الأورومتوسطي .. دفن الاحتلال جثامين الشهداء بمقابر مجهولة يستوجب تحقيقًا ومساءلة جنائية
تاريخ النشر: 3rd, December 2025 GMT
#سواليف
قال المرصد #الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ #الجيش_الإسرائيلي اتبّع خلال #جريمة_الإبادة_الجماعية المستمرة في #غزة منذ أكثر من عامين سياسةً منهجيةً تقوم على #دفن #جثامين #فلسطينيين في #مقابر_مجهولة، بما في ذلك في محيط مراكز توزيع المساعدات التي فرضها وسط وجنوبي القطاع، في ظروف تحول دون تحديد هوية الضحايا ومواقع دفنهم وتمكين عائلاتهم من معرفة مصيرهم.
وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم الأربعاء أنّ التحقيق الذي نشرته شبكة “سي إن إن” يعزّز المعطيات التي توصّل إليها استنادًا إلى شهادات موثّقة، ويستوجب فتح تحقيق دولي مستقل لكشف أسماء الضحايا وتحديد أماكن دفنهم وضمان المساءلة عن هذه الممارسات.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّه وثّق هذه الممارسات ضمن برنامج توثيق ممنهج شمل تحقيقات ميدانية واسعة في شمالي قطاع غزة وجنوبه، ومقابلات مع ناجين وشهود عيان وأسر مفقودين، إلى جانب جمع بيانات من الطواقم الطبية والجهات المحلية وتحليل منظّم للمواد البصرية المتاحة والتدقيق المتقاطع في المعطيات، بما كشف عن نمط منظم وواسع النطاق لعمليات الدفن يعكس سياسة معتمدة من الجيش الإسرائيلي، وعلى نحو لا يمكن قانونًا التعامل معه كحوادث فردية معزولة.
مقالات ذات صلةأسوأ شيء عشته في حياتي، بعد إطلاق النار على المدنيين الذين كانوا يحاولون الحصول على المساعدات، الطلب مني تنظيف المنطقة، كان هناك بقايا جثث. كان إطلاق النار كثيفًا جدًا وقد كان هناك العديد من بقايا الجثث
متعاقد ألماني عمل مع مؤسسة إنسانية في غزة
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ عمليات التوثيق التي أجراها فريقه الميداني أظهرت أنّ القوات الإسرائيلية عمدت في حالات متكررة إلى دفن جثامين فلسطينيين في ساحات عامة وأراضٍ مفتوحة ومناطق متاخمة لمنشآت حيوية، بما في ذلك قرب مراكز توزيع المساعدات والمستشفيات والمدارس، وذلك بعد إغلاق هذه المناطق عسكريًا ومنع الطواقم الطبية وذوي الضحايا والسكان من الوصول إلى الجثامين أو نقلها ودفنها أصوليًا، على نحوٍ يطمس الأدلة المحتملة على عمليات قتل غير مشروع ويحول دون أي تحقيق فعّال فيها، ويحرم في الوقت ذاته عائلات الضحايا من حقها في وداع أقاربها ومعرفة أماكن دفنهم، في مساس إضافي بكرامتهم الإنسانية وحقوقهم المكفولة بموجب القانون الدولي.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ عائلات فلسطينية عديدة عثرت، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية، على جثامين أقاربها مدفونة في حفر سطحية تركتها تلك القوات خلفها، وأن هذا النمط تكرّر على نحو خاص في محيط مراكز توزيع المساعدات وعلى طول ممرات التهجير القسري، في سياق عمليات عسكرية اقترنت بالحصار والتجويع وفرض النزوح الواسع على السكان المدنيين.
ولفت إلى أنّ ما كشفته شبكة “سي إن إن” بشأن دفن الجيش الإسرائيلي بدفن فلسطينيين قرب نقاط توزيع المساعدات يتوافق مع ما وثّقه خلال الأشهر الماضية، إذ أظهرت الشهادات التي جمعها فريقه الميداني أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي كانت تمنع المدنيين والطواقم الطبية من الوصول إلى الجثامين لساعات أو أيام، ثم تنفّذ عمليات دفن سريعة تُخفي هوية الضحايا وتُطمس معها الأدلة المحتملة على عمليات القتل غير المشروع، الأمر الذي يعرقل عمدًا أي تحقيق لاحق في الجريمة، ويضع عائلات الضحايا أمام معاناة إضافية بحرمانهم من معرفة مصير أبنائهم ودفنهم بطريقة لائقة.
