حينما يستدعي بعض السوريين نتنياهو!
تاريخ النشر: 5th, December 2025 GMT
رفع سوريون، في السويداء والساحل، صور نتنياهو، أو "أبو يائير" كما سماه البعض، كما رفعوا أعلام إسرائيل التي بات عليها طلب كبير من جمهور يرى فيها المخلص من ظلم شركاء الوطن والأمل الأخير للولوج إلى بر الأمان، وبر الأمان هنا هو الانفصال وتشكيل كيان منسجم وعصري، ومغادرة العيش مع الهمج أبناء الخيام والكهوف!
المشكلة أن "أبا يائير" هذا، الذي تُرفع صوره كما كانت تُرفع صور جيفارا في زمن مضى، يستخدم الأقليات في سوريا لأهداف يحلم بتحقيقها، فلم يخف يوما رغبته في تقسيم سوريا ورؤية خمسة كيانات تتربع على خريطتها، ولم يدع وسيلة للتحريض على سوريا لإبقاء العقوبات عليها واستمرار عزلها؛ لتقديره أن هذا هو الطريق الأنسب لتفكيكها وتحويلها إلى دويلات طوائف متقاتلة وضعيفة.
كان ملحوظا ازدياد شراسة المطالبة بالانفصال، والفيدرالية واللا مركزية، بعد زيارة أحمد الشرع إلى واشنطن، وما قيل عن اختراقات دبلوماسية تم تحقيقها ولا سيما في ملف إلغاء العقوبات، وقد كشفت الصحافة الإسرائيلية حجم انزعاج نتنياهو من هذا الوضع، واعتقاده أن الشرع عاد "منفوخا" بعد الزيارة وبات يطالب بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي تم احتلالها بعد سقوط النظام، وتعبيرا عن هذا الانزعاج زادت نسبة التوغلات الإسرائيلية في جنوب سوريا، وزار نتنياهو قرية حضر في ريف دمشق، وأكد أن جيشه لن ينسحب من تلك المناطق، وقامت طائراته باستعراض جوي في سماء سوريا من شمالها إلى جنوبها.
بالتوازي مع ذلك، ارتفع سقف المطالب والتحدي لدى المراهنين على نتنياهو في المقلب السوري؛ نصّب مظلوم عبدي نفسه ناطقا باسم الأقليات، وطالب كناية عن الجميع بالفيدرالية واللا مركزية، اشتدت المعارك في شرق سوريا والهجمات على مواقع الجيش السوري، وفي السويداء زادت الاحتكاكات مع قوى الأمن الموجودة في الريف الغربي، وجاءت أحداث حمص لتشعل الأوضاع في الساحل وترتفع الأصوات المطالبة باللا مركزية، أو بلغة أقل تشذيبا الانفصال أو التأسيس له.
من الواضح أن هناك من يريد دفع السلطة الحالية إلى ارتكاب خطأ ما، هناك استدعاء صريح لمجزرة أو سقطة جديدة، ليجري تبرير ما سيأتي من مطالبات وتحركات، ومن الواضح أن بعض القوى تجهّزت لهذا الحدث جيدا، عسكريا وإعلاميا وسياسيا، وهناك مايسترو خارجي يدير شبكة معقدة من التفاعلات والترتيبات وغرفة عمليات واحدة، وما ينقص حتى اللحظة لبدء التشغيل أن سلطة دمشق تبدو أكثر وعيا؛ ربما نتيجة نصائح إقليمية ودولية، أو حتى نتيجة حساب دقيق للمخاطر والخسائر التي قد تنتج عن أي فعل غير مدروس بعناية.
في تقييم الأوضاع، من وجهة نظر القوى الداخلية التي ترغب في توريط السلطة، يبدو أن الوقت يضيق مع تسارع التحولات المحلية والإقليمية، وأن الأوراق التي في حوزتهم لم تعد قابلة للاستثمار، فقد تقادمت أخطاء السلطة، في الساحل والسويداء، وانتهت مفاعيلها، وثمة حاجة إلى تحديث جديد يتم استخدامه ورقة جديدة في إقناع الخارج أو إحراجه لإعادة النظر في الملف السوري، وإعادة تقييم سياساته والخلوص إلى نتيجة واحدة: من حق من يطالب بالانفصال حماية نفسه وتأسيس كيان مستقل والتحالف مع من يريد أو طلب الحماية ممن يريد، وأن هذه السلطة لا ينفع معها غير العزل والاستمرار بالعقوبات.
