لجريدة عمان:
2025-11-11@18:25:07 GMT

«البيت الخاوي»: الصمت المدويّ

تاريخ النشر: 11th, November 2025 GMT

لم أستسغ لحدّ اليوم، ولا آمنت بأنّ سرد تجربة آني أرنو في مختلف رواياتها يُمكن أن يؤسّس لحدثٍ أدبيّ فاعل في عالم الأدب، ولم يطمئن قلبي أبدًا إلى جدارتها بالفوز بنوبل، وما زلتُ أراها كاتبة عادية وجيّدة، ولا يُمكن أن تخطّ في الأدب سبيلاً تختصّ به أو تُحدثَ نهجًا يُعيد للرواية الفرنسيّة ألقها الذي خبا ولا مجدها الذي كبا، فسيرتها التخييليّة لا تضيف في الأدب باعًا ولا ذراعًا.

تذكّرتُ موقفي من آني أرنو وعملي جاهِدًا على قراءة أغلب رواياتها لعلّي أقتنع وأجنح إلى الإيمان بجدارتها بنوبل، وبإحلالها مكانة الرأس من الرواية العالمية، عندما عادت أهمّ جائزة فرنسيّة في الأدب إلى الرواية الفرنسيّة وإلى كاتب فرنسيّ، له أثرٌ وتجربةٌ ورؤيةٌ، فقد منحت أكاديمية غونكور الفرنسيّة جائزتها الأدبية السنويّة الأهمّ إلى الروائي الفرنسيّ لوران موفينييه (Laurent Mauvignier) عن روايته «البيت الخاوي» (La maison vide)، وهو روائيّ له أثر ومنزلةٌ في الرواية الفرنسيّة، وهو من مواليد 1967، وله أعمال روائية عديدة، منها، «بعيدًا عنهم» (Loin d›eux) التي تحصّلت على جائزة فينيون (prix Fénéon) وحكايات اللّيل»(Histoires de la nuit)، الحائزة على جائزة ريبليك (prix HYPERLINK «https://fr.wikipedia.org/wiki/Répliques» o «»Répliques)، وجائزة ويبلر (prix Wepler) 2000، عن روايته الثانية «تعلّم كيف تنتهي» (Apprendre à finir)، التي فازت لاحقا أيضا بجائزة الكتاب إنتر في العام التالي، ونال أيضا سنة 2006 جائزة الرواية Fnac، عن روايته «في الحشد» (Dans la foule)، كما سبق للرواية الفائزة بالغونكور «البيت الخاوي» أن حصلت على جائزة مكتبيي نانسي- لو بوينت وجائزة لانديرنو للقُرّاء، وجائزة لوموند.

وهذا التراكم في حسن تلقّي أعمال موفينييه دالٌّ على جدارة وأحقيّة بالتتويج. والرواية تحمل وجهًا من سيرة العائلة التي إليها ينتسب الكاتب، وقد متّن الكاتب هذه الصلة الذاتية بتصريحه الذي أعلن فيه: «أعتقد أن قصّتي العائلية تشبه قصة ملايين الفرنسيين، بما فيها من مناطق مظلمة وأجزاء أكثر مجدًا».

فأحداث الرواية تُخيَّل في قرية مرجعيّة هي تورين، القرية التي يرجع إليها موفينييه، والعمل يتوجّه إلى حالات وأعمال لعائلةٍ متشبّثة بالتقاليد، عائلة تأثّرت بوقائع عديدة امتدّت طيلة ثلاثة أجيال، هي زمن رواية الأحداث، ومجالها الذي مسّ فترات من الزمن مختلفة، والفكرة الباعثة للرواية قائمة على العودة إلى بيت العائلة المهجور، الخاوي على عروشه، وإنطاق الأشياء، سرْدًا لمشاهد توصَل بوقائع وأحداث تمتدّ من نهاية القرن التاسع عشر إلى حدود سبعينيّات القرن العشرين، في عملٍ موسوعيّ تجاوز 750 صفحة، بلغة مكثّفة، ذهب العديد من النقّاد إلى أنّها أثقلت العمل وعطّلت سلاسة القراءة، وبرؤية وجوديّة أعادت للرواية الفرنسيّة ارتباطها بالإنسان في محيطه الاجتماعي، واستعادت علاقة الإنسان بوجوده.

