كيف تزحزحت إنفيديا من عرش الذكاء الاصطناعي بفضل إعلان واحد من غوغل؟
تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT
شكلت ثورة الذكاء الاصطناعي نقطة تحول في مسيرة "إنفيديا" التجارية، ونقلتها من مجرد شركة تصنع بطاقات رسومية للألعاب ومنصاتها المختلفة وربما التعدين أحيانا، إلى إحدى أكبر شركات التقنية في العالم ضمن نادي التريليون دولار.
ولكن يبدو أن معالجات الذكاء الاصطناعي كما كانت سببا في ازدهار "إنفيديا" فإنها ستكون سببا في اندثارها، وذلك بعد التغيرات في قيمة الشركة عقب إعلان "غوغل" أن وحدات المعالجة الخاصة بالذكاء الاصطناعي التابعة لها.
منذ انتشار الشائعات عن معالجات "تي بي يو" (TPU) للذكاء الاصطناعي من "غوغل"، خسرت "إنفيديا" من قيمتها أكثر من 4% وشهدت "ألفابيت" المالكة لشركة "غوغل" انتعاشا وصل إلى 12%.
ولكن لماذا هذا الأثر اللحظي من مجرد شائعة صغيرة دون ظهور المعالجات نفسها أو حتى طرحها رسميا في الأسواق؟ وهل يمكن أن تنتهي سطوة "إنفيديا" في هذا القطاع على أسوار "غوغل".
لماذا حدث كل هذا؟في الأيام الماضية، طرحت "غوغل" الجيل الجديد من نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها "جيميناي 3.0" مع مزايا متطورة تتفوق على العديد من النماذج المنافسة.
ولكن كشف "غوغل" عن النموذج الجديد لم يكن معتادا، فبينما ركزت "غوغل" على وصف قدرات وإمكانات النموذج، ذكرت بشكل مبسط أنها استخدمت معالجاتها الخاصة في تدريب النموذج، وهي معالجات " تي بي يو" التي كشفت عنها "غوغل" سابقا في أبريل/نيسان من هذا العام.
وبعد ذلك بأيام، نشر موقع "ذا إنفورميشن" (The Information) تقريرا عن نية "ميتا" الاعتماد على معالجات "تي بي يو" من "غوغل" لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، وهو الأمر الذي زحزح سطوة "إنفيديا" على هذا القطاع.
ويذكر بأن "ميتا" ليست أول الشركات التي استخدمت معالجات "تي بي يو" من "غوغل" وفق تقرير منفصل نشره موقع "بارونز" (Barrons)، إذ قامت "آبل" و"آنثروبيك" بذلك في السابق.
ما هو الفرق بين معالجات "إنفيديا" ومعالجات "غوغل" الجديدة؟تستطيع كل المعالجات التعامل مع البيانات الكبيرة والمتنوعة بكل كفاءة ويسر، وذلك بفضل تصميمها المختلف والمتميز، ولكن كل نوع من المعالجات يتعامل مع البيانات بشكل مختلف عن الآخر.
إعلانففي حين تعتمد معالجات "إنفيديا" على آلاف أنوية الحوسبة من أجل معالجة كمية كبيرة من البيانات معا في وقت واحد، فإن معالجات "غوغل" تقوم بمعالجة البيانات الكثيرة بشكل متتال، وبدلا من أن تعمل على معالجة كل البيانات معا في وقت واحد، فإنها تعالجها على شكل أجزاء متتابعة ومرتبطة ببعضها البعض.
وينبع هذا الاختلاف من جوهر تصميم كل معالج، فمعالجات "إنفيديا" أو كما تعرف باسم "جي بي يو" (GPU) صنعت خصيصا لمعالجة الصور ومقاطع الفيديو والمشاهد المتحركة ويجبرها ذلك على معالجة حجم كبير من البيانات معا في آن واحد.
ولكن معالجات "تي بي يو" التي تعد اختصارا لمفهوم "تينسور بروسيسنج يونيت" (Tensor Processing Unit) صممت خصيصا للتعامل مع بيانات الذكاء الاصطناعي، لذلك فهي لا تستهلك طاقة أو قوة حاسوبية مثل المعالجات الرسومية من "إنفيديا".
وتفتقر معالجات "غوغل" لقدرة التكيف المرتفعة التي تمتاز بها معالجات "إنفيديا"، فضلا عن كونها أقل قابلية للتخصيص والتعلم عن معالجات "إنفيديا" الرائدة، وفي المقابل هي أقل سعرا وأقل استهلاكا للطاقة من مثيلاتها الخاصة بشركة "إنفيديا".
