هل تعوض صفقة علم الروم القطرية تجميد السعودية استثمارها بشواطئ مصر؟
تاريخ النشر: 6th, November 2025 GMT
في الوقت الذي أعلنت فيه السعودية إحجامها عن الدخول في استثمارات سياحية وفندقية مصرية على ساحل البحر الأحمر، والتركيز في مشروعات بلادها، تتسارع الخطى القطرية في القطاع المصري الصاعد بقوة، بمشروع على ساحل البحر المتوسط، على غرار مشروع إماراتي سابق.
والاثنين الماضي، أعلن مجلس الوزراء المصري، عن اتفاق مع قطر لتنفيذ مشروع عقاري كبير يضم: "منتجعات سياحية عالمية، ووحدات سكنية فاخرة، ومراكز تجارية وترفيهية، ومرسى لليخوت"، بمنطقة "سملا" و"علم الروم"، التي تبعد 12 كلم شرق مدينة مرسى مطروح، ونحو 50 كلم من مشروع "رأس الحكمة" الإماراتي بالساحل الشمالي الغربي لمصر.
وحول تفاصيل الاتفاق، أكد المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء محمد الحمصاني، في تصريحات تلفزيونية، أن "بنود الشراكة سيتم الإعلان عنها لاحقا، مع إقامة حفل رسمي لتوقيع الاتفاق"، مبينا أن "هناك تفاصيل دقيقة حول حجم الاستثمارات سيتم الكشف عنها في الوقت المناسب".
أهمية علم الروم
البيان الحكومي، جاء ليؤكد الأخبار السابقة عن الحضور القطري في الساحل الشمالي المصري بقيمة 7.5 مليار دولار، عبر شراكة بين القاهرة والدوحة تبدأ بمدينة سياحية متكاملة على مساحة 60 ألف فدان، تخصص بنظام "حق الانتفاع" لصالح "جهاز قطر للاستثمار"، وتنفيذ شركة "الديار" القطرية باستثمارات أولية 4 مليارات دولار، ولمصر من إيرادات المشروع حصة 15بالمئة، وفق "بلومبيرغ".
تسمية تلك المنطقة الأكثر هدوءا وجمالا والتي تكسوها أشجار الزيتون على ساحل البحر المتوسط شمال غربي مصر باسم "علم الروم"، جاء كونها كانت موقع حصن روماني قديم يسمى "آرتوس"، أو "بوثيس"، قرب مدينة "بارتيليوم" وهو الاسم الروماني لمرسى مطروح.
و"علم الروم"، التي تقع على مسافة 6 كلم من مطار مرسى مطروح، وبها محطة قطارات "سملا" بين الإسكندرية ومرسى مطروح، قرية تضم تل أثري، واستخدمتها القوات الألمانية والإيطالية خلال معركة "العلمين" ضد القوات الإنجليزية أثناء الحرب العالمية الثانية، بحسب صحيفة "الأهرام" الحكومية.
تمثل المنطقة عشقا خاصا لهواة الصيد حيث تتجمع الطيور المهاجرة مثل "السمان والقمري والشحيم والدقانيش"، الهاربة من برودة الطقس في أوروبا إلى أفريقيا، في مشهد يتكرر بخريف كل عام.
أجواء ما قبل الصفقة
يأتي تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية التي جرت بين السيسي وأمير قطر تميم بن حمد في نيسان/ أبريل الماضي، ثم بين رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن، الاثنين، بعد يوم من تصريح وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب، بتجميد استثمارات بلاده برأس جميلة قرب منتجع شرم الشيخ المصري.
كما يجيء الإعلان عن تفعيل حزمة الاستثمارات القطرية بمصر، إثر تقارب سياسي كبير بين الجانبين في ملف المفاوضات بين "المقاومة الفلسطينية" والاحتلال الإسرائيلي، في حين لا تبدو صورة العلاقات بين القاهرة والرياض على ما يرام، وفق قراءة محللين.
