خيارات صعبة أمام المعلمين والطلاب اليمنيين بسبب الإضراب
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
(عدن الغد)الشرق الأوسط:
فوجئ معلم الكيمياء وجدي الأثوري بأحد طلابه يعمل معه في نفس المكان لدى مقاول في أعمال البناء في العاصمة اليمنية صنعاء، وشعر كل منهما بالخجل من الآخر في البداية، قبل أن يصبحا صديقين يتعاملان مع الأمر باعتيادية، إلا أنه، ومن دون تعمد، وجد الأثوري نفسه يتعامل مع طالبه أحياناً كما لو كانا داخل الفصل الدراسي، وهو ما أثار لدى طالبه غضباً ظل يكتمه لوقت طويل، حتى جاءت لحظة لم يتمالك فيها نفسه، فعلق على أحد الأوامر قائلاً: «يا أستاذي.
.. نحن هنا لأنهم قطعوا راتبك وراتب أبي، وجوعوا عائلتك وعائلتي، عليك أن تنسى أنك المعلم وأنا الطالب».
شعر بالخجل من طالبه رغم أن تعليقه أضحكهما معاً وأضحك حتى المقاول الذي يعملان معه، والذي تعاطف معهما بسبب ذلك الموقف، وأكد تعاطفه بزيادة أجرتهما، ومنذ ذلك اليوم عاد المعلم للتعامل مع الطالب كزميل، في حين عاد الأخير إلى التعامل معه باحترام فائق.
ويعتزم المعلمون اليمنيون الاستمرار في إضرابهم الشامل إلى حين صرف رواتب كافة العاملين في القطاع التعليمي، وذكرت اللجنة التحضيرية لنادي المعلمين أن التضامن الشعبي الواسع مع المعلمين أجبر الحوثيين على الإفراج عن عدد من قيادات النادي بعد شهرين من اختطافهم بسبب دعوتهم إلى الإضراب للمطالبة بصرف الرواتب.
وكشفت إحصائية صادرة عن نادي المعلمين اليمنيين في صنعاء، عن إصابة 14 تربوياً يعملون في الديوان العام للوزارة بذبحات صدرية، وجلطات دماغية أدت إلى وفاة خمسة منهم، في حين يعاني تسعة آخرون آلام المرض، ومرارة العجز عن العلاج جراء قطع مرتباتهم، من دون أن يتلقوا أي مساعدات من قيادات جماعة الحوثي التي تسيطر على القطاع التربوي والتعليمي.
تعليم منزلي أو مساعدة العائلةلم يعد مشير سلام، من سكان العاصمة اليمنية صنعاء، يقضي الكثير من الوقت مع أصدقائه في المساء، فمنذ ما يقارب الشهرين التزم بتقديم الدروس لأطفاله الثلاثة بعد عودته من العمل عصر كل يوم، وتحاول زوجته مساعدته في نفس المهمة صباحاً، وذلك بعد استمرار إضراب المعلمين للمطالبة برواتبهم المنقطعة منذ سبعة أعوام.
تعدّ المهمة شاقة بالنسبة لسلام وزوجته؛ إذ كانا في الأعوام الماضية يقومان بمراجعة ومذاكرة الدروس للطفلين الكبيرين، في حين لم يكن الصغير قد التحق بالمدرسة حينها، وكانت مهمة المراجعة والمذاكرة استكمالاً لما تلقاه الطفلان في المدرسة، أما الآن فهما يؤديان مهام المعلمين، في محاولة لمنعهما من نسيان المدرسة وأجواء الدراسة، لكن المهمة تبدو معقدة جداً مع الطفل الثالث الذي التحق بالمدرسة للتو؛ إذ لا يملكان مهارات المعلمين ولا أجواء المدارس، وهو ما دفعهما للتفكير في الاستعانة بمدرسة خصوصية له، لولا ضيق الحال وصعوبة الأوضاع المعيشية.
ولجأ الكثير من المعلمين إلى تقديم دروس خصوصية لأطفال الأثرياء أو البحث عن عمل في المدارس الخاصة، في حين نشأت مبادرات في بعض المناطق لجمع الأموال من الأهالي وأولياء الأمور خصوصاً لمساعدة المعلمين في تحسين أوضاعهم المعيشية مقابل الاستمرار في التعليم.
