ثلاث ملاحظات من جعجع على الرسالة التي وجّهها حزب الله إلى الرؤساء الثلاثة
تاريخ النشر: 8th, November 2025 GMT
دعا رئيس حزب "القوات اللبنانيّة" سمير جعجع الزحليّين الى "الجهوزيّة التامة"، وقال: "كما كانت زحلة "النجم الما بينطال" في الانتخابات البلديّة، أدعوكم كي تُعِدّوا العدّة لتكون "النجم الما بينطال" أبداً في الانتخابات النيابيّة".
ولفت جعجع خلال العشاء السنوي لمنسقيّة زحلة، الذي أقامته في المقر العام للحزب في معراب، إلى أن "هذا الأسبوع شهد رسالةً وجّهها "حزب الله" إلى "الرؤساء الثلاثة"، آسفاً لبقاء هذا المصطلح.
وقال: "في الدستور لدينا رئيسُ جمهوريّة، ولدينا رئيسُ حكومةٍ وحكومة، ولدينا مجلسٌ نيابيّ ورئيسُ مجلس؛ لا وجودَ لـ"رؤساء ثلاثة". لكن—وللأسف—"قالوا يا عنتر مين عنترك؟ ردّ: عنترت وما حدا ردّني"، لعلّ اليوم هناك من يَردّه".
وأوضح أن لديه ثلاث ملاحظات على الرسالة، وقال متوجهاً إلى "حزب الله": "الملاحظة الأولى: لا يمكنك أن تقول "أريد أن أعتمد خيار المقاومة أو لا أعتمد هذا الخيار". هذا ليس من شأنك. أنت تعيش في دولةٍ لها رئيسُ جمهوريّة—انتخبه نحو مئة نائب قبل قرابة عشرة أشهر—ولها حكومةٌ نالت الثقة مرّتَين من المجلس النيابي، ولها مجلسٌ نيابيّ انتخبته أنت كما انتخبه اللبنانيّون جميعًا. أي إن لدينا دولةً مكتملة الأوصاف. لا يمكنك أن تقول "أنا أريد أن أتمسّك بخيار المقاومة". لا يمكنك أن تتمسّك بخيار شيء، وإلّا فـ"البلد فارط". إمّا هناك دولة وإمّا لا دولة. إذا كان هناك دولة فهي التي تتّخذ هذه القرارات، وكانت قد أتخذت قرارًا بجمع السلاح داخلها، وبحصر قرار السلم والحرب فيها، ثمّ تعود وتقول لي "أنا أتمسّك بخيار المقاومة"!!! لا يمكنك أن تتمسّك بشيءٍ أنت، عدا عن أنّ خيار المقاومة الذي تمسّكتَ به رأينا إلى أين أوصلك وأوصل لبنان واللبنانيّين".
وتابع: "الملاحظة الثانية: تقول إنّك "تقيّدتَ تقيّدًا تامًّا باتّفاق وقف إطلاق النار" المُبرَم منذ نحو سنة. وهذا خطأٌ صريح. فمقتضى ذلك الاتّفاق أن تَحُلّ تنظيماتَك العسكريّة والأمنيّة وأن تُسلَّم السلاح إلى الدولة. ماذا أنجزتَ من ذلك؟ سيرفع بعضُهم حجّة «إسرائيل واليهود»… صحيح، صحيح، ولكن البداية تكون بما علينا نحن فعله: كان من المفترض أن تَحُلّ نفسك عسكريًّا وأمنيًّا—ولم تفعل".
واستطرد: "الملاحظة الثالثة: تزعم أنّنا، تحت ضغوطٍ أميركيّة وإسرائيليّة، نطالب بحلّ "المقاومة". وهذا غير صحيح. نحن—قبل الأميركيّين والعرب والغرب والإسرائيليّين—نريد دولةً فعليّة. ولا تكون الدولة دولةً فعليّة إلّا بجمع السلاح في كنفها وحصرِ قرار السلم والحرب فيها"، لافتاً إلى أن "هذه بعض المغالطات الجوهريّة في رسالة "حزب الله" إلى "الرؤساء الثلاثة"، والتي كنتُ أتمنّى عليهم هُم الردَّ عليها بهذه المغالطات الحاصلة".
