غزة - خاص صفا قالت بلدية غزة، إن أزمة المياه في المدينة بلغت مستوى كارثي غير مسبوق، نتيجة التدمير الإسرائيلي الممنهج الذي استهدف شبكات المياه ومحطاتها وآبارها خلال حرب الإبادة على القطاع. وأوضح المتحدث باسم البلدية حسني مهنا في حديث خاص لوكالة "صفا"، يوم الثلاثاء، أن ما يضح إلى المدينة اليوم، لا يتجاوز نحو 15% فقط من احتياجها الفعلي البالغ يوميًا 100 ألف متر مكعب من المياه، بينما لا يتوفر سوى قرابة 15,000 متر مكعب من إنتاج الآبار العاملة.
وأشار إلى أن 17 بئرًا لا تزال تعمل فقط، من أصل 88 كانت تعمل قبل الحرب، في حين دمّر الاحتلال 62 بئرًا وأخرجها عن الخدمة. وذكر أن محطة التحلية المركزية شمال غربي غزة ما زالت خارج الخدمة تمامًا، وهي الوحيدة التي كانت توفر مياهًا عذبة للمدينة. وأضاف "وبالتالي، يعتمد السكان حاليًا على كميات محدودة من خط مكروت الإسرائيلي الذي يُزوّد نحو 15 ألف متر مكعب يوميًا بشكل متقطع وغير مستقر". وأكد أن البلدية تعمل في ظروف شديدة القسوة، لكنها تواصل جهودها ضمن الإمكانيات المتاحة من خلال تشغيل ما تبقى من الآبار العاملة عبر تزويدها بالوقود المتوفر لتوفير الحد الأدنى من المياه للسكان، وتنسيق الجهود مع المنظمات الإنسانية لتوفير صهاريج مياه للمناطق المكتظة بالنازحين غرب المدينة، وخاصة في محيط المخيمات الساحلية. وبين أن البلدية تعمل على إصلاح الخطوط المتضررة جزئيًا وفق المواد المتاحة، رغم شح قطع الغيار والمعدات، وإدارة التوزيع بعدالة بين الأحياء وفق جدول مائي طارئ يضمن وصول المياه إلى أكبر عدد من السكان. ولفت إلى أن البلدية عملت على تشغيل آبار المياه الخاصة بالمواطنين بعد تزويدها بكميات من الوقود لتخفيف الأزمة عن السكان في المناطق المنكوبة. وقال مهنا إن البلدية أطلقت نداءات متكررة للوسطاء والمنظمات الدولية للضغط على الاحتلال للسماح بادخال الوقود والمعدات الضرورية، ومولدات الكهرباء الاحتياطية، ومنظومات الطاقة الشمسية لتشغيل محطات المياه والآبار. وشدد على أنه رغم هذه الجهود، إلا أن نقص الوقود والمعدات ومنع دخول مواد الصيانة يشكّل العائق الأكبر أمام استمرار العمل. وحول جهود بلدية غزة للتخفيف من الكارثة الصحية والبيئية، في ظل نقص الإمكانيات، قال مهنا إن المدينة تواجه واحدة من أخطر الأزمات البيئية في تاريخها، إذ تراكمت نحو 260 ألف طن من النفايات في الشوارع والمكبات، بعد تدمير مئات المركبات ومنع الاحتلال الطواقم من الوصول الى مكب جحر الديك الرئيس شرق المدينة. وأوضح أن البلدية تعمل على الحد من الكارثة من خلال تشغيل عدة مركبات لجمع النفايات بما توفر من وقود لتغطية الأحياء المكتظة بالسكان، وطلاق حملات نظافة طارئة بالتعاون مع المتطوعين والمبادرات الشبابية لتجميع النفايات من الشوارع الرئيسة، وإجراء عمليات صيانة عاجلة وملحة لخطوط وشبكات الصرف الصحي لتقليل الكميات المتسربة في الشوارع. لكن، وفق مهنا، تبقى هذه الجهود محدودة أمام انعدام الموارد التشغيلية، واستمرار الحصار الذي يمنع دخول المعدات والأدوات والمبيدات اللازمة. وعن خطة البلدية لإعادة إعمار غزة وفتح الشوارع وتأهيل وصيانة البنية التحتية، قال إن البلدية أعدت خطة شاملة تحت مسمى "فينيق غزة"، وتهدف إلى إعادة بناء المدينة على أسس متكاملة، من خلال ثلاث مراحل رئيسة. وأوضح أن هذه المراحل تتضمن المرحلة الطارئة، وتشمل إزالة الركام وفتح الشوارع الرئيسة لتسهيل حركة المواطنين وعودتهم الى مناطقهم السكنية وتسهيل عمليات ادخال وايصال المساعدات. وأما المرحلة الثانية، فهي مرحلة التعافي المبكر، التي تشمل إصلاح شبكات المياه والصرف الصحي، وإعادة تشغيل الخدمات الحيوية تدريجيًا. ووفقًا للمتحدث باسم بلدية غزة، فإن المرحلة الثالثة هي مرحلة الاعمار، وتشمل إعمار الأحياء السكنية والمرافق العامة وفق رؤية حضرية متكاملة. وأشار إلى أنه تم فتح حتى الآن، 400 شارع رئيس وفرعي في غزة، وإزالة 50 ألف طن من الركام في الشوارع الحيوية، لكن المدينة ما تزال بحاجة إلى معدات وآليات ثقيلة ودعم دولي حقيقي لتنفيذ باقي الخطة، والتعامل مع أكثر من 20 مليون طن من الركام. وعن المعدات والآليات التي تحتاجها