منطقة النجد.. مستقبل واعد للأمن الغذائي والاستثمار الزراعي في سلطنة عمان
تاريخ النشر: 8th, November 2025 GMT
صلالة- بخيت الشحري -
في ظل التوجهات الوطنية نحو تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الاستثمارات الزراعية، تبرز منطقة النجد الزراعية بمحافظة ظفار كواحدة من أبرز المشاريع الاستراتيجية التي تعكف سلطنة عمان على تطويرها ضمن «رؤية عمان 2040». هذه المنطقة، التي تمتد على مساحة شاسعة وتتمتع بمقومات طبيعية فريدة، تشهد اليوم تحولات نوعية في بنيتها الزراعية والاقتصادية، مدفوعة بتخطيط حكومي دقيق وتعاون دولي مثمر.
وفي بداية اللقاء تحدث المهندس سعيد بن محمد بن حمد الوحشي مدير مكتب تطوير منطقة النجد الزراعية، عن الجهود الاستراتيجية التي تبذلها سلطنة عمان لتحويل منطقة النجد إلى مركز غذائي واستثماري رائد على مستوى المنطقة، مؤكدًا أن المشروع يأتي ضمن «رؤية عمان 2040» التي تركز على تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز التنوع الاقتصادي. وأوضح الوحشي أن منطقة النجد التي تمثل 80% من مساحة محافظة ظفار وتمتد على نحو 40 ألف كيلومتر مربع، تتمتع بمقومات طبيعية فريدة تشمل وفرة المياه والتربة الخصبة والمساحات المنبسطة، ما يجعلها مؤهلة لتكون مركزًا استراتيجيًا للإنتاج الزراعي.
وأضاف: إن الوزارة تستهدف استصلاح نحو 24,200 كيلومتر مربع كمرحلة أولى، بناءً على دراسات تحليل التربة والمياه لتحديد التركيبة المحصولية المثلى لكل منطقة من أقصى الغرب إلى مقشن، مشيرًا إلى أن هذه الجهود تُترجم إلى مخطط رئيس متكامل يربط المواقع الزراعية بشبكات الكهرباء والطرق ويصلها بالمنطقة اللوجستية في سيح الخيرات.
وأكد أن المشروع يندرج ضمن مبادرة «السلة الغذائية لسلطنة عمان» التي تضم 25 سلعة أساسية تهدف إلى تقليل الاعتماد على الواردات وتوطين إنتاجها محليًا، وتشمل هذه السلع منتجات نباتية، ولحوماً حمراء وبيضاء، وبقوليات، فيما تُعد محاصيل مثل البصل والثوم والبطاطس والمانجو والليمون من أبرز المستهدفات الاستراتيجية في المرحلة الحالية.
نمو مطرد
وأشار الوحشي إلى أن منطقة النجد تشهد حالياً استثمارات مالية في المجال الزراعي بشقيه النباتي والحيواني تقدر قيمتها بحوالي 190 مليون ريال عماني، وقد وصلت قيمة المنتجات الزراعية بالمنطقة خلال الموسم 2023 /2024 إلى أكثر من 66 مليون ريال عماني، موزعة على عدة محاصيل رئيسية؛ حيث بلغت قيمة الخضروات نحو 40 مليون ريال، والحشائش حوالي 12.5 مليون ريال، والقمح نحو 8 ملايين ريال، والتمور 4.1 مليون ريال، والثروة الحيوانية 2 مليون ريال. وأوضح أن هذه الأرقام تعكس النمو المطرد في الإنتاج الزراعي نتيجة للتخطيط الاستراتيجي وتنظيم الحيازات العشوائية من خلال عقود حقوق الانتفاع، وإنشاء المدن الزراعية والنطاقات الاستثمارية، وتوفير البنى الأساسية واللوجستية والتسويقية، مما خلق بيئة جاذبة للاستثمارات الزراعية والصناعية.
