سودانايل:
2025-05-28@19:25:06 GMT

من يخاف الإدارة الأهلية: صالح محمد نور

تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT

(كان أول نشره في ١٦ ديسمبر ١٩٨٨ بجريدة الخرطوم)
قرأت بعض تاريخ السودان في آداب جامعة الخرطوم على استاذنا المغفور له صالح محمد نور. وكان صالح لماحاً له خطرات. وكان يتوقف عند الرواية ليسأل سؤالاً يبدو لسامعه بأن لا مناسبة له. وهذه خدعة صالح لكي يرسل خاطرته على سجيتها.
أنا مدين لصالح بالطريقة التي أقرأ بها الصحيفة السودانية.

فأنا أقرأ بتدقيق شديد كل إعلان نعي منشور فيها. قال لنا صالح ذات مرة إن تلك الإعلانات هي أفضل مرجع لطالب التاريخ لأنها تكشف له الأسر وأنسبائها وأصهارها ومساراتها المعيشية وولاءاتها الدينية والسياسية. وعلى أن النعي حزن وعرفان جليلين إلا أنه كذلك وثيقة من الدرجة الأولى للمشغول بالتاريخ وعلم الاجتماع.
على إعجابي بكمياء الجدل، واعتناقي النسخة الماركسية منه، إلا أن صالحاً (الذي لم تكن تروقه الماركسية) هو الذي فتح عيوني على براح الجدل وذكائه. كان يدرسنا يوماً عن حكمدارية غردون باشا الثانية على السودان (١٨٤٤). وكانت مهمته فيها القضاء على ثورة المهدي. واكتشف غردون مبكراً أن تلك مهمة مستحيلة لملابسات أنه أجنبي ومسيحي. فأرسل يستأذن الحكومة الإنجليزية لتبعث له بالزبير باشا المحبوس في مصر ليجعله حاكماً على السودان. وقد حسب غردون أن الزبير وحده القادر على مواجهة المهدي لأنه وطني مسلم وله مكانة معروفة قائمة على نفوذ قبلي.
بعد أن أدلى صالح بهذه المعلومات تساءل إن كان بمقدور الزبير باشا أن ينقذ النظام التركي ويقضي على المهدية. وكان هذا تمريناً ذهنياً فوق قدراتنا. وتدخل صالح ليقول بأن مهمة الزبير باشا الوطني لن تكون أقل استحالة من مهمة غردون. فقد تغير حال السودان منذ ذهاب الزبير إلى مصر. وأكثر هذه التغييرات مما جاءت به الثورة المهدية نفسها. فقد شارك في هذا التغيير وذاق طعمه جفاة الأعراب ودراويش الخلاوي الفرسان وقادة القبائل المهضومة. وهم لن يقفوا بالتغيير الناشب بالمهدية دون بلوغ السلطة. فلقد تغيرت التركيبة القيادية في المجتمع وتخطت رمز الزبير باشا إلى رمز المهدي.
يقول مبدأ مثير في الجدل إنك لن تستطيع أن تقطع نفس النهر مرتين. والسبب هو أن الماء متدافع متغير في حين أن فكرة النهر ذاتها ثابتة. ولذا ربما كانت فشلت خطة غردون في استخدام الزبير باشا ليقطع به النهر مرتين.
تتوارد عليّ هذه الخواطر القديمة عن دكتور صالح وأنا اسمع الساسة عندنا يردون الاعتبار والسلطة للإدارة الأهلية لمواجهة النهب المسلح والنزاع القبلي أو التمرد. وكل هذه النشاطات وجوه منابتها اقتصادية اجتماعية ثقافية عميقة وثمرة تجديدات جذرية في تركيبة السلطة في المجتمع. والحال هذه فلربما كانت الإدارة الأهلية هي أول ضحايا هذه التجديدات والتغييرات.
هل تصلح الإدارة الأهلية الآن في ريف السودان في زمن القادة من ذوي الأصول المغمورة الذين تصدر عنهم في أرياف السودان قرارات في خطر التسليح والتدريب والهجوم ومصادرة الأموال والقتل؟
لقد قطعت بنا الإدارة الأهلية نهر الريف السوداني الخامد، أو الذي أخمده الاستعمار. فهل بإمكاننا أن نقطع بها ذلك النهر ثانية وقد هاج وماج وأرغى وأزبد؟
اسئلة في بداهة أسئلة الدكتور صالح رحمه الله وبارك في ذريته.


