لماذا يضع بعض أهالي “حفر الباطن” أكوام من بقايا القهوة عند الأبواب الخارجية لمنازلهم؟ ..”لافي البردي” من أهالي المحافطة يحكي القصة
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
قال “لافي البردي” أحد أهالي محافظة حفر الباطن، إن وضع الأهالي أكوام القهوة عند الأبواب الخارجية لمنازلهم، هي عادة قديمة توارثتها الأجيال جيل بعد آخر.
وأضاف في تصريحات لـ “العربية”، أن هذه العادة هي عادة بدوية عربية أصيلة، حيث إنها تعبر بشكل مباشر على أن فاعلها ينتمي إلى القبائل البدوية ويعتز بها.
وبين أنه يقوم بهذه العادة منذ ما يقارب من 30 عاما، حيث إنه لازال يهتم بها اهتماما كبيرا، ويوصي أبناءه وأحفاده بالمداومة عليها.
لماذا يضع بعض أهالي #حفر_الباطن أكوام من بقايا القهوة عند الأبواب الخارجية لمنازلهم؟ ????
"لافي البردي" من أهالي المحافطة يحكي القصة..
عبر:@fawaz749 pic.twitter.com/X7A9ZCBZeG
— العربية السعودية (@AlArabiya_KSA) September 28, 2023
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: حفر الباطن حفر الباطن حفر الباطن
إقرأ أيضاً:
الجنّي الذي تخلّى عن قصائده
عديدة هي الكتب والدراسات التي تناولت أشعار الجنّ في الأدب العربي القديم، وكتبت عن ظاهرة قول الجن للشعر ونسبته إلى الشعراء، وأنّ لكل شاعر شيطانًا يوحي إليه الشعر ويقوله على لسانه، كما قرأنا اعتراف الشعراء بأنّ شياطينهم يوحون إليهم كثيرًا من هذا الشعر، من ذلك مثلًا ما قاله أبو النجم الراجز:
إني وكل شاعر من البشرْ
شيطانه أنثى وشيطاني ذكرْ
أو ما قاله حسان بن ثابت فيما يُنسبُ إليه في الجاهلية:
ولي صاحب من بني الشيصبان
فحينا أقول وحينا هوه
هذه الاستشهادات تضعنا أمام ظاهرة دُرست كثيرًا في النقد القديم، وأفرد لها النقاد كتبًا ناقشوا فيها هذا الموضوع بشيء من التفصيل، لكن الذي دفعني لكتابة هذا المقال هو سؤال قديم كان يتبادر إلى ذهني عن الدافع الذي دفع الجنّي للتخلي عن شعره أو التخفي خلف شخصية شاعر آخر؟ وعن المَلَكَة التي امتلكها نفرٌ من الجن في كتابة الشعر؟ وهل ما يزال شعراء الجن إلى يومنا هذا يكتبون وينسبون أشعارهم إلى الشعراء؟ وعلى ذلك يمكن قياس أنه بوجود شعراء من الجن، يوجد أيضا كُتّاب قصة ورواية وخطباء وغيرها من الفنون، لم تُشرْ إليهم كتب التاريخ بهذا التوسع. وهل هناك نُقّاد بارزون في عالم الجن يوحون بنقدهم إلى النقاد من الإنس؟ أسئلة عديدة أفرزتها روايات الشعر على ألسنة الجن!!
