تهيمن مسألة انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي على قمة غرناطة المقررة، الخميس، والتي يشارك فيها 50 قيادياً أوروبياً، إلى جانب قضايا أخرى ملحة، كالصراع المتجدد بين أرمينيا وأذربيجان حول جيب ناغورني قرة باغ، والتوترات المتصاعدة بين صربيا وكوسوفو.

لكن، وبحسب مجلة "بوليتيكو"، فإن ملف انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد يأخذ حيزاً كبيراً من أجندة المجموعة السياسة الأوروبية، ويشغل بال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكثر من أي قائد أوروبي آخر، وهو الذي أطلق جهوداً طويلة وكبيرة لتحويل حلم كييف التي منحت صفة مرشح في يونيو (حزيران) 2022 إلى حقيقة.

 

وفي مارس (آذار) 2022، أي بعد شهر واحد فقط من بداية الحرب في أوكرانيا، طالب الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأن تصبح بلاده عضواً رسمياً في التكتل المؤلف من 27 عضواً، وضغط بشدة لتحقيق هدفه التاريخي، ولقي دعماً وتأييداً من أكثر من قائد أوروبي.

واليوم، عاد ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديير لايين، لإنعاش الجهود الأوروبية المشتركة، وإقناع قادة آخرين بدعم جهودهم وخاصة المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي يقود أكبر اقتصاد في التكتل، والمساهم الرئيسي في دعم أوكرانيا عسكرياً ومالياً لتعزيز صمودها أمام روسيا، خلال التئام الاجتماع الثالث للمجموعة السياسية الأوروبية، المنتدى الذي تم إنشاؤه رداً على الحرب الروسية، ويضم زعماء أوروبيين من خارج الاتحاد الأوروبي لبناء اتحاد سياسي أوسع وأكثر شمولاً.

مخاوف كثيرة

وتقول المجلة في تقريرها المنشور، الخميس، إن ثمة مخاوف كثيرة بين عدد من الأعضاء بشأن مدى جدوى توسيع التكتل، وتساورها شكوك مقلقة، من خطورة ما يحمله القرار من تهديد حقيقي للحمة الاتحاد.

خلف جهود ماكرون الحثيثة، يكمن طموح آخر، يتمثل في محاولته لتلميع إرثه كقائد أوروبي مثالي، خاصة قبل انتخابات الاتحاد المقررة العام المقبل، بحسب المجلة.

وأكبر عقبة في طريق ضم أوكرانيا للتكتل الأوروبي تتمثل في قدرة ماكرون على إقناع بقية دول الاتحاد على إجراء تغييرات هائلة في اللوائح التنظيمية، بما في ذلك الإصلاحات الداخلية للدول المرشحة، مثل أوكرانيا، وجورجيا، ومولدافيا. 

عقبة السياسات الزراعية

ووفقاً للعديد من الدبلوماسيين، فإن الرغبة في إدخال تغييرات على السياسة الزراعية للاتحاد الأوروبي وقواعد صنع القرار الجماعي منخفضة لدى بقية الأعضاء، على الرغم من دعمهم القوي لأوكرانيا.

وقال مستشار في قصر الإليزيه، إن فرنسا تضغط على زعماء الاتحاد الأوروبي للموافقة على بيان مشترك، في ختام قمة غرناطة حول إصلاح الاتحاد الأوروبي بالتزامن مع تفكير جدي في توسيع التكتل، مشيراً إلى أن التوقعات بالموافقة على التوسع تبدو محدودة.

وأضاف المستشار الفرنسي، أن "ماكرون يسعى لجعل التوسع يتم في أسرع وقت ممكن"، معقباً بالقول: "لكنني على المستوى الشخصي، لست متأكداً من أن تحديد موعد هو السؤال الأكثر شرعية".

واقترح رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل في وقت سابق، أن يكون الاتحاد الأوروبي جاهزاً للتوسع بحلول عام 2030، لكن هناك نقصاً في الإجماع حول هذا التاريخ.

ودعا وزير الخارجية الإيرلندي بيتر بيرك إلى توخي الحذر، وقال إن إيرلندا "تؤيد" التوسعة، لكنها تتحفظ على اختيار موعد محدد لذلك في 2030.

أما رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، فاعتبر في تصريحات نشرت في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن ضم أوكرانيا من دون إدراك الوقائع هناك بسبب الحرب، سيكون قراراً غير مسبوق.  

"منعاً للتفكك"

الخبير في الشأن الأوروبي والأستاذ في إدارة الأعمال ألبرتو أليمانو، يقول بدوره، إن مستوى الحماس لتوسيع الاتحاد الأوروبي وإصلاحه منخفض للغاية في الواقع".. ويضيف، "لا يريد شولتز وماكرون حقاً الإصلاح أو التوسع، لكنهما يدركان أنه ما لم يفعلا شيئاً الآن، فإن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يتفكك".

