أكد عدد من المسؤولين والخبراء في مجال الآثار والتراث في قطر والعالم العربي، ضرورة اعتماد الوسائل التكنولوجية الحديثة في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية.

وشددوا في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية " قنا "، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، الذي يوافق الرابع عشر من نوفمبر من كل عام، على أهمية التوثيق العلمي والتعاون الدولي والتوعية المجتمعية في حماية التراث الثقافي وضمان استرداد القطع المفقودة.

وقال المهندس عبد اللطيف الجسمي، مدير إدارة حماية التراث الثقافي في متاحف قطر، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن اليوم العالمي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية يشكل مناسبة مهمة لتعزيز الوعي بأهمية حماية التراث الثقافي باعتباره رمزا للصمود واستمرارية الهوية الوطنية.

وأوضح أن الممتلكات التراثية، سواء كانت قطعا أثرية أو مخطوطات أو رسائل أو ممارسات ثقافية، تمثل رواية متصلة للأجيال السابقة، وأن المحافظة عليها تضمن استمرار التاريخ والهوية الوطنية للمستقبل.

وأضاف أن مسؤولية الإدارة تشمل التشغيل اليومي للمرافق، وحماية القطع وصيانتها وتوثيقها علميا، والترويج لها محليا ودوليا.

وأشار إلى أن متاحف قطر تعتمد اليوم على وسائل تكنولوجية متقدمة في حماية التراث، من بينها التوثيق الرقمي المستمر واستخدام الذكاء الاصطناعي، الذي يتيح استخراج المعلومات من الأرشيفات الإلكترونية والمخطوطات اليدوية وتوفيرها للزوار والباحثين والأكاديميين، بما يعزز الوصول إلى المعرفة وحماية التراث من الفقدان أو التزييف.

وأكد الجسمي أن هذه الجهود تأتي في إطار تأمين التراث الثقافي والحفاظ على هوية قطر، ومواجهة التحديات المرتبطة بالاتجار غير المشروع بالممتلكات التراثية والتقليدية، لافتا إلى أن حماية التراث الثقافي تبدأ بالتوعية المجتمعية والعلمية أكثر من التدابير الأمنية أو العقابية، مشيرا إلى أهمية شعور الفرد بأن المقتنيات العامة والمواقع التراثية ملك له، ما يعزز مسؤولية المجتمع تجاه الحفاظ عليها.

وأوضح أن إدارة التراث تعتمد على استراتيجية متكاملة تشمل حماية المواقع، والتفتيش، وتأمين القطع الأثرية، والتوثيق الرقمي، مع التركيز على البرامج التعليمية وزيارات المدارس والجهات الحكومية لتعريف الجمهور بقيمة التراث القطري وأهميته التاريخية.

وأضاف أن التعاون الدولي جزء أساسي من هذه الاستراتيجية، من خلال برامج شراكة مثل برنامج السنوات الثقافية الذي بدأ عام 2012، ويتيح تبادل الخبرات والمعرفة مع متاحف ودول صديقة، ما يثري التجارب المحلية ويعزز القدرة على حماية التراث واستدامته.

من جانبه، أكد الدكتور شعبان عبد الجواد، مدير عام الإدارة العامة لاسترداد الآثار بوزارة السياحة والآثار المصرية، في تصريح مماثل لـ" قنا"، أن مكافحة سرقة أو الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية تتطلب اعتماد التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي لتتبع القطع الأثرية وتسجيل معلومات دقيقة عنها، بما يسهل عمليات الاسترداد والمتابعة الدولية.

وأضاف أن هذه الاستراتيجية تعتمد على تأسيس قواعد بيانات موثقة ومحدثة باستمرار لكل القطع والمخطوطات والممتلكات الثقافية، مع متابعة المزادات ودور البيع حول العالم، والتعاون مع المنظمات الدولية مثل الإيكوم واليونسكو والإنتربول، لضمان استرداد القطع وحمايتها.

وأشار إلى أن التجربة المصرية تعد رائدة في هذا المجال، حيث تم توقيع اتفاقيات ثنائية مع عدة دول من بينها الولايات المتحدة، الأردن، لبنان، المملكة العربية السعودية، إيطاليا، وإسبانيا، ما أسهم في استرداد مجموعات مهمة من القطع الأثرية سنويا، بلغ عددها على مدار السنوات الماضية نحو 30 ألف قطعة أثرية، رغم بعض المعوقات القانونية الدولية.

ومن جهته، أكد الدكتور فتحي الجراي، الأكاديمي التونسي وخبير التراث الثقافي لدى المنظمات والمراكز المتخصصة في تصريح لوكالة الأنباء القطرية " قنا"، أن اليوم العالمي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالآثار يمثل مناسبة مهمة لتعزيز الوعي بخطورة هذه الآفة، وتحفيز الدول والمؤسسات على تطوير منظوماتها القانونية والفنية لحماية القطع الأثرية.

