أبشع أشكال التعذيب الجسدي والنفسي، والتي لم تفلح في كسر إرادته.

بعد انتهاء فترة التحقيق معه، جرى نقله إلى قسم (ب) في ذات السجن، وبعد بضعة أيام وتحديدا في الثاني عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 1970، وأثناء وجوده مع زملائه في الفورة اليومية، فإذا بضابط إسرائيلي ينظر بعينيه للأسرى وتحركاتهم، وفجأة يرى سميح، فيُجن جنونه ويصرخ بأعلى صوته على الأسير "أبو حسب الله" وعلى مسمع ومرأى جموع الأسرى الذين كانوا معه في "الفورة": "أنت لساتك عايش.. تعال تعال؟".



وفتح ضابط الاحتلال الباب وكبل يدي سميح بالسلاسل وعصب عينيه بقطعة من القماش، وأخذه من بين خمسين أسيرا كانوا في الساحة، وكأنه أراد أن ينتقم منه ومن صموده. حينها أيقن جميع الأسرى أن زميلهم ذاهب للموت قسرا. وكما قالوا لي: ان انفعالات الضابط وملامح وجهه وكلماته ونبرة صوته كانت توحي بأنه مجرم وسيقتله.

أخذوه ومن ثم نقلوه في دبابةٍ مصفحة إلى منزله الكائن في حي "الكلبوش" في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ودخل الجنود المنزل الذي لم تكن فيه سوى والدته، وحبسوها في واحدة من غرف بيتها الثلاث، واقتادوا "سميح" مكسر الأسنان ومنزوع الأظافر، في أرجاء المنزل، ثم حملوه مرة أخرى (بالقوة) داخل الدبابة ونقلوه من بيت أهله باتجاه الغرب، إلى منطقة كانت نائية آنذاك، فتوقفت الدبابة هناك ونزل الجنود المدججين بالسلاح وحاصروا المنطقة، وعندها قُذف بـ"سميح" خارج الدبابة وأطلقوا النار باتجاه رأسه، فأردوه قتيلا. وكثير من المارة والجيران سمعوا صوت الرصاصات وكانوا شهودا على الجريمة.

إعدام الأسيرين أسعد الشوا وبسام السمودي
أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على إعدام الأسيرين أسعد الشوا وبسام السمودي، بعد إطلاق النار عليهما في معسكر "كتسعيوت" بسجن النقب في 16 آب/ أغسطس 1988.

وجاءت عملية إعدام الأسيرين عقب عمليات تفتيش وتنكيل في المعتقل، ومضاعفة لعزل الأسرى لمدة طويلة، وفرض ظروف اعتقالية سيئة، إلى جانب منع أهالي الأسرى من زيارتهم.

وخرج في ذلك اليوم القمع الإسرائيلي من عقاله، وتسبب في إعدام الأسيرين الشوا والسمودي بالرصاص، وذلك بعد رفضهم الخروج إلى العمل الإجباري.

وفي تفاصيل الإعدام، اقترب ضابط إسرائيلي من بوابة قسم الأشبال طالبا عددا منهم للخروج إلى العمل، لكن هذا اليوم لن يجاب طلبه بناء على التوافق الاعتقالي حول هذا الأمر، وقال الضابط لممثل القسم أريد 20 عاملا وفورا، لكن جميع الأسرى قرروا الامتناع عن العمل، فقام الضابط بالعودة إلى الخلف ليبلغ إدارة السجن بما سمع.

فعاد الضابط الإسرائيلي من جديد إلى القسم ومعه قوة كبيرة من الجنود، وفتحوا باب القسم وطلبوا من الأسرى الامتثال لأمر التعداد الأمني، فجلس كل من في القسم على الأرض، وبدأ الضابط باختيار بعض الأسرى وأخرجهم منه.

وانطلقت شرارة الانفجار مع تعالي صراخ الأسرى في القسمين المتقابلين، ولاحقا باقي الأقسام، وبدأ كافة الأسرى عن بكرة أبيهم بإلقاء الحجارة على الجنود، وتحول المعسكر بجميع أقسامه إلى بركان يقذف حمما من الغضب.



لقد تملك الخوف والذهول الضابط الإسرائيلي والجنود الذين معه، فهربوا من القسم وتركوا الأسرى خلفهم، بينما الصرخات تتعالى وتشتد لأن الأقسام الأخرى البعيدة عن مكان الحدث لا تعلم ماذا يجري، لكنها تعرف ما هو المطلوب منها، وهو مواصلة الهتاف والصراخ وإلقاء الحجارة، في هذه الأثناء عاد إلى القسم الضابط ومعه مدير السجن ومعهم عشرات الجنود والمجنزرات والسيارات المزودة بمعدات إطلاق المياه، وجميع هؤلاء مدججون بالأسلحة والدروع وقنابل الغاز المسيل للدموع.