غير أن وضع عائلة مشير سلام أفضل بكثير من عائلة سامي عبد الله الذي فضل الاستعانة بطفليه في عمله في البناء؛ إذ استغل توقف الدراسة لاصطحابهما إلى البناية التي اتفق مع صاحبها على إكمال أعمال التشطيبات فيها مقابل مبلغ مقطوع، وفضل بالتالي أن يتولى طفلاه مساعدته عوض الاستعانة بعمال آخرين.
ورغم تذمر طفليه؛ فإنه كان حازماً معهما، ونبههما إلى أن الأفضل لهما وللعائلة أن يعملا معه ما داما لا يذهبان إلى المدرسة، ووعدهما بتلبية طلباتهما وتوفير ما يحتاجان إليه خلال الفترة المقبلة.
ويرى سامي عبد الله أن استعانته بطفليه في العمل وإن كان شاقاً، أفضل بكثير من وقت الفراغ الذي يقضيانه في اللعب في الشارع؛ إذ يسعى إلى إكسابهما خبرة حول صعوبة وقسوة الأوضاع التي يعيشون فيها، مبدياً تخوفه من استقطاب العصابات الإجرامية لهما، وملمّحاً إلى قلقه من تجنيدهما للقتال.
تعليم ملغوميذهب نادر غانم، وهو اسم مستعار لصاحب محل تجاري، ويدرس أطفاله في مدرسة خاصة، إلى أن هذا الإضراب فرصة لأولئك الآباء الذين يدرس أولادهم في مدارس عمومية لتعريفهم بجزء من تاريخ بلادهم، وأن تعطيلهم عن الدراسة كان بسبب جماعة صادرت رواتب معلميهم وأهانت كرامتهم.
ويتمنى غانم لو أنه ألحق أطفاله بمدرسة عمومية ليتلقوا من خلال هذا الإضراب درساً لن يتم تقديمه لهم في المدارس الخاصة، بما وصلت إليه أوضاع البلاد في ظل سيطرة وسطوة جماعة الحوثي، مشيراً إلى المقررات الدراسية في المناهج التي يدرسها أطفاله، والتي تمتلئ بالمضامين الطائفية والتاريخية المشوهة والمزورة.
وتصف التربوية المتقاعدة أمرية الشرجبي الوضع القائم بالمهين؛ إذ كان المعلمون في السابق يضربون من أجل تحسين أجورهم أو مستحقاتهم المرتبطة بالأجور، أو تحسين أوضاعهم الوظيفية ومساواتهم بغيرهم من موظفي الدولة الذين يتحصلون على الترقيات والعلاوات والمكافآت، لكنهم أخيراً أضربوا للمطالبة برواتبهم المنقطعة منذ سبعة أعوام.
أما بالنسبة للآباء وأولياء الأمور، فهم، وفقاً للشرجبي، في وضع مربك؛ فمن ناحية كانوا يعلمون أن أطفالهم لا يتلقون تعليماً حقيقياً في ظل تردي المنظومة التعليمية وانهيار مؤسسات التعليم وسيطرة جماعة متطرفة عليها وتجييرها لصالح مشروعها، لكنهم في ذات الوقت لا يملكون بديلاً عن إلحاقهم بالمدارس من أجل الترقي في السلم الدراسي.
وتضيف: «لا يجد الآباء مفراً من تدريس أبنائهم لأجل أن يتدرجوا في العملية التعليمية حتى وإن كانت مشوهة وغير مجدية، فلا أحد يستطيع المغامرة بالتخلي عن المستقبل لأن الحاضر بائس، لكنهم في ذات الوقت يعلمون أن أطفالهم يعودون من المدارس بعقول تم تزييف وعيها وتحريضها حتى ضد أهاليهم».
ويخوض عشرات الآلاف من المعلمين مواجهة مع الانقلابيين الحوثيين منذ بدء العام الدراسي الجديد، من أجل الحصول على مرتباتهم مقابل العودة إلى العمل.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: فی حین
إقرأ أيضاً:
لأول مرة في العالم: جراحون أمريكيون ينجحون في زرع مثانة بشرية
جاء هذا الإنجاز بعد أكثر من أربع سنوات من التحضير، ويفتح الباب أمام تجارب سريرية مستقبلية لتقييم فوائد ومخاطر هذا النوع من العمليات. اعلان
في إنجاز طبي غير مسبوق، نجح جراحون أمريكيون في إجراء أول عملية زرع مثانة بشرية في العالم، في تطور قد يُحدث تحولًا جذريًا في علاج المرضى الذين يعانون من اضطرابات خطيرة في وظائف المثانة.
