تونس.. الغنوشي يبدأ إضرابا عن الطعام داخل سجنه
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
يشرع رئيس حزب حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي اليوم الجمعة في إضراب عن الطعام داخل سجنه احتجاجا على تراجع المسار الديمقراطي في البلاد، في وقت يواصل فيه القيادي البارز في جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك إضرابه المفتوح عن الطعام احتجاجا على اعتقاله مع سجناء آخرين من المعارضة.
وقال رياض الشعيبي المستشار السياسي للغنوشي (82 عاما)، لوكالة الأناضول، إن الغنوشي يعبر بهذا الإضراب عن موقفه الرافض للتراجع الخطير عن المسار الديمقراطي في البلاد.
وأضاف أن هذا الإضراب يأتي أيضا للمطالبة بالكف عن ملاحقة النشطاء السياسيين وإطلاق سراح المعتقلين.
وفي سياق متصل، كتب الشعيبي عبر حسابه على فيسبوك، أمس الخميس، أن "معركة الأمعاء الخاوية تتمدد وتتوسع: راشد الغنوشي يلتحق بجوهر بن مبارك".
معركة الأمعاء الخاوية
وانطلقت معركة الأمعاء الخاوية مع المعارض جوهر بن مبارك بدخوله في إضراب مفتوح حتى رفع المظلمة المسلطة عليه وعلى بقية المعتقلين السياسيين، لكن هذا الإضراب سيتوسع بداية من الجمعة مع دخول الغنوشي في إضراب عن الطعام.
وقال والد بن مبارك عز الدين الحزقي، وهو ناشط سياسي مخضرم وعضو مؤسس بجبهة الخلاص، لوكالة الأنباء الألمانية الخميس إن ابنه جوهر دخل يومه الثالث في إضرابه عن الطعام.
ويقبع القيادي في الجبهة في السجن منذ 7 أشهر في فترة إيقاف تحفظي للتحقيق في شبهة التآمر على أمن الدولة، بجانب العشرات من السياسيين المحسوبين على المعارضة.
وقال الحزقي "جوهر يريد أن يكشف ظلم المغتصبين للسلطة ويدفع نحو توحيد المعارضة ضد الانقلاب، وضد الوضع الحالي للقضاء.. نحن نعيش في مرحلة انعدام القانون. وهناك شخص واحد يتحكم في كل شيء".
وأضاف الحزقي إن جوهر "مقتنع بأن ما يقوم به واجب وطني، ولن يوقف إضرابه قبل رفع المظلمة عن جميع المعتقلين".
وتتهم المعارضة الرئيس قيس سعيد بالهيمنة على السلطات، وممارسة ضغوط ضد القضاء، وتلفيق تهم غير مثبتة ضد السياسيين المنتقدين لسياساته.
والثلاثاء، أعلنت هيئة الدفاع عن الموقوفين السياسيين في تونس أن المعارض الموقوف جوهر بن مبارك دخل في إضراب عن الطعام حتى إطلاق سراحه.
وقالت هيئة الدفاع (غير حكومية)، في بيان، إن بن مبارك أخبر هيئة الدفاع أنه دخل في إضراب عن الطعام بداية من منتصف الليلة الفاصلة بين يومي الاثنين 25 والثلاثاء 26 سبتمبر/أيلول الجاري، احتجاجا على سجنه.
وفي 17 أبريل/نيسان الماضي، أوقف الأمن التونسي الغنوشي بعد مداهمة منزله، قبل أن تأمر المحكمة الابتدائية في العاصمة تونس بإيداعه السجن في قضية التصريحات المنسوبة له بالتحريض على أمن الدولة.
والغنوشي أحد أبرز قادة جبهة الخلاص المعارضة الرافضة لإجراءات استثنائية بدأ الرئيس قيس سعيد فرضها يوم 25 يوليو/تموز 2021، ومن أبرزها: حل مجلس القضاء والبرلمان (كان يرأسه الغنوشي)، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة قاطعتها المعارضة.
وتشهد تونس منذ فبراير/شباط الماضي حملة توقيفات شملت إعلاميين ونشطاء وقضاة ورجال أعمال وسياسيين، بينهم الغنوشي وعدد من قيادات النهضة، منهم علي العريض ونور الدين البحيري وسيد الفرجاني.
ومقابل تشديد سعيد مرارا على استقلال السلطات القضائية، تتهمه المعارضة باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءاته الاستثنائية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی إضراب عن الطعام جوهر بن مبارک
إقرأ أيضاً:
سمعة تونس في الخارج!
«ما الذي يجري عندكم في تونس ؟!»..
في نوع من البهتة، يسارع كثر إلى هذا السؤال ظنا منهم أنك قد تكون من بين من يُفترض أنهم على اطلاع أوسع من غيرهم بحقائق الأمور هناك، بل وقد يطرح السؤال نفسه بلهفة أكبر بين التونسيين أنفسهم في محاولة للفهم غالبا ما تنتهي بمزيج قاس من المرارة والفشل: مرارة استعراض العبث الجاري هناك، وفشل العثور على بصيص نور في نهاية هذا النفق.