وأوضح أن مكافحة الاتجار بالآثار تعتمد على القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية، إلى جانب جهود الأجهزة التنفيذية من جمارك وسلطات حدود ومطارات، مشددًا على أن الجانبين العلمي والفني أصبح عنصران أساسيان من خلال التوثيق الدقيق للقطع الأثرية باستخدام تقنيات حديثة، مثل التصوير المعمّق والتقنيات النووية السلمية، التي توفر معلومات دقيقة عن التركيب الكيميائي وطريقة صنع القطع دون الحاجة إلى أخذ عينات أو الإضرار بها.

وأشار الدكتور جراي إلى أن التوثيق العلمي يساعد في متابعة حالة القطع بشكل دوري، ورصد التغيرات مثل التآكل أو فقدان العناصر، كما يسهم في إعداد ملفات استرداد موثوقة والتحقق من أصالة القطع، ويُعد أداة مهمة لمكافحة التزييف.

وأضاف أن الجهات المعنية تشمل المتاحف، المختبرات، الجهات القضائية، الباحثين، الفنانين، والحرفيين، ما يعكس أهمية التعاون بين جميع الأطراف لضمان حماية التراث ونقله للأجيال القادمة.

وأكد خبير التراث التونسي، أن استخدام التقنيات الحديثة في التوثيق يتيح تاريخًا أكثر دقة للقطع مقارنة بالطرق التقليدية، ويعزز القدرة على دراستها وعرضها بأمان، مشيرًا إلى أن حماية التراث بالوسائل العلمية الحديثة أصبحت ركيزة أساسية للحفاظ على الهوية الثقافية ومواجهة التحديات المعاصرة في مجال الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية.

يُذكر أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، اعتمدت الاحتفال باليوم الدولي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية في 14 نوفمبر من كل عام، خلال الدورة الأربعين لمؤتمرها عام 2019، بهدف لفت الانتباه إلى هذه الجريمة وسبل مكافحتها، وإبراز أهمية التعاون الدولي في هذا الصدد.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: أخبار مقالات الكتاب فيديوهات الأكثر مشاهدة لمکافحة الاتجار غیر المشروع بالممتلکات الثقافیة حمایة التراث الثقافی القطع الأثریة وأضاف أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

غانا تسترجع آثارا منهوبة منذ الحقبة الاستعمارية

استعادت غانا، الأحد، أكثر من 130 قطعة أثرية من الذهب والبرونز تعود إلى الفترة ما بين سبعينيات القرن الـ19 وبدايات القرن الـ20، بعد أن ظلت خارج البلاد أكثر من قرن.

وسلمت بريطانيا وجنوب أفريقيا القطع إلى الملك أوتومفو أوسي توتو الثاني في متحف قصر مانهيا بمدينة كوماسي.

وتضم المجموعة تيجانا ملكية وطبولا وأوزانا ذهبية كانت تُستخدم في الطقوس والمناسبات الرسمية، ويعود عمرها إلى ما بين 45 و160 عاما، حيث تجسد أنظمة الحكم والمعتقدات الروحية ودور الذهب في مجتمع الآشانتي.

من جانبه، عبّر الملك أوسي توتو الثاني عن شكره لشركة التعدين الجنوب أفريقية "أنغلوغولد آشانتي" التي أعادت عددا من القطع كانت قد اقتنتها من السوق المفتوحة.

كما شملت المجموعة قطعا مصدرها متحف "باربييه مولر" في جنيف، الذي جمعها الباحث السويسري يوزيف مولر عام 1904، إضافة إلى تبرعات من مؤرخة الفن البريطانية هيرميون واترفيلد، التي أسست قسم الفن القبلي في دار "كريستيز" عام 1971.

بعض القطع الأثرية الغانية التي تم استرجاعها من المتحف البريطاني السنة الماضية (غيتي)رمزية تاريخية

ومن بين القطع المستردة طبلة خشبية يُعتقد أنها صودرت خلال حصار كوماسي على يد القوات البريطانية عام 1900، وهو حدث يرمز إلى المواجهة بين المملكة الآشانتية والقوة الاستعمارية.

يُذكر أن مملكة الآشانتي كانت واحدة من أقوى وأغنى الكيانات السياسية في غرب أفريقيا، حيث حكمت معظم مناطق غانا الحالية منذ أواخر القرن الـ17 وحتى بدايات القرن الـ20، قبل أن تُضم إلى النفوذ البريطاني عام 1901.

مقالات مشابهة

  • مختصون يؤكدون أهمية تكامل الجهود في صون التراث الإماراتي
  • الذهب يواصل صعوده رغم أنباء إنهاء الإغلاق الأمريكي.. وخبراء يحذرون من تصحيح محتمل في الأسعار
  • الديمقراطيون ينشرون مراسلات بين ترامب وإبستين تغضب البيت الأبيض
  • تأجيل محاكمة 35 متهما فى خلية الاتجار بالعملة لجلسة 12 يناير
  • غانا تسترجع آثارا منهوبة منذ الحقبة الاستعمارية
  • حماية الأطفال من مخاطر الإنترنت.. ندوة بمكتبة الإسكندرية
  • مسؤولون أوروبيون: خطة ترامب تحتضر والأمر الواقع يفرض تقسيم غزة
  • قرار جديد لوزير الزراعة.. تنظيم الاتجار بالحياة البرية في لبنان
  • المغرب.. زعماء الأحزاب يؤكدون دعمهم الكامل لمبادرة «الحكم الذاتي»