إنّ استثمار لوران موفينييه لتاريخ فرنسا الحديث نظرًا فيه من خلال تاريخ العائلة، وعرضه لحكايا قرن من الزمن عرف الحربين العالميتين، والهزّات الاقتصاديّة والحربيّة والاجتماعية الكونيّة الكبرى، وعرف توجّهات فكريّة وفلسفيّة غنيّة وثريّة، وتقلّبت فيه أوضاع المرأة من حالٍ إلى حالٍ، ومن استعبادٍ إلى احتقارٍ إلى تحرّر، وعرف فيه الإنسان تعاريف فلسفيّة شتّى بحثًا عن وجوده وعن منزلته في الكون وفي الكائنات والأكوان من حوله، لهو تفاعل تخييليّ مرجعيّ قادر على توفير الأرضيّة الملائمة لصناعة موسوعة روائيّة عظيمة، يبدو أنّ الكاتب قد أحسن إجراءها وإعمالها.

تبدأ الرواية من سنة 1976 استرجاعًا، بإحداث عاملٍ داخلٍ إلى بيت العائلة المهجور من زمن، بحثًا عن وسام الجدّ الأكبر، وهي العلّة المؤسّسة للانطلاق في نبش أشياء الماضي وفي إنطاق هذه الأشياء لرواية حكايتها، الأشياء التي احتفظت بها خزانة متوارثة، عابرة للزمن، شاهدة على حقَب وأجيال، يجد فيها الراوي العائد مشاريع حكايات، بدايةً من صُورة الجدّة وقد سُوّدت أو مُزّق وجهها أو تناولها الزمان بأثره وفعله، تُفتِّح حكايا النساء، ومن طروس مخفيّة ومن مختلف البقايا التي جبَّت صمتًا وملأت فراغًا كُتم لأحقابٍ.

الصمتُ والذاكرة المنبوشة أدوات محفّزة على بناء رواية لها بالواقع صلة، ولها بالتخييل الذي جبّ فراغات وملأ تجاويف غابت عن المرجعيّة الإحاليّة للراوي علاقات أسباب.

أعتقد أنّ الرواية الفرنسيّة بهذا العمل قد بدأت استعادة طرح قضايا الإنسان وصلته بكوارث الكون الحادثة وردّت الرواية إلى الوجود الإنساني في تاريخه وصلته بالأشياء، ولذلك فقد لاقت الرواية تقبّلاً حسنًا من لجنة التحكيم دون تردّد أو خلاف، ولاقت أيضًا قراءات متعمّقة من النقّاد ومن المراجعين، فقد وُسمت الرواية بأنّها رواية من «لحم وذاكرة وصمت»، وأنّها «عمل يذكّرنا بأن السرد يمكن أن يكون صلاة صامتة»، وتم وصل الكاتب بالمرجعيّات الكلاسيكيّة المؤسسة للرواية الفرنسية مثل بلزاك وستندال.

عرضتُ الرواية وأثرها لأعود إلى فكرة عقيدة في تصوّري وهي ارتباط الرواية بالسيرة الذاتية، فكلّ رواية في ظنّي هي وجه من وجوه سيرة الكاتب، بأشكال مختلفة، ولذلك، رأينا الكاتب يُصرِّح بعد فوزه، واستقباله في مطعم دروان بقوله: «أشعر بالفرح، إنّها مكافأة هائلة، لأنّه كتاب ينبع من الطفولة، ومن عدّة أجيال».