IbrahimA@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الإدارة الأهلیة

إقرأ أيضاً:

هالة صدقي تحسم الجدل: "باب الزواج اتقفل... وطاقتي نفدت"

 

في لقاء صريح وعفوي، حلت الفنانة المصرية هالة صدقي ضيفة على أحد البرامج التليفزيونية في تونس، حيث فتحت قلبها للجمهور وتحدثت بصراحة عن موقفها من الزواج، كما تطرقت إلى آخر أعمالها الفنية التي شاركت بها خلال موسم رمضان الماضي، لتُسلط الضوء على مسيرتها المستمرة وتفاعلها مع الجمهور.

هالة صدقي: "الزواج باب واتقفل.. وطاقتي خلصت"

في حديثها عن حياتها الشخصية، حسمت هالة صدقي الجدل المثار حول إمكانية زواجها مجددًا، وقالت بوضوح:
"الزواج باب واتقفل، فكل شخص له طاقة، وطاقتي في هذا الأمر نفذت، ولكن بلا شك الرجل هام في حياة المرأة."
بهذه الكلمات اختارت صدقي أن تضع نقطة النهاية على احتمالية خوض تجربة الزواج مرة أخرى، مؤكدة أن قرارها جاء نتيجة تجربة واختبارات الحياة، وأنه لا ينتقص من أهمية وجود الرجل في حياة المرأة، وإنما يعكس موقفًا شخصيًا قائمًا على النضج والوعي.

آخر أعمالها الدرامية: إش إش

على الصعيد الفني، تحدثت هالة صدقي عن أحدث مشاركاتها، والتي تمثلت في مسلسل "آش إش"، الذي عُرض في الموسم الرمضاني الماضي وحقق تفاعلًا جماهيريًا واسعًا. تدور أحداث المسلسل حول فتاة جميلة وفقيرة تُدعى "إش إش"، تضطر لدخول عالم الرقص بعد أن تقودها الظروف إلى مواجهة قاسية مع الواقع، لتكتشف لاحقًا أنها متورطة في شبكة أسرار عائلية غامضة تخص عائلة آل الجريتلي.

المسلسل شهد مشاركة نخبة من النجوم، على رأسهم مي عمر، ماجد المصري، خالد الصاوي، شيماء سيف، محمد الشرنوبي، إدوارد، وانتصار، وهو من تأليف محمد سامي ومهاب طارق، وإخراج محمد سامي. وجسدت هالة صدقي من خلاله شخصية محورية أثرت في خط الأحداث، وأضفت ثقلًا دراميًا على العمل.

مسيرة فنية مستمرة وإطلالة مختلفة

يعكس حضور هالة صدقي في العمل الأخير حرصها على انتقاء الأدوار التي تحمل بعدًا إنسانيًا واجتماعيًا، وتُظهر قدرتها على التنقل بين الكوميديا والدراما، لتثبت من جديد أنها من أبرز النجمات اللاتي حافظن على بريقهن الفني رغم مرور الزمن.

بهذا الظهور التليفزيوني الجديد، تؤكد صدقي أن بوصلتها الفنية لم تتوقف، وأنها ما زالت حاضرة بقوة في المشهد، سواء من خلال أعمالها أو تصريحاتها الجريئة التي تعكس شخصيتها الناضجة والمستقلة.

مقالات مشابهة

  • المحكمة العليا تحسم الجدل: المشري رئيسًا “للأعلى للدولة”.. وعقيلة صالح يبارك تثبيت رئاسته للمجلس
  • جامعة عين شمس الأهلية رؤية ريادية ومستقبل واعد
  • محافظ الوادي الجديد يُودّع حجاج الجمعيات الأهلية ويوجه بتوفير سبل الراحة لهم
  • وفاة أحمد الحضراتي باشا أمزميز السابق بعد صراع مع المرض
  • هالة صدقي تحسم الجدل: "باب الزواج اتقفل... وطاقتي نفدت"
  • بقرار جمهوري: إنشاء جامعة طنطا الأهلية تضم 10 كليات
  • صدور قرار رئيس الجمهورية بإنشاء جامعة طنطا الأهلية
  • بوخريص: النهر الصناعي لم يُصمم ليكون المورد الوحيد للمياه في ليبيا
  • الزبير: الحكومة تُقصي ولا تُصلح.. وممارساتها تُغرق ليبيا في الفوضى
  • كوزمين يختار 27 لاعباً في قائمة «الأبيض»