متى ظهرت معالجات " تي بي يو" للمرة الأولى؟ظهرت هذه المعالجات للمرة الأولى عام 2013، ثم طرحت للأسواق في عام 2015 واستخدمتها الشركة لتشغيل خوارزميات محرك البحث الخاص بها وجعله أكثر كفاءة وسرعة، ثم بدأت الشركة في عام 2018 بوضع هذه المعالجات في الخوادم السحابية الخاصة بها عام 2018.
وأتاحت "غوغل" الوصول لكل المستخدمين إلى معالجات "تي بي يو" الرائدة طالما كان المستخدم يمتلك وصولا إلى خدمات "غوغل" السحابية، ولاحقا استخدمت وحدة "ديب مايند" هذه الشرائح لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
ويدعى الجيل الجديد من شرائح "تي بي يو" باسم "آيرون وود" (Ironwood)، وهو معالج يستخدم التبريد السائل ومصمم خصيصا للتكيف مع أحمال الذكاء الاصطناعي والمهام الخاصة به، ويتوفر في حجمين، إما كبسولة تضم 256 شريحة أو كبسولة تضم 9216 شريحة.
ما الخطر على "إنفيديا" من هذه الشرائح؟في الوقت الحالي، تعد كلفة بناء مراكز البيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي والتي تعمل على تدريب النموذج وتشغيله هي الأكبر في قطاع الذكاء الاصطناعي.
ويعني هذا أن هذه الكلفة تمثل النفقات الكبرى لشركات تطوير الذكاء الاصطناعي، خاصة مع التطور السريع لشرائح "إنفيديا" ولمتطلبات النماذج الجديدة التي تجبر الشركات على تجديد مراكز البيانات بشكل سريع ومطرد.
لذلك، إن تمكنت الشركات من خفض هذه الكلفة وجعلها أقل نسبيا، فإن هذا يضمن لها أرباحا أعلى واستدامة أكبر في تشغيل وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
وتوفر معالجات "غوغل" هذا الأمر عبر خيارين، الأول وهو شراء الشرائح وامتلاكها بشكل مباشر وتركيبها في مراكز البيانات الخاصة بها، ويتوقع أن تتيح "غوغل" هذا الخيار مستقبلا.
ولكن الخيار الأكثر منطقية هو تأجير قدرات وحدات المعالجة مباشرة من خلال خدمات "غوغل" السحابية، وهو ما يمنح شركات الذكاء الاصطناعي وصولا سريعا لأحدث الشرائح وأقواها دون الحاجة لتحمل تكاليف وتركيب وتشغيل الشرائح.
إعلانوتشير "بلومبيرغ" في تقرير عن المعالجات الجديدة لكون "غوغل" ليست راغبة في استبدال "إنفيديا" تماما كونها أحد أكبر عملائها، ولكن هذا الأمر قد يتغير مستقبلا وفق تصريحات جاراف جوبتا، محلل في جارتنر.
ويضيف جوبتا لبلومبيرغ قائلا: "وحدات معالجة الرسومات أكثر ملاءمة للتعامل مع نطاق أوسع من أحمال العمل، إنفيديا متقدمة بأجيال عن منافسيها".
ومن جانبها، أوضحت "إنفيديا" على لسان متحدثها الرسمي إلى "بلومبيرغ" سعادتها بالتطور الذي تمكنت "غوغل" من تحقيقه وأضاف الكثير لقطاع الذكاء الاصطناعي، مؤكدة بأنها تستمر في تزويد "غوغل" بمعالجتها في المستقبل القريب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
هل يزيدنا الذكاء الاصطناعي ذكاءً؟
اليوم يمثل الذكاء الاصطناعي أسرع موجة تبني تكنولوجي في التاريخ، متفوقاً على انتشار الإنترنت والهواتف الذكية وحتى الكهرباء، وذلك وفق مايكروسوفت في ويب ساميت 2025.
شهد العالم خلال قرنين من التطور رحلة متدرجة نحو الذكاء الاصطناعي بدأت من ابتكارات الحوسبة الأولى في القرن التاسع عشر ووصلت إلى ثورة الذكاء الاصطناعي السريع اليوم وفي هذا السياق يبرز سؤال محوري: هل يجعلنا الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاء أم يدفعنا للاعتماد المفرط عليه وبين الفرص والمخاطر تظهر صورة واضحة شكلتها الأبحاث والمحاضرات العالمية.
أولاً : جذور التحول الرقمي عبر 6 رواد تاريخيين:
1. تشارلز بابج 1791 ابتكر الآلة التحليلية ووضع أساس الحوسبة.
2. آلن تورنغ 1912 ابتكر آلة تورنغ وطرح سؤال هل يمكن للآلة أن تفكر.