ونبّه إلى أنّه تحقّق من موثوقية شهادة متعاقد ألماني عمل مع مؤسسة إنسانية في غزة، عبر إجراءات التحقّق المعتمدة في عمله، والتي شملت مراجعة المعطيات المتاحة والتقاطُع مع مصادر مستقلة أخرى، إذ أفاد الشاهد بأنّه رأى الجيش الإسرائيلي يطلق النار على مدنيين فلسطينيين كانوا يحاولون الحصول على مساعدات إنسانية ما أدى إلى مقتل عدد منهم، ثم طُلِب منه بعد ذلك تنظيف المنطقة، بما في ذلك جرف جثامين وبقايا جثامين.
وقال المتعاقد الألماني في إفادته: “أسوأ شيء عشته في حياتي، بعد إطلاق النار على المدنيين الذين كانوا يحاولون الحصول على المساعدات، الطلب مني تنظيف المنطقة، كان هناك بقايا جثث. كان إطلاق النار كثيفًا جدًا وقد كان هناك العديد من بقايا الجثث بقيت هناك والرائحة كانت سيئة. اشتكيت للضابط في الجيش الإسرائيلي، فكان ردّه هذا ليس شأنكم. كان عليّ وضع بقايا الجثث في مؤخرة الشاحنة لإلقائها بعيدًا. عندما طُلب مني تنفيذ المهمة لم يتم تحذيري عن حقيقة الوضع. أجد صعوبة في التحدث عن الأمر، أشعر بقلبي ينبض بقوة وبالانهيار”.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ ما لا يقل عن 45 شخصًا فُقدت آثارهم في محيط مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة، وما يزال مصيرهم مجهولًا، سواء تعلّق الأمر باعتقالهم وإخضاعهم للإخفاء القسري في سجون الاحتلال، أو قتلهم ودفن جثامينهم في مواقع رملية عشوائية وغير محددة قرب تلك المراكز.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّه سبق أن تحقّق، في مارس/آذار 2024، من مقطع فيديو جرى تداوله ويُظهر من مسافة بعيدة رجلين يسيران على طول شاطئ غزة، منفصلين عن بعضهما البعض، يلوّحان بأعلام بيضاء ترمز إلى الاستسلام بينما يقتربان بحذر من مجموعة من الجنود الإسرائيليين على شارع الرشيد في المنطقة التي كان يقام فيها حاجز يفصل شمالي القطاع عن وسطه وجنوبه.
ويُظهر المقطع أحد الرجلين وهو يتقدّم نحو الجنود ويداه مرفوعتان في الهواء قبل أن يختفي خلف كومة من الرمال والخرسانة، فيما يحاول الرجل الآخر الابتعاد مسرعًا عن الجنود، لتتبعه آلية عسكرية إسرائيلية قبل أن يسقط فجأة على الرمال فيما يبدو أنه نتيجة إصابته برصاصة، ثم تظهر جرافة عسكرية إسرائيلية وهي تقوم بدفن جثتين في الرمال والحطام.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أن الحادثة المذكورة تشكّل نمطًا متكرّرًا من نزع الإنسانية المقصود عن أفراد الجماعة واستخدام الرعب وسيلة لتفكيكها وإجبارها على الخضوع والنزوح، بما يُعد مؤشّرًا إضافيًا على توفّر القصد الخاص لجريمة الإبادة الجماعية وفق القانون الدولي، إلى جانب قابلية هذه الأفعال، في الوقت ذاته، للتكييف كجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب مكتملة الأركان.
وطالب المرصد الأورومتوسطي، في المقام الأول، بفتح تحقيق دولي مستقل وشامل في نمط عمليات الدفن التي نفذها الجيش الإسرائيلي في محيط المناطق المكتظة ونقاط المساعدات وممرات التهجير القسري، بما في ذلك وقائع إطلاق النار على المدنيين طالبي المساعدة، على أن تكون لهذا التحقيق ولاية كاملة في جمع الأدلة وتحليلها وتحديد المسؤوليات الجنائية الفردية عن الجرائم المحتملة، بما فيها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية.
