وزير الصحة السوداني للحرة: الحرب ساعدت في تفشي الضنك والملاريا والكوليرا
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
أكد وزير الصحة السوداني، هيثم إبراهيم، في مقابلة مع قناة "الحرة" أن "الحرب وتوقف عمليات مكافحة الأمراض ساعدت في تفشي بعضها بصورة وبائية"، وذلك بعد أن أعلنت السلطات السودانية تسجيل إصابات بالكوليرا والضنك والملاريا في البلاد.
وبشأن الإجراءات التي تتخذها الوزارة للتصدي لانتشار هذه الأمراض، قال إبراهيم: "عادة نحن نتوقع عددا من الأوبئة في فصل الخريف مثل باقي الدول الأفريقية المتواجدة في هذا الحزام الوبائي، وعلى رأسها الحميات، مثل الملاريا والضنك والكوليرا".
وتابع أن الوزارة توقعت هذا العام ظهور عدد من هذه الأوبئة لعدة أسباب، أبرزها تواجد تقارير تؤكد زيادة أعداد البعوض الناقل في عدد من ولايات السودان، بالإضافة إلى أن الحرب أثرت على عمليات الوزارة الروتينية المتعلقة بمكافحة البعوض وصحة البيئة وغيرها.
وأوضح وزير الصحة أن الملاريا ظهرت في عدد كبير من الولايات الدوانية وتحديدا في حوالي 18 ولاية، وهي تعتبر من الأمراض المتوطنة في السودان، نافيا انتشارها في ولايات معينة وتحديدا في الشرق والغرب.
وزير الصحة السوداني هيثم إبراهيم للحرة: الحرب وتوقف عمليات مكافحة الأمراض ساعدت في تفشي بعضها بصورة وبائية#الحرة #الحقيقة_أولا #شاهد_الحرة #السودان_اقتتال_العسكر pic.twitter.com/nC2xUZjxBP
— قناة الحرة (@alhurranews) September 26, 2023وبشأن حمى الضنك، أكد الوزير انتشارها هذا العام في ثماني ولايات مقابل عشر في العام السابق، منها في شرق السودان، مثل ولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف، ومنها في الوسط مثل ولايتي الجزيرة وسنار، وفي الغرب مثل شمال وغرب كردفان وشمال دارفور.
وأضح أن الانتشار مربوط بكثافة عدد البعوض الناقل والتي كانت موجودة قبل الحرب، لكنه أشار إلى أن الحرب ساعدت في "تفشي هذه الأمراض بصورة وبائية في بعض الولايات، خاصة القضارف".
وفيما يتعلق بنقص الإمدادات والدعم في ظل الحرب والتي أثرت على استعدادات الوزارة، أوضح إبراهيم أن الخريطة الوبائية كانت معروفة لدى وزارة الصحة منذ بداية العام، وكانت هناك توقعات بحمى الضنك والملاريا والإسهالات المائية أو الكوليرا في بعض الولايات، وبالتالي تتواجد ترتيبات عبر وزارة الصحة السودانية مع الدول المانحة وكذلك مع منظمة الصحة العالمية واليونيسف".
وأكد وزير الصحة أنه منذ أكثر من شهرين تم منح السودان علاجات الكوليرا والمحاليل الوريدية وأكياس الدم، وتم توزيعها على الولايات.
وأشار إلى أنه مع تزايد الحالات، هناك حاجة حاليا للمزيد من الإمدادات، خاصة أنه مع تم تسجيل 700 حالة إصابة بحمى الضنك في القضارف، توفي منها ثمانية أشخاص، تحتاج الوازرة لتكثيف حملات الرشح ومكافحة الأطوار المالية داخل المنازل، وهو ما يحتاج إلى دعم كبير.
وأكد الوزير أن "حملات الفحص السريع من منظمة الصحة العالمية للكشف المبكر والسريع عن حمى الضنك، لأنها تشبه الملاريا إلى حد كبير، وصلت إلى القضارف وعدد من الولايات، وبدأت بالفعل عملها، وتظهر نتيجة الفحص في نفس اليوم مباشرة".
وعما إذا كان الدعم الدولي الحالي كافيا لمواجهة الأزمة في السودان، قال الوزير إنه يتواجد دعم دولي وإقليمي بإمدادات صحية وأدوية لكن ذلك ليس كافيا.
وأوضح أنه وفقا للتقديرات، يحتاج السودان حتى نهاية العام الجاري حوالي 60 مليون دولار، والتزم السودان بتوفير ما بين 30 و40 في المئة من هذه الاحتياجات على أمل أن يوفر المجتمع الدولي الباقي.
