تحاول منصة نتفليكس في الآونة الأخيرة مجاراة منافستها الأبرز "آبل تي في بلس" من خلال دعم المخرجين الكبار وإنتاج أفلام تُعرض في المهرجانات السينمائية العالمية قبل طرحها عبر المنصة، في سعي واضح لحصد الجوائز الكبرى وتعزيز مكانتها الفنية.

وخلال هذا العام، شاركت نتفليكس بعدد من الأعمال اللافتة، من بينها فيلم "فرانكشتاين" (Frankenstein) الذي عُرض في مهرجان فينيسيا السينمائي، وفيلم جديد للمخرجة الحائزة على الأوسكار كاثرين بيغلو بعنوان "بيت من الديناميت" (A House of Dynamite).

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الفيلم الكوري "أخبار جيدة".. حين تصنع السلطة الحقيقة وتخفي أبطالهاlist 2 of 2السباق نحو أوسكار 2026 ينطلق مبكرًا.. تعرف على أبرز الأفلام المرشحة بقوةend of list

بدأ عرض "بيت من الديناميت" مؤخرًا على منصة نتفليكس، وينافس على قمة قائمة الأعلى مشاهدة عالميا، وذلك بعد مشاركته في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا. وينتمي الفيلم إلى نوعية الإثارة السياسية، ويضم نخبة من النجوم مثل إدريس ألبا، وريبيكا فيرغسون، وجاريد هاريس، وأنتوني راموس، وغيرهم.

View this post on Instagram

سمات بيغلو الإخراجية: الواقعية تحت النار

يُطلَق مصطلح "المخرج المؤلف" على ذلك المخرج أو المخرجة الذي لا يكتفي بتنفيذ النص السينمائي، بل يضع بصمته الفكرية والجمالية الخاصة على العمل، ليصبح انعكاسًا لرؤيته الشخصية. فكما يعبّر الكاتب عن ذاته بالكلمات، يعبّر المخرج المؤلف عن أفكاره من خلال الصورة والإيقاع والبناء البصري.

وغالبًا ما تتكرر في أفلام "المخرج المؤلف" الموضوعات والأساليب نفسها -سواء في القضايا التي يتناولها أو في طريقته الخاصة باستخدام الكاميرا والضوء والمونتاج- حتى يصبح من السهل على المشاهد تمييز عمله دون قراءة اسمه في التتر.

تُعدّ كاثرين بيغلو مثالا بارزا على هذا النوع من المخرجين، إذ تتجلى رؤيتها الشخصية في كل عمل تقدّمه، بغضّ النظر عن نوع الفيلم أو حجمه الإنتاجي. وتحمل أفلامها دائمًا توترا وجوديا يتقاطع مع مفاهيم العنف والسلطة والخطر، وتعكس انشغالها العميق بالسؤال الأخلاقي داخل المواقف المتطرفة.

إعلان

تستخدم بيغلو الكاميرا كأنها عين داخلية ترصد إحساس الخوف والمسؤولية، وتقدّم مشاهد الحرب والسياسة بواقعية قاسية لا تمجّد البطولة، بل تكشف هشاشة الإنسان أمام القوة والسلاح.

أما فيلمها الجديد "بيت من الديناميت" (A House of Dynamite)، فيحمل معظم سمات بيغلو المميزة، إذ يقدّم حكاية عن الحرب والسياسة بقدر كبير من الواقعية والبساطة، كاشفًا عن هشاشة العالم المعاصر.

يبدأ الفيلم بجملة تلخص المفارقة بين زمن الحرب الباردة والواقع الحالي: فبعد الحرب العالمية الثانية، امتلك القادة حينها قدرًا من الوعي جعلهم يبطئون سباق التسلّح النووي خوفا من حرب مدمّرة تُفني البشرية.

لكن مع مرور الوقت، تحول التسلح إلى وهم بالأمان؛ إذ تظن كل دولة أن سلاحها النووي سيحميها من الهجوم. ومع ذلك، يدرك الجميع أن أي حرب نووية لن تنتهي إلا بإبادة شاملة.

في "بيت من الديناميت"، وفي يوم عادي تمامًا، يُوجه صاروخ ذو رأس نووي نحو الولايات المتحدة. لا يعرف أحد هوية الدولة المهاجمة، لكن على الولايات المتحدة أن تجد الرد الأنسب على الصاروخ الذي سيمحو جزءًا من أراضيها وسكانها عن وجه الأرض بعد ثوانٍ، وذلك حفاظًا على سيادتها ومن دون إشعال حرب شاملة.

