حين سقطت الفاشر.. سقطت الإنسانية
تاريخ النشر: 1st, November 2025 GMT
سقوط مدينة الفاشر في السودان على يد قوات الدعم السريع ليس مجرد حدث عابر في حربٍ داخلية، بل هو جرح غائر في جسد الوطن ووصمة عار على جبين من صمت ومن خان. هذه المدينة التي كانت رمزًا للتعايش والصمود في وجه الكوارث، سقطت اليوم فريسة للفوضى والدمار، بعدما أحاطت بها قوات الدعم السريع من كل الجهات لتفرض واقعًا جديدًا من الرعب والإذلال.
الفاشر لم تسقط لأن مقاتليها انهزموا، بل لأن الدولة السودانية تآكلت من الداخل، ولأن صمت العالم على جرائم الحرب في دارفور شجّع الجناة على المضيّ قدمًا في وحشيتهم. الروايات الخارجة من المدينة تفيض بالمآسي: جثث في الشوارع، عائلات تفرّ سيرًا على الأقدام، نساء وأطفال يختبئون بين الأنقاض، ومسلّحون يسيطرون على البيوت وينهبون الممتلكات في وضح النهار. لم يعد هناك قانون ولا دولة، بل فوضى يفرضها السلاح على حساب كل قيمة إنسانية.
وتأتي هذه الاتهامات في ظل تقارير محلية ودولية توثق عمليات قتل جماعي وإعدام جرحى ومرضى داخل المستشفيات وتصفية عاملين في الجمعيات الخيرية، حيث أعلنت مفوضية العون الإنساني أن أكثر من ألفي مدني بينهم نساء وأطفال ومسنون قُتلوا خلال يومين فقط.
المشهد اليوم في الفاشر يكشف عن سقوط آخر، أعمق من سقوط الأرض، وهو سقوط الضمير الإنساني. قوات الدعم السريع لم تكتفِ بالاستيلاء على المدينة، بل تجاوزت كل حدود الرحمة وهي تمارس الإعدامات الميدانية وتصفية المعارضين والنازحين على الهوية. إنّها ليست حربًا بين جيشين، بل إبادة ممنهجة ضد المدنيين، تُنفَّذ تحت أنظار العالم الذي يكتفي بالتصريحات والمخاوف. الأمم المتحدة تتحدث عن تصاعد غير مسبوق في أعداد القتلى، لكنّ صرخات الضحايا لا تجد آذانًا تصغي ولا قلوبًا تتحرك.
إنّ ما يجري في الفاشر ليس شأنًا محليًا، بل جريمة كبرى ضد الإنسانية، تهدّد وحدة السودان ومستقبله. تركُ المدينة لمصيرها تحت سطوة المليشيات هو خيانة لحق الشعب في الأمان والحياة. من سكت اليوم سيجد نفسه غدًا أمام خريطة جديدة لبلادٍ تتفتت أمام عينيه. سقوط الفاشر ليس نهاية معركة، بل بداية انكسار إذا لم يتحرك الضمير الوطني والعربي والدولي لإنقاذ ما تبقّى من السودان. إنها ساعة الحقيقة، فإما أن ينتصر العقل والحق والعدل، وإما أن يبتلع الطغيان ما تبقّى من روح الوطن.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د سراج الدين ياسين سراج الدين السودان جسد الوطن الدولة السودانية
إقرأ أيضاً:
المنسق الأممي للإغاثة: يجب إيقاف العنف في السودان وتوصيل المساعدات الإنسانية
قال المنسق الأممي للإغاثة، اليوم الخميس، إنه يجب إيقاف العنف في السودان وتوصيل المساعدات الإنسانية بشكل عاجل.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، إنهم قلقون إزاء الصور والتقارير القادمة من الفاشر.
وأكدت المنظمة الأممية أن تصاعد العنف تسبب في حصار آلاف الأطفال.
وأضاف قائلاً :"130 ألف طفل في الفاشر معرضون لخطر كبير جراء انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".
اقرأ أيضاً.. صحافة أمريكا تُبرز دور مصر في إنهاء مُعاناة غزة
وقال الاتحاد الأوروبي، يوم الثلاثاء الماضي، إنهم قلقون للغاية من تصاعد القتال في السودان.
ويأتي الموقف الأوروبي في إطار توالي المواقف الدولية المُنددة بجرائم الدعم السريع.
وقالت القوة المشتركة لحماية المدنيين بإقليم دارفور إن ميليشيات الدعم السريع قتلت أكثر من ألفي مواطن بالفاشر يومي الأحد والاثنين.
ويأتي ذلك في ضوء استمرار الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع.
تواصل قوات الدعم السريع عرقلة إدخال المساعدات الإنسانية إلى السودان.
ويأتي ذلك في إطار مُواصلة قوات الدعم السريع انتهاكاته تجاه أبناء الشعب السوداني.
وفي وقت سابق، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الفاشر، ويستهدف الجيش السوداني قوات الدعم السريع من كل الاتجاهات في الفاشر.
ويأتي ذلك في إطار تصدي الجيش السوداني لعناصر من قوات الدعم السريع تسللوا لمدينة الفاشر.
وفي وقت سابق، حذّرت منظمات أممية من تدهورٍ إنساني خطير في مدينة الفاشر غربي السودان، داعيةً إلى وقفٍ فوريٍ للأعمال العدائية وحماية المدنيين، خصوصًا الأطفال الذين يواجهون أوضاعًا كارثية.
وأوضحت المنظمات في بيان مشترك أن المرافق الصحية في المدينة انهارت بالكامل، فيما يواجه آلاف الأطفال المصابين بسوء التغذية خطر الموت في ظل نقص الإمدادات الطبية والغذائية.
وأشارت إلى أن أكثر من 260 ألف مدني، بينهم 130 ألف طفل، يعيشون تحت الحصار منذ أكثر من 16 شهرًا، مؤكدة أن استمرار العنف يفاقم الأزمة ويهدد حياة مئات الآلاف ما لم يُسمح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وآمن.
وقال تيدروس أدهانوم، مدير منظمة الصحة العالمية، إنه يدعو إلى حماية المرافق الصحية في الفاشر وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
وأضاف: "الهجمات على مستشفى في مدينة الفاشر أدت إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة 12 آخرين".
وأكمل: "مدينة الفاشر بالسودان تحت الحصار منذ أوائل مايو 2024".
وفي وقتٍ سابق، حمّلت شبكة أطباء السودان قوات الدعم السريع المسئولية المباشرة عن الكارثة الإنسانية في مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، نتيجة استمرار حصارها المفروض على المدينة.
وأوضحت الشبكة أن ما يجري في الفاشر لم يعد مجرد أزمة إنسانية عابرة، بل هو "جريمة ممنهجة" تمارس بحق السكان المدنيين، في ظل انقطاع الإمدادات الطبية والغذائية.