ونصح الوزير الشعب السوداني قائلا إن "الوقاية هي الأساس، خاصة أن هذه الأوبئة ليست لها علاجات محددة"، مشددا على الحاجة لدعم حملات مكافحة البعوض وتوفير المياه العذبة النظيفة وغير الملوثة، وهذا الأمر يحتاج لشركاء مع وزارة الصحة، ولذلك أطلقت الوازرة حملة قومية بمشاركة هيئات المياه والمجتمع المدني والمنظمات الوطنية.
ويشهد السودان انتشارا ملحوظا للأمراض، خاصة الملاريا وحمى الضنك، بعد أكثر من خمسة أشهر من الحرب بين الجيش بقيادة، عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة، محمد حمدان دقلو.
وأعلنت نقابة الأطباء في السودان، الإثنين، أن حمى الضنك والإسهال الحاد يشهدان ارتفاعا مقلقا في السودان حيث أدت الحرب الى إغلاق 100 مستشفى، داعية إلى وقف "الانتشار الكارثي" الذي تسبب "بمئات الوفيات".
كما أعلنت وزارة الصحة في ولاية شمال دارفور السودانية ازدياد كبير في حالات الإصابة بالملاريا في مدينة الفاشر، خاصة في مراكز إيواء النازحين.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الصحة السودانی وزارة الصحة فی السودان وزیر الصحة ساعدت فی
إقرأ أيضاً:
بناء القدرات الوطنية لمكافحة الوبائيات .. تحويل التحديات إلى فرص للتطوير
يؤكد مختصون في علم الوبائيات والترصد أهمية وجود كوادر وطنية متخصصة في الصفوف الأمامية لحماية الصحة العامة، خاصة في ظل تزايد الأوبئة وتعقد التحديات الصحية عبر الحدود، وقد أظهرت تجربة وباء كوفيد19 هشاشة بعض الأنظمة الصحية، مما يبرز الحاجة الماسة لمختصين قادرين على الاستجابة السريعة والتحليل الدقيق والعمل الميداني الفعّال..
وتسعى وزارة الصحة لتعزيز قدرات الكوادر في الترصد الوبائي والاستجابة لحالات الطوارئ الصحية، حيث جاء برنامج التمكين في الصحة العامة ضمن الوبائيات التطبيقية الأساسية، ليعكس التزام سلطنة عُمان في بناء نظام صحي مرن ومتين قادر على التصدي للتحديات المستقبلية.
وقد عملت وزارة الصحة مع الجهات المعنية على إطلاق مبادرات وطنية فعّالة، منها تأسيس برنامج الوبائيات الحقلي كمبادرة استراتيجية لتأهيل الكوادر الصحية الميدانية وتعزيز قدرات الترصد والاستجابة الفورية، وظهرت نتائجه في تخريج دفعات من الخريجين ضمن برنامج التمكين في الصحة العامة. يتميز البرنامج بشراكة فاعلة مع مركز السيطرة على الأمراض، والشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية (امفنت) وتم تصميمه ليكون منصة مستدامة لبناء المهارات وتطوير القدرات مع ربط المخرجات بالتطبيق العملي.
ورغم النجاحات، فقد واجه الفريق تحديات كبيرة أبرزها نقص الكفاءات الميدانية في بعض المحافظات، مما تطلب جهودا إضافية في التدريب والاستقطاب، كما ظهرت صعوبات لوجستية وتنظيمية خلال الأنشطة الميدانية خاصة في المناطق النائية، إضافة إلى ضرورة مواءمة المحتوى التدريبي مع مختلف الخلفيات المهنية للمشاركين. وتتطلب التحديات تنسيقا بين القطاعات المختلفة لضمان الانسجام وتحقيق مفهوم "الصحة الواحدة"، لكن بفضل الإصرار والعمل بروح الفريق والدعم المؤسسي والشراكات الدولية، تحولت هذه التحديات إلى فرص تطوير حقيقية ساهمت حتى الآن في تخرج أربع دفعات، كل منها ساهمت في إضافة نوعية الفوج الأول أسس الانطلاقة، من خلال تدريب كوادر وزارة الصحة، ثم الفوج الثاني الذي توسع ليشمل شركاء "الصحة الواحدة"، والفوج الثالث ركز على التحليل الوبائي الميداني ودراسة الحالات المجتمعية، أما الفوج الرابع، فرسخ مفهوم تكامل الصحة البشرية والحيوانية والبيئية..
في استطلاع أجرته "عمان" عبر عدد من المدربين والمنتسبين للبرنامج، تحدثوا عن تجربتهم والتحديات التي واجهوها، وأدوارهم المستقبلية في دعم الصحة العامة..