كان قائد السجن في حالة عصبية واضحة مما يحدث، وتولى على الفور إعادة توزيع الجنود، واستل من يد أحدهم بندقية وبدى أكثر شراسة وعدوانية من باقي الجنود، وبدأ بالسب والصراخ، وقال إذا بينكم رجل فليواجهني ويقف أمامي، فتصدى له الأسير أسعد الشوا وهو من غزة، ولكن الضابط الإسرائيلي أطلق عشرة رصاصات في صدره وأرداه شهيدا.

وانتقل الضابط الإسرائيلي إلى مكان آخر في السجن، ووقف أمام خيمة أحد الأسرى وهو بسام السمودي، ومرى أخرى يستل بندقية أحد الجنود، ويتكئ كقناص محترف بجانب خزان المياث المثبت على قاعدة حديدية، ويصوب بندقيته نحو الخيمة، ويطلق رصاصتين في صدر بسام السمودي.

وكانت حصيلة هذه الأحداث الشهيدين الشوا والسمودي و80 مصابا، بسبب الغاز المسيل والرصاص المطاطي، وسجل الاحتلال بفعلته هذه سابقة جديدة تعد الأولى من نوعها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وهي إعدام أسرى داخل أسرهم وهم مجردين من أي سلاح.

إعدام الأسير محمد الأشقر
استشهد الأسير محمد الأشقر برصاص قوات الاحتلال في سجن النقب عام 2007، وذلك عقب اقتحام لإإدارة السجن كافة الأقسام والاعتداء على الأسرى بالضرب، وإطلاق قنابل الصوت والغاز صوبهم.

وأدت اعتداءات الاحتلال إلى حرق خيام قسمين كاملين في سجن النقب، إلى جانب تخريب معظم ممتلكات الأسرى الفلسطينيين.

وبدأت الأحداث باقتحام وحدة "ناحشون" المدججة بالهراوات والدورع وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع السجن عند الساعة الثانية ليلا، والذي يقبع فيه 120 أسيرا معظمهم يقضون أحكاما عالية، إلا أن الأسرى تصدوا لهذه المحاولة بكل إمكانياتهم، ورفضوا مثل هذا التفتيش الاستفزازي بدعاوى أمنية لا مبرر لها في مثل هذه الساعة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الاحتلال الإعدام الأسرى الفلسطينيين جرائم فلسطين إعدام الأسرى الاحتلال جرائم المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضابط الإسرائیلی قوات الاحتلال إعدام الأسیر

إقرأ أيضاً:

نادي الأسير: وحشية الاحتلال بلغت مستويات غير مسبوق

أكد نادي الأسير أن وحشية دولة الاحتلال بلغت مستويات غير مسبوقة، حتى غدت المفاهيم الحقوقية قاصرة عن وصفها، إذ لم تكتفِ بقتل عشرات الأسرى منذ اندلاع حرب الإبادة، بل تسعى اليوم إلى ترسيخ جريمة الإعدام عبر تشريع قانون خاص.

وأكد في بيان صدر اليوم الاثنين، تعقيبا على إقرار لجنة "الأمن" في الكنيست الإسرائيلية مشروع قانون يتيح تنفيذ حكم الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين، أن ما يجري ليس سوى خطوة إضافية لترسيخ جريمة قائمة وممارسة منذ عقود، وذلك من خلال "شرعنتها" عبر القوانين والتشريعات والأوامر العسكرية.

وأشار إلى أن الاحتلال لم يتوقف يوماً عن تنفيذ عمليات الإعدام خارج "نطاق القانون" بحق الفلسطينيين، سواء الإعدام المتعمد أثناء الاعتقال، أو التحقيق، أو الاغتيال، أو الإهمال الطبي المميت، ضمن مسار الجرائم الطبية الممنهجة.

وتابع: مارست منظومة الاستعمار الإسرائيلي على مدار عقود طويلة سياسات إعدام بطيء بحق مئات الأسرى داخل السجون، عبر أدوات وأساليب ممنهجة أدت إلى استشهاد العشرات منهم، وشهدت هذه السياسات تصعيداً غير مسبوق منذ بدء حرب الإبادة، لتجعل من المرحلة الراهنة الأكثر دموية في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة.

وبهذا الصدد، أوضح أن عدد الشهداء الأسرى في سجون الاحتلال منذ بداية الحرب وحتى بداية تشرين الثاني 2025 بلغ 81، وهم فقط المعلن عنهم إلى جانب العشرات من معتقلي غزة الذين تم إعدامهم وما زالوا رهن الإخفاء القسري.