أيضا يتزامن الإعلان عن الصفقة القطرية في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة الحضور القطري في قطاع الاستكشافات المصرية والتنقيب عن النفط والغاز، ليصل 8 مناطق استكشاف أغلبها بمياه البحر المتوسط، وسط أنباء عن زيادة الاستثمارات القطرية في هذا القطاع.
سابقة الأعمال القطرية
شهدت الفترة بين (2013 و2021)، جمودا بعلاقات البلدين السياسية، وتجميد استثمارات قطرية لسنوات، وتخارج بعضها، لتعود الدوحة لضخ الاستثمارات، مع رغبة مصرية أكدتها زيارات رئيس النظام عبد الفتاح السيسي الثلاثة للدوحة، (أيلول/ سبتمبر 2022، وتشرين الثاني/ نوفمبر 2022، ونيسان/ أبريل الماضي).
ورغم تأزم العلاقات وتفاقمها مع المقاطعة الخليجية لقطر عام 2017، أتمت الشركات القطرية 2 من أكبر المشروعات المصرية في قطاعي الطاقة والسياحة.
ففي كانون الثاني/ يناير 2021، شهدت القاهرة افتتاح فندق "سانت ريجيس"، بكورنيش نيل القاهرة، كأحد أكبر مشاريع شركة "الديار القطرية"، في مصر، باستثمارات تجاوزت مليار دولار، بمساحة 197 ألف متر مربع، تضمنت 366 غرفة وجناحا وشقة، و150 وحدة سكنية، ومراكز صحية، ومطاعم.
وأتمت قطر تشييد أكبر مجمع لتكرير البترول في مصر وأفريقيا شمال القاهرة، باستثمارات بلغت 3.4 مليار دولار، والذي اعتبرته "قطر للبترول" أكبر مشروعاتها بأفريقيا، ليفتتحه السيسي، في أيلول/ سبتمبر 2022.
وعقب تطبيع العلاقات، المصرية القطرية يعد استحواذ "جهاز قطر للاستثمار" على حصة 20 بالمئة من شركة "فودافون مصر" للاتصالات في أيلول/ ديسمبر 2021، أبرز الاستثمارات القطرية في غير قطاع الطاقة.
واستحوذت "قطر للطاقة" عام 2023 على حصة بنسبة 23 بالمئة من شركة "شيفرون" بمنطقة "شمال الضبعة" بالبحر المتوسط.
وفي أيار/ مايو 2024، وقعت "قطر للطاقة" شراكة مع "اكسون موبيل" تستحوذ بموجبها على حصة تبلغ 40 بالمئة في منطقتين استكشافيتين قبالة السواحل المصرية.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وقعت "قطر للطاقة" سلسلة من الاتفاقيات والشراكات بقطاع الطاقة المصري، بينها عقد شراكة مع شركة "شل" بقيمة 27 بالمئة في امتياز "شمال كليوباترا" بالبحر المتوسط.
وشراكة مع شركة "إيني" الإيطالية استحوذت بموجبها "قطر للطاقة" على حصة مشاركة بنسبة 40 بالمئة في منطقة "شمال رفح" قبالة السواحل الشمالية الشرقية لمصر.
بالاتفاقيات السابقة تعمل "قطر للطاقة" في 8 مناطق مصرية، 6 منها بالبحر المتوسط، فيما تنوي الشركة وشركائها ضخ استثمارات لحفر 5 آبار استكشافية للبحث عن الغاز الطبيعي، 3 منها العام المقبل.
وفي آب/ أغسطس الماضي، وقعت حكومتي البلدين مذكرة تفاهم للتعاون في الزراعة والأمن الغذائي والإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي.
وبلغت الاستثمارات القطرية في مصر 618.5 مليون دولار خلال السنة المالية (2023/2024)، فيما بلغت قيمة الاستثمارات المصرية في قطر 171.5 مليون دولار بذات العام، فيما سجل حجم التبادل التجاري بينهما 128.4 مليون دولار العام الماضي، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نيسان/ أبريل الماضي.