على الجانب الآخر، فإن لدى الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الكثير من التحفظات أيضاً، فبينما تريد ألمانيا وفرنسا أن تقوم الدول الأعضاء في التكتل بالإصلاح قبل أو أثناء عملية التوسعة، فإن دول الشمال ومنطقة البلطيق تريد أن تنضم أوكرانيا وغيرها أولاً، ثم تبدأ عملية الإصلاح بعد ذلك.

الوقت والإصلاحات

عامل الوقت هو الآخر له كلمة فاصلة في تسريع الانضمام أو إبطائه، أو إلغائه في أسوأ الأحوال، فعلى سبيل المثال، استغرقت عملية انضمام بلغاريا ورومانيا وكرواتيا إلى الاتحاد الأوروبي فترة بين 10 و 12 عاماً، وكانت ألبانيا ومقدونيا الشمالية والجبل الأسود وصربيا دولاً مرشحة رسمياً لسنوات، بيد أن طلباتها للانضمام توقفت.

الإصلاحات كذلك، لا تقل أهمية عن جميع العوامل الأخرى المذكورة سابقاً، ويطالب الاتحاد الأوروبي أوكرانيا بالبدء فوراً بالامتثال لمتطلبات الانضمام من خلال تعزيز سيادة القانون، وتحسين أوضاع حقوق الإنسان، والحد من النفوذ المالي الروسي، والتصدي للفساد المستشري في البلاد.

وفي ظل الحرب، لا تستطيع أوكرانيا تحقيق تلك الإصلاحات بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها، كما أنها عاجزة عن بناء اقتصاد سوق متكامل، وهو متطلب رئيسي آخر للانضمام إلى التكتل الأوروبي.. ويتمثل التحدي الآخر لأوكرانيا، في تطهير نظام محاكمها، الذي تعرض لانتقادات واسعة النطاق.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة أوكرانيا الاتحاد الأوروبي ماكرون غرناطة الاتحاد الأوروبی إلى الاتحاد

إقرأ أيضاً:

ما هي المصلحة الأوروبية من فرض عقوبات على إسرائيل؟

ذكر مقال نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" أنه لربما يكون صبر أوروبا على حرب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد قطاع غزة، وعلى اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، على وشك النفاد.

وأضاف المقال الذي كتبه مارتن ساندبو، أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدأ وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي مراجعة في اتفاقية ارتباط "إسرائيل" بالكتلة، بينما أوقفت بريطانيا المحادثات التجارية، وقام صندوق الثروة السيادي في النرويج بوضع شركة إسرائيلية على القائمة السوداء بسبب تسهيلها إيصال الطاقة إلى مستوطنات الضفة الغربية، وهدد زعماء كل من فرنسا وبريطانيا وكندا بفرض العقوبات.

وأوضح أنه "حتى ألمانيا، أكثر البلدان الأوروبية دعما لإسرائيل، راحت تنتقد سلوك البلد، قد يقول البعض إن هذا قليل جداً ومتأخر جداً. وسوف يشيرون إلى السرعة التي بادر بها الغرب إلى فرض عقوبات على روسيا، بأساليب ذات معنى وطرق غير مسبوقة، وذلك بعد أن قام بوتن بغزو أوكرانيا على نطاق واسع، ويخلصون إلى أن النفاق هو السبب من وراء الاختلاف بين التصرفين.


وذكر أنه "لا ريب في أن الغرب عامل روسيا وإسرائيل بشكل مختلف، ولا شك أن النفاق جزء من ذلك. ولكن القياس على الحرب في أوكرانيا مضلل أيضاً. فروسيا لم تواجه حملة ضد وجودها، ولم تتعرض لهجوم شنيع كذلك الذي تعرضت له إسرائيل على أيدي حماس".

وأشار إلى أن "المقارنة البسيطة لا تدرك ما هو مهم. من الممكن – بل من المعقول – رؤية أن من حق إسرائيل شن حرب ضد حماس في غزة مع الإصرار على أن يكون ذلك عبر طرق مشروعة، واستنتاج أن هذه الحدود المشروعة قد تم تجاوزها منذ وقت طويل. بالفعل، اجتمعت لدى الأمم المتحدة أدلة دامغة على ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة وفيما يتعلق بالاحتلال الذي يزداد توحشاً في الضفة الغربية".

وأضاف "بمعنى آخر، لا توجد حاجة لاعتبار الحربين متكافئتين بأي شكل من الأشكال من أجل الحكم بأن العقوبات مبررة في الحالتين. ولهذا فقد آن لأوروبا أن توضح تحديداً كيف ستفرض عقوبات على إسرائيل، ثم تطور قراراتها بفرض العقوبات لتتحول إلى إطار سياسة منتظمة حول كيفية استخدام هذه الأداة الجيوإقتصادية بشكل عام".

وأوضح أنه فيما يتعلق بالتفاصيل، لقد "غدا واضحاً أنه فيما لو اختارت البلدان الأوروبية فرض عقوبات، فلا مفر من أن تفعل ذلك بدون الولايات المتحدة. ولذا فقد حان الوقت لرسم خارطة للميادين التي سيكون فيها للعقوبات التي تفرضها أوروبا منفردة (أو بالاشتراك مع أي حليف راغب في ذلك) الأثر الأكبر. يغلب على الظن أن العقوبات المصرفية والمالية لن تكون فعالة، وذلك لأن الولايات المتحدة بإمكانها أن تضاعف أي دفعات وتزيد من قنوات التمويل".


