بولندا وأوكرانيا، من الكونفدرالية إلى الحرب الباردة
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
تحت العنوان أعلاه، كتب سيرغي ميركين، في "أوراسيا ديلي"، حول خسارة كييف لعبة استعراض عنترياتها مع وارسو.
وجاء في المقال: لقد أفسدت قضية الحبوب الصداقة الأوكرانية البولندية. وتبين أن العلاقات "الأخوية" بين البلدين مصطنعة إلى درجة أن الجميع، بمجرد ظهور الخلافات التي أثرت في مصالح النخبة الأنانية، نسوا على الفور أنهم يقاتلون "روسيا الرهيبة" ويدافعون عن قيم "العالم المتحضر".
وهكذا، فقد قارن الرئيس البولندي أندريه دودا، الذي كان يعد في السابق المحامي الأول عن أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، كييف بالرجل الغارق. وردا على سؤال حول الشكوى الأوكرانية لمنظمة التجارة العالمية، قال: "نحن نتعامل مع شخص يغرق. أي شخص اختبر ذلك يعرف أن من يغرق خطير جدا ويمكن أن يسحب من يحاول إنقاذهإلى الأعماق. هذا ما يذكرني به الوضع بين بولندا وأوكرانيا".
كما ألغى الجانب البولندي اجتماع دودا المقرر مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي، وقال رئيس الوزراء البولندي ماتيوس مورافيتسكي إن بلاده لم تعد تعطي أسلحة لأوكرانيا لأن عليها الاهتمام بجيشها.
على الأرجح، سيتم إخماد الصراع الحالي بين وارسو وكييف. فأولاً، يعتمد كلا البلدين على الولايات المتحدة، وإذا أمرت واشنطن بالسلام، فسوف يتأبطا أجندتها؛ وثانيا، أوكرانيا، باعتبارها دولة أضعف، فهي التي ستقدم تنازلات في المواجهة، ويبدو أنها سوف تسحب شكواها لمنظمة التجارة العالمية.
والأهم من ذلك أن دودا يفكر في المقام الأول في ضمان عدم فقدان أنصاره دعم المزارعين في الانتخابات المقررة في أكتوبر. لن يكون من الممكن إنشاء "بولندا العظيمة-2" في المستقبل القريب. ولهذا السبب، فهو لا يهتم بمصالح زيلينسكي. جلدك أقرب إلى جسمك. وقد يصبح هذا اتجاهًا في الغرب ويكتسب زخمًا مع تزايد الإرهاق من الحرب في المجتمع. وبما أن أوكرانيا تعتمد بشكل كامل على دعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فإن هذا الاتجاه كارثي بالنسبة لنظام كييف.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا فلاديمير زيلينسكي كييف وارسو
إقرأ أيضاً:
تجارة الجنازات.. الفساد يلاحق قتلى الحرب في أوكرانيا
في ظل الحرب المستمرة بأوكرانيا، لم تسلم جثث الجنود من الاستغلال، حيث تحوّلت مراسم الدفن إلى قطاع للربح غير المشروع وسط غياب الرقابة والمحاسبة، وهو مشهد يعكس عمق الأزمة الأخلاقية والمؤسسية في زمن الحرب.
وفي تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، ذكر الكاتب أليستر ماكدونالد أنه في ربيع عام 2023، وأثناء احتدام الحرب في أوكرانيا، عقد مدير جنازات وموظف حكومي صفقة في مقبرة بمدينة زابوريجيا لنقل 23 جثة لجنود قتلى.
ووفقا للادعاء، منح الموظف مدير الجنازات عقد نقل الجثث مقابل ربع المبلغ الذي ستدفعه له البلدية، والتقى مدير الجنازات بالموظف لاحقا ليسلمه حصته البالغة أكثر من 13 ألف هريفنيا، أي نحو 320 دولارا.
وأوضح الكاتب أن هذه الصفقة -التي تخضع الآن للتحقيق القضائي- تعكس واقع انتشار الفساد في أوكرانيا والبلدان التي كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي سابقا.
وتحتل أوكرانيا المرتبة 105 من 180 دولة في مؤشر الشفافية الدولية، ويُظهر التحقيق في هذه الواقعة كيف يلاحق الفساد الأوكرانيين في كل جوانب حياتهم، حتى بعد الموت.
ورغم الاحترام الذي يحظى به قتلى الحرب بأوكرانيا في أوساط المجتمع، فإنهم أصبحوا مصدر دخل للمسؤولين الفاسدين، حيث تدفع دور الجنازات رشاوى للفوز بعقود نقل ودفن الجنود، وتفرض أسعارا مرتفعة على المجالس المحلية مقابل شواهد قبور الجنود وتوابيتهم، ويتقاسمون الأرباح مع المسؤولين، وفقا للشرطة.
