يبقي أمير الشعراء أحمد شوقي فعلاً أفضل شعراء العربية الفصحي بحسب كبار النقاد في تاريخ الأدب العربي وحتي المستشرقين الذين حاورهم كثيرا في باريس وفي منزلة فقد كان صالون شوقي جامعة كبري تستقبل عظماء عصره من الأدباء والسياسين وله صداقات مهمة مع طاغور الشاعر الهندي الكبير وحتي غاندي نفسة كان من محبي شوقي بك وترجمت أشعر شوقي للهندية والفرنسية والإنجليزية والإيطالية وهو من كتب الشعر بالفرنسية ويجيد الأسبانية والإنجليزية، وشوقي بك من مواليد 16 أكتوبر 1868 م، لكن في حياة أمير الشعراء قصص وحكايات غربية، فكان يحب صديق عمره بيرم التونسي، كان يزوره في باريس أثناء نفي شوقي لمدريد، ونفي بيرم لفرنسا، في عاصمة النوركان لقاء العمالقة بيرم وشوقي وطه حسين والمؤرخ الكبير صبري السربوني ومولانا الجليل فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور مصطفي عبد الرازق ( شلة باريس بتعبير بيرم )، كانت أشعر بيرم جعلت شوقي يقول بيرم يقد ينسي الناس اللغة العربية الفصحي، كانت عبارة شوقي تشيرإلى هذا الذيوع غير المسبوق لأشعار بيرم العامية وجريانها على الألسنة عبر الوسيط الموسيقي والغنائي، وكان الشيخ زكريا أحمد صاحب النصيب الأكبر في تلحين نصوص بيرم التونسي.

. وبِغَضْ النظر عن عمق العلاقة، ومتانة الصداقة بين بيرم وزكريا، فالمؤكد أن طريقة شيخ الملحنين وأسلوبه التلحيني المتفجر بخفة الروح والسخرية كانت الأنسب لما يسطره بيرم من كلمات، لتشدو به كوكب الشرق، وقد ظلت العلاقة بين بيرم وشوقي عجيبة وغريبة.. إعجاب متبادل، وحزن كبير في قلب بيرم لازمه طوال محنة النفي إذ كان يتمني أن يتوسط له شوقي عند الملك طلبا للعفو، كي يعود لمصر لكنه لم يفعل، فلو عاد بيرم لمصر لتغير وجه الشعر فيها بأكثر من ذلك بكثير، بما كان سيبدعه بيرم، وكان شوقي يحب الوفد مثل بيرم ولولا ثورة 19 لمات شوقي وبيرم في الغربة والنفي، عاد شوقي إلى مصر سنة 1920م بعد أن انتصرت ثورة 1919، واستقلت مصر عن إنجلترا اسميا، في نفس الوقت كان بيرم في ثلج باريس يلهث وراء عدة فرنكات كي يبقي علي قيد الحياة، ويبدأ كتابة أروع الأشعار، فهو أبرز شعراء ثورة 1919، وكاتب الغنوة الشهيرة “يا بلح زغلول” احتفاء بسعد باشا، ويرد شوقي بنشر قصيدة الحرية الحمراء وبذكاء أمير الشعراء يسجل قصة نفيه في القصيدة فقد كان يعلم ملاحقة بيرم فنيا له:

يوم البطولة لو شهدت نهاره.. لنظمت للأجيال ما لم ينظم

غبنت حقيقته وفات جمالها… باع الخيال العبقري الملهم

لولا عوادي النفي أو عقبانه.. والنفي حال من عذاب جهنم

لجمعت ألوان الحوادث صورة… مثلت فيها صورة المستسلم

وحكيت فيها النيل كاظم غيظه… وحكيته متغيظا لم يكظم

دعت البلاد إلى الغمار فغامرت… وطنية بمثقف ومعلم

ثارت على الحامي العتيد وأقسمت…بسواه جل جلاله لا تحتمي

ثم ينفعل بيرم ابن الثورة المطرود من جنة بهية كما كان يطلق علي مصر، ويكتب للثورة ولسعد والثوار مرة أخري فيقول:

اطْـلَـعْ نَـهَـارِ الْـجُـمْـعَـة فُوقِ الْمِنْبَرْ وَقُـولْ يَـعِيشْ سَعْدِ الرَّئِيسِ الْأَكْبَرْ

قُـولُـوا لِـعِـينِ الشَّمْسِ مَا تِحْمَاشِي إِلَّا رَئِــيـسِ الْـوَفْـدِ صَـابِـحْ مَـاشِـي

سِـمِـعْ طُـبُـولِ الْـحَـرْبِ مَاسْتَنَّاشِي وِقَـالْ وَكِـيـلِ الْـبِـنْـتِ لَازِمْ يِـحْضَرْ

وِقُـولْ لِـمُـوجِ الْـبَـحْرِ يَا مُوجْ هَدِّي وُاصْـبُـرْ كِـدَا لَـمَّـا الـسَّـفِـيـنَة تْعَدِّي

وِيَــا سَـحَـابَـة يَـاللِّـي فُـوقُـه مِـدِّي ظِـلِّـكْ عَـلَـى قَـدِّ الْـكَـبِـيـنْ وِالْـعَنْبَرْ

يَـا يُـومْ مُبَارَكْ يُومْ مَا شُفْتِ بْلَادَكْ وِالْأُمَّـــة حَـــوْلَــكْ كُــلَّــهَــا أَوْلَادَكْ

وِالْـغِـيظْ دَخَلْ قَطَّعْ قُلُوبْ حُسَّادَكْ لَــمَّــا عَــلَــى إِيــدَكْ بِــلَادْ تِـتْـحَـرَّرْ