ورد في كتاب (جمهرة أشعار العرب) لأبي زيد القرشي فصلٌ خاصٌ بعنوان (شياطين الشعراء)، تطرَّق في 16 صفحة إلى هذه الفئة، عارضًا نماذج من قصص العرب وأخبار الشعراء وأشعار الجن المنسوبة إليهم، ومما ورد في الكتاب قصتان أقف عليهما: الأولى قصة مظعون بن مظعون الأعرابي الذي لقي رجلا في الصحراء تبيّن له فيما بعد أنه من الجن، فدار بينهما حوارًا عن أشعر العرب فأجاب الجنيُّ قائلًا: «... اروِ قول لافظ بن لاحظ وهياب وهبيد وهاذر بن ماهر. قلت: هذه أسماء لا أعرفها. قال: أجل! أما لافظ فصاحب امرئ القيس، وأما هبيد فصاحب عبيد بن الأبرص وبشر، وأما هاذر فصاحب زياد الذبياني، وهو الذي استنبغه». (جمهرة أشعار العرب ص43)، وأما الثانية فهي بالطريقة نفسها والحوار الذي كان عن أشعر العرب، نقرأ منه الآتي: «... وقد عرفتُ أنه من الجن، فقلت له: من أشعر العرب؟ فأنشأ يقول:
ذهب ابن حجر بالقريض وقوله: ولقد أجادَ فما يُعابُ زيادُ
لله هاذرٌ إذ يجود بقوله،
إن ابن ماهر بعدها لجوادُ
قلت: من هاذر؟ قال: صاحب زياد الذبياني، وهو أشعر الجن وأضنهم بشعره، فالعجب منه كيف سلسل لأخي ذبيان به...». (ص44)
نجد في هاتين الحكايتين السرد متقاربًا إلى درجة كبيرة من حيث الخروج في الفضاء/ الصحراء، الالتقاء برجل وحيد/ يُتبيّن لاحقًا أنه من الجن، يتحدثان عن الشعر وقوله، ثم يسأله عن أشعر العرب، فيجيء ذكر شعراء الجن وأشهر شعرائهم، وأنهم من استنبغوا الشعراء من الإنس. وكأن الرواية تستنطق الغرائبية في مدلولاتها، وتُبنى على الغيبيات؛ إذ إنها قائمة في بنيتها على حكايات السَمَر واللهو، ونحن علمنا أنّ مجالس السَّمَر كثيرة في الجاهلية يجتمع الناس ويقصون بطولاتهم ومغامراتهم وخوارق أفعالهم.
فمَن ذلك الشاعر/ الجني الذي تخلى عن قصائده ليرفع قدر شاعر آخر؟ وكيف مرّت هذه الحكايات على ألسنة الناس حتى زمن متأخر من العصور الأدبية كالأموي والعباسي، فصار لكل شاعر شيطانًا يوحي إليه أجود الشعر، ثم يتخفى تحت عباءته.
إنّ كل ما ذكر من شعر على لسان الجن يُدخلنا في دائرة الانتحال والسرقات، كما يُقدم لنا صورة متذبذبة عن الشعر الذي جاء عن شعراء تلك العصور، فما الذي كتبه الجنيُّ وما الذي كتبه الشعراء؟ كما إنّ ذلك يهدم جزءًا كبيرًا من موروثنا الشعري العربي، ويقلّل من قيمة الشعراء الذين ذاع صيتهم، إضافة إلى نشر جو من الغرائبية والطرافة على مجالس السَمَر واللهو؛ لذا شاعت أخبار شياطين الشعر وتناقلها الرواة وسارت بها الركبان من عصر إلى آخر حتى أصبحت خبرًا صادقًا صدَّقه الشعراء أنفسهم ونسبوه فعلًا وحدثًا لأنفسهم، وتباهوا به في أشعارهم للتعبير عن نبوغهم في الشعر وإجادتهم له.
جاء في كتاب تاريخ آداب العرب للرافعي: «...فإنّ أخبار الجن لا تُعرف إلا عن رجل من الأعراب أو رجل من الرواة الذين يقصّون للعامة وأشباه العامة، وقد يأتي القليل من ذلك عن الراوية الثقة يريد به الإغراب في حديث إن جاء به، وشعر إن أنشده، ليدير الكلام على روعة تؤكد معناه وتجعله ظريفًا غريبًا، فكأنه يستعين على بيان غرضه بضرب من التخييل، كما يستعين الكاتب أو الشاعر بمثل من المجاز. ولقد أفرط رواة الإسلام من أهل الأخبار في مزاعمهم عن الجن، ونسبوا إليها كل غريب وكل عظيم، لأنها مظنة كل ذلك في أوهامهم؛ وقفى على آثارهم جماعة من المتصوفة، حتى عيَّنوا أول من أسلم من الجن، وهو بزعمهم (هامة بن الهام بن لاقيس بن إبليس ...) وأول نبيّ أرسل إلى الجن فيما قالوا (عامر بن عمير بن الجان) فقتلوه وقتلوا بعده 800 نبي». (ص310)
أما كتاب (الحياة العربية من الشعر الجاهلي) فيرد مثل هذه الحكايات إلى العاقل الباطن الذي يرى أنّ الكتابة تصدر في تلك اللحظة من العقل الباطن، فبعد أن أورد عبارة لريلكه في هذا الموضوع وهي :»...ويقول ريلكه، إنه ظل أسير الأرواح ثلاثة أيام لم ينقطع فيها نظمه، وأخرج ديوانا من دواوينه الروائع، وأعجبه، وألح الجن أن ينشره، فرضي على شريطة أن يكون النشر بعد وفاته، حتى لا يتحمل تبعة شعر أملاه عليه جنيٌّ جالس قبالته»، فبعد أن أورد هذه الجملة، عاد قائلًا: «ولكن علم النفس يعزو هذا كله إلى العقل الباطن، وقد كشفت الدراسات التي قام بها علماء التحليل النفسي عن كثير من عمل العقل الباطن عند الفنان، وانتهوا إلى أن الإنتاج الفني يصدر غالبا عن العقل الباطن كأنه حلم يقظة». وقال: «التحليل النفسي يعزو إلى العقل الباطن الإنتاج الأدبي الرفيع، وقد عبّر الشعراء العرب والإفرنج عن هذا العقل بأنه قوى خفية تلهم، وسموها شياطين.
