جنين- انتشر مقطع فيديو مساء الثلاثاء على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي وهو يعتدي بعنف شديد على فتاة فلسطينية ترتدي نقابا بأحد أبواب المسجد الأقصى في القدس المحتلة.

وسرعان ما تداول نشطاء وفلسطينيون الفيديو الذي يظهر فتاة فلسطينية تقع على الأرض وينهال عليها جندي إسرائيلي بركلات على رأسها وبطنها وأماكن متفرقة من جسدها.

وتبين لاحقا أنها المرابطة في المسجد الأقصى فاطمة عمارنة، من بلدة يَعبَد بمنطقة جنين (شمال الضفة الغربية).

وكانت عمارنة في رحلة مع مجموعة نسائية لزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه الاثنين الماضي، وهو ما اعتادت عليه طوال سنوات مضت، وضمن مبادرة نسوية للرباط في باحات الأقصى.

ويقول شقيقها محمد عمارنة "كانت سعيدة ومرتاحة بعد أن أدت صلاة المغرب وتنتظر أن تصلي العشاء في الأقصى ثم تغادر مع المجموعة التي قدمت معها"، وهذا ما قالته في آخر اتصال كان مع العائلة قبل الاعتداء عليها واعتقالها.

ملتزمة بالرباط في الأقصى

واعتادت عمارنة على زيارة الأقصى منذ سنوات، فهي تدخل إلى القدس وتخرج منها دون "موانع أمنية"، كما يسميها الاحتلال الإسرائيلي، ويفرضها على عدد كبير من فئات الشعب الفلسطيني بهدف منعهم من الوصول إلى المدينة المقدسة.

لكن زيارة فاطمة عمارنة هذه المرة انتهت باعتقالها بعد الاعتداء عليها بشكل همجي بتهمة محاولة طعن أحد جنود الاحتلال بالقرب من باب حطة في البلدة القديمة للقدس.

ويقول شقيقها للجزيرة نت إنها "هذه المرة أيضا دخلت القدس عبر حواجز الاحتلال وبواباته الحديدية، واجتازت حاجز قلنديا العسكري وهو مزود بآلات للكشف عن المعادن، ويعطي إشارة في حال وجود معدن أو آلات حادة، ولم يثبت وجود أي شيء بحوزتها؛ هذا يدل على كذبهم".

ومنذ عام 2017، أصبحت عمارنة ملتزمة بشكل مستمر بالرباط في المسجد الأقصى طوال شهر رمضان المبارك، حيث تصل إليه في اليوم الأول من رمضان وتبقى حتى ليلة العيد. وحسب عائلتها فهي متعلقة بالأقصى بشكل كبير، وتعتبر رباطها فيه جزءا من إيمانها وعقيدتها، وتحرص على زيارته على الأقل مرة كل شهر.

 

 

تهمة جاهزة

وكان المحامي المقدسي حمزة قطينة أول من رأى عمارنة بعد نقلها إلى مركز الشرطة الإسرائيلية بالقدس بعد اعتقالها. ويصف قطينة الحالة التي شاهدها عليها في مركز التحقيق بالصعبة، حيث كانت متعبة وتتألم من آثار الضرب الذي تعرضت له.

يقول المحامي "حاولت طمأنة أهلها، وأبلغتهم أنها لم تتعرض لإطلاق نار، وهذا كان أكبر مخاوفهم، وقلت لهم إن وضعها الصحي جيد والحمد لله، لكن ذلك لا ينفي تعرضها للتعنيف والضرب خلال نقلها من باب حطة إلى مركز الشرطة، وهذا ما أبلغتني به عندما قابلتها".

وتم عرض عمارنة على النيابة الإسرائيلية، وتقرر تمديد توقيفها 9 أيام بغرض التحقيق. ومن المتوقع أن توجه لها محكمة الاحتلال تهمة محاولة الطعن، وفق توقعات محاميها.

ويضيف قطينة للجزيرة نت "إذا نظرت المحكمة الإسرائيلية إلى دوافع الموضوع وأسبابه بالطريقة التي ادعاها الجندي الذي اعتدى عليها، فيمكن أن يكون الحكم عليها بتهمة الشروع في الطعن".