وفيما يتعلق بالتعاون الدولي، أكد الوحشي أن توقيع اتفاقية التعاون الفني مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) يمثل نقلة نوعية في تطوير القطاع الزراعي؛ حيث تهدف الاتفاقية إلى إعداد وتنفيذ المخطط الرئيس لتنمية منطقة النجد الزراعية، من خلال وضع خطط استراتيجية ومستدامة لجميع المسارات الزراعية واللوجستية والتسويقية والبنى الأساسية، وربط جميع المكونات بخارطة طريق واضحة المعالم، وإنشاء هوية ترويجية للمنطقة ومنتجاتها، بما يسهم في ترسيخ النجد كمصدر موثوق للمنتجات عالية الجودة.
وأضاف: إن الاتفاقية تشمل ثلاث نسخ متجددة من الخطة، تبدأ بجمع وتحليل البيانات المتوفرة عن التربة والمياه والمزارع القائمة والنطاقات الاستثمارية، ثم مراجعة التركيبة المحصولية وربطها بنتائج التحاليل لتحقيق عائد اقتصادي أكبر، وأخيرًا تطوير الإطار المؤسسي ووضع استراتيجية لتخطيط إمدادات الغذاء ومراقبة استخدام الموارد المائية بشكل مستدام، إلى جانب بناء شراكة مؤسسية بين الوزارة والمستثمرين والمنتجين وربطهم بالأسواق المحلية والإقليمية والعالمية.
وفي إطار التعاون الدولي كذلك وتفعيلًا لمذكرة التفاهم الموقعة بين وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ووزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، يزور سلطنة عمان عدد من الخبراء الجزائريين بمختلف التخصصات والخبرات بقطاعات البحوث والإنتاج الزراعي والتخطيط المستدام للأراضي الصحراوية، وتمثل هذه الزيارات أساسا لشراكات استراتيجية بين البلدين الشقيقين في مجال تبادل الخبرات وإيجاد آفاق للتعاون المستقبلي مما يساهم في تعزيز الإنتاج الزراعي ورفع كفاءة منظومة الأمن الغذائي.
مجمع متكامل
وفي جانب البنية التحتية، أشار الوحشي إلى أن الحكومة تعمل على إنشاء ورصف الطرق الحيوية؛ حيث يجري حالياً رصف طريق سيح الخيرات ــ الشصر بطول 44 كم، بالتعاون مع وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، كما يتم التخطيط لإنشاء منطقة لوجستية في سيح الخيرات بالتعاون مع القطاع الخاص، تشمل ورشًا «للميكنة الزراعية» ومحلات تجارية وخدمات سكنية وصحية وترفيهية.
وأضاف أن الوزارة أنشأت مجمعًا متكاملًا؛ لتجميع وفرز وتسويق منتجات النجد الزراعية بالشراكة مع شركة تنمية زراعة عمان، وقد بلغت نسبة الإنجاز فيه 40%، ومن المتوقع تدشينه في الربع الثاني من عام 2026.
كما يجري العمل على توصيل التيار الكهربائي للنطاقات الاستثمارية والمدن الزراعية بالتعاون مع شركة نماء لخدمات ظفار، إلى جانب مشاريع الطاقة المتجددة بالشراكة مع هيئة الخدمات العامة والقطاع الخاص، بهدف تقليل مدخلات الإنتاج وتوفير طاقة نظيفة ومستدامة.
وفيما يتعلق بالنطاقات الاستثمارية والمدن الزراعية، أوضح الوحشي أنه تم تخصيص 13 نطاقًا بمساحة إجمالية تبلغ 162,000 فدان لمختلف الأنشطة الزراعية والحيوانية واللوجستية والصناعية، وتم توقيع عقود انتفاع بقيمة استثمارية تقدر بحوالي 60 مليون ريال عماني، كما تم إنشاء مدينتين زراعيتين هما مدينة المزيونة الزراعية بمساحة 40 كم مربع ومدينة الشصر الزراعية بمساحة 50 كم مربع، وتركز هذه المدن على مفاهيم الزراعة التجارية والتكامل بين الإنتاج والتصنيع والخدمات اللوجستية، بما يعزز الاكتفاء الذاتي ويرفع القيمة المضافة للمنتجات المحلية.
