الإسلام السياسي وفشله.. التفكير في الأسئلة
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
الإسلام السياسي وفشله... التفكير في الأسئلة
ثمّة أسئلةٌ وتساؤلاتٌ عديدةٌ جديرةٌ بأن تعيد هيكلة الأجندة البحثية والنقاشية العربية وترتيبها في ما يتعلق بسؤال الإسلام السياسي.
أين تقودنا هذه التطورات الفكرية والتحولات السياسية في العالم العربي؟ على صعيد الإسلام السياسي وأطروحته الأيديولوجية ودوره السياسي؟
المطلوب هو طرح أسئلة جديدة مختلفة، بعد كل تلك التحوّلات والتغيرات بعد الربيع العربي، وما حدث من تطوّرات بنيوية في الطرح الإسلامي السياسي.
مع عودة حالة الانسداد السياسي بعد الربيع العربي؛ والهزائم الديمقراطية في التجارب السياسية الإسلامية، ما هي الخيارات الاستراتيجية للإسلاميين؟
حكومات عربية عديدة، أخذت بنظرية بعض المثقفين العرب في رد الاعتبار للمؤسّسة الدينية الرسمية، تصوغ الخطاب الديني وسحب البساط من تحت أقدام الإسلاميين!
تحمل مقولات "ما بعد الإسلام السياسي" موقفين متناقضين: يرى الأول أنّ ما بعد الإسلام السياسي عنوان فشل تلك الحركات، والثاني يراها مرحلة جديدة لتحول الإسلاميين أيديولوجياً وفكرياً.
هل ستغدو تلك الأحزاب أحزابا محافظة تركّز على الفضائل الأخلاقية، وتصبح جزء من اللعبة السياسية بلا لون فكري خاص؟ أم ستراجع المسار وتسترجع الخطابات الأيديولوجية، وهل يستعيد ذلك شعبيتها؟
* * *
نقاش عميق ولطيف بين أحد قياديي حزب العدالة والتنمية في المغرب، محمد يتيم، وهو مثقف وفقيه إسلامي بارز، وهشام جعفر، وهو باحث مصري مميز ذو نزعة نقدية عميقة.
كتب الأول مقالاً بعنوان "هل فشل الإسلاميون وانتهى زمن الإسلام السياسي؟" (الجزيرة نت، 9/9/2023)، يردّ فيه على هذه المقولة. وكتب الثاني "نعم فشل الإسلاميون وانتهى زمن الإسلام السياسي" (الجزيرة نت، 17/9/2023)، ويردّ فيه على يتيم.
لعلّ السؤال، كما يعلم قرّاء ومتابعون كثيرون، ليس جديداً، بل هو مطروح منذ منتصف التسعينيات، من مفكّرين ومثقفين فرنسيين، ثم جاءت مقولات "ما بعد الإسلام السياسي" لتحمل موقفين متناقضين:
- الأول يرى أنّ ما بعد الإسلام السياسي عنوان لفشل تلك الحركات،
- والثاني الذي كرّسه الباحث السوسيولوجي آصف بيات بالقول إنّ ما بعد الإسلام السياسي مرحلة جديدة لتحول الإسلاميين وتطوّرهم أيديولوجياً وفكرياً.
يقودنا النقاش عن فشل الإسلام السياسي من زاوية قيمية أو معيارية إلى نقاش لن ينتهي، وآراء ستبقى تدور في مربّعات محدودة معروفة. والحقّ أنّ كلا الكاتبين (يتيم وجعفر) طرحا حججاً وجيهة في الدفاع عن أرائهما، لكنهما لم يخرجا بنا من الجدل المعروف، وإن استحضرا المتغيرات الأخيرة.
المطلوب هو التفكير في طرح أسئلة جديدة مختلفة، بعد كل تلك التحوّلات والتغيرات بعد الربيع العربي، وما حدث من تطوّرات بنيوية في الطرح الإسلامي السياسي.
