رحيل مفاجئ للداعية اليمني محمد المقرمي في مكة المكرمة
تاريخ النشر: 26th, November 2025 GMT
تُوفي الداعية اليمني البارز المهندس محمد المقرمي فجر الأربعاء في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية، عقب أدائه لمناسك العمرة — في لحظة وداع مؤثرة تركت أثرًا في الوسط الدعوي اليمني والعربي.
وذكرت مصادر مقربة أن الوفاة جاءت خلال تحضيره لصلاة الفجر، بعد مسيرة دعوية حافلة بالعطاء والإرشاد والخدمات الدينية والروحية للأجيال.
كتب نجله إبراهيم على صفحة والده على فيسبوك: "انتقل إلى رحمة الله تعالى والدي الشيخ محمد — رحمه الله رحمةً واسعة — وجعل ما قدّمه من خير في ميزان حسناته، وغفر له وتقبّله قبولًا حسنًا".
وينحدر محمد المقرمي من منطقة الحجرية في محافظة تعز، وكان مهندس طيران في الأصل، غير أن اختياره للدعوة والإرشاد جعله يُحقق توازنًا فريداً بين علم الدنيا وحكمة الدين. تميّز بأسلوبه الهادئ، ولسانه المؤثر، وقدرته على مخاطبة القلوب والعقول، ما أكسبه حضورًا واسعًا داخل اليمن وخارجها.
عرف بمواعظه المعتدلة ورسائله الدينية التي ركّزت على الوسطية والاعتدال، فنشط في المساجد والمنصات الدعوية واللقاءات العامة. كما ترك إرثاً رقمياً مهمًا عبر محاضراته على اليوتيوب والبودكاست. في أحدث ظهور له، شارك في بودكاست بعنوان "علوم"، حيث تحدّث عن رحلته الفكرية من عالم الهندسة إلى التأمل والتدبّر، مستعرضًا مناهج التعامل مع "شتات العقل" عبر القرآن.
كما ساهم في برنامج دعوي بعنوان "يمانون حول الرسول"، حيث دار الحديث حول قيم إسلامية وروحية، ولاقت حلقاته صدى واسعًا بين متابعيه.
وبدأت رسالة النعي تتلقاها منصات التواصل ودوائر الدعاة فور إعلان الخبر، حيث عبّر عدد من العلماء والدعاة عن صدمتهم لفقد هذا الصوت الذي جمع بين العلم والمعرفة والدعوة المؤثرة.
وفي بيان رسمي، نعت وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية الداعية الراحل، مُثنية على مسيرته الدعوية والتربوية التي امتدت لعقود. وأشادت الوزارة بدوره في تبسيط معاني القرآن، ونهجه الوسطي المعتدل، وقدرته على جذب قلوب كثيرين للسلوك القويم، معتبرة أنه "مثال للداعية الذي جمع بين العلم والدين والرفق والحكمة".
وأكدت الوزارة أنها ستعمل على نشر تراثه الدعوي والتربوي استفادةً من علمه وخطبه، في إطار جهودها لتعزيز الوسطية والاعتدال، ودعت للفقيد بالرحمة والمغفرة، ولأسرته وطلابه ومحبيه بالصبر والسلوان.
رحيل محمد المقرمي يُشكّل فقدانًا كبيرًا للحركة الدعوية اليمنية. فليس فقط لأنَّه كان صوتًا معتدلًا ومحبوباً، بل لأنَّه جسّد نموذج الداعية العصري — المهتم بتوظيف المعرفة العلمية والدين في آن واحد — ما جعله جسرًا بين أجيال مختلفة.
ومع غيابه يتجدد الخوف من أن تترك ساحات الدعوة فراغًا يحتله التطرف أو الخطاب المتشدد، خصوصًا في زمن يزداد فيه التوتر والتشرذم. وسيبقى إرثه الدعوي — من محاضرات وخطب ورسائل تربوية — مرجعًا لمن يريد الوسطية والاعتدال، ومعينًا لمن يطلب الإصلاح وتوجيه الدعوة بالدليل واللين.