البلدية لمواصلة خدماتها في غزة، أوضح مهنا أن البلدية فقدت خلال العدوان معظم أسطولها الخدمي، بما في ذلك 134 مركبة وآلية ثقيلة كانت تُستخدم لجمع النفايات وضخ المياه والصرف الصحي، وعشرات المضخات والآبار . وأكد أن البلدية تحتاج بشكل عاجل إلى معدات ثقيلة (جرافات، حفارات، وشاحنات ضاغطة) لإزالة الركام والنفايات، مولدات كهرباء ومنظومات طاقة شمسية ومضخات مياه وصرف صحي لإعادة تشغيل الشبكات، وقود بكميات كافية لتشغيل المرافق الحيوية على مدار الساعة، ومواد صيانة وشبكات بديلة لترميم خطوط المياه والصرف الصحي المدمّرة. وتابع أن البلدية من دون هذه المعدات، لن تتمكن من تقديم الحد الأدنى من الخدمات الأساسية التي تحفظ حياة السكان وكرامتهم. وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه البلدية، قال مهنا إن التحديات متعددة ومتشابكة، لكن أبرزها يتمثل في: الدمار الواسع للبنية التحتية في جميع القطاعات الخدمية، انقطاع شبه كامل للوقود والكهرباء، ما أدى لتوقف محطات الضخ والمركبات الخدمية. بالإضافة إلى شح الموارد المالية والمعدات التشغيلية نتيجة الحصار الطويل وغياب التمويل الدولي الفعّال، والضغط الهائل الناتج عن نزوح مئات آلاف المواطنين إلى غرب المدينة، ما ضاعف الطلب على الخدمات والمياه والصرف الصحي، وكذلك المخاطر الصحية والبيئية المتفاقمة بسبب تراكم النفايات وتسرب مياه الصرف في المناطق المنخفضة. وأكد مهنا أن الواقع الإنساني في المدينة يفوق حدود الاحتمال، وأن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كبرى عن استمرار معاناة أكثر من مليون مواطن، يعيشون اليوم بين الدمار والعطش والمرض، في ظل صمت دولي مؤلم.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية:
بلدية غزة
أزمة المياه
غزة
حرب الإبادة
الركام
الوقود
المیاه والصرف الصحی
أن البلدیة
بلدیة غزة
إقرأ أيضاً:
أزمة المياه في العراق تصل ذروتها.. تدفقات تركيا لا تتجاوز 30% من الاحتياجات!
أنقرة (زمان التركية) – أكدت وزارة الموارد المائية العراقية أن كميات المياه المتدفقة من تركيا لا تزال أقل من 30% من احتياجات البلاد، محذرة من وصول الأزمة إلى مستوى “خطير للغاية”، مع عدم تحقق وعود أنقرة بزيادة الحصة المائية حتى الآن.
في مقابلة مباشرة على قناة “روداو”، أدلى المتحدث باسم الوزارة، الدكتور خالد شيمال، بتصريحات مفصلة حول الوضع المائي والمفاوضات الدبلوماسية مع دول المنبع. وشدد على أن الحكومة العراقية الحالية تعتبر قضية المياه ركيزة أساسية في الأمن القومي، مطالبًا بجعلها أولوية قصوى في أي اتفاقيات مع تركيا وسوريا وإيران.
وأوضح شيمال أن وفدًا عراقيًا رفيع المستوى، برئاسة وزير الخارجية ويضم وزير الموارد المائية، زار أنقرة مؤخرًا، حيث شرح الجانب العراقي خطورة الأزمة وطالب بمزيد من الإطلاقات المائية.
وقال: “وعد الجانب التركي بالتعاون، لكن لم يحدث أي تغيير ملموس على أرض الواقع، ولا تزال الكميات الواردة كما هي”.
يطالب العراق بتدفق لا يقل عن 500 متر مكعب في الثانية من نهر دجلة، و300 متر مكعب في الثانية من نهر الفرات، لتحقيق أهداف حيوية تشمل تجديد مخزون السدود، دعم الموسم الزراعي المقبل، تنقية مياه الشرب، وحماية البيئة في شط العرب والأهوار.
وأشار المتحدث إلى أن النقص الحالي يهدد الإنتاج الزراعي، إمدادات المياه، والحياة اليومية، خاصة في المحافظات الجنوبية مثل البصرة، حيث يزداد التلوث والملوحة مع امتداد “لسان الملح” من الخليج.
في رد على أسئلة “روداو”، أقر شيمال بوجود إخفاقات داخلية ناتجة عن عقود من الحروب والجفاف الشديد، الذي أدى إلى انخفاض الاحتياطي المائي إلى أقل من 6%. ومع ذلك، أكد أن الحل الجذري يعتمد على التعاون الإقليمي.
أما عن الإجراءات الداخلية، فكشف شيمال عن حملة واسعة لمكافحة الاستخدام غير القانوني للمياه، بناء محطات معالجة لإعادة استخدام مياه الصرف، وإطلاق مياه من بحيرة الثرثار لدعم نهر الفرات.
كما تخطط الوزارة لاعتماد تقنيات حديثة لتقليل الفاقد وتجديد البنية التحتية، مؤكدًا أن الحكومة ليست مكتوفة الأيدي، لكن التعاون مع دول المصدر يبقى مفتاح الحل الشامل.
Tags: أزمة مياهالعراقتركيا