كوردستان يدعو المجتمع الدولي للضغط على الحكومة العراقية لوقف الاعتداءات
تاريخ النشر: 27th, November 2025 GMT
كوردستان يدعو المجتمع الدولي للضغط على الحكومة العراقية لوقف الاعتداءات.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق الانتخابات القمة العربية أحمد الشرع نيجيرفان بارزاني سجن الحلة محافظة البصرة الدفاع بابل بغداد دهوك اقليم كوردستان اربيل المياه السليمانية اربيل بغداد انخفاض اسعار الذهب اسعار النفط أمريكا إيران اليمن سوريا دمشق دوري نجوم العراق كرة القدم العراق أهلي جدة النصر الكورد الفيليون مندلي احمد الحمد كتاب محسن بني ويس العراق الحمى النزفية غبار طقس الموصل يوم الشهيد الفيلي خانقين الانتخابات العراقية الأخبار العاجلة
إقرأ أيضاً:
سيناريوهات الحكومة العراقية المقبلة ما بعد الانتخابات البرلمانية
مسار التوافق:
سيناريوهات الحكومة العراقية المقبلة ما بعد الانتخابات البرلمانية
أُجريت الانتخابات البرلمانية العراقية، في 11 نوفمبر 2025، وسط أجواء داخلية وإقليمية ودولية مغايرة لتلك التي كانت عليها خلال الانتخابات السابقة في عام 2021. وأسفرت النتائج، وفقاً لما أعلنته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، يوم 17 نوفمبر الجاري، عن تصدر ائتلاف “الإعمار والتنمية” بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني، بـ46 مقعداً من إجمالي 329 في مجلس النواب. واستمرت هيمنة القوى التقليدية، مع عدم حدوث تغيير كبير في منظومة التوازنات السياسية؛ حيث ما زالت القوى التابعة لـ”الإطار التنسيقي” هي التي تُسيطر على أكبر عدد من مقاعد المجلس الجديد، فضلاً عن حفاظ القوى السُنية والكردية على مكانتها.
دلالات النتائج:
تتمثل أبرز الدلالات المرتبطة بنتائج الانتخابات البرلمانية العراقية في نوفمبر الجاري، في النقاط التالية:
1- ارتفاع مشاركة الناخبين: ارتفعت نسبة مشاركة الناخبين في هذه الانتخابات إلى 56.11%، مقارنة بنحو 43% في انتخابات عام 2021؛ إذ بلغ عدد الناخبين الكلي في التصويت العام (الشعبي) والخاص (المتعلق بالقوات المسلحة وقوى الأمن والنازحين) نحو 12 مليوناً من أصل نحو 21.4 مليون يحق لهم التصويت. ويعكس ذلك رغبة العراقيين في التعبير عن مواقفهم إزاء التيارات السياسية المختلفة؛ بغية اختيار حكومة تعبّر عن تطلعاتهم، ولا سيّما في ظل الظروف الإقليمية الحالية.
وهذه الانتخابات هي الأولى التي تُجرى في ظل التعديل الثالث على قانون الانتخابات رقم 12 لسنة 2018، والذي تم في عام 2023، ونص على اعتبار كل محافظة دائرة انتخابية واحدة، واعتماد نظام القائمة المفتوحة والتمثيل النسبي؛ حيث يتم توزيع المقاعد وفق نظام “سانت ليغو” المعدل (1.7)؛ وهو طريقة رياضية لتوزيع المقاعد البرلمانية بشكل نسبي، تمنح كل حزب عدداً من المقاعد يتناسب مع الأصوات التي حصل عليها، وتُقسم أصوات كل قائمة على الأرقام الفردية (1.7، و3، و5، و7..)، وتُمنح المقاعد حسب أعلى الأرقام الناتجة. ويبدأ الترقيم من (1.7)، وليس من (1)، ليرفع من العتبة التصويتية اللازمة لتمثيل القائمة في مجلس النواب؛ وهو ما يحد من فرص القوائم الصغيرة؛ ومن ثم يمنح أفضلية نسبية للقوى الكبرى بهدف تحقيق استقرار سياسي أكبر ومنع تشتت البرلمان.
