القدس المحتلة - خاص صفا في خيام وبركسات من الصفيح تفتقر لأدنى مقومات الحياة، يعيش نحو 150 فلسطينيًا في تجمع "خلة السدرة" البدوي شرقي بلدة مخماس شرقي القدس المحتلة، يُقاتلون من أجل البقاء على أرضهم التي يسعى الاحتلال الإسرائيلي لتوسيعها استيطانيًا. يشكل "خلة السدرة" نقطة مواجهة حقيقية مع مشروع استيطاني ضخم يسعى لمحو الوجود الفلسطيني في منطقة استراتيجية.

ودائمًا ما يتعرض التجمع لسلسلة تضييقات واعتداءات من المستوطنين بحماية قوات الاحتلال، تتمثل في الاقتحامات والاعتداء على سكانه، ومنعهم من الوصول للخدمات الأساسية، فضلًا عن إحراق المنازل، وسرقة خزان المياه. ويعتمد سكانهةعلى تربية المواشي كمصدر رزق أساسي، ويرتبطون بالأرض ارتباطًا وجوديًا، كونها تشكل بالنسبة لهم مصدر رزق وهوية وانتماء. وفي الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، كان أهالي التجمع على موعد مع اعتداء آخر، نفذه عشرات المستوطنين الذين اقتحموا التجمع ليلًا واعتدوا عليهم بالضرب، وأحرقوا 9 منازل بكل محتوياتها، مما حوُلها لرماد. رعب شديد المواطن يوسف كعابنة، أحد سكان التجمع، يقول لوكالة "صفا": "كل يوم نعيش في رعب، خوفًا من اقتحام المستوطنين لبيوتنا والاعتداء عليها وحرق ممتلكاتنا، كما حدث معنا في 25 أكتوبر الماضي". ويضيف "حكاية معاناتنا بدأت في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2022 مع بناء أول بؤرة استيطانية قرب التجمع، من خلال الاعتداء على أماكن الرعي وآبار المياه، ومن ثم تطوّرت". ويوضح أن التجمع يتعرض منذ السابع من أكتوبر، لهجمة مسعورة من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال، بهدف تهجيرنا واقتلاعنا من أرضنا، والسيطرة على التجمعات البدوية كافة. ويتابع "التجمع يلفظ أنفاسه الأخيرة، مع استمرار هجمات المستوطنين، وفقدان مصدر رزقنا الوحيد وسرقة الأغنام، وحرق بعض الحظائر". ويطالب كعابنة كل المؤسسات المحلية والدولية بالتدخل العاجل لوقف اعتداءات المستوطنين ضدهم، وتوفير الحماية لهم، ودعم صمودهم في أرضهم. و"خلة السدرة" واحدًا من بين 28 تجمعًا بدويًا يعيشون حربًا حقيقية مع المستوطنين لا تتوقف، في محاولة لمحاصرتهم وتهجير السكان الفلسطينيين وطردهم من أراضيهم، لصالح التوسع الاستيطاني. معاناة يومية المشرف العام لمنظمة البيدر الحقوقية حسن مليحات يقول إن المعاناة في خلة السدرة ليست عابرة أو مؤقتة، بل معاناة يومية مستمرة، تتمثل في غياب البنية التحتية الأساسية، فلا شبكات