التمسك بكتاب الله وسنة الرسول صلي الله عليه وسلم من صفات المتقين ومن اسباب قبول العمل و الاستعاذة: هي اللجوء والاعتصام بالله عزَّ وجلَّ، يقال: عاذ فلان بربه يعوذ عوذًا؛ إذا لجأ إليه واعتصم به، وعاذ وتعوَّذ واستعاذ بمعنى واحد. ينظر: "تهذيب اللغة" للإمام محمد الهروي (3/ 93، ط. دار إحياء التراث العربي).

أما عن حكم تكرار الاستعاذة في كل ركعة من ركعات الصلاة الواحدة؛ فقد اختلف الفقهاء في ذلك؛ فذهب الحنفية والشافعية في قول والحنابلة في المذهب إلى اقتصارها على الركعة الأولى، وأنَّ تكرارها في الركعة الثانية وما بعدها مكروه، بينما ذهب الشافعية في الأصح، والإمام أحمد في إحدى الروايتين إلى استحباب تكرارها في كلِّ ركعةٍ. ينظر: "الهداية" للإمام المرغيناني (1/ 52، ط. دار إحياء التراث العربي) و"المجموع" للإمام النووي (3/ 32، ط. دار الفكر) و"الإنصاف" للإمام المرداوي" (2/ 73-74، ط. دار احياء التراث العربي).

ووافقهم ابن حبيب من المالكية ولم ينقل في كتب المذهب خلافه؛ قال الإمام الرهوني في "حاشيته" (1/ 425، ط. المطبعة الأميرية): [ويتعوذ في جملة الركعات عند ابن حبيب والشافعي؛ لأنَّه من توابع القراءة.. ولم أرَ مَن تعرَّض لهذا الفرع بخصوصه من شُرَّاح المختصر ولا من غيرهم الآن غيره، ومقابلته ما لابن حبيب والشافعي.. تدل على أنَّه لا مخالف لابن حبيب من أهل المذهب، وذلك مع توجيهه يدلُّ على أنَّ عليه المعوّل.

 

وقوله : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) أي : إذا سلم عليكم المسلم ، فردوا عليه أفضل مما سلم ، أو ردوا عليه بمثل ما سلم [ به ] فالزيادة مندوبة ، والمماثلة مفروضة .
قال ابن جرير : حدثني موسى بن سهل الرملي ، حدثنا عبد الله بن السري الأنطاكي ، حدثنا هشام بن لاحق ، عن عاصم الأحول ، عن أبي عثمان النهدي ، عن سلمان الفارسي قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليك يا رسول الله . فقال : " وعليك السلام ورحمة الله " . ثم أتى آخر فقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وعليك السلام ورحمة الله وبركاته " . ثم جاء آخر فقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته فقال له : " وعليك " فقال له الرجل : يا نبي الله ، بأبي أنت وأمي ، أتاك فلان وفلان فسلما عليك فرددت عليهما أكثر مما رددت علي . فقال : " إنك لم تدع لنا شيئا ، قال الله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) فرددناها عليك " .
وهكذا رواه ابن أبي حاتم معلقا فقال : ذكر عن أحمد بن الحسن الترمذي ، حدثنا عبد الله بن السري - أبو محمد الأنطاكي - قال أبو الحسن : وكان رجلا صالحا - حدثنا هشام بن لاحق ، فذكر بإسناده مثله .
ورواه أبو بكر بن مردويه : حدثنا عبد الباقي بن قانع ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن لاحق أبو عثمان ، فذكره بمثله ، ولم أره في المسند والله أعلم .
وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا زيادة في السلام على هذه الصفة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، إذ لو شرع أكثر من ذلك ، لزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن كثير - أخو سليمان بن كثير - حدثنا جعفر بن سليمان ، عن عوف ، عن أبي رجاء العطاردي ، عن عمران بن حصين ; أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليكم فرد عليه ثم جلس ، فقال : " عشر " . ثم جاء آخر فقال : " السلام عليكم ورحمة الله . فرد عليه ، ثم جلس ، فقال : " عشرون " . ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . فرد عليه ، ثم جلس ، فقال : " ثلاثون " .

