المسلة:
2025-11-04@04:50:26 GMT

الانتخابات.. صناديق الخوف والطائفية

تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT

الانتخابات.. صناديق الخوف والطائفية

4 نونبر، 2025

بغداد/المسلة:

‏محمد النصراوي

عند كل موسمٍ انتخابي، يعيد المشهد السياسي العراقي إنتاج ذاته بآليةٍ مؤسفة، وكأن البلاد محكومةٌ بدورةٍ مغلقة من الوعود المزيفة والتحريض الممنهج، يخرج بعض المرشحين من سباتهم ليمارسوا طقساً قديماً، لا يأتون ببرنامج، بل يستحضرون لغة الانقسام، تتحول الحملة الانتخابية إلى حملة تخويفٍ منظم حيث يُستغل الناخب ليصبح صوتاً غريزياً لا اختياراً عقلانياً، يخوَف السني من الشيعي، والشيعي من الكردي، وهكذا دواليك، حتى يصبح الصوت الانتخابي استجابةً للخطر الموهوم.

هذه ليست منافسةً بين مشاريع تنميةٍ أو خططٍ اقتصادية، بل هي صراع استثمارٍ في القلق الاجتماعي، المرشح الذي يعجز عن تقديم منجزٍ حقيقي أو خدمةٍ ملموسة، يجد في إثارة الطائفية أسهل وأرخص وسيلةٍ لتعبئة قاعدته، يلوح بالخطر القادم إن لم يُنتخَب، مدعياً أن بقاءه هو صمام الأمان الوحيد، في حين أنه غالباً ما يكون جزءاً من جذور الأزمة لا من حلها.

الطائفية، في هذا السياق، ليست مجرد رأيٍ سياسي؛ إنها أداةٌ فعالة للهروب من المسؤولية، عندما يفشل السياسي في إصلاح شبكة الكهرباء المتداعية، يشعل نيران الخلاف المذهبي، وحين يعجز عن إدارة اقتصادٍ يعتمد كلياً على النفط، يبدأ فوراً بإثارة “المظلومية” و”المؤامرة الخارجية” لتبرير فشله، والنتيجة المحتومة هي أن المواطن يُدفع في كل مرةٍ إلى معركةٍ وهمية لا تبني له مدرسة، ولا تعبد طريقاً، ولا توفر له فرصة عملٍ كريمة.

الخاسر الأكبر في هذه المعادلة هو الناخب نفسه، الذي يُستدرج إلى صناديق الاقتراع ليصوت ضد خصمه المفترض، وليس لمن يمثله حقاً، يتحول التصويت من أداةٍ لتحقيق التغيير المنشود إلى أداةٍ تكرس وتؤبد الانقسام، يربح السياسي كرسياً ويخسر الوطن بأكمله فرصةً جديدة للنهوض والتأسيس لدولة مواطنةٍ حقيقية.

إن العراق لم يعد بحاجةٍ إلى من يذكره بجروحه القديمة أو خلافاته المزمنة، بل إلى من يركز على قدراته وإمكانياته، نحتاج إلى مرشحٍ يملك الجرأة ليتحدث عن استدامة الماء والوظائف والبنية التحتية، لا عن التاريخ الممزق والذاكرة الدموية، الطائفية في جوهرها ليست قدراً إلهياً، بل هي تجارةٌ سياسية فاسدة، آن الأوان لأن يكسر العراقيون هذه السوق، فالمواطنة الحقة لا تُقاس بالمذهب أو القومية، بل بما يُقدم للوطن.

على الناخب أن يرفع صوته العاقل، ويسأل المرشحين “ماذا قدمت؟” لا “من أين أتيت؟” عندها فقط، سيخسر تجار الطوائف تجارتهم، وسينتصر العراق على أخطر عدو داخلي “وهم الخوف من شريك الوطن”.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

النزاهة تصدر لائحة السلوك الوظيفي: لضمان نزاهة الانتخابات

1 نونبر، 2025

بغداد/المسلة:

هيئة النزاهة الاتحادية: ضمان لنزاهة الانتخابات ..
هيئة النزاهة الاتحادية تدعم نزاهة الانتخابات من خلال إصدار لائحة السلوك الوظيفي في نطاق الانتخابات.

https://almasalah.com/wp-content/uploads/2025/11/WhatsApp-Video-2025-11-01-at-12.23.47-PM.mp4

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • السوداني: أسعى لولاية ثانية
  • العراق بين واشنطن وطهران.. صناديق اقتراع على حافة النفوذ
  • ولادة جديدة.. هل تنعش انتخابات 2025 النظام السياسي بالعراق؟
  • المفوضية تسلم صناديق بطاقات الناخب إلى مراكز التوزيع استعدادًا لانطلاق عملية التوزيع
  • الانتخابات الأمريكية تعمّق الانقسام بين الولايات الحمراء والزرقاء وتؤجج حرب التقسيم السياسي
  • المفوضية تنشر اسماء المراكز المسموح تغطيتها خلال الانتخابات
  • تراجع اليمين المتطرف في هولندا.. ماذا تعني نتائج الانتخابات للمهاجرين واللاجئين؟
  • نائب:اتساع ظاهرة المال السياسي في الحملات الانتخابية
  • النزاهة تصدر لائحة السلوك الوظيفي: لضمان نزاهة الانتخابات