"التقنيات المعاصرة" كتاب جديد لـ فيصل صالح في معرض الكتاب
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
صدر عن دار النور للنشر كتاب "التقنيات المعاصرة" للكاتب فيصل صالح، والمنتظر مشاركته في معرض القاهرة الدولي للكتاب المقبل.
وقال الكاتب، في تقديمه الكتاب "من أبرز التّقنيات التي دخلت إلى جميع البيوت، وفي الشّوارع، ومجالات الأعمال المختلفة ثورة المعلومات التي حدثت عندما اختُرِعَت الشّبكة العنكبوتيّة، فأصبح العالم جميعه يرتبط معاً من خلال خطّ انترنت سلكيٍّ أو لاسلكيّ؛ بحيث يُمكن لأيّ شخصٍ أن يصل إلى أيّ مكانٍ في العالم مَربوطٌ على الشّبكة المعلوماتيّة، وكلُّ ما يحتاج إليه توفُّر خدمة الإنترنت، ووجود جهازٍ يدعم هذه الخدمة"
. اليوم
وتابع فيصل صالح: "وقد تطوّرت الأجهزة وتعدّدت الميّزات الموجودة فيها؛ لتخدم مُتطلّبات العصر، واحتياجات الإنسان المُتزايدة، ويمكن استخدام هذه الشبكة للتعلّم والاطّلاع على ثقافات الشّعوب الأُخرى التي تقطُن في الجانب الآخر من العالم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: معرض القاهرة الدولي للكتاب معرض الكتاب
إقرأ أيضاً:
المقاصد بين النبوة والخلافة.. قراءة في العقل الاستراتيجي المؤسس.. كتاب جديد
الكتاب : الاستراتيجية المقاصدية الشاملة في العهدين النبوي والراشدي"الكاتب : الدكتور مصطفى العرفاوي
الناشر : دار المنارة للنشر والتوزيع والطباعة.سنة النشر2024
عدد الصفحات :455 صفحة
ليست المقاصد ترفًا فقهيًا ولا اجتهادًا فكريًا مستحدثًا، بل هي في الأصل تجلٍّ لعقل الوحي حين يتحوّل إلى نظام حياة، وتعبير عن روح الشريعة حين تتنزّل في سياق العمران البشري وتدبير الاجتماع. من هذا المنطلق، يقدّم الدكتور مصطفى العرفاوي في كتابه "الاستراتيجية المقاصدية الشاملة في العهدين النبوي والراشدي" رؤية تجديدية تحفر في أعماق التجربة الإسلامية التأسيسية لاستخراج عقلها التدبيري، لا من باب الاستذكار التاريخي، بل من زاوية استئناف الوظيفة الحضارية للمقاصد.
أولًا ـ من المقاصد إلى الاستراتيجية
لا يكتفي العرفاوي بإعادة ترتيب المفاهيم المقاصدية، بل يدعو إلى نقلة نوعية في التفكير الإسلامي، تتحول فيها المقاصد من كونها غايات مرصوفة في كتب الأصول إلى عقل استراتيجي يؤسس لفعل حضاري شامل. ويعني بالعقل الاستراتيجي هنا القدرة على ربط الوسائل بالمآلات، وعلى تحويل القيم الكبرى إلى سياسات عملية، وعلى فهم السنن التاريخية والاجتماعية ضمن منظومة توجيهية تلتزم بالوحي وتُراعي الواقع.
الملاحظ أن النبي ﷺ لم يكن يتحرك بردود الأفعال، بل بخطة هادئة تُقدّر المآلات وتُوازن بين المبادئ والضرورات. وهذا ما يؤكد أن "حفظ الدين" لم يكن شعارًا تعبويًا، بل هدفًا حضاريًا يُبنى بتدرج، عبر بناء الإنسان، وتأمين الجماعة، وتنظيم السلطة، وتوسيع دائرة الرسالة.يرى المؤلف أن هذه النقلة ليست بدعة معاصرة، بل هي جوهر التجربة النبوية والراشدية نفسها، التي لم تكتفِ ببيان الأحكام، بل أنشأت كيانًا سياسيًا، وأدارت علاقات دولية، وخاضت حروبًا وسلمًا، وأسست مجتمعًا جديدًا على قواعد التوحيد والعدل والعمران.
