لجريدة عمان:
2025-05-18@16:47:39 GMT

المشروع الفكري لـطه حسين «2»

تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT

فكر طه حسين كان فكرًا نقديًّا مثيرًا للجدل حتى فيما يتعلق بموقفه من التراث، وهو ما أدى إلى خلق صورتين متباينتين لدوره في الثقافة العربية: فهو يبدو أحيانًا ذلك المارق الهادم لمقدسات الذاكرة الجماعية للأمة، ويبدو في أحيان أخرى ذلك المفكر التنويري الذي يعد رائدًا للعقل الحداثي النقدي في الفكر والأدب. ولكننا ينبغي أن نضع الفكر النقدي لطه حسين موضع النقد أيضًا.

وقد انتهيت في مقالي السابق إلى أن موقفه في نقد التراث قد اعتمد على ما يسميه الناقد الدكتور عبد الله إبراهيم «مبدأ المقايسة» (في كتابه: الثقافة العربية والمرجعيات المستعارة، ص. 9)، بمعنى القياس على نموذج الحضارة الأوروبية الحديثة في الفكر وفي السياسة، وبذلك تهتدي الثقافة العربية بمرجعيات لها ظروفها وشروطها التاريخية المختلفة. ويمكننا الآن أن نطبق ذلك على منحى آخر مغاير من فكر طه حسن، وهو المنحى المتعلق بموقفه من التعليم والثقافة، الذي تناوله طه حسين في كتابه الشهير بعنوان «مستقبل الثقافة في مصر»، المنشور بدار المعارف سنة 1838.

معظم فصول هذا الكتاب مكرسة لرؤية طه حسين للتعليم، وحوالي ثلثه مكرس لرؤيته للثقافة. ولا مراء في أن طه حسين قد سعى إلى إصلاح التعليم من خلال رؤية تنويرية ليبرالية باعتباره مفكرًا وباعتباره سياسيًّا مسؤولًا شغل منصب عميد كلية الآداب، بل وزير التعليم في مصر. أما ما كان يطالب به طه حسين لإصلاح التعليم، فقد نجح في تحقيق بعضه حينًا من الدهر، ولكنه ما لبث أن تراجع من بعده، حتى إنه ليبدو الآن مطلبًا ملحًّا من جديد، ويمكن إيجاز أهم هذه المطالب فيما يلي:

- التأكيد على مجانية التعليم باعتباره حقًّا طبيعيًّا كالماء والهواء، وفي هذا المطلب تأكيد دور الدولة في توفير التعليم ورعايته بالنسبة إلى كل المواطنين؛ ومن ثم التأكيد على ديمقراطية التعليم وتكافؤ الفرص بالنسبة إلى المتعلمين.

- تطوير برامج التعليم، واستحداث التخصصات العلمية المتجددة، والعناية بتطوير الدراسات العليا والبحوث.

- التأكيد على أن الامتحانات وسيلة وليست غاية، وتلك- لعمري- حكمة بالغة نحتاج إليها في أيامنا هذه التي ينشغل فيها أفراد قاموا على شؤون جودة التعليم في بلداننا، فتراهم ينشغلون بنوع الأسئلة وأساليب قياسها كميًّا، بل بتقديم إجابات نموذجية عن الأسئلة!، وغير ذلك من الصغائر التي لا تمت لجودة التعليم بأية صلة، وكأن هذا هو المراد من رب العباد.

- تعليم اللغات، وإعداد جيل من العلماء. ولا ينبغي أن ننسى في هذا الصدد أن طه حسين قد عُني بتأسيس الدراسات التاريخية، فضلًا عن عنايته بإنشاء قسم الدراسات الكلاسيكية التي تُعني باللغات والآداب اليونانية والرومانية القديمة.

