يجد الكاتب نفسه أحيانا منساقا إلى تبني ما يعتقده الرأي العام، خاصة في القضايا التي تهم شرائح المجتمع أو تتعلق بمحيطه البيئي، ولأننا نعول دائما على معقولية الطرح لمواكبة الخطط والبرامج الحكومية المنبثقة من رؤية عمان 2040، أو المشاريع المُدرجة ضمن الاستراتيجيات الوطنية المتعلقة بالإنسان والعمران، نجد أنفسنا معنيين بالكتابة عن أنسنة المدن.
ضمن هذا الإطار نجد كثيرا من أحياء مدينة صلالة الحديثة تفتقر إلى الحدائق والمتنزهات، وإذا وجدت في الخرائط والبيانات الرقمية فهي أراضٍ فضاء لا أشجار فيها ولا زرع، فمثلا منطقة صحلنوت بكافة مخططاتها لا توجد فيها حدائق ولا متنزهات على الرغم من الامتداد العُمراني المتسارع، وعلى الرغم كذلك من وجود ساقية عين صحلنوت التي تخترق الأحياء السكنية في اتجاه مزارع شركة أعلاف ظفار، وقد كان بالإمكان الاستفادة من الساقية في استزراع حزام من الأشجار والنباتات العمانية المقدرة بحوالي 1200 نوع يتركز حوالي 80% منها في محافظة ظفار، علما أن 78 نوعا من هذه النباتات العُمانية لا توجد في مكان آخر في العالم، يضاف إلى هذه الميزة أن الأشجار المحلية قليلة استهلاك للمياه، ثم إن أمطار الخريف تغذيها لعدة أشهر ممثلة مخزونا جوفيا لها.
كنا ننتظر مشروعا مستداما في صلالة تنفذه بلدية ظفار بدلا من الفعاليات «الومضية» التي تُصرف عليها آلاف الريالات ولا يبقى لها أثر فور انتهائها، ولا يُقلل هذا من الجهود المبذولة من قبل البلدية في العديد من المشاريع التي لا تخطئها العين، ولكن من الأهمية بمكان وجود الحدائق والمسطحات الخضراء في المدن والأحياء السكنية، فهي تقلل من الصخب والضوضاء وكذلك تقلل من ارتفاع درجات الحرارة.
إذا غضضنا النظر عن الحدائق والمتنزهات فإنّا لا ننسى الشوارع الداخلية غير المسفلتة والإضاءة غير المتوفرة في بعض الأحياء الجديدة في مدينة صلالة وبالتحديد في صحلنوت. هنا أريد أن أتحدث عن مثال مرتبط بمستثمرين خليجيين، فلا أريد له أن يتركوا استثمارهم في مربع (و) في صحلنوت لأسباب تتعلق بقصور الخدمات، فقد اختاروا عمان محبة فيها وفي شعبها وقيادتها، واستقروا منذ عدة سنوات في مدينة صلالة وبنوا فيها، ولكن للأسف لا يزال الطريق إلى بيوتهم ترابيا ويصعب على المركبات الصغيرة الوصول إليها، بالإضافة إلى عدم وجود أعمدة إنارة في ذلك الحي. مؤخرا أسرّ لي أحدهم بأنه يفكر في عرض أملاكه بصلالة للبيع والبحث عن أماكن أخرى في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة، التي بدأت تفعّل برامج استقطاب رؤوس الاموال الخارجية واستقطاب المستثمرين في عدة قطاعات أهمها العقار والصناعات المرتبطة به. فإذا كان وضع المقيم الخليجي بهذا الشعور نتيجة انعدام الخدمات الأساسية في حيّه، فكيف سيكون حال المستثمر الأجنبي الذي يهمه توفر الخدمات والتسهيلات لإقامة مشروعه التجاري؟ وإذا كنا ندرك مدى التنافس الإقليمي على استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية وتوفير مشاريع اقتصادية في سلطنة عمان، فإن تقديم التسهيلات للمواطن العماني وأخيه الخليجي يُعد أولوية في تشجيع الاستثمار وتوطين الاقتصاد.
نأمل أن تصل الخدمات لجميع المربعات في صحلنوت - وإلى غيره من الأحياء بطبيعة الحال- وبقاء جميع المستثمرين في بلدهم الثاني.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
تركيا: إنهاء تقديم خدمات الرعاية الصحية المجانية للسوريين
نشرت الجريدة الرسمية التركية، اليوم السبت، قرارا رسميا ينهي تقديم خدمات الرعاية الصحية المجانية للسوريين الخاضعين للحماية المؤقتة، وذلك اعتبارا من 1 يناير 2026.
وبناء على هذا القانون سيصبح السوريون ملزمين، مثل باقي المواطنين والمقيمين، بدفع اشتراكات شهرية لمؤسسة الضمان الاجتماعي (SGK) للاستفادة من الخدمات الصحية في المستشفيات والمراكز الحكومية.
وأكدت اللائحة الجديدة حظر توجه السوريين، بمن فيهم غير القادرين على الدفع، مباشرة إلى المستشفيات والعيادات الخاصة، باستثناء حالات الطوارئ القصوى، وهو ما كان مطبقا فعليا وأصبح الآن نصا قانونيا صريحا.
وستُحوَّل جميع الاشتراكات التي يسددها السوريون مباشرة إلى صندوق المساعدة الاجتماعية والتضامن (SYDTF)، فيما ستتكفل وزارة الصحة بتغطية تكاليف علاج الفئات غير القادرة على الدفع كل ثلاثة أشهر، وفق الحدود التي تراها SGK.
وبالنسبة للفئات الغير قادرة على سداد الاشتراكات، أتاح القرار إمكانية تقديم طلب إعفاء، وستقوم وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية بالتعاون مع رئاسة إدارة الهجرة بتحديد المستحقين لهذا الإعفاء. لكن حتى هؤلاء لن يحصلوا على تغطية للخدمات الإضافية غير المشمولة أصلا بنظام الضمان الاجتماعي، مثل بعض العمليات المتخصصة أو الأدوية غير المدرجة.
وستظل مجموعة من الخدمات الصحية الأساسية مجانية تماما لكل السوريين دون اشتراك، وهي: فحوصات الأمراض المعدية، والتطعيمات الروتينية، وخدمات الصحة الإنجابية، والتطعيمات الإلزامية للأطفال، وبرامج الفحص الوطنية للوقاية من وفيات الرضع والأطفال.