قال الدكتور عبدالله بن بشير المنجي -اختصاصي وبائيات بمركز مراقبة الأمراض والوقاية منها بوزارة الصحة -: نجاحات برامج الصحة العامة تعتمد على وجود كوادر مدربة ومؤهلة، وهو ما سعت وزارة الصحة لتحقيقه بالشراكة مع مراكز دولية مثل المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، ممثلا في المكتب الإقليمي والشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية لدراسة تقييم حاجة تأهيل كوادر الصحة العامة والوضع الصحي واحتياجات سلطنة عُمان، عبر تشكيل فريق متخصص مشترك وعقد لقاءات مع المسؤولين في الوزارة وتنظيم زيارات ميدانية لمختلف المحافظات واستبانات للعاملين في الصحة العامة.
وأضاف: انطلاقًا من النتائج التقييمية، جاء تأسيس برنامج الوبائيات الحقلي في سلطنة عُمان عام 2022، ليصبح كمنصة أساسية لتأهيل الكوادر، وهو الثالث عشر على مستوى إقليم شرق المتوسط والثاني على مستوى دول الخليج العربي.
وأشار إلى أن البرنامج استهدف الكوادر من جميع القطاعات، حيث شارك في الدفعات السابقة 79 مشاركا من وزارة الصحة، و13 مشاركا من البلديات، و10 من وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه.
وأكد الدكتور على كفاءة برنامج تمكين في الصحة العامة ضمن إطار تدريبات برنامج الوبائيات الميداني وتميزه بدمج التعليم النظري بالتدريب العملي بنسبة 25% نظريا، فهو هجين بين التعلم الحضوري والذاتي، وجاء 75% عمليا لصقل العمل الميداني، والبرنامج لا يعطل سير العمل، بل يتكامل العمل الميداني مع المهام اليومية للموظف، وتم تمكين منهجه ليتماشى مع المستجدات الصحية والطوارئ وتلبية احتياجات المحافظات التي تعاني من نقص الكوادر المختصة والمؤهلة لتقصي وترصد الوبائيات في الصحة العامة، كما وفر البرنامج تدريبا مباشرا وتطبيقيا على رأس العمل بقيادة موجهين مؤهلين في الميدان.
وأضاف أن الطموحات المستقبلية هو العمل على وضع هيكل تنظيمي يتوافق مع خطط وزارة الصحة لتأهيل الموارد البشرية، وربط البرنامج أكاديميًا مع مؤسسة تعليمية للحصول على اعتماد أكاديمي رسمي يعزز مكانته المستقبلية، وتطوير آليات تمويل مستدامة لضمان استمرارية البرنامج.
الترصد الوبائي
ومن جانبها أفادت الدكتورة سمية بنت مبارك العامرية -أخصائية وبائيات- أن تدريب الكوادر المحلية على استخدام أدوات الرصد الوبائي يعتبر من الركائز الأساسية لنجاح برامج مثل برنامج "التمكين في الصحة العامة"، الذي يندرج تحت برامج تدريب الوبائيات الميدانية. ويتم تنفيذ التدريب وفق خطوات منهجية تضمن تطوير المهارات التقنية والتحليلية للعاملين في الميدان.
يسعى برنامج "التمكين" إلى تعزيز قدرات العاملين الصحيين الميدانيين في مجالات الصحة العامة الأساسية، والترصد الوبائي على مستوى المديريات والمراكز الصحية، مما يسهم في رفع الاستجابة للأوبئة والطوارئ الصحية، وتمكين الكوادر من تحليل البيانات الصحية واستخدامها في اتخاذ القرار.
وأوضحت الدكتورة أن البرامج التدريبية تستهدف موظفي الرعاية الصحية الأولية، وكوادر أقسام الترصد والأوبئة في وزارات الصحة، بالإضافة إلى العاملين في برامج التحصين والصحة البيئية.
وأشارت إلى أن البرنامج يؤهل الكوادر المحلية لاستخدم أدوات متعددة لرصد الأوبئة، مثل نظام التبليغ الإلكتروني الوطني، وتعلم مبادئ علم الوبائيات، بما في ذلك أنواع الترصد (السلبي، النشط، الحساس)، إدخال البيانات في النظام الإلكتروني "ترصّد"، واستخدام الخرائط والأدوات الرسومية لتحليل الاتجاهات الزمنية والجغرافية.