ودعا المرصد الأورومتوسطي إلى الكشف الفوري عن جميع مواقع المقابر الجماعية والفردية التي أنشأتها القوات الإسرائيلية خلال العمليات العسكرية في غزة، واتخاذ تدابير عاجلة لحمايتها بوصفها أماكن يحتمل أن تكون مسارح لجرائم دولية، ومنع أي نقل أو إتلاف للجثامين أو العبث بالأدلة، وضرورة السماح بدخول فرق طب شرعي مستقلة إلى القطاع، ورفع القيود التي تفرضها إسرائيل على إدخال معدات وأدوات فحوص الحمض النووي، أو وضع آلية آمنة لنقل العينات إلى مختبرات متخصصة خارج غزة، بما يضمن إمكان التعرّف على الضحايا وتوثيق الجرائم توثيقًا سليمًا.
وطالب المرصد الأورومتوسطي بالضغط على إسرائيل لتكشف بصورة شفافة عن قوائم الأشخاص الذين خضعوا لسيطرتها خلال العمليات العسكرية، سواء كجثامين أو كمفقودين أو كمعتقلين، وتبيّن أماكن الدفن أو الاحتجاز، بما يضع حدًا لحالة عدم اليقين التي تعيشها عائلات الضحايا، وبما يوفّر أساسًا لبدء إجراءات جدية للكشف عن الحقيقة وجبر الضرر.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي إسرائيل على الكشف الفوري عن مصير جميع الأشخاص الذين اعتقلتهم ولا تزال تمارس بحقهم الإخفاء القسري، ووقف هذه الممارسة غير المشروعة، وتمكين المحتجزين من التواصل مع عائلاتهم ومحاميهم، والإفراج عن كل من لا يستند احتجازه إلى أساس قانوني واضح ومحدد، انسجامًا مع قواعد القانون الدولي.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي على ضرورة تمكين العائلات والجهات الفلسطينية المختصة من استرداد جثامين الضحايا ودفنها وفقًا للمعايير الدينية والإنسانية والقانونية، وضمان إشراك ذوي الضحايا في إجراءات التعرّف على الجثامين وتزويدهم بالمعلومات الكاملة حول مصير أقاربهم، إلى جانب توفير الدعم اللازم لهم، مؤكدًا في الختام على وجوب اضطلاع الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف وسائر الدول المعنية بدورها في ضمان المساءلة عن هذه الجرائم، بما في ذلك فتح تحقيقات وطنية ودولية واستخدام الولاية القضائية العالمية عند الاقتضاء، واتخاذ تدابير فعالة تكفل عدم تكرار هذه الممارسات.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الأورومتوسطي الجيش الإسرائيلي جريمة الإبادة الجماعية غزة دفن جثامين فلسطينيين مقابر مجهولة المرصد الأورومتوسطی أن مراکز توزیع المساعدات الجیش الإسرائیلی إطلاق النار بما فی ذلک النار على کان هناک فی محیط إلى أن
إقرأ أيضاً:
تحقيق لشبكة CNN يكشف مصير طالبي مساعدات مفقودين في غزة
غزة - ترجمة صفا
نشر تحقيق مطول لشبكة CNN الأمريكية حول مصير مجهول لاقاه عدد من منتظري المساعدات عاى يد الجيش الإسرائيلي إبان اشتداد أزمة المجاعة في غزة قبل أضهر قليلة.
أحد أولئك المفقودين كان عمار وادي الذي كان يعلم أنه يخاطر بحياته عندما انطلق للحصول على كيس دقيق لعائلته من شاحنة مساعدات بالقرب من معبر زيكيم إلى غزة في يونيو.
ففي رسالة نصية أرسلها لوالدته: "سامحيني يا أمي إن أصابني مكروه"، "من يجد هاتفي، أرجو أن يخبر عائلتي أنني أحبهم كثيرًا".
فوسط إطلاق النار الإسرائيلي المتكرر على طالبي الإغاثة الصيف الماضي، لم يعد وادي إلى منزله، ووصلت الرسالة التي تركها إلى عائلته بعد أسابيع عن طريق شخص وجد هاتفه. كانت تلك آخر رسالة وصلتهم منه.
ويعد وادي من بين عشرات الفلسطينيين الذين يقول أحباؤهم إنهم اختفوا بالقرب من حاجز زيكيم ولا يزال مصيرهم مجهولا.
ويشير تحقيق CNN الآن إلى أن الجيش الإسرائيلي جرف جثث بعض الشهداء قرب الحاجز إلى قبور مجهولة.