2- تصدر قوى “الإطار التنسيقي”: أعلن ممثلو “الإطار التنسيقي”، الذي يضم القوى السياسية الشيعية، أنهم الكتلة البرلمانية الأكبر في مجلس النواب القادم؛ إذ حصلت على أكثر من 175 مقعداً، بعد أن أعلن ائتلاف “الإعمار والتنمية”، بزعامة السوداني والحاصل على 46 مقعداً، انضمامه إلى “الإطار التنسيقي”. وتلاه في المرتبة الثانية ائتلاف “دولة القانون”، بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، بـ29 مقعداً، ثم ائتلاف “صادقون”، بقيادة قيس الخزعلي، بـ27 مقعداً، وتحالف “قوى الدولة الوطنية”، برئاسة عمار الحكيم، بـ18 مقعداً، و”منظمة بدر”، بزعامة هادي العامري، بـ18 مقعداً.
الجدير بالذكر أن التيار الصدري قاطع الانتخابات الحالية، ومنع ترشّح أي من أعضائه، بعدما أعلن زعيمه مقتدى الصدر في يونيو 2022 انسحابه من العملية السياسية بالكامل. وكان التيار قد فاز سابقاً بـ73 مقعداً في انتخابات 2021؛ ما منحه الكتلة الأكبر في البرلمان آنذاك؛ لكنه قرر الانسحاب لاحقاً بسبب تعثر تشكيل الحكومة وسط اعتراض قوى “الإطار التنسيقي”، التي امتلكت حينها الكتلة الأكبر بعد الصدريين. وفي تلك المرحلة، دعا الصدر إلى حلّ البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة.
3- ثبات نسبي للقوى السُنية والكردية: حافظت القوى السُنية والكردية، نسبياً، على مقاعدها في مجلس النواب. فقد حصلت القوى السُنية على نحو 77 مقعداً، وتصدرها تحالف “تقدم”، بزعامة رئيس مجلس النواب العراقي السابق محمد الحلبوسي، بـ27 مقعداً، وتحالف “عزم”، الذي يقوده مثنى السامرائي، بـ15 مقعداً، وتحالف “السيادة”، الذي يترأسه خميس الخنجر، بتسعة مقاعد. وأعلن قادة أبرز هذه القوى السُنية، في 23 نوفمبر الجاري، تشكيل تجمّع سياسي موحد تحت اسم “المجلس السياسي الوطني”؛ بهدف توحيد الرؤى والقرارات بعد الانتخابات التي خاضتها الأحزاب السُنية بقوائم منفصلة.
فيما حصلت القوى المحسوبة على الأكراد على نحو 56 مقعداً، تصدرها “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، الذي يتزعمه مسعود برزاني، بـ26 مقعداً، و”الاتحاد الوطني الكردستاني”، الذي يقوده بافل طالباني، بـ15 مقعداً.
وتشير هذه النتائج إلى عدم حدوث تغيرات كبيرة في الخريطة السياسية السُنية والكردية. وجدير بالذكر أنه جرى العرف السياسي في العراق منذ عام 2003، على أن يكون رئيس الجمهورية من الأكراد، ورئيس مجلس النواب من السُنة.
4- خسارة القوى المدنية: مُنيت الأحزاب والقوى المدنية بخسارة مدوية، فبالرغم من وجود نحو 389 مرشحاً لها؛ فإنها فازت بمقعد واحد كان من نصيب تحالف “الفاو – زاخو” في محافظة البصرة، بينما خرجت ائتلافات “البديل”، و”التيار المدني الديمقراطي”، و”مدنيون”، و”الحزب الشيوعي العراقي” خالية الوفاض من الانتخابات. وجاءت هذه النتائج على عكس ما حققته بعض تلك الائتلافات خلال الدورات الانتخابية السابقة، ومنها على سبيل المثال، فوز نحو 20 نائباً مدنياً ينتمون لحراك تشرين الاحتجاجي بمقاعد في انتخابات عام 2021. وربما أسهم عدم وجود برامج واضحة للقوى المدنية، والاختلاف حول رئاسة مشتركة لتحالف جامع لها في هزيمتها؛ ومن ثم تراجع قدراتها على حشد الناخبين حول برامجها ومرشحيها.
