تحدثت للجزيرة نت.. هكذا أوقع غليك سائحة مسلمة في فخ دعايته بالأقصى
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
الجزيرة نت–خاص: تعيش فتاة بريطانية مسلمة ظهرت في صورة مشتركة في المسجد الأقصى مع الحاخام يهودا غليك، ظروفا نفسية صعبة، إثر نشر غليك للصورة، وأبدت اعتذارها للمسلمين وأهالي القدس عن ذلك قائلة، إنها لم تقصده، أو تخطط له وتجهل أبعاده.
تواصلت الفتاة مع الجزيرة نت لتوضيح موقفها وما حصل معها، وطلبت الاكتفاء بذكر اسمها الأول "فاطمة" -لظروف خاصة بها-، وأنها بريطانية من أصول عربية.
ونشر الحاخام الصورة المشتركة على صفحته بموقع فيسبوك يوم 24 سبتمبر/أيلول الماضي، فأثارت ردود فعل واسعة على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأرفق غليك المعروف بتطرفه واقتحاماته المستمرة للمسجد الأقصى، ومباغتته لكثيرين في القدس بالسلام وقراءة القرآن، مع الصورة نصا جاء فيه، "مسيحي ومسلم ويهودي، اتحدوا اليوم للصلاة لله الواحد الأحد على صهيون- الجبل المقدس للسلام بين الجميع".
شرحت الشابة البريطانية تفاصيل ما أسمتها بـ "الكارثة" التي حلّت بها، وأرادت "الاعتذار" من الأمة الإسلامية بشكل عام، والفلسطينيين والمقدسيين بشكل خاص، عن "الخطأ الفادح" الذي ارتكبته "بسبب جهلها".
تقول فاطمة، التي فضلت الحديث باللغة الإنجليزية؛ لأنها تتقنها أكثر من اللغة العربية، إنها وصلت إلى فلسطين قبل نحو شهر قادمة من بريطانيا، وواظبت على الصلاة في المسجد الأقصى.
وأضافت، أنها سعت لإكمال تعليمها العالي، فالتحقت مؤخرا ببرنامج "دراسات مقدسية" وهو أحد برامج الماجستير التابعة لجامعة القدس الفلسطينية.
وذكر مصدر في جامعة القدس للجزيرة نت، أن الشابة اشترت بالفعل طلبا للالتحاق بهذا البرنامج وكتبت معلوماتها، ثم بدأت بالتردد على المحاضرات قبل نحو أسبوعين، على أن تكون طالبة نظامية تحمل رقما جامعيا بمجرد استيفاء متطلبات التسجيل، المتعلقة بتصديق شهاداتها كونها طالبة أجنبية.
تقول فاطمة، إنها كانت تخطط لتأليف كتاب سياحي يهدف لتثقيف المسلمين الأجانب حول فلسطين من منظور اجتماعي وديني، ليتعرفوا التاريخ الإسلامي، وسور القرآن التي تذكر الأنبياء، والأماكن المقدسة المختلفة، بالإضافة إلى الآثار الإسلامية، و"تشجيع المزيد من المسلمين الأجانب على القدوم إلى هذه المدينة المقدسة".
عضو الكنيست السابق، يهودا غليك، يقود مجموعة سياحية أمريكية خلال اقتحام المسجد الأقصى ويقدم لها شروحات مكذوبة عن الهيكل المزعوم pic.twitter.com/GUqxjNITfF
— القسطل الاخباري | القدس (@AlQastalps) September 26, 2023
مباغتة غليك"كنت أعلم أنني بحاجة إلى المزيد من المعرفة، وأردت التأكد من أن الخلفية التاريخية والاجتماعية والسياسية كانت من مصدر دقيق وحسن السمعة.. لذلك قررت الدراسة في برنامج دراسات مقدسية بجامعة القدس" أضافت فاطمة.
وبالعودة إلى يوم الحادثة، قالت، إنها لم تكن تعرف من هو ذلك الرجل الذي طلب أخذ صورة مشتركة، وما تاريخه وما الذي يمثله، وأنها لو كانت تعرف لم تكن لتتعامل معه أبدا، وما سمحت بالتقاط الصورة.
وقالت، إنها كانت في صبيحة ذلك اليوم عائدة من الأقصى إلى مكان إقامتها، عندما اقترب منها سائح إيطالي مسيحي في باحات المسجد، وسألها إن كانت تتحدث الإنجليزية، وطلب منها أن تشرح له بعض المبادئ الأساسية في الدين الإسلامي.
وبينما كانت تقول له، إن المسلمين موحدون ويسعون للعيش بسلام، باغتها يهودا غليك بالانضمام لهما، وبدأ بـ "الحديث عن السلام".
"تفاجأنا جميعا، وقبل أن أعرف ما كان يدور حولي التقط غليك صورة لنا جميعا، وقبة الصخرة خلفنا.. أنا لست من فلسطين، ولم أدرك حينها أهمية الصورة، ولا تأثيرها" تقول فاطمة.
وتابعت، "إنني مدركة الآن لمرارة الدعاية التي يروج لها هذا الرجل، وكيف استخدم الصورة لتحقيق (أجندته) الخاصة على حساب الفلسطينيين".