وفي أحيان أخرى، تُركت رفاتهم لتتحلل في العراء، حيث تعذر انتشالها في المنطقة العسكرية.
ويقول خبراء قانونيون إن ممارسة سوء التعامل مع الجثث عن طريق دفنها في قبور مجهولة تشكل انتهاكا للقانون الدولي.
وقد استندت مراجعة شبكة CNN، التي وجدت أيضًا أن طالبي المساعدة استشهدوا بنيران جيش الاحتلال عشوائية بالقرب من المعبر، إلى مئات مقاطع الفيديو والصور من حول زيكيم، إلى جانب مقابلات مع شهود عيان وسائقي شاحنات المساعدات المحلية.
كما تُظهر صور الأقمار الصناعية أيضًا أعمال تجريف طوال الصيف في المناطق التي قُتل فيها طالبو المساعدات.
ويُظهر مقطعا فيديو، حددتهما شبكة CNN في منطقة زيكيم، آثار حادثة وقعت في يونيو/حزيران، حيث تظهر جثثًا مدفونة جزئيًا حول شاحنة مساعدات مقلوبة.
وتحدثت الشبكة مع اثنين من الجنود الإسرائيليين السابقين، اللذين وصفا حالاتٍ وقعت في أماكن أخرى من غزة خلال الحرب، حيث دُفنت جثث فلسطينيين في قبور سطحية. طلبا عدم الكشف عن هويتهما لعدم تخويلهما بالحديث في هذا الشأن.
وصرّح أحد المُبلّغين عن المخالفات في الجيش الإسرائيلي لشبكة CNN بأنه عندما دفنت وحدته تسعة أشخاص في أوائل عام ٢٠٢٤، تُرك موقع القبر دون علامة.
وبعد قرابة ستة أشهر من اختفاء وادي، لا تزال عائلته بلا إجابات. وبدلًا من أن تجد العزاء في رسالته الهاتفية الأخيرة، تُطارد والدة وادي، نوال مصلح، فكرة قد لا تكتشفها أبدًا.
وقالت لشبكة CNN: "عندما يخطر ببالي، لا تكفّ عيناي عن البكاء. نحن نرضى بما كتبه الله لنا، لكننا نريد فقط أن نعرف مصير ابننا".
ويُظهر مقطعا فيديو صادمان تم نشرهما على وسائل التواصل الاجتماعي منذ 11 سبتمبر/أيلول تدفقا مستمرا من الفلسطينيين في منطقة زيكيم وهم يحملون أكياسا من الدقيق تحت وابل من نيران الأسلحة النارية.
ويبدو في اللقطات المصورة أن شخصًا واحدًا على الأقل كان يحمل الدقيق قد تعرض لإطلاق نار من الخلف، ويبدو أن إطلاق النار جاء من اتجاه موقع لجيش الاحتلال.
وقام روبرت ماهر من جامعة ولاية مونتانا، وهو خبير في الطب الشرعي الصوتي، بتحليل مقاطع الفيديو لصالح شبكة CNN، ووجد أن اللقطات صدرت على بعد حوالي 340 مترًا من موقع التصوير، وهو ما يتوافق مع المسافة من موقع الجيش الإسرائيلي.
في فيديو آخر، تظهر مجموعةٌ أيضًا وهي تعتني بجثتي شهيد على ما يبدو وآخر مصاب بجروحٍ بالغة، قبل حملهما بعيدًا. في هذه الأثناء، يستمر إطلاق النار.
وتُظهر لقطات وصور أخرى راجعتها الشبكة جثثًا متعددة لم يتمكن مسعفون آخرون أو الدفاع المدني من انتشالها من زيكيم بسبب الظروف الخطيرة.
وفي 15 يونيو/حزيران، صرّح شاهدا عيان بأن شاحنة مساعدات متجهة من الحاجز اكتظت بحشد من الفلسطينيين المجوعين. وتُشغّل شاحنات المساعدات هذه شركات مقاولات محلية خاصة في غزة لنقل الإمدادات من الحاجز وإيصالها إلى القطاع.
وبعد وقت قصير من محاصرة شاحنة المساعدات، أطلق الجيش الإسرائيلي النار باتجاه السيارة، حيث بدا أن العديد من الأشخاص أصيبوا بالرصاص وسقطوا تحت الشاحنة، بحسب شهود عيان.