وأكد أن "هناك استثناء واحد، يتمثل في تجميد احتياطيات العملات الأجنبية، كما فعل الغرب مع روسيا، لأن من شأن ذلك أن يفرض تكلفة اقتصادية. يستثمر بنك إسرائيل ما يقرب من ربع احتياطياته الضخمة نسبياً في أوروبا. فيما لو صدر الأمر بالتجميد فإن هذه الاحتياطيات لن تكون متوفرة وسوف يتعذر استخدامها من أجل تحقيق الاستقرار المالي، ويمكن مع مرور الزمن تكريس هذه الأموال لدفع أي تعويضات تستحق للفلسطينيين. أما أقسي العقوبات فلربما تكون في ميداني التجارة والسفر".

وتجلب "إسرائيل" ما يقرب من نصف بضائعها المستوردة من أوروبا، وتبعث بما يزيد عن ثلث صادراتها إلى القارة، وذلك طبقاً لما يقوله مكتب الإحصائيات التابع لها. يشكل الوقود نصيباً كبيراً من المستوردات، وهي تجارة تتمتع أوروبا بنفوذ فائق فيها نظراً لما لديها من هيمنة في مجال خدمات الشحن البحري.

وما لا يقل عن ربع تجارة الخدمات الإسرائيلية الضخمة تتم أيضاً مع الأسواق الأوروبية. وأي قيود تفرض على الخدمات التجارية وعلى السياحة يمكن أن تسبب كثيراً من الإعاقة، ولذلك فإن التحضير للعقوبات أمر مهم ويتجاوز الواجب الأخلاقي والسياسي في الرد على ما يتم ارتكابه من انتهاكات للقانون الدولي.

وذكر المقال أن الاتحاد الأوروبي يحتاج بشكل خاص إلى تطوير آلية اتخاذ القرارات بشأن فرض العقوبات، موضحا أن "إجراءاته القوية تحققت ضد روسيا على الرغم من الشجارات السياسية والمزاعم بعدم الوضوح من الناحية القانونية. لا مفر من أن تستمر هذه المثالب، رغم أنه أمكن التغلب عليها مراراً في حالة العقوبات المفروضة على موسكو، في إعاقة قدرة الاتحاد على استخدام نفوذه الدبلوماسي".

وبين أن الاتحاد الأوروبي يحتاج أيضا إلى توضيح وتكريس ما هي المسالك تفضي إلى ردود أفعال معينة، ويحسن به تخليص القرارات الخاصة بالعقوبات من متطلب الإجماع المعمول به حالياً، والذي يقوض قدرة سياستها الخارجية على ممارسة النفوذ.


وقال إن "ثمة حاجة إلى إعداد العدة لمواجهة أي محاولة أمريكية للتخريب، علماً بأن التخريب جار حالياً من خلال تحركات واشنطن التي تهدف إلى إضعاف المحكمة الجنائية الدولية.

وأوضح أنه "بإظهار أنه مستعد لاتخاذ إجراء ضد إسرائيل فيما لو اختار ذلك، يثبت الاتحاد الأوروبي أنه على استعداد للتصرف ضد كل من يرتكب انتهاكات جسيمة بحق القانون الدولي".

وختم بان "الالتزام الثابت بالقانون من شأنه أن يجعل التهديدات بفرض العقوبات تبدو أكثر صدقية.
كما أن المحفزات على احترام الخطوط الحمر الأوروبية سوف تعزز من احترامها وفي نفس الوقت تعطي مؤشراً على وجود تبعات يتحملها من يتجاوزها. كان أحد الرؤساء الأمريكيين هو من نصح بالحديث بنعومة وحمل عصا غليظة. والاتحاد الأوروبي اليوم هو أحق الناس بالأخذ بهذه النصيحة".

مقالات مشابهة

  • مسؤول فلسطيني: الاحتلال يسابق الزمن لتنفيذ مخططاته بالضفة
  • عُمان بالمستوى الثالث في مؤشر الحقوق العالمي للاتحاد الدولي للنقابات
  • محمد أحمد ممثل للاتحاد السكندري في اجتماع اتحاد الكرة ورابطة الأندية
  • ما هي المصلحة الأوروبية من فرض عقوبات على إسرائيل؟
  • «عمومية عربي الدراجات» تعتمد استمرار مجلس الإدارة الحالي
  • ماكرون يدعو الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على إسرائيل بسبب أزمة غزة
  • الاتحاد الأوروبي يدين استمرار العنف الممنهج الذي تمارسه حركة 23 مارس ضد المرأة بالكونغو
  • اتحاد الكرة وتسويق الوهم والاستثمار
  • ماكرون يثير غضب بكين بمقارنته بين أوكرانيا وتايوان.. رد حادّ وعنيف!
  • ماكرون يحذر من تركيز واشنطن على الصين على حساب أوكرانيا