يحيل الفيلم إلى تحفة المخرج ستانلي كوبريك "دكتور سترينجلوف" (Dr. Strangelove) الصادرة عام 1964، التي تناولت في إطار من الكوميديا السوداء قصة صاروخ أميركي وُجه عن طريق الخطأ إلى الاتحاد السوفياتي.

حاول القادة الأميركيون حينها إيقاف الصاروخ، لكن الأمور خرجت عن السيطرة، واضطروا للتواصل مع القادة السوفيات لمنع الحرب الوشيكة بعد سقوط الصاروخ الحتمي. ومع ذلك، يدرك الجميع أن ما إن تبدأ مثل هذه الحرب فلن تنتهي إلا بكوكب تزين سماءه سحب الفطر النووي المدمرة.

View this post on Instagram

الهشاشة الإنسانية خلف المكاتب السياسية

تقسم كاثرين بيغلو قصة "بيت من الديناميت" إلى 3 فصول شبه متزامنة، نشاهد خلالها الأحداث نفسها تقريبًا، لكن من وجهات نظر مختلفة لمجموعات متعددة من المسؤولين.

إنه أسلوب سردي يُقدم فيه الحدث أكثر من مرة من زوايا مختلفة، بحيث يتغير فهمنا له في كل مرة. وتقوم الفكرة على أن الحقيقة نسبية، وأن كل شخصية ترى العالم من منظورها الخاص.

يركّز الفيلم على النقطة الجامعة بين كل هذه الشخصيات التي تتعامل مع الحدث المرعب، وهي الهشاشة المطلقة. فهؤلاء المسؤولون والمسؤولات، من الرئيس الأميركي وحتى أصغر موظف بالبيت الأبيض، وعلى الرغم من خبراتهم السياسية الواسعة، لم يتوقعوا أبدا مواجهة هذا الموقف، لقد كانت احتمالية بعيدة يضعونها في خلفية رؤوسهم، مجرد فرضية خيالية تحفزهم على التسلح، لا أكثر.

تشكل مركزية العائلة رابطا إضافيا يجمع هذه الشخصيات معا؛ فعلى الرغم من مواقعهم الإستراتيجية في الولايات المتحدة وتحكّمهم في مصائر السياسة العالمية، فإنهم في النهاية أمهات وآباء. وعندما يتعرضون لمواقف تهدد حياة البشر، يكون أول من يفكرون بهم هم أبناءهم.

وبالرغم من أن أفلام كاثرين بيغلو مليئة بالعنف والانفجارات، فإن محور اهتمامها الأساسي هو الفرد العادي تحت الضغط، فهي تركز على الجانب النفسي للشخصيات، وعلى كيفية تعامل الإنسان مع الخوف والواجب والمسؤولية الأخلاقية في المواقف المتطرفة.

إعلان

تعتمد بيغلو كذلك أسلوبا واقعيا قريبا من الطابع الوثائقي، فتحرص على أن يشعر المشاهد بأنه جزء من التجربة لا مجرد متفرج.

ويتحقق ذلك من خلال تفاصيل واقعية دقيقة في الصورة والصوت والإضاءة، إذ تستخدم لقطات متتابعة سريعة، واهتزازا محسوبا، وزوايا تصوير قريبة جدا من الشخصيات لخلق إحساس فوري بالتوتر والخطر.

كما لا تستخدم الموسيقى التصويرية بكثرة، بل تركز على الأصوات الطبيعية: أنفاس الجنود، وأصوات الأجهزة، وطنين المكان.

View this post on Instagram

فيلم "بيت من الديناميت" عمل مؤثر يفضح هشاشة الأرض التي يقف عليها سكان العالم، وإمكانية إنهاء الحياة بضغط زر خاطئ أو تحت ذريعة إثبات النفوذ والسيادة.

غير أن ما يجعل الفيلم استثنائيا هو الطريقة التي تحول بها كاثرين بيغلو هذا الخطر الكوني إلى تجربة إنسانية خالصة؛ فهي لا تتعامل مع الكارثة من منظور سياسي أو عسكري فحسب، بل تغوص في أعماق النفس البشرية لحظة الانهيار، حين تتقاطع السلطة مع الخوف، والعقل مع الغريزة.