والسؤال المهم اليوم: إلى ماذا تقودنا هذه التطورات الفكرية والتحولات السياسية في العالم العربي؟ على صعيد الإسلام السياسي وأطروحته الأيديولوجية ودوره السياسي؟
سواء اعتبرنا أنّ هزيمة حزب العدالة والتنمية المدوّية في المغرب العربي في الانتخابات 2021، بعد عشرة أعوام من المشاركة الكبيرة في الحكم، والحال كذلك بالنسبة لحركة النهضة في تونس، أو التجارب التي دخلت في حالةٍ صدامية في مصر، هل هي أخطأت أم أنّها دفعت ثمن الثورة المضادّة، المهم اليوم السؤال الجوهري: ماذا بعد؟ ماذا نتوقع؟
بعد أحداث ميدان رابعة العدوية، قدّمت مجموعة من المقاربات الأيديولوجية ذات الطابع الأمني مقاربة عودة الإخوان المسلمين إلى العمل المسلّح، وهي أطروحة فشلت بجدارة (بالرغم من استثناءات).
واليوم مع عودة حالة الانسداد السياسي بعد الربيع العربي؛ والهزائم الديمقراطية في التجارب السياسية الإسلامية، فإنّ السؤال: ما هي الخيارات الاستراتيجية للإسلاميين؟
هل هي العودة إلى طرح ما استبطنه يتيم؛ الإصلاح من داخل "السيستم" والقبول بشروطه بدعوى "البراغماتية السياسية"، أم التفكير في صيغة أخرى من النضال والإفادة من تجارب الربيع العربي، مع استبعاد خيار "الإسلاميين الجهاديين" بالطبع؟
إذا ذهبنا نحو أسئلةٍ أكثر عمقاً ألمح إليها جعفر في مقاله: ماذا تبقّى من الإسلام السياسي؟ من الأحلام الأيديولوجية والتاريخية القديمة بعدما تنازل عنها (قبوله بالديمقراطية بصيغتها النهائية، والتخلي عن حلم إقامة الدولة الإسلامية، الفصل بين الدعوي والسياسي، الانتقال إلى صيغة برامج الحكم بديلاً من أطروحات الاستثناء الإسلامي الأيديولوجي)؟
هل ستنتقل تلك الأحزاب إلى أحزاب محافظة تركّز على الفضائل الأخلاقية، وبالتالي، تصبح جزءاً من اللعبة السياسية بلا لون فكري خاص؟ أم ستراجع بعد التجربتين التونسية والمغربية المسار وتسترجع الخطابات الأيديولوجية، وهل سيسعفها ذلك في استعادة شعبيتها وتعيد عجلة الزمن إلى وراء؟
طرح جعفر متغيّرات بنيوية على درجة عالية من الأهمية، من الضروري أن تستبطنها الأسئلة والنقاشات البحثية في المرحلة المقبلة؛ منها التحوّل في أنماط التديّن الاجتماعي (كما تظهرها استطلاعات الرأي) لدى جيل الشباب اليوم نحو النزعة الفردية، ومنها انتهاء الدور الاجتماعي الدعوي الذي أسند الإسلاميين خلال العقود الماضية، ولم يعد ميزةً لهم.
بل أصبحت حتى حكومات عربية عديدة، أخذت بنظرية بعض المثقفين العرب البارزين في رد الاعتبار للمؤسّسة الدينية الرسمية، تقوم بصوغ الخطاب الديني وسحب البساط من تحت أقدام الإسلاميين؟
ثمّة أسئلةٌ وتساؤلاتٌ عديدةٌ جديرةٌ بأن تعيد هيكلة الأجندة البحثية والنقاشية العربية وترتيبها في ما يتعلق بسؤال الإسلام السياسي.
*د. محمد أبورمان باحث في الفكر الإسلامي والإصلاح السياسي، وزير أردني سابق.
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الإسلام السياسي الربيع العربي الانسداد السياسي التفکیر فی
إقرأ أيضاً:
حقوق المرأة المطلقة في الإسلام قبل الدخول وبعد الزفاف.. تعرف عليها
حقوق المرأة المطلقة في الإسلام قبل الدخول بها وبعده يتساءل عنه الكثير فى الفترة الأخيرة، خاصة بعد تزايد حالات الطلاق، وسوف نوضح هذه الحقوق فى السطور القادمة.
حقوق المرأة المطلقة قبل الدخول بهاكشف مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، عن حقوق المرأة المطلقة قبل الدخول، وذلك عبر صفحته الرسمية على فيس بوك.