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم السلام علیکم السلام علیک حدثنا عبد رسول الله

إقرأ أيضاً:

ثورة الحسين عليه السلام : شعلة الإصلاح وقوة التأثير المستمر في ضمير الإنسانية

في صفحات التاريخ الإسلامي، قلّما نجد حدثًا تجاوز إطاره الزمني والمكاني ليصبح رمزًا عالميًا للكرامة والمقاومة والإصلاح كما فعلت ثورة الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) في كربلاء عام 61 هـ. لم تكن كربلاء مجرد معركة بين جيشين، بل كانت لحظة فاصلة انقسم فيها التاريخ بين الحق والباطل، العدل والطغيان، الإيمان والنفاق،  لقد اختار الحسين عليه السلام المواجهة رغم إدراكه المسبق لنتائجها، لأنه كان يحمل مشروعًا إصلاحيًا يهدف إلى إنقاذ الدين من التحريف والسلطة من الانحراف، كما جاء في قوله:  “إني لم أخرج أشِرًا ولا بطرًا، ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي.”

يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي

هذا التقرير يسلّط الضوء على أهم أبعاد الثورة الحسينية، من منطلقها الإصلاحي، إلى استمراريتها التاريخية، مرورًا بتأثيرها العميق على المجتمعات البشرية في مختلف العصور، ويستعرض كيف تحوّلت هذه الثورة إلى إرث إنساني عالمي، يتجدد حضوره كلما تجدد الظلم، وهو ما يتجلى في العبارة الخالدة: “كل أرض كربلاء، وكل يوم عاشوراء”

تكمن أهمية هذا التقرير في أنه لا يقدّم قراءة تقليدية لكربلاء، بل يسعى إلى إبراز كيف يمكن للثورات القائمة على المبادئ والقيم أن تبقى حية وفعّالة مهما طال الزمن،  وفي زمننا هذا،  حيث تشتد أزمات العدالة، وتقوى أنظمة الاستبداد، وتُكمم الأفواه باسم المصالح، تبرز الثورة الحسينية كأحد أنقى النماذج التاريخية للمقاومة الأخلاقية الهادفة. فهي لا تزال تسأل كل إنسان: “أين موقعك بين الحسين ويزيد؟”  ليبقى السؤال مفتوحًا في كل أرض، وفي كل يوم.

 جذور الثورة: حين يتحول الصمت إلى خيانة

لم يكن واقع الأمة الإسلامية في عهد يزيد بن معاوية سوى انعكاس لتشويه الدين، وطمس معالم الشورى والعدالة، وتحوّل الخلافة إلى ملك عضوض قائم على التوريث والطغيان، وفي ظل هذا الانحراف، قال الحسين (عليه السلام): “إني لم أخرج أشِرًا ولا بطرًا، ولا مُفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي.” بهذا الإعلان، حدد الحسين هدف ثورته، وأوضح أنها ثورة قيم قبل أن تكون ثورة سيف.

البعد الإصلاحي للثورة الحسينية

كان الإمام الحسين عليه السلام يدرك أن النصر العسكري ليس هو الغاية، بل كان يسعى إلى بعث الوعي، وإيقاظ الضمير الإنساني، وتعريف الأمة بمسؤوليتها تجاه دينها وحقوقها ،  فجعل من كربلاء مدرسة خالدة لتعليم معاني الحرية والكرامة،  حين قال (عليه السلام ): “ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة.”