لماذا هذا الاستعجال بالتسريع في إيقاع السلطة في مطب جديد؟ ثمّة عاملان يفسران هذا الأمر: الأول اقتراب استحقاق اندماج قوات قسد في الجيش السوري، وتسليم حقول النفط والمطارات والمعابر في شرق سوريا بضغط تركي وموافقة أمريكية، وظهور بداية تململ في السويداء من حكم الحرس الوطني ولا فعالية وعود الهجري بالاستقلال، مقابل ازدياد الأوضاع بؤسا في السويداء نتيجة الفساد وانقطاع مرتبات الموظفين وتعطل الحياة الاقتصادية جراء منع التجارة والنشاطات الاقتصادية مع دمشق والمحافظات السورية الأخرى. والعامل الثاني، سقوط جميع الرهانات على نشوب حرب بينية ضمن هياكل السلطة السورية وتراجع احتمالات سقوطها، وهو رهان وصل إلى حد اليقين لدى قوى الأمر الواقع في شرق سوريا وجنوبها.
إزاء ذلك، لم يبق سوى رفع سقف التصعيد والتحدي لسلطة دمشق، حتى لو كان الثمن بحرا من الدماء، فالمشكلة أن هذه القوى أحرقت سفنها مع سوريا كوطن، ورتبت على نفسها وعود والتزامات لا تتضمن أي شراكة سياسية أو حتى شكل من أشكال المعارضة الداخلية، وترى أن أي تراجع سيؤدي إلى حرقها وإخراجها من المشهد، ولن تكون قوى مقبولة لدى حواضنها، ولا لدى من ارتبطت بهم في الخارج، هم يشعرون بخطر يقترب ويتصرفون بناء على ذلك بتوتر وارتباك، لدرجة يصبح معها الذهاب إلى الحرب إنقاذ وجودي لهم.
في هذا السياق، يأتي استعطاف نتنياهو لحثه على الاسراع بالتحرك، لإنقاذ الموقف الآخذ بالتصدع. نتنياهو يشكّل أخر الأوراق بعد أن سقطت جميع الأوراق، لكن من قال إن نتنياهو قابل للاستخدام لهذه الدرجة وأنه سيكون جاهزا لتلبية النداء عندما يطلب منه أحدهم النجدة؟
x.com/ghazidahman1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء نتنياهو إسرائيل سوريا سوريا إسرائيل نتنياهو اقليات قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی السویداء
إقرأ أيضاً:
اعتقال عضو مجلس الشعب السوري السابق عبد الرزاق بركات
كشفت السلطات السورية اليوم الخميس، أن قوات الأمن تمكنت من اعتقال عضو مجلس الشعب السوري السابق عبد الرزاق بركات، بتهمة الضلوع في قمع التظاهرات السلمية في حمص عام 2011.
اعتقال عبد الرزاق بركاتوأصدرت وزارة الداخلية السورية بيانا أكدت فيه توقيف عبد الرزاق بركات، العميد وعضو مجلس الشعب السابق، بعد عملية نفذها فرع مكافحة الإرهاب في محافظة حلب.
وكان بركات يشغل منصب قائد شرطة مدينة حمص، قبل نقله لاحقاً إلى قيادة شرطة الطبقة وتعيينه عضواً في مجلس الشعب ضمن إطار "الجبهة الوطنية التقدمية".
وأشارت الداخلية السورية إلى أنه تمت إحالة عبد الرزاق بركات إلى الجهات القضائية المختصة لاستكمال الإجراءات القانونية.
ولفتت وزارة الداخلية السورية إلى أن عمليات الاعتقال طالت شخصيات أمنية وعسكرية سابقة مرتبطة بحقبة النظام، بينهم خمسة ضباط رفيعي الرتبة في اللاذقية، بالإضافة إلى توقيف شخصيات ميدانية متهمة بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين في حلب وجبلة والرقة.