- الاهتمام بشؤون المعلمين، وبتكوين جيل من المعلمين الأكفاء، وهو ما يقتضي رفع رواتبهم بما يضمن حياة كريمة لهم؛ ولهذا ينبغي ربط درجات أعضاء هيئة التدريس بدرجات رجال القضاء والنيابة. ولقد تحقق مطلب طه حسين بمرور الأيام حتى بتنا نرى رجال القضاء أنفسهم بعد رحيله يطالبون- في عصر السادات- بمساواتهم بأعضاء هيئة التدريس. ولكن الآية انقلبت بعد ذلك، حتى بتنا نجد هوة شاسعة بين رواتب ومزايا القضاة المرتفعة في مقابل نظيرها المتدني لدى هيئات التدريس في الجامعات، ناهيك عن هيئات التدريس بالمدارس الحكومية. وفي ذلك أبلغ دليل على مكانة المعلمين المتدنية في المجتمع والدولة.

ومن هذا نرى أهمية التعليم في المشروع الفكري لطه حسين، باعتباره السبيل لنهضة الأمم والشعوب؛ فالتعليم عنده ميزة كبرى تمتاز بها شعوب على غيرها، وفي هذا فليتنافس المتنافسون. ولكننا ينبغي أن نتساءل عن دور التعليم في تأسيس الثقافة والهوية في فكر طه حسين، فهنا يصبح موقفه موقفًا إشكاليًّا؛ لأنه يلجأ هنا مرة أخرى إلى «مبدأ المقايسة»، أعني قياس الثقافة التي ينبغي أن نتطلع إليها على نموذج الثقافة الأوروبية. وربما يقول البعض هنا: وما الإشكال في هذا؟ لقد استفادت الحضارة اليونانية من الحضارات السابقة عليها، وعلى رأسها الحضارة المصرية القديمة، فما الذي يمنعنا الآن من أن نستفيد بدورنا من الحضارة الأوروبية الحديثة: حضارة البحر المتوسط التي تربطنا جميعًا؟! والواقع أن طه حسين في كتابه «مستقبل الثقافة في مصر» حاول البرهنة على العلاقة الوثيقة بين «العقل المصري» و «العقل اليوناني»، وعلى ما هنالك من تشابه بين العقل الإسلامي والعقل الأوروبي: فكلاهما نتاج للحضارة اليونانية بفلسفتها والحضارة الرومانية بآدابها وفقهها، فضلًا عن المكون الديني في كل منهما. ولا مراء فيما هنالك من صلات بين الحضارة اليونانية والحضارة المصرية القديمة من جهة والحضارة الإسلامية نفسها فيما بعد، ولكن التلاقح بين الحضارات والثقافات لا يمكن أن يعني إمكانية تماهي إحداهما مع الأخرى؛ ولذلك فإننا تستولي علينا الدهشة الممزوجة بالاستنكار حينما نجد أن طه حسين يطالبنا بأن «نتعلم كما يتعلم الأوروبي، ونشعر كما يشعر الأوروبي، لنحكم كما يحكم الأوروبي ونعمل كما يعمل..»

وعلى هذا يمكننا القول بأن طه حسين لم يؤسس لمشروع ثقافي قائم على الشعور بالهوية والاختلاف، وإنما لمشروع يقوم على المطابقة مع الآخر. وقد سار على هذا النهج كثير من رواد المشروعات الإصلاحية أو النهضوية في ثقافتنا المعاصرة، وغلبت على مواقفهم نزعة التوفيق أو التلفيق بين الثنائيات» كمفهومي الأصالة والمعاصرة، والتراث والتحديث، وما إلى ذلك.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التعلیم فی ینبغی أن فی هذا

إقرأ أيضاً:

الليلة.. سامح حسين وأسرته مع منى الشاذلي

سامح حسين .. نشر الفنان سامح حسين بعض الصور من لقائه مع الإعلامية منى الشاذلي، والمقرر عرضه اليوم الجمعة، لترتفع معدلات البحث عبر «جوجل» عن موعد عرض حلقة سامح حسين مع منى الشاذلي.

سامح حسين مع منى الشاذلي

وروجت الإعلامية منى الشاذلي لحلقة الفنان سامح حسين عبر حسابها الرسمي على موقع تبادل الصور والفيديوهات إنستجرام وعلقت قائلة: «حلقة الجمعة سامح حسين وزوجته وأولاده ضيوف معكم منى الشاذلي».

View this post on Instagram

A post shared by Mona Elshazly - منى الشاذلي (@monaelshazly.official)

حلقة سامح حسين مع منى الشاذلي

ونشر الفنان سامح حسين بعض الصور من حلقته مع الإعلامية منى الشاذلي، عبر حسابه الرسمي على موقع تبادل الصور والفيديوهات إنستجرام، وعلق «من حلقة بكرة إن شاء الله في معكم منى الشاذلي يارب تعجبكم ونكون ضيوف خفاف ولطاف عليكم ».

View this post on Instagram

A post shared by Wessam Abdelkader (@wessamhamed88)

موعد عرض حلقة سامح حسين مع منى الشاذلي

ومن المقرر أن يكون موعد عرض حلقة سامح حسين مع منى الشاذلي في برنامج معكم منى الشاذلي مساء اليوم الجمعة 16 مايو في تمام الساعة الـ 10 مساءً، عبر شاشة قنوات «ON»

وتُعاد حلقة سامح حسين في برنامج معكم مني الشاذلي يوم السبت في تمام الساعة الـ 11 مساءً بتوقيت مصر.

سامح حسين مع منى الشاذلي آخر أعمال الفنان سامح حسين

ويُعرض للفنان سامح حسين في السينمات حالياً، فيلم استنساخ وهو من تأليف وإخراج عبد الرحمن محمد، ويشارك فى بطولته هبة مجدى.

وتدور الأحداث فى إطار من الإثارة والتشويق، حيث يستعرض التأثيرات الحديثة للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى دور نظارات الواقع الافتراضي VR فى إعادة تشكيل المفاهيم التقليدية.

سامح حسين مع منى الشاذلي

برنامج قطايف

وقدم سامح حسين برنامج «قطايف» فى رمضان الماضى، حيث جمع بين الكوميديا الخفيفة والمحتوي التثقيفي في قالب ممتع يناسب جميع الأعمار، ويتلخص هدف برنامج قطايف فى تقديم محتوى خفيف يجمع بين المعلومات العامة، الحكايات التراثية، والحوارات الطريفة، وهو ما لاقى تفاعلاً كبيرا من الجمهور المصرى.

سامح حسين مع منى الشاذلي

وقدم سامح حسين آخر أعماله السينمائية فيلم «ساندوتش عيال» الذي تم عرضه على المنصات العام الماضي، وشارك في بطولته نور قدرى، إيمان السيد، إبرام سمير، وعدد من الأطفال الذي حققوا شهرة كبيرة في الفترة الماضية منهم يوسف صلاح مؤدى أغنية الغزالة رايقة، ومنذر مهران الذى لعب دور سمير في مسلسل جزيرة غمام، وزياد الشرقاوي الذي شارك بدور كريم في مسلسل ولاد ناس.

اقرأ أيضاًسامح حسين وأسرته ضيوف برنامج «معكم منى الشاذلي» الجمعة المقبلة

أبطال نجوم الساحل في ضيافة «معكم منى الشاذلي» بهذا الموعد | فيديو

سهر الصايغ ضيفة «معكم منى الشاذلي» الخميس

مقالات مشابهة

  • كعكة الرئيس.. فيلم عراقي يتناول فترة حكم صدام حسين المظلمة بمهرجان كان
  • الرئيس عباس يمنح الفنان محمد حسين عبد الرحيم وسام الثقافة
  • الرئيس الفلسطيني يمنح الفنان محمد حسين عبد الرحيم وسام التألق
  • نائب أمريكي: ينبغي لنا أن نشارك سوريا تطلعها نحو المستقبل
  • ورشة في صنعاء لمناقشة مشروع وثيقة نظام التصنيف الوطني لمؤسسات التعليم العالي
  • حسين: قمة بغداد رفضت أي تدخل في شؤون الدول العربية
  • لأول مرة.. سامح حسين يروي كواليس معرفته بزوجته
  • حسين فهمي: لا يوجد أزمة وفيلم" الملحد" هيتعرض قريبًا
  • الليلة.. سامح حسين وأسرته مع منى الشاذلي
  • حسين فهمي من قلب كان السينمائي: بدأنا ننهض من جديد