3. فينتون سيرف 1943 طوّر بروتوكول TCP IP وربط العالم.
4. تيم برنرز لي 1955 ابتكر الويب عام 1989 وأسس الإنترنت الحديث.
5. بيل غيتس 1955 نشر الحواسيب الشخصية عبر نظام Windows
6. ستيف جوبز 1955 قاد ثورة الهواتف الذكية وجعل التقنية أكثر إنسانية.
هذه السلسلة تثبت أن الذكاء الاصطناعي ليس طفرة بل نتيجة تراكمية لقرنين من الابتكار.
ثانياً : كيف يعزز الذكاء الاصطناعي ذكاء الإنسان
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز ذكاءنا بعدة طرق من أهمها:
1. يحرر العقل من المهام الروتينية ويمنح مساحة للتفكير الإبداعي والاستراتيجي.
2. يوسع الوصول إلى المعرفة ويوفر إجابات فورية بأدوات تعليمية تفاعلية، ويلخص الكتب ويشرح المفاهيم المعقدة.
3. يعمل كشريك ومحاور فكري ذكي.
4. يدعم التعلم العميق بصفته مدرساً شخصياً بحسب Psychology Today
5. يرفع إنتاجية العمل ويتيح وقتاً للإبداع والقيادة.
ثالثاً المخاطر التي قد تقلل الذكاء البشري
1. تراجع الذاكرة المكانية لدى بعض الطيارين نتيجة الاعتماد الزائد على الآلة بحسب جامعة ملبورن .
2. الاعتماد المفرط يؤدي إلى ضمور المهارات العقلية وفق دراسة جامعة ملبورن.
3. نشوء العجز المتعلم learned helplessness عند الاعتماد على الأداة بدل الجهد الذهني.
4. تضخيم التحيزات الرقمية وخلق غرف صدى فكرية تحد من التفكير النقدي.
5. انتشار المعرفة السطحية دون بناء عمق فكري أو مهارات تحليلية.
6. اكتساب معرفة سطحية دون فهم عميق مما يضعف التفكير التحليلي.
7. ضعف القدرة على حل المشكلات بدون تدخل الآلة.
وهذا ما لم يمكن تعميمه و لكنها من بعض الأبحاث و الدراسات آثرت أن أذكرها دعما للموضوعية.
رابعاً الفجوة الرقمية وتحديات التبني
الذكاء الاصطناعي أسرع موجة تبني تكنولوجي في التاريخ ولكن تكشف الإحصاءات فجوة رقمية هائلة فعدد سكان العالم 8.1 مليار، بينما يمتلك المهارات الرقمية 4.2 مليار فقط، ويوجد 3.9 مليار شخص خارج سباق الذكاء الاصطناعي بالكامل حيث القدرات الحوسبية العالمية تتركز في:
• الولايات المتحدة 53.7 Gigawatt
• الصين 31.9 Gigawatt
• الاتحاد الأوروبي 11.9 Gigawatt
أما نسب التبني الفعلي للذكاء الاصطناعي فتظهر مفارقة وفق AI Diffusion Report 2025:
• الإمارات 59.4%
• سنغافورة 58.6%
• النرويج وإيرلندا وفرنسا بين 40 % و45%
خامساً التحديات والحلول
التحديات تشمل :
· ضعف البنية الرقمية.
· غياب السياسات.
· نقص المهارات.
· ضعف جاهزية المؤسسات.
الحلول تتضمن:
· الاستثمار في البنية الرقمية.
· تعليم المهارات الرقمية.
· تشريعات مرنة.
· شراكات حكومية وتقنية.
الخلاصة
يبقى الذكاء الاصطناعي قوة تضيف إلى عقولنا عندما نستخدمه كامتداد لقدرتنا على التعلم والإبداع، لا كبديل يفكر عنا. فالتقنية تمنحنا الإمكانات بينما تصنع الحكمة المستقبل الحقيقي حين نوجهها بوعي. وإن توظيف الذكاء الاصطناعي كمساعد يحرر الوقت ويحفز التفكير ينمي ذكاءنا، أما الاعتماد عليه لإلغاء الجهد العقلي فيضعف مهاراتنا. التحدي ليس في ابتكار آلات أذكى بل في أن نصبح بشراً أكثر حكمة، نسد الفجوة الرقمية ونبني مستقبلاً عادلاً ومستداماً للجميع.
المستشار فرحان حسن
X: https://twitter.com/farhan_939
e-mail: [email protected]
الذكاء الاصطناعيالتحول الرقميأخبار السعوديةالحواسيب الشخصيةقد يعجبك أيضاًNo stories found.