الصحافة العربية والدولية وشبكات التلفزيون العالمية لم تقف عند هذا الحد، فقد استقرت لديها، تدريجيا وبشكل متصاعد، صورة سلبية للغاية عن تونس وحاكمها، تسندها في كل مرة ما تقوله المنظمات الدولية عن واقع الحريات وحقوق الانسان، وما تورده التقارير الاقتصادية عن حال البلاد والعباد، وما تعبّر عنه نخبة البلاد السياسية والاجتماعية بخصوص حالة اختناق لا أحد يدري متى تنتهي.
في كل ما يكتب ويقال اليوم عن تونس في مختلف المنابر العالمية، لا شيء إيجابيا على الاطلاق!! ما من صحيفة أو مجلة أو إذاعة أو تلفزيون تطرّق إلى الشأن التونسي إلا ووجد من المعطيات الصارخة ما يؤثث به صورة سلبية للغاية عن الكيفية التي تدار بها البلاد حاليا على أكثر من صعيد.. فهل كل ذلك افتراء وتجن؟! بالتأكيد لا.
لا شيء يرفع صورة أي دولة في الخارج ويجمّلها إلا ما يفعله القائمون على شؤونها في الداخل في المقام الأول، ولا شيء يشينها ويشوّهها سواه، ولا فائدة هنا في اجترار حديث سمج مفاده أن الدوائر الأجنبية لا تضمر لنا خيرا ومغتاظة من سياستنا المرتكزة على السيادة الوطنية واستقلال القرار، أو أن لوسائل الاعلام الدولية أجندة غير عادلة في تقييم ما يجري في هذا العالم ففي هذا الكلام بعض الحق الذي يراد به كل الباطل.
لقد مرت سمعة تونس العالمية بمراحل مد وجزر طوال العقود الماضية كانت أبهاها في السنوات الأولى بعد استقلالها عن الاستعمار الفرنسي عام 1956 وبروز اسم الحبيب بورقيبة زعيما كبيرا تكاد البلاد لا تُعرف إلا به، وكذلك في السنوات الأولى بعد ثورتها على نظام زين العابدين بن علي عام 2011.
من الصعب، على سبيل المثال لا غير، أن ننسى تلك الزيارة التاريخية التي أدّاها بورقيبة إلى الولايات المتحدة في مايو/ أيار 1961 وفيها حظي باستقبال حار للغاية سواء من الرئيس جون كينيدي أو من عشرات الآلاف الذين خرجوا لاستقباله في شوارع وشرفات مدينة نيويورك. من الصعب كذلك أن ننسى ما حظيت به تونس من صيت عالمي حين خاطب الرئيس محمد منصف المرزوقي البرلمان الأوروبي في فبراير/ شباط 2013، أو حصول 4 منظمات تونسية على جائزة نوبل للسلام عام 2015، أو حين حضر الرئيس الباجي قايد السبسي قمة الدول السبع في إيطاليا في مايو/ أيار 2017.
من أوجز وأوجع ما كتب عن تونس مؤخرا ما جاء في مقال بصحيفة «الشرق الأوسط» للكاتب اللبناني المعروف سمير عطاء الله في عموده اليومي المواظب عليه منذ 1987 حين كتب في 12 مايو/ أيار الحالي تحت عنوان «التونسية في السجن» أن « تونس كانت بعيدة عنا جغرافياً، وصلاتنا معها قليلة، وليس بيننا، على سبيل المثال، طيران مباشر. لكن بورقيبة أتقن كيف يجعل كل الدنيا قريبة من تونس. وفي الداخل أقام حكماً راقياً وعادلاً، وجعل التعليم إلزامياً. ولم تكن تونس دولة غنية، لكنها كانت دولة محترمة (…) وجاء من بعده زين العابدين بن علي، فلم يكن ممكناً أن يكون بورقيبة آخر، كما أنه أُحيط بحاشية أفسدت عليه الحكم. لكن بناء الدولة بقي قائماً (…) ثم مضى وقت وتونس لم تعد تونس. وفي كرسي بورقيبة، بعد 60 عاماً، حلّت أمزجة متوترة، وقلوب غاضبة، وتسامح قليل، وإدارات لا تعرف كيف تستقر على سكة الحكمة».
وأضاف الكاتب، وكأنه يعتذر عن أنه اضطر للكتابة عن تونس، خاصة بعد ما تم الزج بنساء تونسيات في السجون، لأنشطتهن الاجتماعية السلمية أو لآرائهن السياسية، بعد أن كانت البلاد نفسها تفخر بمكاسبها المختلفة في مجال المرأة، بأنه «منذ سنوات وأنا أمنع نفسي عن الكتابة في الشأن التونسي، لأن معرفتي به لا تؤهلني، ولذلك، وفي الآونة الأخيرة، تكاثرت وتراكمت وتفاقمت السياسات المسيئة لسمعة الدولة، التي كانت نموذجاً ذات يوم».
موجعة للغاية تلك الإشارة بأن تونس زمن بورقيبة «لم تكن غنية لكنها كانت دولة محترمة»، وبأن في زمن بن علي «بناء الدولة بقي قائما»، مع ما يعنيه ذلك للأسف بأنها اليوم لم تعد لا هذه ولا تلك. كلام يبقى مع ذلك أقل بكثير مما يقال اليوم في كبريات الصحف والمجلات العالمية مما رسّخ صورة قاتمة عن هذا البلد في محنته الحالية. ومع ذلك، ما من شيء يدل على أن القوم هناك مستعدّون لمراجعات تفرضهما المصلحة والحس السليم معا، قبل أن تقتضيها أصول السياسة في حدّها الأدنى.
(القدس العربي)