أما بالنسبة للإنتخابات النيابيّة، فقد أوضح أنها بالنسبة لـ"القوّات" "ليست قصّة "نائب بالطالع أو نائب بالنازل". الهدف—بكلّ صراحة—كلّما كبُر تكتّلُنا النيابيّ تعاظم أثرُنا في مسار الأحداث. لذا فـ"القوّات" ليست "مقعدًا" هنا أو "مكسبًا" هناك، بل ضرورةٌ لبلوغ الوطن الذي نريد. ومن هذا المنطلق تأتي أهمّيّة الاستحقاق النيابي".
ورأى أن "نائبي زحلة، طبعًا، يعلمان أنّهما في القلب، ويعطيهما ألف عافية، فهما يحاولان القيام بواجبهما على أكمل وجه. لكن أودّ أن أقول كلمةً على هذا الصعيد: ثمّة خطأ يُرتكب—وقد يقع فيه بعضُ الناس، بل وقد يقع فيه بعضُ نوّابنا في زحلة أيضًا—وهو أن تسألوا نوّاب زحلة: ماذا فعلتم لزحلة؟ اسألوا بدلًا من ذلك: ماذا فعلت "القوّات" للبنان؟ نوّاب زحلة جزءٌ من هذه الحركة الكبرى التي تُسمّى "القوّات اللبنانيّة"، وجزءٌ أساسيّ من العمل الجاري يوميًّا في المجلس النيابي. فإن رأيتم أنّ "القوّات" لم تفعل شيئًا للبنان، فعندئذٍ—ومن باب أولى—قولوا إنّ نوّاب زحلة لم يفعلوا شيئًا لزحلة".
وتوجّه إلى الحضور بالقول: "بكلّ صراحة وبساطة: إمّا تريدون نوّابًا تقليديّين، يضعون بجانبهم صندوقًا فيه "كمشة" أموال، مَن دخل إليهم مدّوا أيادهم وأعطوه، أو رافقوه إلى المخفر، أو قضَوا له خدمةً من هنا وأخرى من هناك؛ وإمّا تريدون نوّابًا يصنعون لكم وطنًا من جديد. أقولها الآن بكلّ وضوح، لأنّني أحيانًا ألمس ضغطًا يُمارَس على جورج عقيص وإلياس اسطفان، عنوانه: "ماذا فعلتما لنا؟". لا يمكن محاسبة النائب الحزبيّ "بالمفرّق" كما يُحاسَب صاحبُ الحقيبة المملوءة مالًا يتصدّق بها على الناس. إمّا هذا النسق وإمّا ذاك. حاسبوا النائب الحزبيّ بالنظر إلى ما تفعله "القوّات" ككلّ—وهذا لا يعني أنّ من يقع في ورطةٍ أو مأزقٍ أو ضائقة لا نركض جميعًا لمساعدته قدر المستطاع وضمن القانون؛ بالعكس، كلّنا نهرع لأجله—لكن أن تُقاسَ حصيلةُ عمل النائب بعدد "الخدمات" أو بكمّية الأموال أو بتسهيل المعاملات، فذلك خطأٌ جسيم. وأعتقد أنّ آخر منطقة أحتاج فيها إلى قول هذا الكلام هي زحلة، لأنّ الوقائع أثبتت عكس تلك المقاربة".