كهرباء ولا مياه ولا طرق مؤهلة ولا مدارس ولا مركز صحي. ويوضح مليحات في حديث لوكالة "صفا"، أن السكان يلجأون إلى مولدات صغيرة أو ألواح شمسية، لكن تكلفتها مرتفعة ولا تفي بالغرض، كما يتم نقل المياه بصهاريج من أماكن بعيدة، وهذا مكلف جدًا. ويقطع الأطفال مسافات طويلة سيرًا على الأقدام للوصول إلى مدارس القرى القريبة، بسبب صعوبة الطريق المؤدي للتجمع، كونها ترابية ووعرة. ولم تتوقف المعاناة عند ذلك، بل يتعرض السكان، كما يضيف مليحات، لاقتحامات مستمرة من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال، بالإضافة إلى تسليم إخطارات بالهدم ومنع البناء، ومصادرة الخيام والبركسات دون إنذار، فضلًا عن اعتقال الرعاة أو تهديدهم بتهم زائفة كـ"التواجد في منطقة عسكرية"، وكذلك وضع حواجز من الصخور أو الأسلاك لمنع المرور. ويبين أن هذه المعاناة مقصودة وليست نتيجة إهمال، بل تتكرر بغية إرهاق السكان نفسيًا، لافتًا إلى أن الاحتلال يمنع حتى تطوير المنطقة كي يجعل الحياة غير قابلة للاستمرار ويدفع السكان إلى الرحيل. ويؤكد أن استهداف الاحتلال ومستوطنيه لأهالي "خلة السدرة" ليس أمنيًا كما يدّعون، بل استيطاني سياسي، كون التجمع يقع داخل منطقة تعتبر جزءًا من المشروع الاستيطاني (E1). ويهدف المشروع الاستيطاني، وفقًا لمليحات، إلى ربط مستوطنات شرق القدس بمستوطنة "معاليه أدوميم" وتلك المؤدية لغور الأردن، بالإضافة إلى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، ومنع أي توسع فلسطيني مستقبلي في المنطقة. خنق وتهجير ويرى أن جود التجمع الفلسطيني في "خلة السدرة" يشكل عائقًا مباشرًا أمام تنفيذ هذا المشروع الاستيطاني، لذلك يحاول الاحتلال خنقه وخلق ظروف معيشية طاردة، ولإجبار السكان على ترك الأرض دون استعمال القوة المباشرة أمام الإعلام. ورغم الاعتداءات والتضييقات الاحتلالية، إلا أن أهالي التجمع لا يزالوا صامدين متمسكين بأرضهم، باعتبارها أساس الهوية ومصدر العيش. ويشدد مليحات على أن الصمود في التجمع يشكل معركة وجود، تتمثل في التمسك بالأرض، والتضامن العائلي والاجتماعي بين العائلات، كما أن اعتماد السكان على الثروة الحيوانية تمنحهم حدًا أدنى من الاستقلال الاقتصادي، ناهيك عن وجود النشطاء والمتضامنين الذين يرافقون الرعاة أحيانًا ويوثقون الاعتداءات بالكاميرات. ويؤكد أن السكان بحاجة إلى حضور ودعم حقيقي، لتعزيز صمودهم، وحماية الأرض من المصادرة، وللحفاظ على الوجود الفلسطيني في القدس ومحيطها، ولإفشال مخططات الاستيطان،