وقال الأزهر للفتوى إن المطلقة قبل الدخول لا تخلو من حالتين:
1- أن يُسَمَّى لها صَدَاق، وعندئذٍ يكون لها نصفه، إلا إذا تنازلت عن حقها، وعفَت عنه؛ ودليل ذلك قوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَن يَعْفُونَ }. [البقرة: 237].
2- أن لا يُسَمَّى لها صدَاق، وفى هذه الحالة ليس لها إلا المتعة بحسب حال الزوج من اليسار والإعسار؛ لقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}. [البقرة: 236]وأمّا إذا وقع الطلاق قبل الدخول، ولكن بعد خلوة صحيحة؛ فللمرأة كامل الصَّداق، وعليها العِدّة، وإذا كانت هناك هدايا قدمها كل طرف للآخر فيستقر ملكها لحائزها بالعقد؛ لأنها قُدِّمت من أجل العقد، وقد تمّ، سواء أكانت ذهبًا، أو غير ذلك.
حقوق المرأة المطلقة بعد الدخول بهاوأجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد إليها عن حقوق المرأة المطلقة بعد الدخول بها.
وقالت الإفتاء عبر موقعها الرسمى: إن المَهر يجب كله للزوجة إذا طُلِّقَت بعد الدخول، بما فيه مُؤَخَّر صَدَاقها، ولها كذلك قائمة المنقولات والشَّبْكة إذا كانتا من المَهر، ولها كذلك نفقة عِدَّتها، وتُسْتَحَقُّ فيها كافةُ أنواعِ النفقةِ التي تَجب للزوجة، ولها كذلك مُتعتُها بشرط أن لا يكون الطلاق برضاها ولا بسببٍ مِن قِبَلها.
ولفتت إلى أن تقدير المُتعةِ مرده إلى العُرف ومرهون بحال المطلِّق يُسْرًا وعُسْرًا. والحقوقُ المُتَرتِّبةُ على الطلاق للضرر بحُكمِ القاضي هي ذاتُ الحقوقِ المُتَرتِّبة على تَطليق الزوج برضاه لا يُنتَقَصُ منها شيءٌ.
فإن طَلَبَت الزوجة الطلاقَ أَوْ سَعَت إليه مِن غيرِ ضررٍ عليها مِن زوجها: فإما أن تُطَلَّقَ منه خُلعًا، فتُرجِع إليه المَهرَ كُلَّه (بما فيه قائمة المنقولات أو العَفْش إذا ثَبَتَ أنه كان مَهرًا لها وكذلك الشبكة)، وإما أن يوافقها زوجُها على الطلاق ولا يرى الطرفان مع ذلك اللُّجُوءَ إلى القضاء، فإنَّ الحقوقَ حِينئذٍ تَكون بالتراضي بينهما حسبما يَتفقان عليه في ذلك.
وأوضحت إنه مِن المُقرَّر شرعًا أن المَهر يجب كله للزوجة إذا طُلِّقَت بعد الدخول، بما فيه مُؤَخَّر صَدَاقها الذي هو جزءٌ مِن المَهرِ الثابتِ بنفْسِ العقدِ، ويَحِلُّ المُؤَخَّرُ منه بأقرب الأجَلَين: الطلاق أو الوفاة.
وأضافت أن للمرأة المطلق بعد الدخول بها ايضا قائمة المنقولات، سواء دُوِّنَتْ أو لم تُدوَّن، ولها أيضًا الشَّبْكة، شريطة أن يكون قد تُعُورف أو اتُّفِقَ بين الطرفين على أنهما المَهرُ أو جزءٌ منه، ولها كذلك نفقة عِدَّتها التي تَثبُت بالاحتِباس الحُكمِي، ونفقة العِدَّة تُسْتَحَقُّ فيها كافةُ أنواعِ النفقةِ التي تَجب للزوجة، ويَرجعُ القاضي فيها إلى قول المرأة في بيان مُدَّةِ عِدَّتِها مِن زوجها، بشرط أن لا تزيد هذه المُدَّةُ على سَنةٍ مِن تاريخ الطلاق، كما أخذ به القانونُ المصري؛ بِناءً على ما تَرَجَّحَ مِن أقوال الفقهاء، ويُرْجَعُ في تقديرها أيضًا إلى رأي القاضي حسب ما يراه مناسبًا في الحالة المعروضة أمامه.