وضع مصري متأزم
وفي الوقت الذي تعد فيه مصر أكبر الدول العربية مديونية ويبلغ حجم الدين العام سواء محلي أو خارجي 377.8 مليار دولار، ارتفع دينها الخارجي لأكثر من 168 مليار دولار بنهاية حزيران/ يونيو الماضي، بحسب بيانات البنك المركزي، ما يتطلب جذب استثمارات أجنبية بقيمة 42 مليار دولار بالعام المالي الجاري.
والاثنين الماضي، كشفت وزارة المالية، عن ارتفاع فوائد الديون بنسبة 54 بالمئة مسجلة 695 مليار جنيه من إجمالي الميزانية، لترفع العجز الكلي إلى 2.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي نيسان/ أبريل الماضي، كشف مشروع موازنة العام المالي (2025/2026) ارتفاع الفجوة التمويلية بأكثر من 25 بالمئة لتصل إلى 3.6 تريليونات جنيه، ليعلن صندوق النقد الدولي في تموز/ يوليو الماضي، وجود فجوة تمويلية بنحو 5.8 مليار دولار بذات العام المالي.
وفي إطار سعيها لسد الفجوة التمويلية الضخمة وخفض حجم الدين الخارجي، تطرح حكومة القاهرة حصص في 50 من شركاتها العامة والحكومية بالبورصة وأمام مستثمرين استراتيجيين، دون بيعها كاملة، خاصة مع تراجع قيمة عروض الشركات والصناديق السيادية الإماراتية والسعودية بالطروحات المصرية.
مراقبون ومتحدثون لـ"عربي21"، أكدوا أن "الحضور القطري في الاقتصاد المصري قد يعوض جزءا هاما من التراجع السعودي عن الاستثمار في رأس جميلة، وغيرها، ويحسن وضع مصر في مقابل ضعف العروض الخليجية في الاستحواذ على الطروحات المصرية.
وألمحوا إلى أنه "يمكن للبلدين عقد شراكة اقتصادية ممتدة وقائمة على أسس اقتصادية وتجارية بحتة بعيدا عن الاستقطاب السياسي أو التأثر بالتغيرات والأزمات الإقليمية، خاصة مع تقارب وجهات نظر النظامين في كثير من الملفات العربية والإقليمية".
المفتاح الأيسر
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال الخبير الاقتصادي والأكاديمي المصري الدكتور أحمد ذكر الله: "الحكومة المصرية اعتمدت في سداد أقساط الدين الخارجي وتعويض الفجوة التمويلية السنوية على طرح مساحات ضخمة من الأراضي للاستثمار الأجنبي لاسيما الاستثمار السياحي".
أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أوضح أنها "اتخذت هذا النهج بعد فشل الطروحات الحكومية الذي بدأ منذ أكثر من نصف عقد، ولم يثمر حتى الآن"، مبينا أنه "كانت البداية الناجحة في نظر الحكومة طرح أراضي (رأس الحكمة) للاستثمار الإماراتي، ثم الحديث عن استثمار سعودي برأس جميلة، ثم استثمار قطري نحن بصدده".
وأكد أن "النقطة المفصلية هي أن الحكومة ترى أن الاستثمار الضخم الكبير في تخصيص الأراضي لبلدان خليجية هو المفتاح الأنجح والأكثر يسرا لسداد فجوة تمويلية سنوية".
وقف الاحتكار وتحسين التفاوض
وعن الحضور القطري المتتابع بالسوق المصري، قال رئيس "أكاديمية أمم للبحوث والتدريب": "من الواضح أن الاستثمار القطري كبير بنحو 7.5 مليار دولار، كما هو المعلن والبداية بـ4 مليار دولار، ولاشك أن هذا مبلغ يمثل دفعة للاقتصاد المصري أو على الأقل سيجري استخدامه لسداد خدمة الديون الخارجية من أقساط وفوائد، في ظل أزمة سيولة من العملات الأجنبية أو تغطية احتياجات مصر من الصرف".