وحول تقييم تأثير البرنامج على الصحة العامة في المجتمعات المستهدفة، أكدت أن هذا التقييم يتم بطريقة منهجية، تجمع بين التحليل الكمي والنوعي. ويهدف إلى معرفة مدى تحسين قدرات الكوادر الوطنية، وانعكاس ذلك على جودة الخدمات الصحية المقدمة، خاصة في مجالات الترصد والاستجابة للأوبئة. ويعتمد التقييم على مؤشرات مثل دقة وسرعة الإبلاغ الوبائي، تحليل البيانات المحلية والاستفادة منها في اتخاذ القرار ومشاركة الكوادر في تحقيقات الفاشيات.
توجهات مستقبلية
وأضافت الدكتورة: أن هناك استفادة ملحوظة بعد تنفيذ دورة PHEP في محافظة ظفار، حيث زادت نسبة التبليغ الأسبوعي عن الأمراض المعدية من 65% إلى 90%، وتم تنفيذ ثلاثة تحقيقات ميدانية ناجحة خلال فاشية التهاب كبدي A.، كما طوّر المتدربون دليلا مبسطًا للرصد المجتمعي وزع على خمسة مراكز صحية. وبعد استكمال تدريبهم يصبح خريجو برنامج "التمكين" مؤهلين لأداء مهارات وأدوار جديدة وحيوية داخل نظام الترصد القائم على الحدث، وهو أحد أعمدة الكشف المبكر عن الأخطار الصحية.
ويكتسب الخريجون مهارات جديدة في التحقق من الإشارات الصحية من خلال التمييز بين البلاغات الحقيقية والشائعات أو الأحداث غير المهمة، التواصل مع المصادر الأولية لجمع معلومات دقيقة، وتوثيق الإشارات وفق معايير الترصد، بالإضافة إلى تحليل المخاطر والاستجابة الأولية والرصد المجتمعي بتدريب المجتمع المحلي على الإبلاغ المبكر مثل الحلاقين، المعلمين، واستخدام تطبيقات محمولة لتسريع جمع البلاغات من غير العاملين الصحيين.
وتشمل التدريبات إدارة البيانات من مصادر غير تقليدية كالتعامل مع المعلومات من وسائل الإعلام، وسائل التواصل الاجتماعي، أو البلاغات المباشرة والعمل على تعزيز دور المراكز الصحية كـ"نقطة رصد أولى" بتدريب زملائهم على كيفية التقاط الأحداث الصحية غير المألوفة والتنسيق مع الجهات العليا حول مؤشرات غير مفسّرة.
وتابعت قائلة: من أبرز التوجهات المستقبلية التي نسعى إلى تحقيقها إشراك كوادر غير صحية، مثل موظفي التعليم أو الشؤون الاجتماعية في جوانب الترصد المجتمعي والتحول الرقمي والتقني في التدريب وإدماج قضايا صحية جديدة لتشمل الأمراض غير السارية، والصحة النفسية العامة، ومواكبة التهديدات المستجدة مثل الأوبئة الجديدة، كوفيد19 كنموذج.
خبرة ميدانية
وأكدت عذاري بنت فيصل الجهورية -مشرفة وطنية لبرنامج التحصين والأمراض المعدية المشمولة بالتحصين- أن التحاقها بالبرنامج منحها خبرة ميدانية حقيقة في التعامل مع الفاشيات نظرا لشمولية البرنامج لجوانب الصحة العامة وعلم الوبائيات التطبيقية وتطبيق المهارات على أرض الواقع في رصد وتقصي الأوبئة، ما مكنها من إعداد وتطوير استراتيجيات وطنية وإقليمية مدروسة لمجابهة الأوبئة المستقبلية والاستفادة من الخبرات والدروس السابقة.
وأشار عبدالله بن خلفان الحراصي إلى أن البرنامج عزز قدرته على تتبع الأمراض وفهم آليات انتقالها من خلال رصد ميداني دقيق لنواقل الأمراض والتعرف على التعامل الصحيح لمكافحتها وإيقاف أسباب انتقالها، موضحا أهمية التفاعل المباشر مع المجتمعات لرفع الوعي، فقد تم العمل على رصد ميداني لحالات مثل: حمى الضنك والسعال الديكي والتهاب الكبد، والتواصل الفعّال مع أفراد المجتمع.
ووصف ياسر بن علي الحوقاني البرنامج بأنه تجربة تعليمية متكاملة، أتاحت له فهم آليات التحقيقات الميدانية للوبائيات وزيارة المستشفيات والعيادات، مما عزز وعيه بأساليب مكافحة نواقل الأمراض وتثقيف المجتمع بكيفية الوقاية ونقل المعلومات الصحيحة عن أسباب انتشار نواقل الأمراض.