بهذا الأسلوب تؤكد بيغلو فكرتها الدائمة: أن القوة ليست سوى وهم هش، وأن أعظم ما يهدد الإنسان ليس السلاح النووي ذاته، بل قراره في اللحظة الفاصلة.

لذلك يبدو "بيت من الديناميت" امتدادا طبيعيا لمسيرتها السينمائية، حيث يتحول الحدث السياسي إلى مرآة لقلق الإنسان المعاصر، المعلق بين الرغبة في السيطرة والخوف من الفناء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات

إقرأ أيضاً:

انطلاق أتوبيس «جيزة ٤٥» على مسرح الغد

انطلق بالأمس على مسرح الغد بالعجوزة العرض المسرحي الجديد «جيزة ٤٥» من إنتاج فرقة الغد بقيادة المخرج سامح مجاهد، حيث يُعرض يوميًا في تمام الساعة السابعة والنصف مساءً عدا يوم الاثنين من كل أسبوع، تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وضمن أنشطة البيت الفني للمسرح التابع لقطاع المسرح برئاسة المخرج هشام عطوة.

 

وأوضح المخرج سامح مجاهد أن «جيزة ٤٥» يُعد أول إنتاجات ورشة التمثيل التي أطلقها المسرح في ديسمبر من العام الماضي، في إطار خطة البيت الفني للمسرح لاكتشاف ودعم الطاقات الإبداعية الشابة في مجالات الفنون المسرحية.


وأضاف أن الورشة استمرت على مدار عدة أشهر بإشراف نخبة من المدربين المتخصصين وهم مروة رضوان، هشام علي، وهدفت إلى تنمية القدرات الأدائية للشباب والارتقاء بمهاراتهم في التمثيل والتعبير الحركي والصوتي.

 

العرض من تأليف ياسمين فرج وطارق رمضان، بمشاركة من شباب الورشة، في تجربة جماعية جمعت بين الكتابة والارتجال.

 

وتدور أحداث العرض حول أتوبيس يحمل مجموعة من الركاب، يتوقف في كل مرة عند محطة مختلفة، ولكل محطة حكاية تحمل رموزًا ودلالات اجتماعية وإنسانية متعددة. ومن بين المحطات التي يتناولها العرض: ١٠٠ عقبة، كفر طهرمس، ناهيا، في رحلة رمزية تربط بين عوالم ووجوه متنوعة من الواقع المصري.

 

يشارك في بطولة العرض مجموعة من خريجي الورشة منهم عمر أبو المجد، حسام العمدة، عبدالرحمن ثروت، مصعب البنا، محمد عثمان، منى حسين، مصطفى سعيد، رونا علي، ضيا أشرف، مريم مسعد، محمد حافظ، مها مصطفى، الموسيقى من إعداد حازم الكفراوي، والديكور لـ أحمد الألفي، ويساعد في الإخراج كل من أمنية فريد، هاجر أبو العزم، هشام عبد المنعم، والعرض من إخراج هشام علي، اشراف عام سامح مجاهد.

نقيب الفلاحين: يطالب الرئيس السيسى بالتدخل بوضع حد لإهانة الجلابيه كزي رسمي للفلاحين تألق فرقتي القومية للفنون الشعبية والموسيقي الشعبية على مسرح البالون

مقالات مشابهة

  • الشعر والنثر بين السياسي والأديب
  • معاقبة عاطل بالسجن المشدد 7 سنوات لاتهامه بسرقة المارة بالقاهرة
  • خلاف داخل بي بي سي حول تغطية الحرب على غزة يتحوّل لمعركة قضائية
  • الدعم السريع يوافق على مقترح لهدنة إنسانية في السودان
  • الحكيم يحذر: العرف السياسي في مهب طموحات الأحزاب
  • غزة الجديدة.. بين وهم السلام وخطة الإحلال السياسي!!
  • انطلاق أتوبيس «جيزة ٤٥» على مسرح الغد
  • درة وأحمد العوضي في "علي كلاي".. دراما مشحونة بالصراع والعاطفة في رمضان 2026
  • البرنامج الصباحي.. دراما تكشف خبايا الإعلام في زمن السلطة والفضائح