قلق العائلة

ونفت عائلتها نيتها محاولة الطعن، وقال شقيقها محمد "إن فاطمة وحسب الفيديوهات التي نشرت لحظة دفع الجندي لها مسكت حجابها بكلتا يديها وهو ما يثبت أنها لم تكن تحمل أي شيء بهما، كما أظهر الفيديو بشكل واضح التفات الجندي إليها قبل أن تحاول دفعه وهو ما يثبت أنه وجه كلاما مستفزا لها".

وأضاف "أعرف شقيقتي إذا استفزها أي كلام من جنود الاحتلال لا يمكنها أن تسكت، وحاولت دفعه فقط وهذا واضح من خلال الفيديو".

وأكد محمد عمارنة أن عائلته لم تستطع التواصل مع فاطمة منذ اعتقالها، وقال إن والده عاش ليلة صعبة لخوفه عليها وعلى مصيرها. بكي طوال الليل رغم محاولاته عدم إظهار خوفه أمامنا".

أما والدتها، فلم تسمح العائلة لها بمشاهدة الفيديو المصور لحادثة ضرب فاطمة بسبب وضعها الصحي الصعب. وقال محمد عمارنة إن "حالتها لا تحتمل أن ترى ابنتها تُضرب بهذا الشكل الهمجي والعنيف".

ووصف محمد شقيقته بأنها فتاة ملتزمة بدينها ومحبّة لوطنها ومتعلقة بالمسجد الأقصى بشكل خاص، ونشأت في بيت ملتزم دينيا، وتنشط في تحفيظ القرآن، وتحمل شهادة جامعية في اللغة العربية بدرجة عالية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المسجد الأقصى

إقرأ أيضاً:

انتهاكات غير مسبوقة.. كيف مر يوم توحيد القدس على المسجد الأقصى؟

أُغلق باب المغاربة -أحد أبواب المسجد الأقصى الذي يسيطر على مفاتيحه الاحتلال منذ عام 1967- أمام المستوطنين اليوم بعد اقتحام 2092 متطرفا ومتطرفة المسجد بحماية ومرافقة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي.

ونُفّذ هذا الاقتحام الجماعي بمناسبة يوم "توحيد القدس"، الذي يعدّ عيدا وطنيا يحتفل به الإسرائيليون باستكمال سيطرة دولتهم على شرقي القدس في عام النكسة وضمّها لسيادتها، وسُجلت هذا العام زيادة في أعداد المقتحمين مقارنة بالعامين الماضيين، إذ اقتحم المسجد 1601 من المتطرفين في عام 2024 المنصرم، و1262 متطرفا ومتطرفة في عام 2023 وفق إحصائيات دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس.

مقدسيون اضطروا لإغلاق متاجرهم في القدس القديمة تجنبا لاعتداءات المستوطنين (الفرنسية)

ومن ضمن الانتهاكات التي وُثّقت اليوم في ساحات المسجد الأقصى ومحيطه بالتزامن مع فترتي الاقتحامات الصباحية والمسائية:

رفع المستوطنون وتوشحوا الأعلام الإسرائيلية داخل المسجد، وارتدى بعضهم قمصانا مُزيّنة بعلم إسرائيل. أدى المقتحمون طقس السجود الملحمي (الانبطاح الكامل، واستواء الجسد على الأرض ببسط اليدين والقدمين والوجه، ويمثل هذا أقصى درجات الخضوع) في الساحات الشرقية والغربية من المسجد. أدخل المتطرفون أدوات مقدسة كالشال الذي يرتديه اليهود أثناء الصلاة (طاليت)، ولفائف الصلاة السوداء (التفلين)، وهو ما طالبت الجماعات المتطرفة بإدخاله من خلال عريضة أُرسلت لوزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير قبل شهر من أجل "السماح بحرية العبادة الكاملة لليهود" في "يوم القدس". رقص المستوطنون وغنّوا في أماكن مختلفة من المسجد أثناء اقتحامهم. أدى المتطرفون صلوات ورقصات استفزازية أمام أبواب الأقصى من الخارج، واعتدوا على المقدسيين والتجار وحوانيتهم وعلى الطواقم الصحفية بالشتم والبصق.