الــزَّهْـرِ مِـنْ شُـوقُـه لِـرُؤْيَـاكْ فَـتَّـحْ وِالشَّمْسِ بِتْقُولْ لَكْ يَا سَعْدِ تْصَبَّحْ

شاء القدر أن يرحل شوقي الذي قال عن شعر بيرم: “هذا زجل فوق مستوى العبقرية” ويرثيه وكان ما يزال بمنفاه بباريس قائلا:

مكتوب لي في الغيب مصيبة و الغيب عن علمي خــــافي

تطــــــــــول حياتي الكئيبة و أرثي أميــــــر القـــــوافي

يا شوقي ساعة رهيبـــــة لما المنـــــايا توافـــــــــي

عزيز على الشرق بات له الشرق صـــــارخ و لاطم

و قفت أرثيك بصـــــــوتي و الصوت على البعد خافت

موتك، و يا ريتــــــه موتي أنطق لســـــان كل ساكت

و مين ما يسمـــــع خفوتي في ميتمك لمــــا ناحـــت

النواحــــــين في البــوادي و المنشدين في العواصم

شعوب محمد و عيسى لهم مذاهـــب مذاهـــب

جامع يخالــــــــف كنيسة و شيخ على عكس راهب

قروا صحـــــايف نفيسة لك فيها وحـــي المواهب

الكل صلـــــــــــوا عليها القبعـــــات و العمــــايم

تسأل باريس عن غيابك وإنت عــــــارف جوابها

دي مكتبك في شبابك وملعبك في شبــابها

وصفتها في كتابــــــك يوم كنت تخشى خرابها

لو كان تقــــدر جميلك تنصب عليـــك المياتم

من جاك وزارك في دارك و قال يا دار ابن هاني

يقـــــول لقبرك مبــارك اقبل يا قبــــــر التهاني

يا قبــــــر طال افتخارك على القبور و المباني

فيك الأمير اللي ساهر فيك الأمير اللي نايــم.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أحمد شوقي ثورة 19 أمیر الشعراء

إقرأ أيضاً:

الحكم على رئيس الوزراء التونسي الأسبق بالسجن 34 عامًا.. فماذا فعل من جرائم؟

قضت محكمة تونسية بسجن رئيس الوزراء الأسبق علي العريض 34 عاما بتهمة الإرهاب لمساعدته في إرسال مقاتلين إلى العراق وسوريا، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام.

كان العريض، البالغ من العمر 69 عامًا، زعيمًا لحزب النهضة، الذي حكم تونس لفترة وجيزة بعد انتفاضة شعبية عام 2011.

ويعد من منتقدي الرئيس التونسي قيس سعيد.

النتائج الأولية تشير إلى احتفاظ حزب العمال الأسترالي بالسلطةجنبلاط يطالب الدول العربية بدعم سوريا لمواجهة العدوان الإسرائيليجيش الاحتلال يعلن انتشاره في جنوب سوريا دعما للدروزعبوة ناسفة.. مقت.ل سيدة في انفجار بمدينة سالونيك اليونانية

وألقي القبض عليه في ديسمبر 2022 بتهمة تشكيل جماعة ومساعدة تونسيين على السفر للانضمام إلى جماعات في العراق وسوريا، بحسب ما قال محاميه أسامة بوثلجة.

ونفى العريض التهم الموجهة إليه، ووصف محاموه القضية بأنها ذات دوافع سياسية.

وذكر "أنا لست مجرماً... أنا ضحية في هذه القضية"، هذا ما كتبه في رسالة وجهها إلى مكتب المدعي العام في تونس في 18 أبريل.

أصدرت المحكمة الجنائية في تونس، أحكاما بالسجن 26 عاما على عنصرين سابقين في قوات الأمن، هما فتحي البلدي وعبد الكريم العبيدي، وفق ما ذكرت عدة وسائل إعلام.

ونقلت إذاعة موزاييك عن مصدر قضائي قوله إن الأحكام الصادرة على المتهمين الثمانية تراوحت بين 18 و36 عاما.

وكانت هذه أحدث سلسلة من الملاحقات القضائية التي استهدفت أشخاصًا منتقدين لسعيد.

وفي إحدى المحاكمات الأخيرة، صدرت أحكام قاسية على نحو 40 متهماً.

وقالت الأمم المتحدة إن نحو 5500 تونسي قاتلوا في صفوف الجماعات، بما في ذلك تنظيم داعش في العراق وسوريا وليبيا، بين عامي 2011 و2016.

طباعة شارك محكمة تونسية رئيس الوزراء الأسبق تونسيين العراق وسوريا الرئيس التونسي قيس سعيد علي العريض

مقالات مشابهة

  • "زى الدهب".. مصطفى شوقي يغني من قلب أسوان ويكشف عن مفاجآت موسيقية جديدة
  • «شاعر المليون» يواصل استقبال طلبات المشاركة حتى 15 مايو
  • السجن 34 عاما لوزير الداخلية التونسي السابق علي العريض
  • الحكم على رئيس الوزراء التونسي الأسبق بالسجن 34 عامًا.. فماذا فعل من جرائم؟
  • الأهلي المصري يقترب من التعاقد مع التونسي بن رمضان
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: متعة الشعر وشقاء الناقد
  • قصائد "العازي" و"المنكوس" تنثُر جمالياتها في "أبوظبي الدولي للكتاب"
  • من فكرة إلى تحفة، أديم يجسّد الإبداع السعودي في أبهى صورهبكل فخر واعتزاز، احتفلنا بتدشين طقم أديم الفائز في تحديات “تنوين” لتصميم الوحدات المرنة
  • أبرزها توفير مقر مناسب لقصر ثقافة العاصمة.. ننشر توصيات مؤتمر اليوم الواحد الأدبي بالغربية
  • بيرم: كل التبريك للعمال والدعم لنيل حقوقهم اللائقة