تخييل السيرة الذاتية والجمعيّة والغيريّة هو روح الرواية وقلبها النابض. فكم لدينا من أحقابٍ في تاريخنا الموسوعيّ تحتاج حكّاءً يُتقن وصل أسبابها ويصوغها في رؤية مرغِّبة ويحبكها في حكاية جاذبة؟

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الفرنسی ة

إقرأ أيضاً:

اليوم.. انطلاق مؤتمر الرواية والدراما المرئية في الأعلى للثقافة

كتب- محمد شاكر:

ينطلق اليوم الأحد، مؤتمر "الرواية والدراما المرئية" في دورته الثانية، تحت عنوان مقومات الشخصية المصرية بين الرواية والدراما المرئية، دورة السيناريست أسامة أنور عكاشة، ويأتي هذا المؤتمر ليعيد طرح السؤال الأزلي حول العلاقة الجدلية بين السرد والمرئي، بين الحكاية المكتوبة وتجسيدها على الشاشة.

المؤتمر ينظمه نادي القصة برئاسة الكاتب السيناريست محمد السيد عيد، وجمعية أصدقاء مكتبة الإسكندرية برئاسة عصام عزت، ويُقام المؤتمر بالمجلس الأعلى للثقافة يومي الأحد والإثنين 9 و10 نوفمبر، في الخامسة مساءً، برئاسة المخرج الكبير عمر عبد العزيز، وأمانة الدكتورة زينب فرغلي.

في الجلسة الافتتاحية التي يشارك فيها الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة الدكتور أشرف العزازي، يتجلى الحس الثقافي في أبهى صوره، إذ تمتزج أصالة الإبداع بروح التكريم.

ويشهد الافتتاح تكريم رموز شكلوا ملامح الدراما المصرية والعربية، حيث يُكرم السيناريست الكبير محمد جلال عبد القوي، والفنانة القديرة سهير المرشدي، والفنان المتألق رياض الخولي، والمخرجة والكاتبة الكبيرة هالة خليل، اعترافًا بإسهاماتهم في إثراء المشهد الدرامي العربي، كما يُوزع خلال الحفل جوائز مسابقة السيناريو، وتُكرم لجنة التحكيم برئاسة الكاتب الكبير سمير الجمل، في احتفاءٍ يليق بمسيرة من أخلصوا للفن كتابةً وصورة ووجدانًا.

أما الجلسة البحثية الأولى، فتتخذ طابعًا فكريًا عميقًا، إذ يتحدث فيها الدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، والدكتور حسن حماد، أستاذ فلسفة الجمال وعميد آداب الزقازيق الأسبق، إلى جانب السيناريست عبد الرحيم كمال، في حوار يربط بين فلسفة الجمال وتحولات السرد البصري في الدراما.

وفي الجلسة البحثية الثانية، يلتقي الفكر بالنقد التطبيقي، حيث يتحدث السيناريست سمير الجمل، والدكتورة رشا صالح، والدكتور عادل ضرغام، والدكتور حسام جايل، في جلسة يديرها الكاتب عبده الزراع، لتتجلى الرؤى المتعددة حول آليات تحويل النص الروائي إلى رؤية درامية قادرة على حمل المعنى الإنساني والجمالي.

أما اليوم الثاني، الإثنين 10 نوفمبر، فيشهد الجلسة الثالثة التي يشارك فيها الدكتور حسين حمودة، والدكتورة سحر شريف، والدكتور محمد عبد الله حسين، والدكتور طارق مختار، بإدارة حسن الجوخ، حيث تُناقش ديناميات التلقي وتحولات السرد في الدراما المرئية المعاصرة.

ثم تأتي الجلسة الرابعة التي تضم الدكتور خيري دومة، والدكتورة عزة بدر، والدكتورة هويدا صالح، والدكتورة ندى يسري، ويديرها الدكتور منير فوزي، لتتناول جدلية العلاقة بين النص الأدبي والدرامي في ضوء المتغيرات الثقافية الراهنة.

ويُختتم المؤتمر بجلسة ختامية تُتلى فيها التوصيات على لسان الدكتورة زينب فرغلي، وتتخللها التكريمات التي تقدمها القاصة منى ماهر.