 الاستمرارية والتأثير في المجتمعات

رغم مرور أكثر من أربعة عشر قرنًا على ملحمة كربلاء، فإن تأثير الثورة الحسينية ما زال ممتدًا ومتجذرًا في وجدان الشعوب، ويتجلى ذلك في إحياء ذكرى عاشوراء حيث يتحول شهر محرم إلى موسم عالمي للوعي، والتثقيف، والتذكير بضرورة الوقوف في وجه الظلم ، كما استلهم قادة عظام كغاندي ونيلسون مانديلا من الحسين مفاهيم المقاومة السلمية والصبر والتضحية ،  وصارت الثورة الحسينية رمزًا للدفاع عن المظلومين والمحرومين، ومنهجًا يُحتذى في مقاومة الفساد والطغيان.

 “كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء”: المعنى العميق والدلالة المستمرة

لم تكن عبارة “كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء” مجرد شعار يُتلى، بل أصبحت رؤية فكرية وثقافية تعبّر عن الطابع العالمي والدائم للثورة الحسينية. فالمقصود أن كربلاء ليست موقعًا جغرافيًا فحسب، ولا عاشوراء زمنًا منتهيًا في التاريخ، بل هما رمزان يتكرران كلما وُجد ظلم في مواجهة الحق، وطغيان في مواجهة العدالة ، فكل أرض كربلاء ، أي أن كل أرض يُستباح فيها الحق، ويُقتل فيها الأبرياء، ويُصادر فيها صوت الحرية، تتحوّل رمزيًا إلى كربلاء ، وكل يوم عاشوراء، وتعني أن المعركة بين الحق والباطل لا تنتهي بانتهاء يوم عاشوراء، بل هي مستمرة في كل زمان ومكان ، وليست العبارة مجرد تذكير رمزي، بل دعوة عملية للوعي والموقف، أن يتحمّل كل فرد مسؤوليته في مقاومة الظلم، وألا يكون شاهد زور أو ساكتًا عن الحق، لأن الصمت في حضرة الجريمة مشاركة فيها.

الثورة الحسينية اليوم: مسؤولية الحاضر واستشراف المستقبل

في عالم اليوم، ومع تصاعد الظلم والفساد والانحراف عن المبادئ الأخلاقية، تصبح رسالة كربلاء أكثر إلحاحًا، فكل مجتمع يرزح تحت وطأة الاستبداد أو التهميش يجد في سيرة الحسين إلهامًا ووقودًا للنهوض، ولا تزال ثورة كربلاء تمثل نموذجًا حيًا لكل ثائر حر، ولكل أمة تسعى للكرامة والعدالة.

الخاتمة

الثورة الحسينية لم تكن حدثًا عابرًا في التاريخ الإسلامي، بل كانت نهضة روحية وفكرية خالدة، تستمد قوتها من صدق الهدف ونقاء المبادئ، والحسين (عليه السلام) لم يمت في كربلاء، بل أحيا أمة بأكملها، وجعل من دمه الشريف منارة تهدي الأحرار في كل العصور .. “كل أرض كربلاء، وكل يوم عاشوراء” .. شعار خُطّ بدماء الحسين، ليبقى صوته نداء لكل مظلوم، وصيحة في وجه كل طاغية، حتى آخر الزمان.

مقالات مشابهة

  • رئيس الشؤون الدينية يوجّه المسلمين وقاصدي الحرمين حول فضائل صيام يوم عاشوراء
  • السديس يوجّه وصايا إرشادية لقاصدي الحرمين حول فضائل صيام يوم عاشوراء
  • الإفتاء توضح حكم الترتيب بين صلاة الفجر وسنته
  • حكم الصلاة على النبي في الميكرفون آخر الأذان
  • فعالية ثقافية في الصافية بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام 
  • ثورة الحسين عليه السلام : شعلة الإصلاح وقوة التأثير المستمر في ضمير الإنسانية
  • قطاع خفر السواحل بالبحر الأحمر يُحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام
  • لماذا نقرأ الفاتحة 17 مرة في الصلاة يوميا؟.. الشيخ الشعراوي يكشف السبب
  • اللهم إني توكلت عليك فأعنّي.. خير دعاء تبدأ به يومك | ردده الآن
  • أصداء