وتابعت: لها كذلك مُتعتُها، بشرط أن لا يكون الطلاق برضاها ولا بسببٍ مِن قِبَلها؛ كأن يكون الطلاقُ خُلعًا أو على الإبراء، ويَحرُم على الزوج تَعَمُّدُ إساءةِ مُعامَلَتِها لِيَدفَعَها إلى طلب الطلاق أو التنازل عن حقوقها؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُوا بِبَعۡضِ مَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ﴾ [النساء: 19].
وبينت ان الشرع الشريف أناط تقدير المُتعةِ بالعُرف، وجعل ذلك مَرهونًا بحال المطلِّق يُسْرًا وعُسْرًا، وذلك في مثل قول الله تعالى: ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى ٱلۡمُوسِعِ قَدَرُهُۥ وَعَلَى ٱلۡمُقۡتِرِ قَدَرُهُۥ مَتَٰعَۢا بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾ [البقرة: 236]، وقوله تعالى: ﴿وَلِلۡمُطَلَّقَٰتِ مَتَٰعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 241]، وهذا هو المعمول به قضاءً في الديار المصرية.
فقـد نَصَّت المـادةُ 18 (مكرر) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929م المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985م على أنَّ: "الزوجة المدخول بها في زواجٍ صحيحٍ إذا طَلَّقَها زوجُها دُونَ رضاها ولا بسببٍ مِن قِبَلِها، تَستَحِقُّ فوق نفقةِ عِدَّتِها مُتعةً تُقَدَّرُ بنفقةِ سنتين على الأقل، وبمراعاةِ حالِ المُطَلِّقِ يُسْرًا أو عُسْرًا، وظروفِ الطلاق، ومُدَّةِ الزوجية، ويجوز أن يُرخَّص لِلمُطَلِّقِ في سَدَادِ هذه المُتعةِ على أقساط" اهـ.
فتُقَدَّرُ المُتعةُ مِن قِبَل القاضي على أساسِ ما يَجبُ لها مِن نفقةِ زوجيةٍ أو نفقةِ عِدَّةٍ؛ حسب حالِ المُطَلِّقِ عُسْرًا أو يُسْرًا، وذلك لِسَنَتَين كَحَدٍّ أدنى بِناءً على فترةِ الزوجيةِ وظروفِ الطلاقِ، حسبما يراه قاضي الموضوع مُناسِبًا للحالة المعروضة أمامه.
ولفتت الى أن الحقوقُ المُتَرتِّبةُ على الطلاق للضرر بحُكمِ القاضي هي ذاتُ الحقوقِ المُتَرتِّبةُ على تَطليق الزوج برضاه لا يُنتَقَصُ منها شيءٌ؛ لأنَّ لُجُوءَ الزوجةِ إلى القاضي لِتَطليقِها على زوجها راجِعٌ إلى مُضَارَّتِه لها، وثُبُوتُ هذه المُضَارَّةِ دليلٌ على أنها مُكرَهةٌ على طلبِ التطليقِ لِتَدفعَ الضررَ عن نفْسِها، وهذا يَقتضي عَدَمَ الرضا بالطلاق، فتثبت لها مُتعة الطلاق.
وأشارت الى أن هذا كُلُّه إذا لم يَكن الطلاقُ برضا المرأةِ ولا بسببٍ مِن قِبَلها، فإن طَلَبَت هي الطلاقَ أَوْ سَعَت إليه مِن غيرِ ضررٍ عليها مِن زوجها، فإما أن تُطَلَّقَ منه خُلعًا، فتُرجِع إليه المَهرَ كُلَّه: مُقدَّمَه ومُؤَخَّرَه (بما فيه قائمة المنقولات أو العَفْش إذا ثَبَتَ أنه كان مَهرًا لها)، وإما أن يوافقها زوجُها على الطلاق ولا يرى الطرفان مع ذلك اللُّجُوءَ إلى القضاء، فإنَّ الحقوقَ حِينئذٍ تَكون بالتراضي بينهما حسبما يَتفقان عليه في ذلك.