الحكومة المقبلة:
تُشير نتائج الانتخابات العراقية إلى أنه لا يوجد حزب أو ائتلاف بعينه يستطيع تشكيل الحكومة بمفرده؛ ومن ثم يتعين على القوى السياسية بناء تحالفات مع مجموعات أخرى بغية الحصول على التوافق اللازم للتصويت على اختيار رئيس الحكومة وهو في العادة شيعي، وتتم عملية اختياره بعد انتخاب البرلمان لرئيس الجمهورية الجديد بأغلبية ثُلثي الأعضاء، ثم يقوم رئيس الجمهورية، في مدة أقصاها 15 يوماً، بتكليف رئيس للوزراء من الكتلة النيابية الأكبر عدداً، ليقوم بمهام تشكيل الحكومة الجديدة في مدة أقصاها 30 يوماً. وإذا فشل في ذلك، يتم الدفع بمرشح آخر خلال مدة أقصاها 15 يوماً، حتى يتم تشكيل الحكومة، ويجب أن ينال الوزراء المختارون موافقة أعضاء البرلمان بالأغلبية المطلقة (50% +1).
وثمة سيناريوهات تلوح في الأفق بشأن تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، وتدور حول الآتي:
1- تشكيل حكومة برئاسة السوداني: في ضوء حصول “الإعمار والتنمية” على الكتلة الأكبر في مجلس النواب، وإعلان زعيمه السوداني رغبته في استكمال ولاية ثانية في منصب رئيس الوزراء وأنه جزء من الإطار التنسيقي؛ فقد يتم الاتفاق على الدفع بالسوداني لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة، على غرار ما تم في انتخابات 2021. بيد أن هذا الأمر رهن بتوفر ثلاثة شروط أساسية؛ أولها قبول قادة “الإطار التنسيقي” بترشح السوداني لرئاسة الحكومة، وهو أمر قد يواجه صعوبات بالنظر إلى الخلافات بين السوداني ونوري المالكي. ويرتبط ذلك بالشرط الثاني؛ وهو أن يقدم السوداني ضمانات بعدم تجدد الخلافات التي حدثت في ولايته الأولى، إلى جانب الشرط الثالث المتعلق بالوصول إلى تفاهمات مع القوى السُنية والكردية.
2- حكومة برئاسة شخصية توافقية أخرى: يُحتمل في حال اعترض بعض قادة “الإطار التنسيقي” على الدفع بالسوداني رئيساً للوزراء، أن يؤدي ذلك إلى البحث عن شخصية توافقية جديدة، سواء من تلك الأسماء المعروفة داخل الإطار، أم شخصية أخرى جديدة؛ بحيث لا تُواجه بانتقادات حادة أو اعتراض من قِبل القوى الأخرى، وذلك في تكرار ربما للسيناريو نفسه الذي حدث مع السوداني عند توليه المنصب في عام 2022.
توجهات متوقعة:
تتمثل أبرز السياسات المُحتمل أن تنتهجها الحكومة العراقية المقبلة في الآتي:
1- أولوية الاستقرار والتنمية: مثّل التصويت على الائتلاف الذي يقوده السوداني تصويتاً على السياسات التي انتهجها خلال رئاسته للوزراء، والتي حرصت على تعزيز الاستقرار وتحقيق التنمية في الداخل. وهذا ما تجلى في العديد من المؤشرات؛ منها الاهتمام بالمشروعات التنموية مثل رفع إنتاج العراق من الكهرباء إلى أكثر من 28 ألف ميغاواط لأول مرة في تاريخ البلاد، بحسب تصريحات لوزير الكهرباء، زياد علي فاضل، في 6 أكتوبر الماضي. كما تم إطلاق مشروع “ميناء الفاو الكبير”، أحد أكبر المشاريع في العراق، وكذلك العمل على تطوير شبكات الجسور والطرق بغية تسهيل حركة التنقل بين المحافظات العراقية، وغيرها من المشروعات الكبرى.
كما شهد العراق استقراراً أمنياً بالرغم من العواصف التي تمر بها المنطقة، بالإضافة إلى محاولة معالجة المشكلات مع إقليم كردستان، حيث تم الإعلان عن استئناف تصدير النفط من الإقليم إلى تركيا في أواخر سبتمبر الماضي، لأول مرة منذ عامين ونصف، بعد اتفاق مؤقت بين بغداد وأربيل أنهى الخلاف حول هذا الأمر.