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: خلة السدرة القدس عنف المستوطنين تجمع بدوي تهجير قسري خلة السدرة

إقرأ أيضاً:

تصاعد هجمات المستوطنين بالضفة.. إصابات وحرق منزل وتهجير قسري لا يتوقف

رام الله - صفا واصل المستوطنون، يوم السبت، تصعيد اعتداءاتهم وهجماتهم في الضفة الغربية المحتلة، مستهدفين المواطنين وممتلكاتهم، ولا سيما المزارعين. وتُعزز هذه الممارسات والهجمات السياسة الإسرائيلية المعلنة لترسيخ ضم الضفة الغربية، في انتهاك واضح للقانون الدولي. وأفاد الهلال الأحمر بإصابة 14 مواطنًا، ظهر اليوم، في اعتداءات مستوطنين على مزارعين وصحفيين ومتضامنين جنوب مدينة نابلس.  وظهر اليوم، أصيب ستة مسعفين وصحفيين، خلال هجوم لمستوطنين في بلدة بيتا جنوب نابلس.  وذكرت وزارة الصحة أن الطواقم الطبية في مستشفى رفيديا الحكومي تعاملت مع 3 إصابات، جراء اعتداء المستوطنين في بلدة بيتا. من جهتها، أفادت جمعية الهلال الأحمر بأن طواقمها تعاملت مع عدد من المصابين، جراء تعرضهم للضرب المبرح، من بينهم مسعفون متطوعون في الجمعية وصحفيون، وتم نقل ثلاثة منهم إلى المستشفى. والصحفيون هم: رنين صوافطة، محمد الأطرش ولؤي سعيد، حيث أصيبوا برضوض وكسور، وجرى نقلهم إلى المستشفى. وفي السياق، أصيب خمسة مواطنين ومتضامنين أجانب بجروح ورضوض، يوم السبت، عقب اعتداء مستوطنين عليهم في قرية بورين جنوب نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة. وتصاعدت وتيرة الهجمات الاستيطانية في الأغوار، ويسعى الاحتلال من خلال ذلك إلى فرض وقائع جديدة وتغيير ديمغرافي كامل. وبعد أن هجر الاحتلال 32 تجمعًا بدويًا، عمل على إقامة بؤر استيطانية جديدة في المنطقة للاستيلاء على الأرض. واليوم، هاجم مستوطنون، المزارعين خلال تواجدهم في أراضيهم بالمنطقة الشمالية من بلدة بيت دجن شرق نابلس. وفي بلدة عقربا جنوب نابلس، سرّق مستوطنون، ثمار الزيتون في منطقة “قرقفة” جنوب البلدة. وقالت منظمة البيدر الحقوقية إن المستوطنين دخلوا إلى الأراضي الزراعية وجمعوا ثمار الزيتون دون أي تدخل من قوات الاحتلال، في وقت يُحرم فيه أصحاب الأراضي من الوصول إليها بذرائع أمنية. وأضافت أن عمليات سرقة المحاصيل تتكرر مع كل موسم قطاف، في محاولة للتضييق على المزارعين وحرمانهم من مصدر رزقهم الأساسي. وفجر اليوم، أضرم مستوطنون النار في أحد المنازل في قرية أبو فلاح شمال شرقي رام الله. وأفادت مصادر محلية بأن مستوطنين اقتحموا أطراف القرية، وأضرموا النار في منزل المواطن باسل الشيخ، المكون من طابق واحد، ما أدى لاحتراق أجزاء منه. وأضافت أن قوات الاحتلال اقتحمت محيط المنزل، صباح اليوم، وأطلقت الرصاص تجاه المواطنين الذين كانوا متواجدين في المكان، دون أن يبلغ عن إصابات. ومساء الجمعة، شرّع مستوطنون بتوسيع البؤرة الاستيطانية في منطقة حمروش شمال الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة. وقالت منظمة البيدر إن المستوطنين في البؤرة الاستيطانية المقامة في منطقة حمروش شرق سعير شمال الخليل، شرعوا ببناء غرفة من الطوب، وأحضروا كميات من الإسمنت إلى الموقع. وأوضحت أن هذه الخطوة تهدف إلى تثبيت البؤرة وتسريع توسعها قبل أي تغييرات محتملة في المستقبل. وخلال تشرين الأول/أكتوبر الماضي، نفذ المستوطنون 766 اعتداءً على المواطنين وأراضيهم وممتلكاتهم، وفقًا لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان وأضافت الهيئة أن المستوطنين نفذوا 352 عمليات تخريب وسرقة لممتلكات فلسطينيين، طالت مساحات شاسعة من الأراضي. وتسببت اعتداءات المستوطنين بمساعدة جيش الاحتلال باقتلاع وتخريب وتسميم 1200 شجرة كلها من أشجار الزيتون. وحذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في بيان، من الارتفاع الحاد في وتيرة العنف، قائلًا: إن "هذه الهجمات، التي أسفرت عن قتلى وإصابات وأضرار في الممتلكات، بلغت في المتوسط 8 وقائع يوميًا". وأضاف المكتب "منذ عام 2006، وثّقنا أكثر من 9600 هجوم من هذا النوع. ووقع 1500 منها تقريبًا هذا العام وحده، أي ما يقارب 15% من الإجمالي". وذكر أن أعمال عنف المستوطنين أسفرت عن تهجير 3 آلاف و200 فلسطيني من أرضهم، وقتل كثيرين بالرصاص، وإصابة مئات غيرهم، وفقدان آخرين كثر لمصادر رزقهم. 

مقالات مشابهة

  • "خلة السدرة".. تجمع فلسطيني "يلفظ أنفاسه الأخيرة" تحت وطأة التهجير وجحيم المستوطنين
  • تصاعد هجمات المستوطنين بالضفة.. إصابات وحرق منزل وتهجير قسري لا يتوقف
  • الأمم المتحدة: اعتداءات المستوطنين الشهر الماضي تسجل أعلى حصيلة منذ عقدين
  • اعتداءات واسعة من المستوطنين وقوات الاحتلال في الضفة
  • مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
  • مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال
  • عشرات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى
  • بعد تناوله مادة سامة.. محام يلفظ أنفاسه الأخيرة داخل مستشفى بقنا
  • تجمع العشائر في غزة يدعو إلى أعمتاد آليَّة وطنية موحدة لتوزيع المساعدات