إعلانوستظل مكافحة الفساد من أهم التحديات التي تواجهها أوكرانيا بعد انتهاء الحرب، إذ يؤثر الفساد سلبا على التعافي الاقتصادي، ويعرقل جهود الانضمام للاتحاد الأوروبي الذي يضع شروطا صارمة بشأن معالجة الكسب غير المشروع، وقد شهدت سنوات الحرب تزايد قضايا الفساد المرتبطة بالمشتريات العسكرية والرشاوى لتجنب التجنيد.
ويُقدّر عدد الأوكرانيين الذين قُتلوا منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط 2022 ما بين 40 و100 ألف قتيل.
وفي مدينة بولتافا الأوكرانية، طلب المسؤول سيرهي نيتشيبورينكو من مدير الجنازات ألكسندر بورغاردت نقل بعض الجثث من الخطوط الأمامية لدفنها في مناطقهم الأصلية.
وسلّم بورغاردت، نيتشيبورينكو حصته المالية في وقت لاحق من الشهر نفسه، إلا أن الأخير نفى الحصول على رشوة، وأكد محاميه أن العقود التي يُزعم أنها فاسدة تم توقيعها قبل توليه هذا المنصب الحكومي. وقال بورغاردت إنه أبلغ الشرطة بعد طلب نيتشيبورينكو المزيد من الرشاوى، مضيفا أن هناك حدودا يجب احترامها، خاصة عندما يموت الشباب في الحرب.
ولا يقتصر دفع الرشاوى لإجراء جنازات عسكرية على بولتافا فقط، ففي الشهر الماضي، أعلنت الشرطة في كريفي ريه اعتقال 8 مسؤولين محليين ومالك دار جنازات بتهم رشوة، تتعلق بنقل جثث الجنود وجرائم أخرى مرتبطة بخدمات الجنازات.
ويقول مسؤولون آخرون إن مشكلة الفساد التي تتسلل إلى جنازات الجنود القتلى منتشرة في جميع أنحاء البلاد، من أوديسا إلى زابوريجيا.
ومن حق أي عائلة فقدت جنديا أن تطالب بحوالي 360 دولارا من الدولة لتغطية تكاليف الجنازة، ويمكن للعائلات التي تحصل على هذا المبلغ أن تقرر مكان إجراء المراسم، ولكن دون تحديد من يقوم بذلك.
وتطرح السلطات المحلية دفن الموتى في مناقصات، وتقوم دور الجنازات بتقديم عطاءات للحصول على حق إجراء المراسم على دفعات.
وتدفع دور الجنازات في بعض الأحيان أموالا للسلطات للفوز بهذا العمل، وفقا لثلاثة مسؤولين على دراية بعملية المناقصة في مدينة زابوريجيا.
ويقول أحد المسؤولين إنه في كثير من الأحيان يتم تخصيص شروط المناقصة بطريقة لا يمكن أن يفوز بها سوى مقدم عطاء واحد، مثل تحديد التوابيت وفقا لمعايير لا تتبعها سوى شركة واحدة.
إعلانوأوضح الكاتب أن عائلات الجنود أعربت عن استيائها من عدم قدرتها على اختيار جهة تنظيم الجنازة. فلم يكن لدى لاريزا أوفتشارينكو الحق في اختيار من يتولى جنازة ابنها الجندي المتوفى، بدنيبرو في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث قُدم لها نعش رخيص وباقة من الزهور، وقد أنفقت الأم نحو 723 دولارا أميركيا من مالها الخاص لتحسين القبر.
وحسب الكاتب، فإن أوكرانيا قامت بإصلاح نظامها القضائي ونفذت تدابير أخرى للتصدي للكسب غير المشروع، في ظل إدراك الرئيس فولوديمير زيلينسكي لأهمية هذه الإجراءات لضمان مواصلة الحصول على الدعم المالي والعسكري من الدول الغربية.
وأشار الكاتب إلى أن عدد الإدانات في قضايا الفساد ارتفع بنسبة 10% منذ عام 2021، لتصل إلى نحو 5 آلاف و235 إدانة العام الماضي، ويأتي هذا في وقت تشير فيه تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد سكان أوكرانيا انخفض بنحو الربع، حسب الباحث أندري بيلتسكي.
وتختم الصحيفة تقريرها بأن دفن الموتى في أوكرانيا أصبح بؤرة للفساد منذ اندلاع الحرب، وقد أدى ذلك إلى استبعاد دور الجنازات التي ترفض الانخراط في هذه الممارسات، ومن بينها دار "سورو" للجنازات في رودينسكي، التي رفضت دفع الرشاوى ما جعلها تخسر نصف زبائنها، وفقا لمالكها أرتيم بوبوف.