ولم يقف الأمر عند هذا الحد -تقول فاطمة-؛ بل عرض عليها الحاخام المتطرف تزويدها برقمه فقبلت بأريحية، وحينها تدخل أحد الحراس، وسألها عن سبب قبولها بأخذ رقمه، فبدأت تدرك أن شيئا كبيرا قد حدث.
وتابعت، "عند عودتي إلى مكان إقامتي بحثت عن الرجل، وعندما أدركت من هو، علمت فداحة ما فعلته من غير قصد".
وكشفت فاطمة أنها أرسلت إلى غليك لتوضيح موقفها، وطلب حذف الصورة التي نشرها دون إذنها، وعدم تداول صورتها، أو استخدامها بأي شكل من الأشكال، لكنه لم يستجب.
وأضافت، "أنا أعارض بشكل أساسي أجندته وسياساته.. لقد وزّع الصورة بسخرية لتعزيز أجندته الخاصة".
واطلعت الجزيرة نت على نسخة من المحادثة التي دارت بين الشابة وغليك عبر تطبيق "واتساب" لطلب حذف الصورة.
وأضافت أنها كونها أجنبية من بلد غربي، فإن الدخول في محادثة مع أي شخص يسعى إلى إشراكها في محادثة هو أمر عادي، وأنها أدركت لاحقا أن ذلك لم يكن حكيما؛ لأنها تجهل العادات والحقائق المترتبة عن الاحتلال.
"من يعرفني من الفلسطينيين من ذلك الشعب الجميل الذي التقيت به خلال فترة وجودي في فلسطين، يعرف كم أحب فلسطين، إنها موطن قلبي والأقصى الحبيب-الذي يمثل شرف ملياري مسلم-هو للفلسطينيين والمسلمين وحدهم اليوم، وإلى الأبد".
ختمت فاطمة حديثها بالقول، إنها تعتذر لكل من تضرر من هذه الحادثة، مضيفة أنها غادرت القدس والمدينة التي تحبها، مع أنها كانت تتمنى أن تعيش فيها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المسجد الأقصى یهودا غلیک
إقرأ أيضاً:
عالمة بريطانية تكشف للجزيرة نت أسرار انقسام أفريقيا وميلاد محيط جديد
رغم ما يبدو من استقرار ظاهر على سطحها، تشهد القارة الأفريقية في أعماقها تحركات تكتونية بطيئة ومستمرة منذ ملايين السنين، قد تعيد تشكيل خريطتها الجغرافية بالكامل في المستقبل البعيد.
هذا ما كشفت عنه دراسة علمية حديثة قادتها الدكتورة إيما واتس من كلية علوم المحيطات والأرض بجامعة ساوثهامبتون البريطانية، حيث توصلت الدراسة المنشورة في دورية "نيتشر جيوساينس"، إلى أدلة قوية تشير إلى أن شرق أفريقيا قد بدأ بالفعل في الانفصال الجيولوجي عن باقي القارة، ضمن عملية طويلة الأمد يتوقع أن تفضي، بعد ملايين السنين، إلى تشكل محيط جديد.
وتصف واتس في حوار خاص مع "الجزيرة نت"، ما يحدث في منطقة "عفار" شمال إثيوبيا، حيث أجريت الدراسة، بأنه "نبض جيولوجي" ينبثق من أعماق الأرض، مشيرة أن مادة الوشاح الأرضي تحت هذه المنطقة لا تتدفق بشكل مستقر، كما كان يعتقد، بل تصعد على شكل نبضات دورية تحتوي على تركيبات كيميائية مختلفة قليلا.
والأهم من ذلك، أن سرعة هذه النبضات تختلف من منطقة لأخرى تبعا لسرعة تباعد الصفائح التكتونية فوقها، مما يشير إلى علاقة تفاعلية حيوية بين سطح الأرض وأعماقها.
لو تخيلنا أن كوكب الأرض هو ثمرة تفاح، فإن طبقة القشرة الصخرية للأرض هي ببساطة قشرة التفاحة الرقيقة، لكن هذه القشرة على الأرض تبلغ من السماكة من 30 إلى 70 كيلومترًا في القارات ومن 4 إلى 12 كيلومترًا في المحيطات، وهي تختلف في شيء آخر عن قشرة التفاحة وهو أنها ليست قطعة واحدة تغطي الأرض بل تتكون من عدد من القطع التي تسمى بالصفائح التكتونية، والتي تتداخل، بعضها مع بعض بشكل يشبه الأحجيات الورقية، تلك الصفائح تتحرك ببطء، أو قل إنها تسبح لمسافة عدة سنتيمترات كل عام على طبقة أخرى للأرض تقع أسفلها وتسمى الوشاح.
وتقول واتس"اقترحت الأبحاث السابقة وجود ريشة وشاحية (تيار صاعد من الصخور الساخنة والمنصهرة في طبقة الوشاح تحت القشرة الأرضية)، لكن لم يكن معروفا كيف تتصرف هذه الريشة بالضبط، أما في هذه الدراسة، فقد تمكنا من اكتشاف أن هذه الريشة ليست ثابتة أو مستمرة بشكل متساو، بل تحتوي على نبضات أو دفعات صاعدة متقطعة، أي أنها ترتفع على شكل موجات أو نبضات تتغير شدتها وتركيبتها مع الوقت".