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

مؤتمر الرواية والدراما المرئية أسامة أنور عكاشة المجلس الأعلى للثقافة أخبار ذات صلة الأعلى للثقافة يفتح باب التقدم لجوائز الدولة.. تعرف على الشروط أخبار برعاية الثقافة والتضامن الاجتماعي.. حفل مبادرة "أنا موهوب" اليوم أخبار تفاصيل مؤتمر "نحو سياسة وطنية لتطوير المسرح المدرسي".. بالأعلى للثقافة أخبار أحدث الموضوعات رياضة محلية ماذا يحدث عندما تقام مباراة الأهلي والزمالك يوم الأحد؟ حوادث وقضايا 150 ألف جنيه نفقة متجمدة.. الحكم في دعوى ضد إبراهيم سعيد الموضة مصممة أزياء تعلق على إطلالات النجمات في حفل "الجراند بول" مدارس "التعليم" تجهز المدارس للانتخابات البرلمانية وتمنح الطلاب إجازة بالمقار أخبار BBC ما قصة الخطة العقارية المثيرة للجدل والمرتبطة بترامب في صربيا؟

فيديو قد يعجبك:



قد يعجبك

خلف قضبان.. خبير آثار يطالب بتخصيص قاعة بالمتحف الكبير للآثار المنهوبة الثقافة تحتفي باليوم العالمي للتراث الثقافي غير المادي أخبار مصر اليوم.. انطلاق معرض ومؤتمر الصناعة والنقل معا لتحقيق التنمية المستدامة منذ 6 دقائق قراءة المزيد أخبار مصر اليوم.. انطلاق مؤتمر الرواية والدراما المرئية في الأعلى للثقافة منذ 6 دقائق قراءة المزيد أخبار مصر أجواء خريفية وشبورة كثيفة.. الأرصاد تعلن طقس الساعات المقبلة منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر "أنغام من قلب التاريخ".. دار الكتب تحتفي بالموسيقى المصرية القديمة منذ ساعتين قراءة المزيد أخبار مصر ١٦ نوفمبر.. انطلاق أعمال مناقشة ميزانيات شركات الكهرباء منذ 3 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر "مستقبل وطن" يشكر المصريين بالخارج على مشاركتهم بانتخابات النواب منذ 5 ساعات قراءة المزيد المزيد

إعلان

أخبار

المزيد أخبار مصر اليوم.. انطلاق معرض ومؤتمر الصناعة والنقل معا لتحقيق التنمية المستدامة أخبار مصر اليوم.. انطلاق مؤتمر الرواية والدراما المرئية في الأعلى للثقافة أخبار مصر أجواء خريفية وشبورة كثيفة.. الأرصاد تعلن طقس الساعات المقبلة جامعات ومعاهد معهد إعداد القادة ينظم برنامج ملتقى قادة الوعي لطلاب الجامعات والمعاهد حوادث وقضايا 150 ألف جنيه نفقة متجمدة.. الحكم في دعوى ضد إبراهيم سعيد

إعلان

أخبار

اليوم.. انطلاق مؤتمر الرواية والدراما المرئية في الأعلى للثقافة

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

- الافتتاح غدا.. 15 صورة من داخل وخارج محطات مونوريل شرق النيل لقاء ترامب والشرع.. ما الملفات المطروحة على الطاولة؟ للإعلان كامل للإعلان كامل 32

القاهرة - مصر

32 22 الرطوبة: 41% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • الكاتب الكندي المجري البريطاني ديفيد سزالاي يفوز بجائزة بوكر للرواية
  • ورقة بحثية: الذكاء الاصطناعي تحوّل لحليف استراتيجي للرواية الفلسطينية بعد حرب غزة
  • فوز الكاتب البريطاني المجري ديفيد سالوي بجائزة بوكر عن روايته الجسد
  • الكاتب المجري-البريطاني ديفيد سالاي يفوز بجائزة بوكر المرموقة للرواية عن فليش
  • ألمانيا تطلب من الجزائر عفوا إنسانيا عن الكاتب صنصال
  • البنك الوطني العماني يطلق "برنامج الكاتب المصرفي"
  • الزوجة والأم في ثلاثية نجيب محفوظ بمؤتمر للرواية عن مقومات الشخصية المصرية
  • دوامة الصمت.. ووجع المُسرَّحين
  • اليوم.. انطلاق مؤتمر الرواية والدراما المرئية في الأعلى للثقافة