إن أبرز ما يطرحه العرفاوي هنا ليس فقط تجاوز المقاصد من حيز التنظير إلى حيز التدبير، بل كذلك إعادة الاعتبار لمنهج المقاصد كفكر كلي شامل، لا كآلية جزئية في استخراج الأحكام أو ترتيب الأولويات. إنه يستبطن رؤية تعتبر المقاصد بوصلة فكرية واستراتيجية يمكن أن تهدي الحركات الإصلاحية، والمشاريع السياسية، ومؤسسات الدولة، في حاضر الأمة ومستقبلها.
ثانيًا ـ المقاصد كعقل تدبير في العهد النبوي
في تحليله للتجربة النبوية، يتجاوز العرفاوي القراءة السردية التقليدية، ليُبرز كيف تشكّلت ملامح الاستراتيجية المقاصدية من خلال خطوات واعية، نابعة من رؤية بعيدة المدى، تُراكم الإنجازات وتُمهّد للتحوّل الحضاري. فقد كانت الهجرة مثلًا ليست فرارًا من الاضطهاد، بل نقلة استراتيجية لتأسيس مجتمع جديد. وكانت المعاهدات، مثل وثيقة المدينة وصلح الحديبية، أدوات لترسيخ قواعد التعايش والتمكين.
والملاحظ أن النبي ﷺ لم يكن يتحرك بردود الأفعال، بل بخطة هادئة تُقدّر المآلات وتُوازن بين المبادئ والضرورات. وهذا ما يؤكد أن "حفظ الدين" لم يكن شعارًا تعبويًا، بل هدفًا حضاريًا يُبنى بتدرج، عبر بناء الإنسان، وتأمين الجماعة، وتنظيم السلطة، وتوسيع دائرة الرسالة.
يُبرز العرفاوي أن التدبير النبوي اتسم بالمرونة دون أن يتنازل عن المبادئ، وبالصرامة دون أن يتحول إلى قهر، وبالانفتاح على الغير دون الذوبان فيه. وهذه المعادلة الدقيقة، التي جمعت بين الرسالية والبراجماتية، كانت تتنزل وفق عقل مقاصدي يزن الواقع بميزان المآل، لا الانفعال.
ولعل أحد أبرز وجوه هذا العقل المقاصدي هو ما يسميه العرفاوي بـ"حماية مسار الرسالة"، لا فقط من حيث العقيدة، بل من حيث القدرة على الانتشار والتجذر والتفاعل. فالنبي ﷺ أسس دولة لا لتكريس السلطة بل لحماية الإنسان، وأقام مجتمعًا لا على العصبية، بل على القيم.
ثالثًا ـ الدولة الراشدية واستئناف العقل المقاصدي
يرى العرفاوي أن الخلافة الراشدة كانت استئنافًا طبيعيًا للمشروع النبوي، وليست انحرافًا عنه كما يدعي بعض الخطاب الحداثي أو الطائفي. فقد حافظت هذه المرحلة على جوهر الشورى، ومركزية المقصد، ووحدة الجماعة، رغم التحولات الكبرى والتحديات السياسية. ومع ذلك، لا يمكن إغفال ما اعترى هذه المرحلة من خلافات عميقة، بلغت ذروتها مع الفتنة الكبرى واغتيال الخليفة عثمان، ما يُظهر أن العقل المقاصدي، رغم صلابته المبدئية، اصطدم بمعوّقات الواقع السياسي والاجتماعي، وهو ما يدعو إلى قراءة أكثر تركيبًا للمرحلة، تتجاوز الثنائيات المطلقة بين التمجيد والتقويض.، وليست انحرافًا عنه كما يدعي بعض الخطاب الحداثي أو الطائفي. فقد حافظت هذه المرحلة على جوهر الشورى، ومركزية المقصد، ووحدة الجماعة، رغم التحولات الكبرى والتحديات السياسية.
ويُبرز الكتاب كيف تعامل الخلفاء الراشدون مع المستجدات بمرونة، دون تفريط في الأصول. فقد قبل عمر بن الخطاب بتعليق حد السرقة في عام المجاعة، ووسع دار الإسلام بنظام الدواوين، وشرّع مؤسسة بيت المال، وكلها خطوات نابعة من منطق المقاصد لا من تعطيل الأحكام.