وفي إطار تنظيم الحيازات العشوائية وتعزيز الرقابة، أشار الوحشي إلى توقيع اتفاقية «إسناد الرقابة الزراعية والمائية» بين الوزارة ومؤسسة خدمات الأمن والسلامة، بهدف الحفاظ على الممكنات الزراعية والمائية من التعدي، وإنفاذ القوانين والتشريعات المنظمة للمنطقة، وتحقيق الاستدامة الزراعية والمائية، داعيًا المستثمرين إلى الإسراع في استكمال إجراءات توقيع عقود الانتفاع والالتزام بالأطر المنظمة لاستخدام مياه الآبار وطرق الري الحديثة والتركيبة المحصولية الاستراتيجية. وختم الوحشي حديثه بالتأكيد على أن هذه الجهود المتكاملة تمثل نقلة نوعية في تطوير القطاع الزراعي في سلطنة عُمان، وتعكس التزام الحكومة بتوظيف الخبرات الدولية والتقنيات الحديثة، وتحقيق التكامل بين التخطيط الزراعي والترويج الاستثماري، وصولًا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الغذائي، مشيرًا إلى إعداد دليل استرشادي بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار ضمن منصة «استثمر في عمان»؛ لتسليط الضوء على الفرص الاستثمارية الواعدة في منطقة النجد، مدعومًا بصور وفيديوهات توضيحية، ليكون مرجعًا إعلاميًا واستثماريًا حاضرًا ومستقبلًا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: منطقة النجد الزراعیة الأمن الغذائی بالتعاون مع سلطنة عمان ملیون ریال
إقرأ أيضاً:
إقبال كبير من الجالية المصرية في سلطنة عمان للتصويت بانتخابات النواب
شهدت سلطنة عمان صباح اليوم انطلاق عملية التصويت للمصريين في الخارج ضمن انتخابات مجلس النواب، وسط أجواء تنظيمية مميزة وإقبال متزايد من أبناء الجالية المصرية.
وقال السفير ياسر شعبان، سفير مصر لدى سلطنة عمان، إن العملية الانتخابية بدأت في التاسعة صباحًا بتوقيت مسقط والسابعة بتوقيت القاهرة، مشيرًا إلى أن التوافد يتم بشكل منتظم منذ اللحظات الأولى، بعد إخطار جميع أبناء الجالية في المحافظات والمؤسسات المصرية العاملة في السلطنة بمواعيد التصويت وإجراءاته.
وأضاف السفير خلال مداخلة هاتفي له عبر قناة «إكسترا نيوز»، أن الجالية المصرية في سلطنة عمان تعد من الجاليات المتميزة، وتضم فئات متعددة من الأطباء والمدرسين والصيادلة والعاملين في قطاعات مختلفة داخل المجتمع العماني، موضحًا أن أبناء الجالية موزعون على مختلف محافظات السلطنة، وأن هناك تنسيقًا كاملًا بين السفارة ونادي الجالية المصرية لضمان مشاركة الجميع وإتاحة الفرصة لكل مواطن للإدلاء بصوته في هذا الاستحقاق الدستوري المهم.
السفارة المصرية نسقت مع السلطات العمانية لتقديم كافة التسهيلات اللوجستيةوأكد السفير ياسر شعبان أن السفارة المصرية نسقت مع السلطات العمانية لتقديم كافة التسهيلات اللوجستية والأمنية لضمان سير العملية الانتخابية بسهولة ويسر، مشيرًا إلى أن الإقبال في الساعات الأولى جاء طيبًا ومتوقعًا، وأن الأعداد مرشحة للزيادة بعد صلاة الجمعة مع ارتفاع وعي المواطنين بأهمية المشاركة في دعم الحياة النيابية واستكمال مسيرة التنمية في مصر.