إعلانوتضيف "الأهم من ذلك، أن هذه النبضات المرتبطة بالوشاح الأرضي لها علاقة مباشرة مع سرعة انفصال الصفائح التكتونية فوقها، مما يعني أن حركة الصفائح لا تؤثر فقط على السطح، بل تتحكم أيضا بطريقة تدفق المادة الساخنة في أعماق الأرض، وهذا الربط بين نبضات الريشة وسرعة التمزق القاري هو جديد ولم يسبق أن تم إثباته في الدراسات السابقة".
وتشير نتائج الدراسة إلى أن عملية الانفصال القاري في شرق أفريقيا بدأت قبل نحو 30 مليون سنة، مع بداية التمزق الأولي في منطقة عفار، ومنذ ذلك الحين، تتباعد الصفائح التكتونية في هذه المنطقة بمعدل يتراوح بين 5 و16 ملم سنويا، وهو ما يعادل تقريبا معدل نمو أظافر الإنسان.
وبينما تبدو هذه السرعة ضئيلة، فإنها عبر الزمن تحدث فروقا هائلة في شكل القارات، فهذه العملية، المعروفة علميا بـ"التمدد القاري" تسبب تمزقا بطيئا في قشرة الأرض، حيث تتكون الشقوق، وتغزوها لاحقا المادة المنصهرة من باطن الأرض، ومع تراكم هذه المادة وتصلبها، تبدأ أولى مراحل تشكل قاع محيط جديد.
وتقول واتس "هذه العملية الجيولوجية ليست حبيسة الأعماق، بل يمكن رؤية آثارها على السطح بوضوح، فـوادي الصدع الأفريقي الكبير، الممتد من البحر الأحمر إلى موزمبيق، ليس إلا نتاجا مباشرا لهذا الانفصال القاري، كما تنتشر في المنطقة أكثر من 50 فوهة بركانية نشطة، إلى جانب زلازل مستمرة، وكلها إشارات إلى تمزق القشرة الأرضية وتمددها".
وتضيف "رؤية هذا العدد الكبير من البراكين والزلازل على امتداد الصدع ليس صدفة، إنها من العلامات الواضحة على أن الانقسام القاري بدأ فعليا، ومع ذلك، أؤكد أن دراستنا لا تشير إلى أن الخطر على السكان في تزايد، بل إن هذه العمليات تسير بوتيرة طبيعية وبطيئة للغاية".
ووفقا للبيانات المتوفرة، فإن انقسام أفريقيا ليس أمرا وشيكا، بل عملية تتطلب ملايين السنين لتكتمل، وتقدر الدراسة أن تشكل المحيط الجديد قد يستغرق من 5 إلى 10 ملايين سنة على الأقل، وهو الزمن اللازم لانفصال شرق أفريقيا تماما، وبدء تكون قاع المحيط بين الكتلتين.
وبمجرد اكتمال هذه العملية، ستتشكل قارة جديدة تضم الصومال، كينيا، تنزانيا، موزمبيق، وأجزاء من إثيوبيا، بينما تبقى الكتلة الكبرى من القارة في الغرب، بما فيها مصر والجزائر ونيجيريا وبقية الدول.
وكانت واحدة من الأسئلة المهمة التي تثيرها الدراسة، هي ما إذا كان من الممكن استخدام النبضات الصاعدة من الوشاح في التنبؤ بالنشاط البركاني، لكن واتس توضح أن "العلاقة الوحيدة المؤكدة حتى الآن بين هذه النبضات والبراكين هي في التركيب الجيوكيميائي للحمم البركانية الناتجة عنها، أما التنبؤ بمواعيد أو طبيعة الانفجارات فلا يزال بعيدا".
وتقول "لا نستطيع حتى الآن ربط النبضات مباشرة بتوقيت الثورانات البركانية، لكنها تعطينا فكرة أدق عن مصدر هذه البراكين ومكوناتها".
حالة متكررة في مناطق أخرىوما يجري في أفريقيا ليس حالة فريدة من نوعها، فعمليات الانقسام القاري وتشكل المحيطات تحدث باستمرار، وإن كانت ببطء شديد، في مناطق مختلفة من الأرض، فالمحيط الأطلسي، على سبيل المثال، لا يزال يتسع في منتصفه حتى اليوم. وهناك صدوع قارية أخرى مثل منطقة بايكال في سيبيريا، لكنها لا ترتبط دائما بنفس القدر من النشاط البركاني.
إعلانوتختم واتس بالقول: "القشرة القارية أكثر سمكا من القشرة المحيطية، لكن عندما تبدأ في التمزق، تتولد شقوق وزلازل، وفي بعض الأحيان بركان، حسب طبيعة الوشاح تحتها، وما يحدث الآن في شرق أفريقيا هو نموذج حي لتحول الأرض، ومختبر طبيعي يمكننا من خلاله فهم آلية تشكل القارات والمحيطات".