صراحة نيوز:
2025-12-06@19:54:45 GMT

بين كانونين سافر يا شقي

تاريخ النشر: 6th, December 2025 GMT

بين كانونين سافر يا شقي

صراحة نيوز-م مدحت الخطيب

 مع كل شتوة تدخل علينا، أشعر أن السماء تُعيد فتح صندوقٍ قديمٍ خبّأت فيه أجمل ما عشته وأكثر ما أوجعني في هذه الحياة ..تساقط المطر بالنسبة لي ليس ماءً ينزل من الغيم ليسقي الأرض والزرع، بل ذاكرة كاملة تفتح أبوابها ، لتعود بي إلى أكثر من عشرين عاماً
إلى تلك الأيام التي بدأت فيها طريقي نحو العمل في مطار الملكة علياء وأيام الدراسة في الجامعة ، يوم كان الشتاء امتحاناً حقيقياً لا يعرف لينا ولا هوادة.

. كان إمتحانا يبدأ قبل الفجر وينتهي عند أبواب التعب اخر النهار

كنت أغادر قبل صلاة الفجر، لا أحمل معي إلا برد الطريق وإصرار شابٍ طلب العُلا، لا يريد أن يتأخر عن عمله وتحقيق مستقبل أراده لنفسه.. لم تكن الرحلة الحقيقية رحلتي لوحدي بل رحلة أمي عليها رحمة الله ، فهي من كانت تستيقظ قبل الموعد بساعات، كانت تراقب حركة السيارات وتميز باص أبو عدنان عن باص أبو فراس كانت تتهيأ وكأنها هي التي ستسافر، لا تغادر نافذتها، لا ترتاح، لا تتنهّد ولا تتذمر حتى تسمع صوتي يقول: وصلت يمه ارجعي نامي ساعةً قبل أن يبدأ يومك الجديد في خدمة أبي أمد الله في عمره وإخواني فلكل منهم قصةً أخرى مع الجامعات والمدارس..

ما زال صدى عبارتها يتردد في أذني كأنها قالتها هذا الصباح:
“بين كانونين… سافر يا شقي.”

أمي لم تكن مثل باقي النساء..كانت تحمل قلق العالم كله لوحدها، كانت خَفَرًا على هيئة إنسانة، كانت تملك قلباً يسع خوف الدنيا بأكملها، تقف خلف زجاج نافذة معتمة، تراقب الشارع الذي لم يكن يرحم أحداً في تلك الليالي من شدة الظلام ، وتشدّ على الطريق بالدعاء أكثر مما تشدّ يدي على الحقيبة..

اليوم يمه، مع أوّل ساعات الفجر و قطرة مطر، شعرت أن كل ذلك يعود دفعة واحدة، عاد بنور وجهك الوضاء وجه أمي الذي أشرقت منه الشمس ، عاد بقلقها، عاد بدفؤها الذي كان يهزم برد كانون..
نعم تغيّرت حياتنا للأفضل يمه، توسعت الطرق وامتلكنا السيارات واستقرت بي الحياة في العاصمة وعلى رأيك صرت (اكابري عماني) وبشم نفس الهوا الي بشمه الملك ،نعم صارت السيارات أسرع والظروف أسهل… لكن شيئاً واحداً بقي كما هو: ذلك الفراغ الذي لا يملأه شيء بعد رحيل الام ..

صدقوني رحلت أمي وهي لا تطلب من الدنيا إلا سلامتنا، رحلت رغم تعبها وهي تردد دعاءها الذي كان يكفي لحماية مدينة بأكملها:
“شوفاتهم بالدروب ولا حسراتهم بالمقلوب… ربي لا يشعث حدا فيكم.”
كانت تترافع يومياً أمام محكمة الحياة بهذا القسم الذي لا يشبه إلا قسم أمهاتنا:
“الشوكة اللي بدها تيجي بإصبع واحد فيكم… تدخل بصبّي عيني..

نعم كبرنا و تغيّر كل شيء، لكن قلب الأم لا يغيّره الزمن، ولا يمحوه الغياب. هناك دعوات تظل تحرسك حتى بعد أن يُغطّي التراب أصحابها. وهناك حنين يشتدّ كلما نزل المطر، كأنه يقول لك:
بعض الرحيل لا يُنسى… وبعض الأمهات لا يغيبن مهما غبن…
في هذه الأيام المباركة
ربي أنزل على قبر أمي وامواتنا جميعاً رحمة واسعة ، اللهُم أسقي قبور موتانا غيثاً ترتوي به تربتهم وأجعل قبورهم بردًا وسلاماً إلى يوم يبعثون..

المصدر: صراحة نيوز

كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة توظيف وفرص عمل ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام

إقرأ أيضاً:

“أونروا”: الحياة المعيشية في غزة تراجعت عقدين الى الوراء

الثورة نت /..

حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، اليوم السبت، من عودة الظروف المعيشية في قطاع غزة لأكثر من عقدين الى الوراء.

وأكدت “أونروا”، في تدوينة على منصة “اكس” ، أن التقديرات تشير إلى أن الظروف المعيشية في غزة تراجعت أكثر من 20 عامًا إلى الوراء.

وشددت على أن “الأمم المتحدة تحتاج إلى جميع الموارد والقدرات الممكنة لتلبية الاحتياجات الهائلة” في القطاع المدمر والمحاصر.

ودعت إلى ضرورة نشر الوعي بأهمية رفع القيود المفروضة على المساعدات، مؤكدة أنه “يجب السماح للأونروا بالعمل بكامل طاقتها في غزة”.

وبدعم أمريكي وأوروبي، ارتكب جيش العدو الإسرائيلي على مدى عامين متواصلين منذ السابع من أكتوبر 2023، جرائم إبادة جماعية وحصار وتجويع في قطاع غزة أسفرت عن استشهاد 70,354 مدنياً فلسطينياً، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 171,030 آخرين، حتى اليوم، في حصيلة غير نهائية، حيث لا يزال الآلاف من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، بعد حرب إبادة جماعية صهيونية استمرت عامين متواصلين، غير أن جيش العدو الإسرائيلي يمارس خروقات يومية للاتفاق، وما يزال يمنع دخول غالبية المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وخاصة المساعدات من الأونروا.

مقالات مشابهة

  • المتقاعد.. مواطن لم يُغادر الحياة
  • “أونروا”: الحياة المعيشية في غزة تراجعت عقدين الى الوراء
  • الأونروا: الحياة المعيشية في قطاع غزة تراجعت عقدين الى الوراء
  • كشف أثري يوفر معطيات عن الحياة قبل 11 ألف عام
  • مكتب نتنياهو: وفد إسرائيلي سافر إلى القاهرة لإجراء محادثات مع الوسطاء
  • مواعيد عرض وإعادة برنامج دولة التلاوة على شاشة الحياة وCBC
  • تسونودا بعد قرار ريد بول التخلي عنه: «الحياة مليئة بالانتكاسات»
  • إرشادات بسيطة للحفاظ علي ناقل الحركة في السيارات ؟
  • د. سعيد الكعبي يكتب: دورة الحياة