وتابع: "صراحةً، حين أتحدّث مع زحلة "بِتْبَشْلَل"، لأنّ بدايتها مسك ووسطها مسك وآخرها مسك. هذه تجربتي الشخصيّة: زحلة مسكٌ بمسكٍ كيفما أدرتها. كانت الأغنية تقول: "زحلة النجم الما بينطال"؛ كانت أغنية، أمّا في السنة الأخيرة فغدت واقعًا. قد تكونون عايشتم هذا الأمر وقد لا، لكنّي عشته عن كثب، لأنّكم تعلمون أنّني واكبتُ الانتخابات البلديّة في مختلف المناطق اللبنانيّة. تأكّدوا: النجم الساطع في تلك الانتخابات كان زحلة. وقد يستهين بعضكم بهذا الواقع، لكنّ أجمل ما في تلك المواجهة أنّكم خضتموها نظيفةً شفّافةً لامعة. "النجم الما بينطال" ظهر على حقيقته. في مواجهاتٍ أخرى قد يختلف الناس: ظهر—لم يظهر؛ أمّا هنا فقد رأيتُ بأمّ العين أنّ أناسًا لم يتابعوا بلديّات قراهم ومدنهم، بقدر ما تابعوا ما كان يجري في زحلة. وأؤكّد أنّ أكثر مرّةٍ انفردت فيها زحلة بإثبات حضورها على المستوى الوطني—وأستحضر هنا أولئك الذين "أكل عليهم الدهر وشرب وشبع" وكانوا يتحدثون عن "قرار زحلة" و"زحلة تقرّر"—كانت في هذه الانتخابات البلديّة، وبأشرف وسيلة: بالوسيلة الديمقراطيّة".
وأوضح أن "سبب اهتمام اللبنانيّين بهذه الإنتخابات في الداخل—وحتّى في الاغتراب— لم يكن الأفراد أو اللوائح بحد ذاتها، بمعنى أنه لم يكن "فارِق معهم" أسعد زغيب، و"لا تواخذوني"، لا يعرفون أيضًا من هو سليم غزالة!—وطبعًا نكنّ لسليم كلّ التقدير وكلّ الوفاء وأنتم ترون ذاك—لكن اللبنانيّين لم يكونوا مهتمّين بمعركة زحلة من هذا المنطلق، كان الناس ينتظرون جوابًا واحدًا: هل حان الوقت في لبنان كي "يَصِحّ الصحيح" أم لم يحن بعد؟ وصَحّ الصحيح في زحلة".
أما بالنسبة لكيف صَحّ الصحيح؟، فقال: "صَحّ في مواجهتهم جميعًا—وهنا "كلّن يعني كلّن". الناس لم يكن يعنيها الاستحقاق البلدي كاستحقاق بلديّ؛ وإنما أرادت أن تعرف هل أصبح تيّارُ التغيير والتخطّي والشفافيّة والاستقامة قادرًا على مجابهة الآخرين أم لا، وخصوصًا أنّ الجميع—من جديد: "كلّن يعني كلّن"—تكتّلوا ضدّنا في زحلة. لقد تابع اللبنانيون المعركة لأنّهم معنيّون بهذه النقطة بالذات. والنتيجة: تبيّن للناس أنّ "القوّات أكتر منّن كلّن". ومن البلديّات انتقلنا إلى الانتخابات الجامعيّة، فأكّدت القاعدة ذاتها مجدداً بأن الأوان قد آن لكي لا يَصِحّ إلّا الصحيح. وآخر الوقائع—أمس في جامعة NDU – الكورة— حيث خضناها على النظام النسبيّ فربحنا كامل المقاعد منفردين في مواجهة الجميع. وهكذا كانت زحلة البداية، بمعنى أنّ فيها صَحّ الصحيح، فغدت درسًا للبنان كلّه وامتد منها الصحيح ليشمل لبنان كله".