ومن أبرز مظاهر الفعل المقاصدي في العهد الراشدي تجلي روح العدل في السياسات العامة، لا كشعار بل كممارسة. إذ لم يكن العدل مجرد قيمة خطابية، بل كان محددًا للتشريع، وللقرار، وللسلوك السياسي. فسياسات عمر مثلاً في توزيع الثروة، وتنظيم السلطة، وحماية الحقوق، كلها كانت تعبيرًا عن عقل استراتيجي يستبطن مقصد العدل بوصفه حجر الزاوية في بناء الدولة.
كما تميزت هذه المرحلة بإحياء فقه الأولويات ضمن منطق مقاصدي واقعي، حيث تم تقديم المصلحة العامة على الجزئيات، وتأجيل بعض الأحكام لحماية وحدة الجماعة. وهذا المنهج هو ما تفتقر إليه كثير من الأنظمة المعاصرة التي تدّعي المرجعية الإسلامية دون تفعيل حقيقي لمنطق المقاصد.
رابعًا ـ المقاصد بين النص والتاريخ
من الملامح المميزة لهذا الكتاب أنه لا يحصر المقاصد في النصوص، بل يدعو إلى قراءتها في سياقها الزمني. فالتجربة النبوية والراشدية تُفهم ـ بحسب العرفاوي ـ كمصدر ثانوي للمقاصد، لا يقل شأنًا عن النصوص. وهذا ما يعيد الاعتبار إلى الفعل السياسي للنبي ﷺ والخلفاء، ويخرجه من التقديس الجامد إلى الاقتداء الواعي.
في السياق العربي الراهن، حيث تتراجع الإرادة الشعبية، وتُشرعن السلطات الفردية باسم الخصوصيات، وتُفكّك الروابط الجامعة باسم الهويات الفئوية، تبدو دعوة العرفاوي لإحياء العقل المقاصدي الاستراتيجي دعوة ملحّة. فليس المطلوب فقط العودة إلى القيم، بل تحويلها إلى بوصلة للفعل الحضاري، تستلهم روح النبوة ولا تتجمد في حدود الفقه.فحين ندرس مقاصد الشورى، أو العدل، أو الوحدة، لا نعود فقط إلى الآيات، بل أيضًا إلى ممارسات الدولة الأولى، وكيف تمّت ترجمة تلك القيم إلى مؤسسات وإجراءات. وهذا ما يجعل المقاصد علمًا حيويًا متجددًا، لا منظومة مغلقة متحفية.
ويُعد هذا التوجه تأويلاً منهجيًا يعيد الاعتبار للتاريخ العملي للإسلام، بوصفه مخزونًا معرفيًا لا يقل أهمية عن النصوص المؤسِسة، كما يفتح الباب لتطوير فقه سياسي مقاصدي مستقبلي، لا يعتمد فقط على القياس والفقه الفردي، بل على إعادة بناء النظر في مقاصد الاجتماع الإنساني ذاته.
خامسًا ـ راهنية المشروع ومآلات التغريب
لا يخفي العرفاوي نقده للواقع الراهن، حيث تم اختزال المقاصد في محاضرات وعناوين أخلاقية، بينما تمّ تهميشها في دوائر القرار والتخطيط. ويُشير إلى أن غياب العقل المقاصدي هو أحد أسباب تراجع الأمة، وعجزها عن صياغة مشروع ذاتي في مواجهة الضغوط الداخلية والتدخلات الخارجية.
وفي السياق العربي الراهن، حيث تتراجع الإرادة الشعبية، وتُشرعن السلطات الفردية باسم الخصوصيات، وتُفكّك الروابط الجامعة باسم الهويات الفئوية، تبدو دعوة العرفاوي لإحياء العقل المقاصدي الاستراتيجي دعوة ملحّة. فليس المطلوب فقط العودة إلى القيم، بل تحويلها إلى بوصلة للفعل الحضاري، تستلهم روح النبوة ولا تتجمد في حدود الفقه.
كما ينتقد العرفاوي الأنساق الغربية التي تسربت إلى الوعي الإسلامي باسم الحداثة، والتي قامت على الفصل الجذري بين الدين والسياسة، مما جعل المشاريع الإسلامية تعيش انفصامًا بين المرجعية والسلوك. غير أن النقد هنا، وإن كان مشروعًا، يستدعي تمييزًا ضروريًا بين أدوات الحداثة ومضامينها؛ إذ يمكن لبعض آليات الحداثة، كالمنهج النقدي أو الحوكمة الرشيدة أو التنظيم المؤسسي، أن تكون عونًا لا خصمًا، إذا أُعيد إدماجها ضمن منظور مقاصدي واعٍ وغير تابع. باسم الحداثة، والتي قامت على الفصل الجذري بين الدين والسياسة، مما جعل المشاريع الإسلامية تعيش انفصامًا بين المرجعية والسلوك. ويؤكد أن المقاصد هي الجسر الممكن بين الأصالة والتجديد، بين النص والواقع، بين القيم والسياسات.