وإذ كان الشعر يحلق بجناحين من الخيال فقد حق للشعراء أن ينطلقوا مع خيالهم فينسبوا شعرهم إلى قوى وراء حسهم، وتصورهم هذه القوى شياطين ألصق بالخيال وأدنى إلى الشعر من التحليل النفسي الذي يرجع الإنتاج الأدبي إلى العقل الباطن للشاعر، أي إلى الشاعر نفسه». (ص388)
هنا، تتداخل روايات الرواة وعلاقات الشعراء بالجن مع نظرية الشك التي طرحها طه حسين عن الشعر الجاهلي، وإلى أي حد يظهر أثر الرواة في الشعر الذي كُتب بعد مئات السنين من إنشاده، وهنا أيضا يبقى الباب مفتوحًا على أسئلة ذات مدلولات عميقة حول الشعر الجاهلي وموضوعاته منذ تشكّله إلى اليوم.
الآن، وبعد قرون من الشعر الجاهلي مثلًا، هل يمكن الاعتقاد بأن امرأ القيس أو النابغة أو الأعشى أو حتى الفرزدق وجرير وبشار والمتنبي لم يكونوا من الشعراء الفحول، وإنهم ليسوا إلا مرددين لأشعار غيرهم، وأنَّ هذا النبوغ الشعري مردّه لطاقة خفية يتستّر وراءها جنّيٌ أفصح وأبلغ منهم، وقد تخلى عن قصائده لسبب أو لآخر، ثم عاد في روايات مجهولة على ألسنة رواةٍ يتفاخر بنبوغه وتفوقه الشعري بعد سنوات طويلة من رحيل الشعراء.
أصبح باب الشك مفتوحا على مصراعيه، فقد آمن الشعراء أنفسهم بذلك، كما آمن العرب الأوائل به أيضا، وصار للجن مدينتهم الشعرية التي تعبّر عن شاعرية شعرائهم، ولعل ذلك ما رمى إليه أبو العلاء المعري في (رسالة الغفران ص100) في حديثه عن أشعار الجن قائلًا: «...فيقول: ما اسمك أيها الشيخ؟ فيقول: أنا الخيثعور أحد بني الشيصبان، ولسنا من ولد إبليس ولكنا من الجن الذين كانوا يسكنون الأرض قبل ولد آدم، صلى الله عليه. فيقول: أخبرني عن أشعار الجن، فقد جمع منها المعروف بالمرزباني قطعة صالحة.
فيقول ذلك الشيخ: إنما ذلك هذيان لا معتمد عليه، وهل يعرف البشر من النظيم إلا كما تعرف البقر من علم الهيئة ومساحة الأرض؟ وإنما لهم خمسة عشر جنسًا من الموزون قل ما يعدوها القائلون، وإن لنا لآلاف أوزان ما سمع بها الإنس، وإنما كانت تخطر بهم أُطيفالٌ منا عارمون، فتنفث إليهم مقدار الضوارة من أراك نعمان. ولقد نظمتُ الرجز والقصيد قبل أَن يَخْلُقَ اللهُ آدَمَ بكور أو كورين. وقد بلغني أنكم معشر الإنس تلهجون بقصيدة امرئ القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
وتُحفّظونها الحزاورة في المكاتب، وإن شئتَ أمليتُك ألف كلمة على هذا الوزن على مثل: منزل وحومل، وألفاً على ذلك القري يجيء على: منزلُ وحوملُ، وألفاً على: منزلا وحوملا، وألفًا على: منزلَهْ وحوملَهْ، وألفًا على: منزلُهْ وحوملُهْ، وألفًا على: منزلِهْ وحوملِهْ. وكل ذلك لشاعر منا هلك وهو كافر، وهو الآن يشتعل في أطباق الجحيم...».