العملية أُجريت في مستشفى "رونالد ريغان" بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA) مطلع شهر أيار/ مايو، واستغرقت نحو ثماني ساعات، حيث خضع لها أوسكار لارينزار، وهو أب يبلغ من العمر 41 عامًا كان يخضع لغسيل الكلى منذ سبع سنوات، بعد أن أُزيل جزء كبير من مثانته بسبب السرطان، تلاه استئصال للكليتين.
الجراحون قاموا بزراعة كُلية ومثانة في آن واحد، من نفس المتبرّع، وربطوا الكُلية مباشرة بالمثانة الجديدة باستخدام تقنية تم تطويرها خصيصًا لهذه الجراحة.
وقالت الطبيبة نِما نصيري، وهي عضو في فريق الجراحين الذي أجرى العملية، إن النتائج كانت "مشجعة وفورية"، حيث بدأت الكلية فورًا بإنتاج كميات كبيرة من البول، وتحسّنت وظائف الكلى لدى المريض مباشرة.
واعتبر الجراح الرئيسي، الدكتور إندربير غيل، أن هذا النجاح يُمثّل "لحظة تاريخية في عالم الطب"، مشيرًا إلى أن عمليات زرع المثانة كانت حتى الآن تُعتبر معقّدة جدًا بسبب صعوبة الوصول إلى هذه المنطقة وتعقيدات ترويتها الدموية.
حتى اليوم، لم يكن أمام المرضى سوى خيار إنشاء مثانة صناعية باستخدام أجزاء من الأمعاء أو تركيب كيس خارجي لجمع البول (ستومية)، وهي حلول فعالة لكنها محفوفة بمخاطر صحية على المدى القصير والطويل.
وجاء هذا الإنجاز بعد أكثر من أربع سنوات من التحضير، ويفتح الباب أمام تجارب سريرية مستقبلية لتقييم فوائد ومخاطر هذا النوع من العمليات.
عوائق أمام زراعة بعض الأعضاء الحيويةرغم التقدم الكبير في مجال زراعة الأعضاء – مثل الكُلى والكبد والقلب والرئتين – لا تزال بعض الأعضاء مثل الدماغ وأجزاء من الجهاز التناسلي (المبيض والخصيتين) تُشكّل تحديًا طبيًا وأخلاقيًا، إذ لم تُسجّل أي محاولات ناجحة لزراعتها حتى اليوم.
كما أن بعض الزراعات المعقدة، مثل زرع الوجه أو العين الكاملة، تواجه صعوبات جراحية بالغة نظرًا لتعقيدات إعادة ربط الأعصاب والأوعية الدقيقة، إضافة لعوائق مرتبطة بالقيود المهنية والأخلاقية.
على سبيل المثال، لا يمكن توصيل العصب البصري بين المتبرّع والمُتلقّي، ما يجعل زراعة العين الكاملة غير ممكنة حاليًا، حسب خبراء من "وكالة البيوميديسين" الفرنسية.
Relatedإيقاف مدير مشرحة كلية الطب بجامعة هارفارد بتهمة الإتجار بأعضاء بشريةمتى ستتوقف العدوى في مجال جراحة زراعة الأعضاء الاصطناعية؟من جهة أخرى، لا يُكتب النجاح دائمًا لجميع عمليات الزرع بسبب احتمال رفض الجسم للعضو الجديد. ويجب على الأطباء مراعاة قدرة المريض على تحمّل العلاجات المثبطة للمناعة، التي تختلف فعاليتها بحسب نوع العضو المزروع.
لكن الأبحاث تتقدّم في هذا المجال. ففي مدينة ليموج الفرنسية، طوّر باحثون خوارزمية ذكاء اصطناعي لتحليل خزعات الكلى بشكل أكثر دقة من البشر، ما يساعد على التنبؤ برفض العضو المزروع بدقة أكبر، ويُعطي الأمل لأكثر من 22 ألف مريض ينتظرون زراعة أعضاء في فرنسا وحدها.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة