وكيل الأزهر: منهج الإسلام واضح في الحد من الفقر الغذائي ووضع علاجا مهما له
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن من أسرار عظمة ديننا الإسلامي أنه ما ترك جانبا من جوانب الحياة إلا وتناوله إما تصريحا وإما تلويحا، ومن الجوانب التي تناولها هذا الدين واهتم بها اهتماما بالغا قضية الأمن، فالأمن نعمة عظيمة، بها يهنأ الإنسان بعيشه، فيشعر بلذة العبادة ومتعتها التي هي غذاء القلب والروح، ولذة الطعام ومتعته الذي هو غذاء الجسد.
وأضاف وكيل الأزهر خلال كلمته بمؤتمر كلية الزراعة بجامعة الأزهر والذي جاء تحت عنوان: (الزراعة والتحديات المستقبلية: الأمن الغذائي: التحديات والمواجهة)، أن تأمين الغذاء من مجالات الأمن التي عني بها الإسلام، وذلك لأن الغذاء به قوام النفس وبقاؤها، وحفظ النفس أحد الضرورات الخمس التي أوجب الشارع حفظها، «بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين» على حد عبارة الشاطبي رحمه الله.
وبين الدكتور الضويني أن القرآن لفت أنظار البشرية إلى أهمية الغذاء في حياة الأمم والشعوب، وبين أنه أحد ركني الحياة الآمنة التي تستحق الشكر، وذلك من خلال ربط الأمن الغذائي بالاستقرار، وقد تجلى ذلك المعنى في سورة قريش، حيث أعلن الله -عز وجل- أنه امتن على قريش بنعم تستوجب شكر الله وعبادته، فقال: {الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}، وفي الجمع بين إطعامهم من جوع وتأمينهم من خوف بيان لصفات الحياة الآمنة حقيقة، لأن الإنسان لا ينعم ولا يسعد إلا بتحصيل هاتين النعمتين معا، إذ لا عيش مع الجوع، ولا أمن مع الخوف، وإنما تكمل النعمة باجتماعهما.
وتابع فضيلته أن السنة النبوية لم تغفل الإشارة إلى أهمية الأمن الغذائي في حياة الأمة، فقد جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توفير القوت والغذاء أحد أركان ثلاثة من أركان الحياة الآمنة المستقرة، فقال: «من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا»، مضيفا أن الغذاء كان متوفر وسهل في فجر التاريخ للإنسان، ولكن مع زيادة الطلب بسبب زيادة السكان، أو بسبب الترف ونمط الاستهلاك والجور على الأراضي الزراعية وشيوع الأنماط التقليدية في الاستزراع، لهذا كله ولغيره أيضا صار الإنسان يعاني من أجل توفير غذائه.
وأوضح وكيل الأزهر أن نقص الغذاء على مر العصور شكل تحديا للإنسان يدفعه إلى العمل والكدح وابتكار وسائل جديدة تحاول من الإفادة من هذه الأقوات المقدرة التي وهبها لنا الخالق جل وعلا، ولم لا يكون الأمن الغذائي مطلبا ضروريا وهو سبيل المحافظة على النفس التي تحمل الدين، وتصون الوطن، وقد أشار إلى هذا المعنى الغزالي رحمه الله في كتابه «الاقتصاد في الاعتقاد» حين قال: «إن نظام الدين لا يحصل إلا بنظام الدنيا، ونظام الدين يحصل بالمعرفة والعبادة ولا يتوصل إليهما إلا بصحة البدن وبقاء الحياة وسلامة قدر الحاجات من الكسوة، والمسكن، والأقوات» إلى أن يقول: «فلا ينتظم الدين إلا بتحقيق الأمن على هذه المهمات الضروريات».
وبين وكيل الأزهر أنه إذا كان عالمنا اليوم يعاني من مشكلات عديدة في جميع مجالات الحياة فإن قضية الأمن الغذائي تأتي في مقدمة هذه القضايا، وذلك نظرا لانعكاساتها السلبية وأخطارها التي تسهم في صيانة العقائد والهويات، ومن هنا كان واجبا على الأمة الإسلامية، بل فرض عين عليها أن تتنبه لهذا الموضوع وأن تبادر لبناء جسور التعاون والتواصل والتنسيق فيما بين مؤسساتها لاستثمار طاقات العالم الإسلامي وثرواته وتحقيق الأمن الغذائي في إطار تنموي مستقل ومتكامل مبني على أساس إسلامي بالأخذ بالأساليب العلمية والتقنية الحديثة في العمل والإنتاج كالتزام إسلامي لضمان نجاح التنمية.