وتم السماح لسيارة إسعاف تابعة لعمال الدفاع المدني بالوصول إلى المنطقة بعد عدة أيام.
وقال أحد رجال الدفاع المدني لشبكة CNN، طالبًا عدم الكشف عن اسمه حرصًا على سلامته: "صُدمنا بالمشهد. كانت الجثث التي انتشلناها متحللة - من الواضح أنها كانت هناك منذ فترة، وكانت هناك علامات على أن الكلاب أكلت أجزاءً منها".
كما تُظهر لقطة شاشة من اللقطات جثة مدفونة جزئيًا بجوار شاحنة مساعدات مقلوبة بالقرب من معبر زيكيم.
وتُظهر مقاطع فيديو وحددت موقعها الجغرافي لذلك الموقع في زيكيم شاحنة مساعدات محطمة ومنقلبة وسط كومة من الحطام. وتناثرت العديد من الجثث المتحللة حول المركبة، مدفونة جزئيًا في أكوام من الرمال. كما شوهد كلب ضال في مكان قريب
ولم يتمكن فريق الدفاع المدني من انتشال سوى 15 جثة، ومع امتلاء سيارة الإسعاف، لم يتم انتشال نحو 20 جثة، وفقًا للعامل.
وتحدث ستة من سائقي شاحنات المساعدات المحلية الذين عملوا على طريق زيكيم إلى شبكة CNN بشرط عدم الكشف عن هويتهم بسبب المخاوف على سلامتهم.
ووصفوا مشاهد الجثث المتناثرة والمتحللة بأنها مشهد شائع، حيث تقوم الجرافات الإسرائيلية في بعض الأحيان بإزالة الجثث وإلقائها على الرمال.
قال أحدهم: "رأيت جثثًا كلما مررتُ بزيكيم... شاهدتُ الجرافات الإسرائيلية تدفن الجثث"، قال أحد السائقين. "لو مررتَ بتلك المنطقة في يوليو، لما فاتتكَ؛ أبقيت نوافذ سيارتي مغلقة".
وقال سائق آخر إن "جرافات الجيش الإسرائيلي إما تدفنهم أو تغطيهم بالتراب".
وتُضاف صور الأقمار الصناعية والصور الفوتوغرافية إلى هذه الشهادات، إذ تُظهر وجودًا ثابتًا للجرافات الإسرائيلية من أواخر يوليو/تموز إلى أوائل أغسطس/آب. وتظهر علامات نشاط الجرافات حول معبر زيكيم بدءًا من منتصف يونيو/حزيران، بعد فتح طريق المساعدات مباشرةً، وحتى إغلاقه في 12 سبتمبر/أيلول.
وفي أوقات أخرى، تظهر صور الأقمار الصناعية نشاط تجريف دون غرض واضح، كما حدث عندما دفعت جرافة مساحة 30 مترا مربعا (322 قدما مربعا) من التربة إلى كومة قصيرة في منتصف يونيو/حزيران، على بعد حوالي 400 متر (1300 قدم) من المكان الذي تم العثور فيه على الشاحنة المقلوبة التي عالجها عمال الدفاع المدني قبل أيام.
كما تم استخدام الجرافات بشكل متكرر لهدم أنقاض المباني التي كان طالبو المساعدات يلجأون خلفها من نيران الاحتلال الإسرائيلي، كما يظهر في العديد من مقاطع الفيديو.
وقال شاهدا عيان لشبكة CNN إنه في السابع من سبتمبر/أيلول - بينما كان الناس يبحثون بالقرب من زيكيم عن أي علامة على وجود أفراد أسرهم المفقودين - عثروا على ما قالوا إنه يبدو وكأنه جثث تم تدميرها بالجرافات.
وقال عادل منصور، أحد شهود العيان الذين ذهبوا للبحث عن ابنه البالغ من العمر 17 عاما "وجدت الجثث هناك مدفونة مع صناديق الكرتون (المساعدات)... قاموا برصها فوق بعضها البعض".
وقال أحد سائقي شاحنات المساعدات الذين عملوا على طرق زيكيم:"الأمر أشبه بمثلث برمودا؛ لا أحد يعرف ما يحدث في تلك المنطقة، ويبدو أن لا أحد سيعرف على الإطلاق".