وبالتالي يؤشر ما سبق إلى أن الحكومة العراقية المقبلة سيكون عليها السير في نفس المسار المتعلق بالتنمية والاستقرار، على أساس أن الشارع صوَّت في النهاية لذلك، كما أن أي حكومة ستكون مدركة أن الشارع العراقي بات متحفزاً ومراقباً لعملها، منذ الاحتجاجات التي اندلعت في أكتوبر 2019.
2- تعزيز العلاقات الإقليمية: من المرجح أن تولي الحكومة العراقية المقبلة اهتماماً بتعزيز العلاقات مع دول المنطقة، على أساس أن هذا الأمر أضحى اتجاهاً استراتيجياً لبغداد في سياساتها الخارجية؛ وهو ما تجلى بالفعل في أداء الحكومات السابقة، سواء في عهد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي أم السوداني. وترى بغداد أن هذا النهج يوفر لها علاقات اقتصادية قوية؛ مما يدفع جهود الاستقرار والتنمية في الداخل، وخصوصاً في ظل المصالح والمشروعات التي تجمع العراق بدول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية الأخرى وكذلك تركيا، ومنها “طريق التنمية” الذي تُقدر تكلفة الاستثمارات فيه بنحو 17 مليار دولار، ويبدأ من ميناء الفاو على الخليج العربي، مروراً بتركيا حتى أوروبا، وكذلك مشروعات الربط الكهربائي بين العراق ودول الخليج، والروابط التجارية والأنهار التي تربط العراق بتركيا.
3- التوازن بين واشنطن وطهران: تُشير التقديرات إلى أن العراق يتعرض خلال الفترة الراهنة لضغوط من جانب الولايات المتحدة بشأن نزع سلاح الجماعات المسلحة الموالية لإيران، والتي تُصنف واشنطن بعضها “مجموعات إرهابية”، وتدفع باتجاه رفض مشروع قانون “الحشد الشعبي”، والذي ترى أنه يرسخ للنفوذ الإيراني في العراق. كما عيّنت إدارة الرئيس دونالد ترامب مبعوثاً خاصاً إلى العراق هو مارك سافايا، الذي شدد خلال أكتوبر الماضي على أن يكون العراق “خالياً من التدخل الخارجي الخبيث، بما فيه إيران ووكلاؤها”، على حد تعبيره. كما أكد سافايا، في 22 نوفمبر الجاري، أن الولايات المتحدة لن تقبل أو تسمح بأي تدخل خارجي في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة؛ في إشارة إلى طهران. وفي المقابل، تتمسك إيران بعلاقاتها مع العراق الذي تعتبره مساحة نفوذ تقليدية لها.
ومن ثم، فإن ضبط العراق العلاقة مع الولايات المتحدة وإيران يرتهن بطبيعة التحالفات التي ستنشأ خلال الأيام المقبلة، والتي سيتمخض عنها تشكيل الحكومة المقبلة. وفي هذا الإطار، كشفت تقارير في 22 نوفمبر الجاري، نقلاً عن مصادر عراقية، أن هناك توافقاً شيعياً على أن المرشح لمنصب رئيس الحكومة المقبلة يجب ألا يثير حساسية واشنطن أو طهران، وأنه سيحظى بقبول لدى القوى السُنية والكردية، بما يجعله خياراً توافقياً مقبولاً محلياً وخارجياً.
ختاماً، يمكن القول إن نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية تشير إلى أن هناك الكثير من التعقيدات التي ربما تواجه عملية تسمية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة المقبلة، وقد يستغرق هذا الأمر بعض الوقت. كما أن نسبة المشاركة واتجاهات التصويت في هذه الانتخابات، من شأنها أن تضع خطوطاً عريضة للحكومة المقبلة، بغض النظر عن طبيعة التحالفات التي ستفضي إليها، قوامها الاهتمام بقضايا الداخل، وبناء شبكة علاقات خارجية تستند إلى المصالح المشتركة، وتنأى بالعراق عن أي صراعات أو استقطابات إقليمية.