وتوجّه إلى الزحليّين بالقول: "أهنّئكم كـ"زحالنة" مرّةً أخرى، وأقول أمرًا لم أقلْه لكم يومًا وكنتُ أردّده أمام كثيرين: أكثر منطقةٍ رأيتُ فيها رأيًا عامًا يُحاسب ويتابع ويراقب ويتصرّف على هذا الأساس هي زحلة. حين بدأنا نخوض انتخابات زحلة، كان بعضهم يثير قلقي بالقول: هناك مالٌ انتخابيّ كثير وشراء أصوات… ثمّ تبيّن لي أنّ زحلة هي المنطقة التي تصحّ فيها المقولة: "الناس تأخذ من كلّ الناس، لكن لا تصوّت إلّا كما تريد". والآن، كما كانت زحلة "النجم الما بينطال" في البلديّات، أدعوكم أن تُعِدّوا العدّة لتكون "النجم الما بينطال" دائمًا في النيابيّة". مواضيع ذات صلة "لبنان 24": "حزب الله" يوجه بعد قليل كتابا الى الرؤساء الثلاثة والشعب اللبناني حول موضوع الـ1701 Lebanon 24 "لبنان 24": "حزب الله" يوجه بعد قليل كتابا الى الرؤساء الثلاثة والشعب اللبناني حول موضوع الـ1701
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الرؤساء الثلاثة ات اللبنانی ة لا یمکنک أن فی بیروت حزب الله رئیس حزب Lebanon 24 ب فی زحلة جمیع ا
إقرأ أيضاً:
الرسالة التي جعلت من تشيخوف أديبًا ومن إينشتاين عالمًا 1
في حياة كل منّا رسائل، يتلقاها مصبحًا وممسيًا، رائحًا أو غاديًا، فلا تغرُب شمس ولا تُشرق ولا تمضي لحظة في عمر الزمن، إلاّ وكان هناك رسائل للإنسان تُذكّرهُ أو تُحفّزهُ، تعدهُ أوتُمنيه، سواء كانت هذه الرسائل مكتوبة أو شفهية، في شكل خاطرة أو هاتف أو إلهام أو عبرة أو حدث يحمل الطمأنينة أو الألم ؛ فالرسائل كثيرة ومتباينة بتنوع واختلاف الأشخاص ووعاء الأحداث والزمن، فقد تأتي في صورة ابتسامة صادقة تضيء في نفس من يراها ما قد يظن أنه انطفأ، أو في شكل كلمة حلوة تبدد ما تكاثف وتجعل من وجهت إليه أكثر خفة ومرونة، أو تأتي في شكل نصيحة تجعل من سمعها مقبلًا على الحياة بعد أن كان يظن أنها أدبرت وتوارت، وقد تأتي كطيف أو هاتف لتبعث روح صاحبها من جديد وتجعله يرى الأشياء بطريقة مغايرة لم يرها من قبل.
ومن الرسائل التي حملت الألم لصاحبها في ظاهرها، لكنها كانت دافعًا له لأن يسلك طريق النجاح، كانت رسالة أساتذة الفلسفة في الجامعة المغربية للكاتب والمفكر سعيد ناشيد الذي لم ينتابه اليأس ولم يذعن لقرارات أساتذته نحوه بأنه لا يصلح لمتابعة الدراسات البحثية، وراح يبحث في دخيلته عن مناطق النور والتي تلمسها باجتهاده ومثابرته، واستطاع أن يعثر على قدره، فأصبح باحثًا وكاتبًا ومفكرًا، وصاحب رؤية ومنهجية وأسلوب، وظهر ذلك في العديد من مؤلفاته، وأذكر منها مؤلفه القيم "التداوي بالفلسفة"، والذي لم ينس أن يرد على رسالة أساتذته في الجامعة المغربية بذكرهم في مقدمة الكتاب وأن يهديه إليهم بقوله "هذا الكتاب، لكي لا أنسى الإهداء" والإهداء في الأقربين أولى"، أهديه لأساتذة الفلاسفة بالجامعة المغربية ممن قرروا في سياق سابق أني لا أصلح لمتابعة الدراسات العليا، فأوصدوا الباب دوني وأحكموا الإغلاق، لكنهم أتاحوا لي فرصة أن أعثر على قدري الذي ينطلق من طبيعتي الأصلية، خارج الوعود التي يصنعها الآخرون، وخارج الحطام أيضًا"
كانت الرسالة تحمل الألم، لكنها كانت سببًا في أن يُبصر مواطن النور في دخيلته، حفزته في بناء نفسه وإعادة صوغها واستيعاب قدراته والارتقاء بنفسه.
ومن الرسائل التي انطوت على القتامة والسواد، لكنها كانت سببًا في أن يشق النور سدف الظلام، كانت رسالة أحد أساتذة الطفل "توماس أيدسون" الذي حملها وتوجه به إلى أمه والتي فضتها وقرأتها على ابنها بصوت عالٍ " ابنك عبقري هذه المدرسة متواضعة بالنسبة له وليس لديها معلمون جيدون بما يكفي لتعليمه من فضلك علميه في المنزل "، كانت تقرأ الرسالة وهي تتصنّعُ السعادة رغم فؤادها المتصدع المكلوم، والسبب أن ما قرأته على ابنها ليس هو فحوى الرسالة الحقيقي فهي اضطرت لأن تُخفي عنه ما ورد فيها وتختلق هي هذه الكلمات المحفزة والمشجعة، وشرعت بعدها في تعهد ابنها والسهر على تعليمه بنفسها وكانت النتيجة مثمرة يانعة أن صدرت للعالم أبرز المخترعين في التاريخ الحديث، صاحب أشهر اختراع " المصباح الكهربائي " والذي كان سببًا في غمر العالم بالنور.