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
تعزية واسعة بوفاة الشيخ محمد المقرمي الذي جمع بين الهندسة والدعوة
أصدر الداعية والمؤرخ الشهير الدكتور علي محمد الصلابي، يوم الأربعاء 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، بيان تعزية للشعب اليمني والأمة الإسلامية بوفاة الشيخ المهندس محمد المقرمي، الذي تُوفي فجر الأربعاء في مكة المكرمة عقب أداء مناسك العمرة، وذلك أثناء استعداده لصلاة الفجر.
وجاء في بيان التعزية الذي تابعه «مأرب برس» "بقلوب مؤمنة وراضية نحتسب وفاة الشيخ الداعية المهندس محمد المقرمي، الذي وافته المنيّة فجر يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 في مكة المكرمة، بعد أداء مناسك العمرة، أثناء استعداده لأداء صلاة الفجر، ليختم رحلة عمر قضاها في خدمة القرآن ونشر أنوار الهداية والدعوة.»
سيرته:
«بدأ الشيخ المقرمي حياته مهندسًا في مجال الطيران المدني، فأتقن عالم الآلات والمحركات، وساهم في تطوير الجوانب التقنية في مجاله، غير أن عالَم الروح كان يناديه، فقادته تأملاته إلى قرار تفرّغ كامل لكتاب الله، ليدخل في عزلة قرآنية استمرت ست سنوات؛ يتلو ويتدبّر ويخلو بكتاب الله، حتى بلغ من الأنس بالقرآن أن يختمه في يوم واحد... وظلت منهجيته في ربط الآيات والنظائر القرآنية وقراءتها “كأنها صفحة واحدة” محور عطائه العلمي والدعوي.»
وأشار البيان إلى أن الراحل «عُرف بأسلوب يجمع بين عمق المعرفة وبساطة الروح، وقدرة نادرة على الجمع بين القرآن والحديث في رؤية واحدة»، وترك دروساً ومحاضرات باتت «مرجعاً لطلاب العلم والباحثين»، وكان يتميز بـ«سكينة روح ونزاهة فكر وابتعاد عن التعظيم الشخصي».
تحوّل من الهندسة إلى التدبّر:
وجاء في البيان أن الشيخ المقرمي «انتقل من عالم المحركات الدقيقة إلى عالم المعاني العميقة»، بعد أن حوّل نظام الترقية الوظيفية إلى فرصة للتأمل، قبل أن يضع منهجه الذي أسماه “قانون التدبير العملي”. كما عرض البيان أبرز أفكار الراحل، ومنها «علاج الشتات العقلي، وفلسفة الرزق، والهندسة الروحية للإنسان».
وأشار البيان إلى مشاركات الشيخ الدعوية، بما في ذلك مساهمته في منصات معرفية مثل «أكاديمية علوم الدولية»، وظهوره الأخير في بودكاست بتاريخ 21 نوفمبر 2025، إضافةً إلى إشرافه قبيل وفاته على مشروع بناء جامع "فردوس مأرب الكبير".
وأضاف البيان:
«لم تقتصر جهوده على الوعظ التقليدي، بل امتدت إلى مجال الهندسة الفكرية، حيث عُرف بـ"المهندس الروحي" الذي بنى جسور الإيمان وأصلح ما تهدم من النفوس في زحمة الحياة.»
كلمات في خلق الشيخ الراحل:
وتضمّن البيان سرداً مطولاً لتجربة الشيخ الروحية والفكرية، وجاء فيه: «عاش الشيخ حياتَه المهنيّة كما يعيشها كلُّ من يبتغي رزقًا كريمًا… ثم اعتزل صخب الحياة ليخلو إلى القرآن ست سنوات كاملة… ومنحه الله من الفهم واللطائف ما لا يُعطى إلا لأوليائه… وكان إذا تحدّث، انفتح له باب من الفهم والبيان، ويقول: هذا رزقكم!»
وأشار البيان إلى أن الشيخ «مثّل نموذجاً للتدين الفطري المشرق» الذي يجمع بين «رقّة التصوف وكمال التوحيد وصفاء التوكل»، بعيداً عن الشكليات.
وختم الصلابي بيانه قائلاً:
«بفقد الشيخ محمد المقرمي (رحمه الله) تفقد الأمّة واحداً من أهل القرآن الذين جمعوا بين العلم والعمل… نسأل الله أن يجعل ما قدمه في ميزان حسناته… ويرحم اليمن وأهلها.»