سادسًا ـ تجديد الفقه السياسي وإمكانات الاستئناف
يشدد الكتاب على ضرورة إعادة بناء الفقه السياسي الإسلامي على أساس مقاصدي، يُراعي متغيرات العصر ويستعيد المبادرة من داخل المرجعية الإسلامية. غير أن السؤال المقلق يظل قائمًا: هل تسمح الأنظمة السياسية القائمة، غالبًا ذات الطابع السلطوي أو الريعي، بمثل هذا البناء المقاصدي؟ وهل يتوفر المناخ السياسي والمعرفي لإعادة تفعيل الفكر المقاصدي على أرض الواقع؟، يأخذ بعين الاعتبار تعقد الواقع وتغير موازين القوى. فلم تعد الأحكام السلطانية التقليدية صالحة لتأطير الدولة الحديثة، بل نحن بحاجة إلى فقه سياسي يعيد وصل ما انقطع بين الدين والواقع، ويستوعب أدوات العصر، ويوازن بين الثوابت والمستجدات.
العقل الإسلامي، حين يُحرر من التجزيء والارتجال، وحين يستعيد المقاصد كمنهج تدبير شامل، يصبح قادرًا على إنتاج مشروع نهضوي، يقاوم التبعية، ويعيد الاعتبار للإنسان، ويعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع ضمن رؤية حضارية متجذّرة في الوحي، ومنفتحة على العصر.وفي هذا السياق، تبرز أهمية التأصيل المقاصدي لقضايا مثل: الشورى التشاركية، والعدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، والعلاقات الدولية، ودور المجتمع المدني. فهذه كلها ليست مستوردة من الغرب، بل يمكن تأصيلها من داخل المنظومة المقاصدية ذاتها، بما يجعلها جزءًا من مشروع حضاري مستقل، لا تابع.
كما يفتح هذا المنظور المجال أمام الحركات الإسلامية لتجاوز الحرج المزدوج بين التديّن الماضوي والانخراط التبعي، ويمنحها إطارًا مرنًا لتطوير برامجها السياسية بما يخدم الصالح العام ويعبّر عن المرجعية دون جمود.
خاتمة ـ من الذاكرة إلى المستقبل
إن أهم ما يميز كتاب "الاستراتيجية المقاصدية الشاملة" أنه لا يقف عند حدود الدفاع عن الماضي، بل يسعى إلى تحويله إلى مادة نظرية لإعادة بناء المستقبل. فالعقل الإسلامي، حين يُحرر من التجزيء والارتجال، وحين يستعيد المقاصد كمنهج تدبير شامل، يصبح قادرًا على إنتاج مشروع نهضوي، يقاوم التبعية، ويعيد الاعتبار للإنسان، ويعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع ضمن رؤية حضارية متجذّرة في الوحي، ومنفتحة على العصر.
ولعل في هذا الكتاب ما يلهم جيلًا جديدًا من المفكرين والمصلحين، كي يواصلوا هذا الطريق، ويحوّلوا المقاصد من معرفة مؤجلة إلى طاقة فاعلة في الواقع السياسي والثقافي العربي والإسلامي. فالمقاصد، كما يراها العرفاوي، ليست أداة فقهية، بل مشروع حضاري متكامل، لا يتحقق إلا بوعي استراتيجي، وعقل نقدي، وقيادة مستنيرة. غير أن التحدي الأكبر يظل في ترجمة هذا المشروع من أطروحة معرفية إلى سياسات تنفيذية، خاصة في ظل المعوقات البنيوية التي تعاني منها دول العالم الإسلامي من حيث الحكم الرشيد، والمؤسسات، والتعليم، وغياب الإرادة السياسية للتحول الحضاري، لا يتحقق إلا بوعي استراتيجي، وعقل نقدي، وقيادة مستنيرة.
من هنا، فإن هذا الكتاب يُعد لبنة معرفية في مسار استعادة المقاصد إلى مركز الفعل الإسلامي، ومرآة لحوار ممكن بين الماضي والحاضر، بين النص والتاريخ، بين الطموح الواقعي والحلم الرسالي.