اقتحم أكثر من ألف مستوطن، بينهم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، المسجد الأقصى بحماية شرطة وقوات الاحتلال الإسرائيلي التي شددت قبضتها الأمنية على محيط المسجد ومنعت دخول المصلين إليه.
وقال بن غفير خلال اقتحامه "صعدت إلى الحرم القدسي في يوم القدس، وصليت من أجل نجاح رئيس… pic.twitter.com/HQIewpMSJ2

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) May 26, 2025

إعلان بن غفير يقتحم الأقصى

كما اقتحم  بنغفير وخمسة من أعضاء الكنيست المسجد في الفترة الصباحية، وقال بن غفير أثناء الاقتحام "في الواقع عدد كبير من اليهود يتدفقون إلى جبل الهيكل، ومن الممتع أن نرى ذلك.. اليوم أصبح من الممكن الصلاة والسجود ونشكر الله على ذلك".

وأضاف الوزير المتطرف "نحن هنا نصلي من أجل سلامة المخطوفين وتحقيق النصر في الحرب.. وأدعو لرئيس الشاباك الجديد بالتوفيق في ملاحقة أعدائنا، وأن يسحقهم كما فعل طوال سنوات عمله، وأن يميز بين العدو والحبيب، فالمحب يُحتضن، والأعداء يُسحقون".

وأفادت مصادر للجزيرة اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي بالضرب على عدد من حراس المسجد الأقصى، وأبعدتهم عن ساحات المسجد، بالإضافة إلى نشرها أكثر من 200 عنصر لتأمين اقتحامات المستوطنين.

ما الإجراءات التي اتخذتها قوات الاحتلال في #المسجد_الأقصى من أجل "مسيرة الأعلام"؟#الأخبار pic.twitter.com/H0Z8leOqaW

— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 26, 2025

مسيرة رقصة الأعلام

وبإغلاق المسجد الأقصى أمام الاقتحامات تتجّه الأنظار الآن نحو مسيرة "رقصة الأعلام" التي من المتوقع أن يشارك فيها عشرات آلاف المستوطنين ممن سيتجمعون في باب العمود ومنه إلى شوارع البلدة القديمة وصولا إلى ساحة البراق حيث التجمّع والاحتفال المركزي.

وأظهرت مقاطع فيديو مصورة نشرتها وسائل إعلام محلية احتشاد مئات المستوطنين في طريق الواد بالبلدة القديمة، حيث أجبرت قوات الاحتلال التجار الفلسطينيين على إغلاق متاجرهم اليوم لتأمين اقتحامات المستوطنين واحتفالاتهم.

وكانت جهات فلسطينية عدة حذرت من تصعيد خطير ستشهده المدينة المحتلة في ظل مضي سلطات الاحتلال في تنظيم فعاليات مسيرة "رقصة الأعلام"، واعتبرتها تكريسا لتهويد المدينة بالقوة بالقوة، في مخالفة صارخة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

إعلان

وقال إمام وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري في تصريحات لقناة الجزيرة إن اليمين المتطرف هيمن على الحكومة الإسرائيلية، وبدأ ينقض بشراسة على المسجد الأقصى، في محاولة لفرض واقع جديد بالقوة"، وحذر من تصعيد غير مسبوق في اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين على المسجد الأقصى تزامنا مع مسيرة رقصة الأعلام.

مقالات مشابهة

  • استفزاز وعنصرية وتواطؤ.. هكذا علق مغردون على اقتحامات الأقصى
  • إسرائيل تختبر الصمت العربي والأقصى في خطر
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى اليوم
  • اليوم الأسوأ في تاريخ المسجد الأقصى منذ احتلاله
  • خطيب الأقصى يحذر من انقضاض اليمين الإسرائيلي على المسجد
  • الاحتلال يقتحم الأقصى ويشعل غضب الفلسطينيين.. جولات استفزازية تهز القدس
  • حالة غضب بين الفلسطينيين .. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
  • انتهاكات غير مسبوقة.. كيف مر يوم توحيد القدس على المسجد الأقصى؟
  • حماس تدعو لحماية الأقصى من خطر التهويد الصهيوني
  • حماس تحذر من مخطط تهويدي خطير بعد اقتحام بن غفير للأقصى