ونوه إلى أنه من أبرز الشواهد على عمليات الإعدام الجارية، جثامين الشهداء الذين تم تسليمهم من غزة بعد الحرب، إذ تبيّن أن جزءاً كبيراً منهم كانوا معتقلين جرى إعدامهم لاحقاً، وظهر بعضهم في مقاطع مصوّرة وهم أحياء، قبل أن يتبيّن لاحقاً أنه تم إعدامهم والتمثيل بجثامينهم.

وأوضح أن وصول المسار التشريعي لقانون إعدام الأسرى إلى مرحلة القراءة الأولى لم يكن مفاجئا لمتابعين قضية الأسرى، خصوصاً في ظل حالة التوحش غير المسبوقة التي تمارسها منظومة الاحتلال، التي تمعن في الإبادة الجماعية، فيما تشكل السجون أحد ميادين هذه الإبادة الممتدة من غزة إلى مختلف أماكن الاحتجاز.

وشدد على أنه على الرغم من وضوح موقف القانون الدولي الذي عمل على إلغاء عقوبة الإعدام ضمن عدة معاهدات دولية إحداها ذات نطاق عالمي، فإن إصرار الاحتلال على تقنين هذه الجريمة وإضفاء صبغة "شرعية" عليها، يؤكد مجدداً أن "دولة الاحتلال" تتصرف باعتبارها فوق القانون وخارج نطاق المساءلة، وهو ما كشفت عنه حرب الإبادة التي أظهرت عجز المجتمع الدولي وتواطؤه الممنهج مع منظومة الاستعمار والقتل.

ونوه إلى أن مشروع "قانون إعدام الأسرى" ليس جديداً، بل هو قائم ضمن الأنظمة القانونية للاحتلال، التي ورث جزءاً منها عن أنظمة الانتداب البريطاني، إلا أن تطبيقه ظلّ مقيداً، ومرّ بعدة مراحل وتعديلات استناداً إلى قضايا سابقة طُرحت فيها دعوات لإقرار عقوبة الإعدام بحق مناضلين فلسطينيين.

وأوضح أن ذلك ارتبط دائماً بالتوجهات السياسية داخل دولة الاحتلال، ومع صعود حكومة اليمين الإسرائيلي الأشد تطرفاً في تاريخ الاحتلال، تصاعدت الدعوات بقيادة الوزير المتطرف "بن غفير"، وأعضاء من حزب الليكود، وإسرائيل بيتنا، وطيف متنوع من أعضاء الكنيست اليمينيين، لإقرار القانون، بل ربط مصير بقاء ما يسمى الائتلاف الحكومي بإقرار هذا القانون، الذي حظي بدعم مباشر من الفاشي " بنيامين نتنياهو ".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين إصابات بالاختناق خلال اعتصام ضد اعتداءات المستوطنين في الخليل في اختراق جديد لوقف إطلاق النار: شهيدان برصاص الاحتلال شمال رفح الاحتلال يعتقل خمسة مواطنين في سلفيت ويمنع المزارعين من قطف ثمار الزيتون الأكثر قراءة بالصور: سبب وفاة حارس ريال مدريد السابق - خوسيه مانويل أوتشوتورينا ويكيبيديا ملك الأردن: الدول سترفض "فرض السلام" في غزة بموجب خطة ترمب رئيس الوزراء الفلسطيني يلتقي أمين عام منظمة التعاون الرقمي في الرياض "شؤون القدس" تحذر من استغلال السياحة لفرض السيطرة الإسرائيلية على الأقصى عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • مؤسسات الأسرى عن قانون إعدام الأسرى: جريمة حرب خطيرة تشرعن سياسة الإعدام الممنهج
  • الكنيست الإسرائيلي يقر مشروع قانون بإعدام أسرى فلسطينيين
  • إعلام الأسرى الفلسطينيين: مشروع قانون الإعدام الإسرائيلي للأسرى جريمة حرب
  • نادي الأسير: إقرار الكنيست مشروع قانون الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين خطوة إضافية لترسيخ جريمة قائمة
  • نادي الأسير الفلسطيني يؤكد:العدو الصهيوني لم يتوقف يوماً عن تنفيذ عمليات الإعدام
  • نادي الأسير: وحشية الاحتلال بلغت مستويات غير مسبوق
  • إقرار مشروع قانون إعدام الأسرى .. ونادي الأسير يعتبره جريمة
  • نادي الأسير: الاحتلال لم يتوقف عن إعدام فلسطينيين خارج نطاق القانون
  • إعلام الأسرى: المصادقة على مشروع قانون إعدام الأسرى "جريمة حرب"