وأكد الدكتور الضويني أن تحقيق الأمن الغذائي للبشر مطلب أساسي تعمل الدول كلها على تحقيقه، بل هدف ملح تسعى جميع الدول بأسرها إلى الوصول إليه خصوصا في هذا الوقت الذي نشهد فيه ركودا اقتصاديا عالميا، وتتوالى فيه الأزمات المالية التي تعصف بسلامة العالم واستقراره، وتترك خلفها ملايين الفقراء والجياع الذين يبحثون عن مصدر رزق يوفر لهم لقمة العيش والأمن، ومن هنا كان منهج الإسلام واضحا في الحد من هذا الفقر الغذائي، حتى إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالغرس حتى وإن كان قرب قيام الساعة، فيقول: «إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها».
واختتم وكيل الأزهر كلمته بأنه إذا كان من أهم التحديات التي تحول دون تحقيق الأمن الغذائي ما يواجهه العالم من تغيرات مناخية، وتصحر، وندرة المياه، وشيوع أساليب تقليدية في الزراعة وغير ذلك من تحديات، فإنا لنرجو أن يتمخض هذا المؤتمر عن نتائج عملية تقدم حلا حقيقيا يكشف عن الاتجاهات الحديثة والمبتكرة لزيادة الإنتاج الزراعي، واتساع الرقعة الزراعية أفقيا ورأسيا، وطرق الحد من تأثير التغيرات المناخية على الغذاء ومصادره، وكيفية تحقيق التنمية المستدامة للأراضي والمياه، والاستفادة من التكنولوجيا وإمكانياتها في الهندسة الزراعية إلى آخر ما ننتظره من هذا المؤتمر العلمي الواعي.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأزهر وكيل الأزهر محافظة الأمن الغذائی وکیل الأزهر
إقرأ أيضاً:
إشادة باكستانية بدور المملكة في خدمة الإسلام ودعم الأمن العالمي
أشاد مسؤولون وبرلمانيون وعلماء في باكستان بالدور الريادي الذي تؤديه المملكة في دعم الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، وخدمة الإسلام والمسلمين، خاصة القضية الفلسطينية، وخدمة الحجاج والمعتمرين، والعناية بالحرمين الشريفين.
جاء ذلك خلال مؤتمر عقد في إسلام آباد يوم الثلاثاء برعاية جمعية أهل الحديث المركزية، وبتنظيم من مجلس التضامن الباكستاني السعودي، بعنوان "خدمة حجاج بيت الله الحرام الدور الرائد للمملكة العربية السعودية وباكستان"، برئاسة رئيس جمعية أهل الحديث المركزية الشيخ د. الحافظ عبدالكريم.
حضر المؤتمر سفير خادم الحرمين الشريفين لدى باكستان نواف بن سعيد المالكي، ووزير الشؤون الدينية الباكستاني سردار محمد يوسف، ونخبة من العلماء والمسؤولين، وأعضاء من البرلمان الباكستاني، وقيادات الجماعات الدينية والسياسية من مختلف أنحاء باكستان.
ورفعت جمعية أهل الحديث التهاني إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-، على ما قُدم من تنظيم متميز وخدمات متكاملة لضيوف الرحمن.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } تنظيم متميز وخدمات متكاملة لضيوف الرحمن - واس
وأشاد المؤتمر في بيانه الختامي بالخدمات الجليلة التي تقدمها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-، في تنظيم موسم الحج، وتوسعة الحرمين الشريفين، وتطوير البنية التحتية، والتسهيلات والخدمات المتكاملة لضيوف الرحمن، وبنجاح موسم الحج لهذا العام.
كما أكد وقوف المشاركين الكامل إلى جانب المملكة في مواقفها الثابتة والمشرفة تجاه قضايا الأمة الإسلامية، وفي مقدمتها الدفاع عن مقدسات المسلمين وخدمة قضاياهم العادلة، والدعوة إلى تعزيز التعاون المؤسسي والديني بين المملكة وباكستان خاصة في شؤون الحج والعمرة، بما يُسهم في راحة الحجاج الباكستانيين وتيسير أدائهم للمناسك.