ولا تقتصر هذه التقارير عن جرف الجيش الإسرائيلي لجثث الفلسطينيين على معبر زيكيم. فقد أشار مُبلّغون من الجيش تحدثوا إلى شبكة CNN ومنظمة "كسر الصمت" (BTS)، وهي منظمة غير حكومية تُعنى بالمحاربين القدامى المناهضين للاحتلال، إلى نمط أوسع من سوء تعامل الجيش مع جثث الشهداء في غزة خلال الحرب.
وتحدث أحد المبلغين عن المخالفات في الجيش، والذي خدم سابقًا في موقع متقدم في ممر نتساريم، لشبكة CNN بشرط عدم الكشف عن هويته خوفًا من الانتقام.
وقال الجندي إن تسعة جثث لفلسطينيين عزل تُركت لتتحلل لمدة يومين تقريبًا حول قاعدته في أوائل عام 2024. وأضاف أن رائحة الجثث المتعفنة أصبحت نفاذة للغاية بينما كانت الكلاب تنبش البقايا.
وأضاف: "طلب قائدنا من جرافات (D9s) تغطية الجثث بالرمل".
وقال: "مجرد رؤية هذا الكم من الجثث حولك، وأنت ترى أنهم عُزّل، وترى الكلاب تأكلهم لتلعب بالعظام والأرجل والجمجمة.. إنه لأمرٌ مُريع."
على حد علم المُبلّغ، لم تُلتقط صورٌ للجثث لتسهيل التعرف عليها لاحقًا أو لتحديد موقعها. وقال: "ربما لا تعرف العائلات ما حدث لأحبائها".
وقالت منظمة "بي تي إس"، التي توفر منتدى للجنود الإسرائيليين للتحدث والتحقق من رواياتهم، إنها تلقت العديد من الشهادات من الجنود بشأن هذه الممارسة.
وقال جندي سابق آخر في الجيش الإسرائيلي، برتبة نقيب، خدم في مركز قيادة يُشرف على القوات الإسرائيلية في غزة أواخر عام ٢٠٢٣، إنه لم يتلقَّ أي توجيهات من الجيش تُحدد كيفية التعامل مع جثث الفلسطينيين الذين قُتلوا في غزة. وأضاف أنه عندما دفنت جثة فلسطيني قُتل على يد القوات الإسرائيلية، قرر ضباط مركز القيادة في النهاية استخدام جرافة لدفع الجثة إلى قبر سطحي على جانب الطريق.
وقال المبلغ لشبكة CNN شريطة عدم الكشف عن هويته: "لم يُمنح لنا أي بروتوكول أو أي أمر بشأن كيفية التعامل على الإطلاق مع أي جثث من المقاتلين أو غير المقاتلين الذين صادفناهم في الحرب".
على مدار العامين الماضيين، دأب الجيش الإسرائيلي على دفن جثث فلسطينيين في مقابر جماعية أو سطحية أو مجهولة المعالم في أنحاء غزة. ويشمل ذلك مئات الجثث التي عُثر عليها العام الماضي في مستشفى ناصر بخان يونس، وفقًا للسلطات هناك، واستشهاد 15 عامل إغاثة جنوب القطاع في مارس/آذار، والتي نُشرت تفاصيلها في تقرير لشبكة CNN.
كما استخدم جيش الاحتلال الجرافات في مراحل مختلفة من الحرب لتدمير المقابر الفلسطينية بشكل منهجي.
ففي العام الماضي، وجد تحقيق أجرته شبكة CNN أن الجيش الإسرائيلي دنس ما لا يقل عن 16 مقبرة في هجومه البري على غزة، مما أدى إلى تدمير شواهد القبور، وقلب التربة، وفي بعض الحالات، إخراج الجثث من تحت الأرض.
ومع استمرار اختفاء العديد من الفلسطينيين الذين حاولوا الحصول على الطعام هذا الصيف، يستمر البحث اليائس عن إجابات لعائلاتهم. ويظل البعض متفائلاً بأن أحباءهم ربما لا يزالون على قيد الحياة في مكان ما، كسجون إسرائيل أو نازحين في مناطق أخرى من غزة.
قال شقيقه حسام: "كان عمار (وادي) شخصًا ترك غيابه فراغًا كبيرًا، ففقدانه أشبه بفقدان جزء من النفس. إن كان شهيدًا، رحمه الله، وإن كان حيًا، فعلى الأقل يمكننا التمسك بالأمل".