ويرى أن "الاستثمار القطري لن يكون تعويضا كاملا عن الاستثمار السعودي؛ ولكن تبدو أزمة بعلاقات نظامي القاهرة والرياض حاليا، وبالتالي سيتأخر الاستثمار السعودي، ولذا فمصر بحاجة لكلا الاستثمارين وخاصة وأن الفجوة التمويلية المتوقعة في عام 2026 كبيرة".
ذكر الله، أكد أنه "في غياب الاستثمار السعودي، فإن الاستثمار القطري يملأ جزء مرحليا من الفجوة التمويلية، ويعتبر متنفسا اقتصاديا وسياسيا لمصر، وربما يشكل نوع من أنواع الاستثمار بعدما كان هناك نوع من أنواع شبه الاحتكار للاستثمارات الإماراتية في مختلف القطاعات المصرية".
ولفت إلى "غياب تفاصيل الشراكة القطرية المصرية وطبيعة المشروع ودراسات الجدوى تماما كما غابت عن المشروعات الإماراتية، لكن المشروعات القطرية تتميز بدخولها إلى جانب الاستثمار السياحي بملف الغاز والطاقة، وأصبح لديها الآن شراكات مع شركات عالمية للبحث والتنقيب عن الغاز والبترول في مصر".
وخلص الخبير المصري للقول إن "التقارب المصري القطري بخلاف أنه دفع دفعة تمويلية كبيرة يمنح مصر (أريحية تفاوضية) مع الإمارات والسعودية بظهور لاعب ثالث على الساحة الاستثمارية المصرية وساحة جذب رؤوس الأموال".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية السعودية مصرية القطرية الروم مصر السعودية قطر الروم المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاستثمارات القطریة الفجوة التمویلیة البحر المتوسط أبریل الماضی ملیار دولار القطریة فی قطر للطاقة علم الروم فی الوقت على حصة فی مصر
إقرأ أيضاً:
مايكروسوفت توقع صفقة ضخمة بقيمة 9.7 مليار
صراحة نيوز -تواصل شركة مايكروسوفت سباقها لتأمين قدرات الحوسبة اللازمة لتلبية الطلب المتزايد على خدمات الذكاء الاصطناعي، معلنة توقيع اتفاق بقيمة 9.7 مليار دولار مع شركة IREN الأسترالية يمتد لخمس سنوات.
وبموجب الصفقة، ستحصل مايكروسوفت على بنية تحتية حوسبية تعتمد وحدات معالجة رسومية من طراز Nvidia GB300، سيتم تركيبها على مراحل حتى عام 2026 في منشأة IREN بولاية تكساس الأميركية، لدعم قدرة كهربائية تصل إلى 750 ميغاواط.
وأعلنت IREN أنها ستشتري أجهزة ووحدات معالجة إضافية من شركة ديل بقيمة 5.8 مليار دولار لتلبية الطلب المتوقع من مايكروسوفت وشركائها.
وتأتي الصفقة بعد أسابيع من إطلاق مايكروسوفت أول عنقود حوسبي إنتاجي باستخدام أنظمة Nvidia GB300 NVL72 لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي، بما يشمل النماذج التوليدية متعددة الوسائط والأنظمة الوكيلية عبر منصتها السحابية أزور.
يذكر أن IREN بدأت رحلتها في تعدين العملات الرقمية، لكنها حولت قوتها الحوسبية لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي، ما جعلها واحدة من أسرع شركات البنية التحتية السحابية نمواً، ويقدر الرئيس التنفيذي دانيال روبرتس أن صفقة مايكروسوفت ستدر إيرادات سنوية تقارب 1.94 مليار دولار.