لم تفت هذه الرسالة في عزيمة الأم ولم تصبها بالإحباط واليأس، بل كانت دافعًا لها لتتحسس مواطن النبوغ في ابنها وتجعله يسلك طريق النور والمعرفة، لقد أخفت عن ابنها الرسالة الحقيقية التي كان فحواها " ابنك متخلف عقليًا لا يمكننا السماح له بالذهاب إلى مدرستنا بعد الآن "
في مقتبل حياته كان يعاني من الفقر المدقع، هو طالب طب ويحتاج إلى أن يعيش الحياة ؛ من أجل ذلك اضطر لإعطاء دروس خصوصية، كان يجوب الشوارع بحذاء مهترىء، يرتدي معطفًا باليًا لا يستطيع أن يقيه من البرد، كانت رفاهيته يجدها في كوب الشاي المحلىّ بالسكر الذي كان يمنح له أثتاء إعطائه الدروس الخصوصية، كان فقره ظاهرًا ومؤثرًا عليه للحد الذي جعله أن يصفه بقوله " أنه مثل وجع ضرس لا ينقطع " أنه " أنطون تشيخوف " الذي عاني في حياته، وتحمل عبء أسرته في سن مبكرة، ولم يثنه هذا العناء من أن يدرس الطب، ويمارس الكتابة، وكان الحقلين المعرفين الذي اختارهما في حياته هما كل ما ينشده في حياته، فكان يصف مهنته كطبيب بأنها زوجته، والكتابة بأنها معشوقته، ولأنه كان يعاني من انعدام الثقة فيما يكتبه في بداياته في حقل الأدب، كان لا يظهر باسمه الحقيقي وكان يمهر كتاباته باسم مستعار ؛ لخوفه على اسمه واسم عائلته، فكان لديه شعور بأنه لو أظهر اسمه الحقيقي كان سيسيء إليهما، وقد لازمه هذا الشعور فترة ليست بالقصيرة، هذا الشعور بانعدام الثقة جعله عرضة للانفعالات الحزينة من يأس وإحباط وأفقده الأمل، ولقد ترجم ذلك بقوله لأحد أصدقائه ويدعى "بيلين" " أيامي على مسرح الأدب قليلة " يعني الكتابة الأدبية، لكنه وفي ظل هذا الشعور القاتم بانعدام الثقة تأتيه رسالة تبعث فيه الأمل، وتعيد له ابتسامته المفقودة، والشعور بالثقة والاعتداد بالذات، أنها رسالة من الأديب الروسي "جريجورفيتش " الأديب المرموق ذائع الصيت والشهرة، يقول فيها " لقد قرأت كل ما هو موقع باسم " تشيخونتي " وإن كنت أشعر بغيظ داخلي من إنسان يقلل من شأن نفسه بحيث يجد أن استعماله اسمًا مستعارًا هو أمر ضروري.. إن لديك موهبة حقيقية، موهبة ترفعك إلى موقع أعلى بكثير من الكتاب المعاصرين، وإذا كنت أتحدث عن موهبتك ؛ فإنما أتحدث باقتناع، لقد تجاوزت سن الخامسة والستين، ولكنني ما زلت شغوفًا بالأدب، أتابع تقدمه بحماسة كبيرة وأسعد بغبطة عارمة حين أكتشف شيئًا ينبض بالحياة والإلهام بحيث أنني لا أستطيع أن أمنع نفسي عن إبداء إعجابي وعن مدّ يديّ الاثنتين إليك..."
لقد قرأ أنطون الرسالة عشرات المرات، فقد انتشلته من قاع الأحزان واليأس وأعادت له نفسه المتشظية وفؤاده المكسور، والأهم أعادت له ثقته بنفسه. يتبع